البحث

عبارات مقترحة:

الحيي

كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...

الأحد

كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

أثر الإيمان في حياة الإنسان

العربية

المؤلف الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بالإمارات
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - أركان الإيمان
عناصر الخطبة
  1. سعادة المرء لا تتحقق إلا بالإيمان .
  2. مِنْ آثارِ الإيمانِ: تحقيقُ التَّكافُلِ الاجتماعيِّ, تحقيق الأمنَ والأمانَ والاستقرارَ, استقرارِ الأُسرةِ وتماسُكِهَا, التَّوازنُ .

اقتباس

والمؤمنُ يُراقبُ اللهَ فِي سائرِ تصرفاتِهِ, ويحافظُ علَى أَمْنِ وطنِهِ, لأنَّه يعلَمُ أنَّ الإِخلالَ بأمْنِ بلدِهِ معصيةٌ للهِ فيَحْذَرُ مِنَ الوقوعِ فيهَا, وإيمانُهُ يجعلُهُ صادقًا فلاَ يكذبُ، ولاَ يعتدِي علَى أحدٍ ولاَ يُؤذِي جارَهُ, لأنَّ إيمانَهُ ينهَاهُ عَنْ مثلِ هذَا, وقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ"...

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جعلَ جزاءَ المؤمنينَ فلاحاً ونجاحاً وفوزاً مبيناً فِي الدُّنْيَا والآخرَةِ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، القائلُ سبحانَهُ: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) [مريم: 96], وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ مِنْ خلقِهِ وحبيبُهُ, القائلُ -صلى الله عليه وسلم: "الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ". اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.

أمَّا بعدُ: فأوصيكُمْ ونفسِي بتقوَى اللهِ -جلَّ وعلاَ-، قَالَ الله -سبحانَهُ وتعالَى-: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [النور: 52].

أيُّهَا المسلمونَ: إِنَّ الإيمانَ اعتقادٌ بالجَنانِ وإقرارٌ باللسانِ وعملٌ بالجوارحِ, وسعادةُ المرءِ فِي دُنياهُ وأخراهُ لاَ تتحقَّقُ إلاَّ بالإيمانِ، فهُوَ نورُ الحياةِ الَّذِي يُضيءُ للمسلمِ طريقَهُ فيُقَرِّبُهُ مِنْ خالقِهِ -جلَّ فِي عُلاهُ-, ويدعُوهُ إلَى كُلِّ فضيلةٍ كَالمحافظةِ علَى الصلواتِ وإيتاءِ الزكاةِ وبِرِّ الوالدينِ ومعاملةِ الناسِ بالحسنَى, والإيمانُ يمنعُ الإنسانَ مِنْ كلِّ رذيلةٍ.

ولقَدْ بيَّنَتْ نصوصُ الكتابِ والسنةِ أَنَّ للإيمانِ آثاراً عظيمةً وفضائلَ كبيرةً تنفعُ الفردَ والمجتمعَ, فمِنْ آثارِ الإيمانِ تحقيقُ التَّكافُلِ الاجتماعيِّ بَيْنَ أفرادِ المجتمعِ, فالمؤمنُ يُنْفِقُ ويُساعدُ الآخرينَ لأنَّهُ يعلَمُ أَنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- سيُخْلِفُ عليهِ, وسيجازِيهِ بأعظمِ الجزاءِ يومَ الدِّينِ، قَالَ تعالَى: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) [الحديد: 7] وقالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِناً عَلَى جُوعٍ؛ أَطْعَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِناً عَلَى ظَمَأٍ, سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِناً عَلَى عُرْىٍ, كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ ". [أبو داود والترمذي].

عبادَ اللهِ: إنَّ الإيمانَ يحقِّقُ للفردِ والمجتمعِ الأمنَ والأمانَ والاستقرارَ قالَ تعالَى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام: 82] والمؤمنُ يُراقبُ اللهَ فِي سائرِ تصرفاتِهِ, ويحافظُ علَى أَمْنِ وطنِهِ, لأنَّه يعلَمُ أنَّ الإِخلالَ بأمْنِ بلدِهِ معصيةٌ للهِ فيَحْذَرُ مِنَ الوقوعِ فيهَا, وإيمانُهُ يجعلُهُ صادقًا فلاَ يكذبُ، ولاَ يعتدِي علَى أحدٍ ولاَ يُؤذِي جارَهُ, لأنَّ إيمانَهُ ينهَاهُ عَنْ مثلِ هذَا, وقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ" [الترمذي].

وللإيمانِ آثارُهُ فِي استقرارِ الأُسرةِ وتماسُكِهَا, فهوَ يدعُو كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أفرادِ الأُسرةِ إِلَى تحمُّلِ مسؤولياتِهِ والقيامِ بواجبَاتِهِ، فالزَّوجُ يدفعُهُ إيمانُهُ إلَى معاملةِ زوجتِهِ وأولادِهِ بالخُلُقِ الحسَنِ, قالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ" [الترمذي].

