البحث

عبارات مقترحة:

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

الغني

كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...

غزوة مؤتة أحداث ودروس

العربية

المؤلف إبراهيم بن محمد الحقيل
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - السيرة النبوية
عناصر الخطبة
  1. دراسة التاريخ من المعينات على نهوض الأمة .
  2. غزوة مؤتة علامة فارقة في معارك المسلمين .
  3. تفاصيل الغزوة .
  4. دروس تربوية مستفادة من الغزوة .

اقتباس

تحتاج أمة الإسلام في حال ضعفها واستكانتها، وتسلطِ أعدائها، وعجز أبنائها؛ من أجل إيقاظها وإحيائها إلى الموعظةِ والتذكير، ومراجعة حساباتها، والرجوع إلى ربها، والاستمساك بدينها، فهي أمةٌ لا تحيا ولا تقوى إلا بالإسلام؛ فإذا أعرضت عنه عاشت في الدنية والدون. ومما يسهم في إحيائها، ويعين على نهوضها: مدارسةُ تاريخها، والتذكيرُ بأمجادها وأيَّامها، والوقوف على سير أبطالها ورجالاتها، لا اكتفاءً بذكر الأمجاد السالفة، ولا...

الخطبة الأولى:

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعُوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهْدِه الله فلا مُضِلّ له، ومن يُضْلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102] (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70 - 71].

أما بعْدُ:

فإنَّ خيرَ الكلام كلام الله -تعالى-، وخيرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحمَّد -صلَّى اللَّه عليه وسلم-، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بِدْعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الناس: تحتاج أمة الإسلام في حال ضعفها واستكانتها، وتسلطِ أعدائها، وعجز أبنائها؛ من أجل إيقاظها وإحيائها إلى الموعظةِ والتذكير، ومراجعة حساباتها، والرجوع إلى ربها، والاستمساك بدينها، فهي أمةٌ لا تحيا ولا تقوى إلا بالإسلام؛ فإذا أعرضت عنه عاشت في الدنية والدون.

ومما يسهم في إحيائها، ويعين على نهوضها: مدارسةُ تاريخها، والتذكيرُ بأمجادها وأيَّامها، والوقوف على سير أبطالها ورجالاتها، لا اكتفاءً بذكر الأمجاد السالفة، ولا تغنِّيًا بأيامها الخوالي، ولكنه وقوفُ تأملٍ وتدبر، يقود إلى المتابعةِ والاقتفاء، والسعي الجاد إلى الصلاح والإصلاح، ونشر الخير بين الناس، حتى تنهض أمَّةُ الإسلام، ويقوى أبناؤها؛ فتكون شريعةُ الله -تعالى- حاكمة بين العباد.

وهذا حديث عن غزوة مؤتة التي عيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- لها قادة ثلاثة، يعقب أحدهم الآخر إذا استشهد، والتي كانت أول معركة للمسلمين مع النصارى، فخرجت تلك الغزوة عن المعهود؛ إذ كانت حروب المسلمين قبلها مع العرب واليهود.

يُذكر في سبب هذه الغزوة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بكتاب إلى ملك بُصْرى، مع الحارث بن عمير الأزدي، فلمَّا نزل مؤتة عرض له شرحبيلُ بن عمرو الغسَّاني فقتله صبْرًا -وكانت الرسلُ لا تُقْتَل- فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مِنْ قَتْل رسوله، فأرسل إلى مؤتة ثلاثة آلاف من المسلمين في جمادى الأولى من السنة الثامنة من الهجرة النبوية، وأمَّر عليهم زيد بن حارثة ثم قال: "إن قُتل زيدٌ فجعفر، وإن قُتل جعفرٌ فعبد الله بن رواحة". أخرجه البُخَارِي.

فمضى الجيش حتى نزلوا مَعَان من أرض الشام، وكانت أخبارُ هذا الجيش قد وصلتْ إلى الروم، فجهزوا لملاقاتِه مِائَة ألف، وانضم إليهم مائة ألف أخرى من نصارى العرب، فكانوا مائتي ألف كافر، مُقابِلَ ثلاثة آلاف من المسلمين، فالمقارنة بينهما ضرب من ضروب الخيال، والدخولُ في القتال مجازفة أيُّ مجازفة، ما جعل المسلمين -فيما يُروى- يترددون في ملاقاة عدوهم، ويقيمون ليلتين يفكرون في أمرهم، فقالوا: "نكتب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنُخْبِرُه بعدد عدوّنا، فإمَّا أن يمدَّنا بالرجال، وإمَّا أن يأمرنا بأمره فنمضي له، لكنَّ ابْنَ رواحة قطع تفكيرهم، وشجَّع الناس على المُضِيّ في القتال قائلاً: "يا قوم: والله إنَّ الَّتي تكرهون للتي خرجتم تطلبون؛ الشهادة، وما نقاتلُ الناس بعددٍ ولا قوةٍ ولا كثرةٍ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلِقوا فإنَّما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور، وإما شهادة"، فقال الناس: "قد -والله- صدق ابن رواحة".

فمضوا حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموعُ هرقلٍ من الروم والعرب، فانحاز المسلمون إلى مؤتة، وعبأوا أنفسهم فيها، ثم التحم الفريقان.

