الغني
كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...
العربية
المؤلف | توفيق الصائغ |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات |
أيها الإخوة: كلما ازاد العبد معرفة بالله؛ كلما ازداد خشية له: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)[فاطر: 28]. لا يمكن أن تأتي هذه الخشية إلا عن معرفة، أخشى الناس الأنبياء؛ لأنهم أعرف الناس بالله -تعالى-، يليهم في الخشية صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهم قرؤوا القرآن، وتعلموا الحكمة، وأخذوا من في النبي -صلى الله عليه وسلم- ألوان...
الخطبة الأولى:
(تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا)[الفرقان:61-62].
أحمده سبحانه وأشكره | ومن مساوي عملي أستغفره |
وأستعينه على نيل الرضا | وأستمد لطفه في ما قضى |
إني باليقين أشهد | شهادة الإخلاص أن لا يعبد |
بالحق مألوه سوى الرحمن | من جل عن عيب وعن نقصان |
وأن خير خلقه محمدا | من جاءنا بالبينات والهدى |
رسوله إلى جميع الخلق | بالنور والهدى ودين الحق |
جل الذي بعث الرسول رحيما | بين الأنام محمدا وكريما |
يا أيها الراجون منه شفاعة | صلوا عليه وسلموا تسليما |
اللهم صل وسلم وزد وأنعم وبارك عليه وعلى آله وصحابته وعترته.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
السارق لماذا يسرق؟
المسئول المسعور لماذا يعب من المال العام ولا ينتهي؟
الزاني لماذا يزني؟
المستطيل في الأعراض في الغيبة والنميمة، وما أبرأ نفسي لماذا يقع فيما وقع فيه؟
أيها الإخوة: ما غادر الخوف من الله -عز وجل- قلبا إلا وقع فيما نهى الله -سبحانه وتعالى- عنه من المآثم، وأول المآثم التي يقع فيها القلب الخالي من خشية الله، ومخافته، ومحبته ومهابته: آثام الشهوات.
قال أبو سليمان الداراني: "ما فارق الخوف قلبا إلا خرب".
ما أحوجنا إلى هذه القيمة العظيمة، والمنزلة العالية المنيفة، من منازل السالكين في طريق إياك نعبد وإياك نستعين.
منزلة الخوف من الله -تعالى-، حين يسكن الخوف من الله قلب عبد، فإنه أبعد ما يكون عن مناهي الله، وأبعد ما يكون عن محارم الله -عز وجل.
يجعل بين محارم الله ومعاصيه برزخا وحجرا محجورا.
يجعل سدا منيعا، لا يحوم حول الحمى، ولا يقترب منه، بل أبعد ما يكون عنه.
وربما حمله الخوف عن أن ينتهي عن كثير من الحلال المشوب بالحرام.
ما زال الخوف، وما زالت التقوى بالمتقين، حتى تركوا كثيرا من الحلال، مخافة الوقوع في الحرام.
نعم لماذا يزني الزاني، أو يسرق السارق، أو يستطيل في الأعراض المستطيل؟ لماذا يغتاب وينم ويقع في المعاصي؟ لماذا يتأخر عن الواجبات العبد؟
إذا قل الخوف منه؛ لأنه لم يقدر الله -سبحانه وتعالى- حق قدره، ولم يعرف المولى -جل وعلا- حق معرفته، وإلا فإن العارفين بالله -سبحانه وتعالى- هم أشد الناس خوفا من الله -جل جلاله-.
معاشر الفضلاء: حين نتحدث عن الخوف من الله، فإن الملائكة المقربين الذين يسبحون الله ليلا ونهارا، سرا وجهارا، قياما وقعودا، أول ما يبرزون في سلك الخائفين، الملائكة، يخافون من الله، مع أن الله عصمهم عن الوقوع في الإثم والزلات والمعاصي، لكنهم لما اقتربوا من الله، وعرفوا من صفات الجلال والجمال والكمال من الله -سبحانه وتعالى- حملهم على الخوف منه.
قال الله -تعالى-: (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[النحل: 50].
ووصف الله حالهم، فقال: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)[الأنبياء: 28].