والزوجةُ يَحُثُّها إيمانُهَا علَى طاعةِ زوجِهَا ورعايَةِ أبنائِهَا والمحافظةِ علَى بيتِهَا, قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا؛ قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ" [الترمذي].

وأمَّا الأبناءُ فالإيمانُ يأمرُهُمْ بطاعةِ الوالدينِ والإحسانِ إلَيهِمَا, وقَدْ قرنَ اللهُ طاعةَ الوالدينِ بطاعتِهِ, وقرَنَ شكْرَهُ بشكرِهِمَا, فقالَ سبحانَهُ (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان: 14] فآثارُ الإيمانِ علَى الأُسرةِ عظيمةٌ, لأنَّهُ يجعلُهَا أُسرةً آمنةً مطمئنَّةً معطاءةً تقدِّمُ للمجتمعِ أفراداً صالحينَ مُصْلِحينَ مُنْتِجِينَ.

أيُّها المؤمنونَ: إنَّ الإيمانَ يَحُثُّ صاحبَهُ علَى إتقانِ العملِ والإخلاصِ فِي الوظيفةِ, ونبذِ الإهمالِ والكسلِ, والقيامِ بالمسؤوليَّةِ الَّتِي كُلِّفَ بِهَا, ورعايةِ الأمانةِ الَّتِي حُمِّلَهَا, فتجِدُهُ يغتنِمُ وقْتَ العملِ فِي إنجازِ مَا طُلِبَ منْهُ, معَ المحافظةِ علَى مكتسباتِ العملِ وأسرارِهِ مُسْتحْضِراً قولَ اللهِ تعالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال: 27] وقولَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ " [ أحمد]. فالأمانةُ والإخلاصُ خُلُقانِ أَصِيلانِ يَنْبُعَانِ مِنَ الإيمانِ، ويتوقَّفُ عليهِمَا جودةُ العملِ، وحُسْنُ الإنتاجِ.

ومِنَ الآثارِ العظيمةِ للإيمانِ علَى حياةِ الإنسانِ ذلكَ التَّوازنُ الَّذِي يتَّصِفُ بهِ المؤمنُ فِي جميعِ الظُّروفِ والأحوالِ الَّتي تَمُرُّ بِهِ, قالَ -صلى الله عليه وسلم-:"عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" [رواه مسلم].

وهكذَا يحيَا المؤمنُ آمناً مطمئنًّا عزيزاً كريماً سَمْحاً رحِيماً عادلاً  أَميناً صادِقاً يصبِرُ عندَ البلاءِ, ويشكُرُ عندَ الرَّخاءِ, ويحبُّهُ أهلُ الأرضِ والسَّماءِ.

اللهمَّ أَكْرِمْنَا بالإيمانِ, وزَيِّنْهُ فِي قلوبِنَا. اللهمَّ وفِّقْنَا لطاعتِكَ وطاعةِ مَنْ أمرتَنَا بطاعتِهِ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم .

الخطبةُ الثانيةُ:

الحَمْدُ للهِ الَّذِي هدانَا للإيمانِ, وجعَلَنَا مِنْ عبادِهِ المؤمنينَ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فاتَّقوا اللهَ -عبادَ اللهِ- حقَّ التَّقوَى, ورَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ والنجْوَى، واعلمُوا أنَّ التخلُّقَ بأخلاقِ المؤمنينَ يجعلُ الإنسانَ سعيدًا فِي الدنيَا والآخرةِ، قَالَ تَعَالَى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال: 2 - 4]. هذِهِ هِيَ بعضُ صفاتِ المؤمنينَ, وهذَا هُوَ جَزاؤُهُمْ.

هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْه، قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56] ويَقُولُ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً".

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ.

اللهُمَّ ارزُقْنَا حلاوةَ الإيمانِ وصِدْقَ اللسانِ والعملَ بالإحسانِ، اللهُمَّ إنَّا نسألُكَ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ مَا عَلِمْنَا مِنهُ ومَا لَمْ نعلمْ، ونعوذُ بِكَ مِن الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ مَا عَلِمْنَا مِنهُ ومَا لَمْ نَعلمْ، اللهمَّ إنَّا نَسألُكَ مِمَّا سَألَكَ منهُ سيدُنَا مُحمدٌ -صلى الله عليه وسلم- ونَعُوذُ بِكَ مِمَّا تَعوَّذَ مِنْهُ سيدُنَا مُحمدٌ -صلى الله عليه وسلم- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الشَّيْخَ زَايِدَ والشَّيْخَ مَكْتُومَ وإخوانَهُمَا شيوخَ الإماراتِ الذينَ انتقلُوا إلَى رحمتِكَ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْهُم مُنْزَلاً مُبَارَكًا، وأَفِضْ عَلَيْهِم مِنْ رَحَمَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ، وَاجْعَلْ مَا قَدَّموا فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِهِم يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.