وغريبٌ جدًّا أن ينازل المسلمون عدوهم وهو يزيد عليهم بما يقارب سبعين ضعفًا، إن المقاييس والحسابات ترفض ذلك، لكن تحطَّمتِ المقاييس، وألغيت الحسابات؛ فالمقاتلون هنا ليسوا كسائر المقاتلين، بل هم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- امتلأتْ قلوبُهم إيمانًا ويقينًا، وعلموا أن ما عند الله -تعالى- حق، فلم يُحْجِموا ويعتذروا بكثرة عدوّهم وقِلَّتهم، وقوته وضعفهم؛ بل قاتلوا قتالاً مريرًا، وعانقوا المنايا، وخاضُوا حِمام الموت؛ حتى استُشْهِدَ قائِدُهم زَيْد -رضي الله عنه- فأخذ الراية القائد الذي يليه جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فعقر فرسه الشقراء، وقاتل بالراية فقطعت يمينه، فأمسك الراية بشماله، فقطعت شماله، فاحتضن الراية بعضديه حتى استشهد وهو ابنُ ثلاث وثلاثين سنة، ولقد أبدله الله -تعالى- عن يديه جناحين يطير بهما في الجنة؛ كما ثبت في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقيل: "إنه ظل محتضنًا الراية حتى قُطِع جسده نصفين، فلِلَّه درُّه ما أثبته!! قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "ووجدنا ما في جسده بضعًا وتسعين من طعنةٍ ورميةٍ". وعلى رغم استشهاده لم تَسْقُطِ الراية بل أخذها القائد الثالث عبد الله بن رواحة فقاتل حتى استشهد.

فمضى الثلاثة الذين عيَّنهم النبي -صلى الله عليه وسلم- قادة للجيش، فأخذ الرايةَ ثابتُ بنُ أقْرَم وصاح: "يا معشر المسلمين: اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت، قال: ما أنا بفاعل، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد"، وثابت بن أقرم -رضي الله عنه- أبى القيادة لا هروبًا من المنية، أو خوفًا من العدو، ولكنه أحس بوجود من هو أكفأ منه، كيف وقد حمل الراية خشية أن تسقط، وصاح في المسلمين أن يعينوا قائدًا والحرب تدور رحاها، إنَّ ذلك لمن آيات الشجاعة والجُرْأَة في هذا الموقف العصيب، وكم هو جميل أن يصيح الناس به ليكون قائدهم فيأبى استصغارًا لنفسه، وهو يرى وجود من هو أولى بالقيادة منه!!

وهذا درس عظيم من هذا الصحابي الجليل -رضي الله عنه- في معرفة أقدار الرجال، وإنزالهم منازلهم التي يستحقّونها؛ حتى لا نكلّف أمَّتنا أن تحمل عجزنا وأثرتنا.

لقد اصطلح الناس على خالد بن الوليد، وخالد لها، شجاعة وإقدامًا، وخبرة بأمور الحرب وسياستها، فأخذ الراية، وقاتل قتالاً مريرًا حتى تكسَّرت في يده تِسْعَةُ أسياف من شدة القتال، لا شلت يمينه، روى البخاري عن خالد -رضي الله عنه- أنه قال: "لقدِ انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية".

وكان خالد يُقاتل وهو يحتال للخلوص بالجيش من هذا المأزق المتضايق، وقتال الانسحاب شاقٌّ ومُرْهِق، لا سيَّما وخالدٌ لا يريد إشعار الروم بالحفاظ على الجيش وسحبه.

ودخل الليل على المتحاربين فتوقَّف القتال، فأعاد خالد تنظيم قواته القليلة، فجعل مقدمته ساقته، وساقته مقدمته، وميمنته ميسرته، وميسرته ميمنته؛ فأنكر الأعداء ما كانوا يعرفون من رايات وهيئات المسلمين وقالوا: "قد جاءهم مدد، فرعبوا"، وكان هدف خالد مناوشتهم، وإلحاق الخسائر بهم، دونَ إدخال المسلمين في حرب عامة معهم تكون خطرًا عليهم.

واكتفى بذلك، ثم آثر الانصراف بمن معه، وكان من معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أخبَرَ أصحابَهُ في المدينة بخبر الجيش. روى أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نعى زيدًا وجعفر وابنَ رواحة للناس قبل أن يأتِيَهُمْ خبرُهم فقال: "أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب -وعيناه صلَّى الله عليه وسلم تذرفان- حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم". رواه البخاري.

وعلى الرغم من ضراوة هذه المعركة، وكثرة أعداد جيش العدو؛ فإنه لم يستشهد من المسلمين سوى اثْنَيْ عشر رجلاً فقط، أمَّا العدُوّ فلم يعرف عدد قتلاهم، غير أنَّ وصف المعركة يدل على كثرتهم، وما انكسرت تسعة أسياف في يد خالد -رضي الله عنه– عبثًا.

ولقد كان لشهداء مؤتة مكانة عظيمة عند الله -تعالى-؛ لذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما يسرني -أو قال ما يسرهم- أنهم عندنا". أخرجه البخاري.