ورأى النبي -صلى الله عليه وسلم- جبريل ليلة أسري به، كالشن البالي من خشية الله، ويروى أن إسرافيل لم يضحك أبدا منذ خلقت النار، عن أبي ذر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لا تَسْمَعُونَ أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا".
وفي سلك الخائفين، ستجد الأنبياء المقربين، والصفوة المخلصين من عباد الله المرسلين الذين يخافون الله -سبحانه وتعالى- ويخشونه: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ)[الأحزاب: 39].
وصف الله حالهم، فقال: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)[الأنبياء: 90].
سيدهم وإمامهم ومقدمهم صلى الله عليه وآله وسلم يصف نفسه، ويتحدث عن حاله، فيقول: "أما إني أعلمكم بالله وأخشاكم لله".
يستغفر في المجلس الواحد سبعين مرة.
أطار الخوف من جفنه صلى الله عليه وسلم النوم، فقام حتى تفطرت قدماه.
أطار الخوف النوم من جفن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقام نصف الليل وثلثه، وأكثر الليل وعامته.
لقد فعل الخوف في قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- فعله، فلم يترك له مالا يدخره، ولم يترك له إلا جسما نحيلا، من شدة الصيام والقيام، والجهاد في سبيل الله.
فالخائفون من الله؛ هم الأبرار، الذين وصفهم الله -تعالى- في كتابه بقوله: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا)[الإنسان: 5-7].
أحبابي: ليس الخوف من الله دعوة عريضة، ليس هو الوجل، أو مجرد الاستكانة!.
ليس الخوف من الله في مواطن دون مواطن!.
ليس الخوف من الله أن نبكي في رمضان خلف الأئمة، ثم نخرج وقد نسينا ذلك الوجل، وذلك الخوف الذي أصاب قلوبنا!.
ليس الخوف من الله أن تخافه وأنت تتلو المصحف، أو وأنت تحج البيت وتطوف بالبيت وتعتمر، ثم إذا عاملت بالدرهم والدينار؛ استطلت في الربا، والمحارم!.
لا.
الخوف ليس دعوة عريضة، وإنما صفة تقوم بالخائف، فتحمله على فعل ما أمر الله، وتحمله عن الانتهاء عما نهاه الله -سبحانه وتعالى-.
إنها صفة دائمة ملازمة لذلك لا يتصف بها -كما أسلفت- إلا الصفوة الخيرة، أولي الألباب الذين زكى الله قلوبهم وأرواحهم وأبدانهم: (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ) [الرعد: 19-21].
إن الخوف من الله يحدث الذكر في القلب: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)[الزمر: 23].
(إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) )[السجدة: 15-16].
إذاً ليس الخوف دعوة عريضة؛ إنه شعور يحمل على العمل: "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل".
(إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)[الأنبياء: 90].
فصفة الخشوع والخشية لم تأت إلا حين وافقها العمل.
نعم الخوف يحدث في القلب الذكر، هذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يوقد المصباح عنده، أو نار، فيدني أصبعه، ويقول: "يا بني الخطاب هل لك صبر على هذا؟".
ويمر ابن مسعود -رضي الله عنه- على نافخ الكير، فيغشى عليه، يتذكر النار.
الخوف حالة ملازمة للعبد لا تفارقه، ولذلك إذا عرضت على العبد الشهوات، وسدت دونه الأبواب، واختفى عن الرقيب، وأصبح للنفس غلوائها، يقول: "إني أخاف الله!".
ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: "إني أخاف الله!".
الخوف من الله -يا أحبة-: يحرق الذنوب، ويغسل الخطايا، فطوبى للخائفين: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)[الملك: 12].
"كان رجل ممن قبلكم" صح به الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كان رجل ممن كان قبلكم، أسرف على نفسه جدا، فلما دنا من الموت، وحدثت له توبة، جمع إليه أبناءه، قال: أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: إذا أنا مت فحرقوني ثم ذروني رمادا وانثروني، فلما مات هذا الأب، اختلف هؤلاء الأبناء، ثم اجتمع رأيهم على أن ينفذوا وصية أبيهم، حرقوا ذلك الجسد حتى تفحم، وأصبح رمادا، ثم تركوه للريح لتذروه في كل مكان، فأصبحت ذرات منه في الشرق، وأخرى في الغرب، لكن الله -عز وجل- إذا شاء فهو: (عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ)[الشورى: 29]".