أمّا أُسَرهم ففي كفالة الله -تعالى- وهو نعم المولى ونعم النصير. عن عبد الله بن جعفر -رضي الله عنهما- قال: "جاءنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ثلاثٍ من موت جعفر فقال: "لا تبكوا على أخي بعد اليوم، وادعوا لي بني أخي"، قال عبد الله: "فجيء بنا كأننا أفراخ، فقال: ادعوا لي الحلاق، فجيء بالحلاّق، فحلق رؤوسنا، ثم قال -عليه الصلاة والسلام- مداعبًا: "أمَّا مُحمَّد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خَلْقي وخُلُقي"، قال عبد الله: "ثم أخذ بيدي فأشالها" وقال: "اللهم اخلفْ جعفرًا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه". قالها ثلاثًا، قال عبد الله: "فجاءت أمّنا فذكرت له يُتمنا، وجعلت تفْرحُ له"، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "العيلة تخافين عليهم وأنا وليّهم في الدنيا والآخرة؟!". أخرجه أحمد بسند صحيح.

ولما جاء نعي جعفر قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم أمر يشغلهم أو أتاهم ما يشغلهم". أخرجه أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح.

اللهمَّ ارْضَ عن شهداء مؤتة، وعنِ الصحابة أجمعين، واحْشُرْنَا في زُمْرَتِهم يا رب العالمين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) [الأحزاب: 23].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله؛ كتب النصر والفلاح للمؤمنين، وجعل الصغار والذُّل على الكافرين، أحمده وأشكره، وأتوبُ إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كرِهَ الكافرون. وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله؛ إمامُ المرسلين، وقائدُ الغُرّ المحجَّلين، والشافعُ المشفعُ يوم الدين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم.

أما بعد:

فاتَّقوا الله -عباد الله- لعلكم تفلحون: (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ) [النور: 52].

أيها الإخوة المؤمنون: كانت غزوة مؤتة مليئةً بالدروس، حافلةً بالبطولات، تعطي البرهان على أن الإيمان إذا استقرَّ في القلوب، وعمل عمله فيها؛ قاد النفوس إلى استقبال المنايا، وتمني الموت؛ ابتغاء رضوان الله -تعالى-، وهكذا سقط القادة الثلاثةُ في مؤتة الواحد منهم تلو الآخر، ولم يكن همهم أنفسهم والرماحُ والسيوفُ قد خالطت أجسادهم، بل همُّهم الإسلام، فلم تسقط رايته من أيديهم رغم ما لاقوه من ألم القتل والتمزيق.

إن طبيعة البشر عدمُ الاهتمام عند الموت إلا بالموت وسكراته، لكن أولئك القادة نسوا ما هم فيه، وقضى كل واحد منهم نحبه وقلبُه مع الإسلام، إن هذه النماذج من البشر إذا وجدت في الأمة تحقق لها النصر -بإذن الله تعالى-.

أيها الإخوة: إن مجاهدي غزوة مؤتة برهنوا برهانًا واضحًا على أن حروب المسلمين مع عدوهم لا تحسم بكثرة العدد، أو قوة العتاد؛ بل الفيصلُ فيها قوةُ الإيمان، وصدقُ التوكل على الله -تعالى- والإخلاصُ في طلب الشهادة. وتلك سنَّةٌ أبدية، وهي مفسرة لأسباب هزائم المسلمين المتتابعة متى ما ضعف الإيمان، أو تخلّف التوكل والإخلاص؛ كما هو حادث في أزمنة الضعف والانحطاط حتى ولو كان المسلمون أعدادًا كثيرة، فهم بدون إيمان ويقين وإخلاص وتوكل غثاءٌ؛ كغثاء السيل.

أيها الإخوة: إن كل مسلم في الأرض مسؤول عن الأمة ماذا قدم لها؟! هل حافظ على فرائض الله -تعالى- حتى لا يتخلف النصر بسببه؟! هل أدى الأمانة فيما استرعاه الله -تعالى- عليه من أهله وذريته، وفي عمله ووظيفته؛ لكيلا يتخلف نصر الله -تعالى- بسببه؟! هل سعى في الإصلاح على قدر استطاعته وجهده؟! هل أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وأخذ على يد السفيه، وعلم الجاهل؛ حتى يتحقق النصر؟!

إن مشكلتنا -أيها الإخوة- أن كل واحد منا يتنصل من مسؤولياته، ويلقي باللائمة على غيره، بينما في غزوة مؤتة لم تسقط الراية حتى بعد مقتل القادة الثلاثة، وأحس كل فرد من أفراد الجيش المسلم أن الراية لو سقطت فإنه المسؤول عنها دون غيره، إننا نحتاج إلى هذا الشعور بالمسؤولية؛ حتى يأتيَ نصر الله تعالى.

فاتقوا الله ربكم، واستمسكوا بدينكم، فلا نصر إلا بالاستمساك بالإسلام، والأخذ به قولاً وعملاً، وتقديم حق الله -تعالى- على أهواء النفوس وشهواتها.

ثم صلوا وسلموا على نبيكم؛ كما أمركم بذلك ربكم...