أمر الله -عز وجل- هذا الجسد أن يجتمع، فاجتمع من المشارق والمغارب، فقام بين يديه حيا، كما أحياه أول مرة، قال: عبدي ما حملك على ما فعلت؟ قال: خشيتك يا رب، قال لملائكته: أشهدكم أني قد غفرت له.
إن الخشية والخوف من الله -عز وجل- تحرق الذنوب، وتذهب بالسيئات.
الخوف من الله سلامة من العذاب، وآمان من النار، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن المطيبة الأفواه بالصلاة والتسليم عليه، قال: "لا يلج النار أحد بكى من خشية الله، حتى يعود اللبن في الضرع".
الخوف من الله -عز وجل- من أسباب الأمن، ومن أسباب النجاة في الآخرة، قال الله عن شأن أهل الجنة، وهم يتسامرون ويتحدثون فيما بينهم: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ) [الطور: 25-26].
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه -جل وعز- أنه قال: "وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين: إن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإن أخافني في الدنيا أمنته يوم القيامة".
وفي السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله".
وآخر في آخر الحديث: "ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه".
اللهم اجعلنا من الخائفين.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما في من الآيات والمواعظ والذكر الحكيم.
أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب، يا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إنعامه، والشكر له على تفضله وامتنانه، ولا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد، وعلى آله وصحابته وإخوانه.
أما بعد:
أسلفت لكم أن الخوف من الله، والخشية منه، ليست دعوة عريضة، ليس مجرد إسبال الدمع، وإنما حقيقة الخوف من الله -عز وجل- هي معرفة به جل جلاله، معرفة بجلاله، بجماله، بكماله، بقدرته سبحانه وتعالى، وإلا لما كانت الملائكة من أشد خلق الله خشية من الله -عز وجل- كيف يخافونه وقد عصمهم الله من الذنب؟
يخافونه لما يعرفون من سطوته جل وعلا، ومن قدرته جل وعلا، ومن جلاله وبهائه جل جلاله.
أيها الإخوة: كلما ازاد العبد معرفة بالله؛ كلما ازداد خشية له: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)[فاطر: 28].
لا يمكن أن تأتي هذه الخشية إلا عن معرفة، أخشى الناس الأنبياء؛ لأنهم أعرف الناس بالله -تعالى-، يليهم في الخشية صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهم قرؤوا القرآن، وتعلموا الحكمة، وأخذوا من في النبي -صلى الله عليه وسلم- ألوان المعارف به سبحانه وتعالى.
إذاً، الدعوة الموجهة لي ولك: أن نتعرف على الله، أن نتعرف عليه من خلال أسمائه الحسنى، ومن خلال صفاته العلى، وأن ننظر إلى آياته وآلائه الدالة عليه، في الكون: السماوات والأرض، والجبال والحجر، والشجر والمدر، وما نعلم وما لا نعلم من مخلوقات الله، كل أولئك دالة على الله، معرفة به سبحانه وتعالى.
إذا، مطالبون أن نعود إلى الكتاب العزيز، قراءة وفهما وتدبرا؛ لأنه الكتاب الوحيد على ظهر البسيطة التي تفنى عجائبه، ولا تخلق عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنتهي علومه، ولا معارفه.
لا تظن أنك إذا قرأته أنك ستعود إلى ما كنت قد عرفته، بل سيفتح الله عليك من الفهوم والمعارف ما لم يكن في القراءة السابقة، متى ما أخلصت القراءة.
علينا أن نعود إلى سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأن نتعرف على أحواله في القيام وفي القعود، وفي السفر وفي الحل، وفي الترحال، وكيف كان يعامل ربه -جل وعلا-، وكيف كان يعبر عن خوفه من مولاه في محراب الصلاة، في ميدان القتال، في ميادين: البذل، والإنفاق، والتضحية، وبذل الندى، وكف الأذى، إلى غير ذلك.
ثم نتعرف من سير السلف الصالح من الصحابة المقربين عن أثر الخشية في قلوبهم رضي الله عن الجميع.
اللهم اغفر لنا أجمعين...