البحث

عبارات مقترحة:

الملك

كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

خطر الإعلام الهدام

العربية

المؤلف عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. من معاني كلمة الإسلام وأسرارها .
  2. ارتباط الأمن بالإيمان .
  3. خطورة المعاصي والاستخفاف بالحدود .
  4. مخاطر ومفاسد الإعلام الهدام وكيفية مواجهته .
  5. دور الإعلام الإسلامي وكيفية النهوض به .

اقتباس

تشدد الحصار الدقيق، وتشدد الحراسة حول أهلك وأولادك، حتى لا يتسرب هذا الوباء إليكم. وهكذا يفعل المجتمع، يتخذ كافة الإجراءات والاحتياطات للقضاء على جراثيم ذلك الوباء ومد يد العون لمن أصيب بهذا الوباء، هكذا فلتفعل -يا مسلم-، فالوباء انتشرت جراثيمه في سائر أنحاء العالم، هو وباء أخلاقي ومصدروه هم الصهيونية الخبيثة التي لم تتغير طبيعتها الهدامة أبدا، ووصل إلينا بسبب غفلتنا. فها هي مواده السامة الفتاكة المخربة تكاد تكون في كل بيت بعدما استيقظت عيون الشهوة، ونامت عيون البصيرة، على...

الخطبة الأولى:

أما بعد:

فما زلنا نكتشف معاني كلمة: "إسلام" التي هي علم على هذا الدين الذي أنزله الله على سائر الرسل، وعلى خاتمهم وإمامهم سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

ما زلنا نكتشف معاني هذه الكلمة، ومن عجيب أسرارها: أنها في أصل معناها واشتقاقها اللغوي تحمل في طياتها معنى: السلام.

فالإسلام سلم وسلام، كما أن الإيمان أمن وأمان، هكذا في أصل المعنى اللغوي، وكذلك في المعنى الشرعي.

فقد جاء الإسلام بالسلم والسلام؛ فمن حقق الجانب الرئيسي منه، أي الاستسلام والتسليم إذ أن الإسلام استسلام لله والإيمان تسليم لله يتحقق له السلام والأمن.

أول ما يغشى السلام والأمن نفس الإنسان يتكاتف أفراد المجتمع على تحقيق معنى الإسلام، يسود معنى الإسلام والإيمان، يسود السلام والأمن سائر المجتمع، فإذا بكل فرد سلام في نفسه وعلى غيره، آمن في نفسه، وعلى غيره؛ الأمن الفكري والديني، والأمن الاقتصادي والسياسي والعسكري.

الأمن وحدة متوحدة مترابطة، فإذا اختلت حلقة منها، أو سقطت جرت منها سائر الحلقات.

بتحقيق معنى السلام، المعنى الحقيقي، يسود السلام في المجتمع؛ لأن كل فرد حينئذ يحقق قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"[البخاري: ك: الإيمان(10)].

ويتمثل في قول المصطفى أيضا: "لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه".

ولهذا سمى الله -تعالى- في كتابه الكريم، سمى الإسلام سلما: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً)[البقرة: 280].

أي ادخلوا في الإسلام كافة.

وهذا من أوجه الإعجاز في القرآن الكريم، ارتباط وصف السلم هنا بالدخول في الإسلام، بمعنى أنه بقدر ما ينقص من قدر تطبيقك للإسلام تخسر من السلم بقدر ذلك.

إذا تذكرت مع ذلك قوله سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الأنعام: 82].

تأمل ارتباط الأمن هنا بالإيمان، ولكن أي إيمان، الإيمان الذي لم يخالطه ظلم، وأفدح الظلم الشرك، فمع الشرك لا أمن ولا أمان.

وأما ما دون الشرك من أنواع الظلم، فقد يبقى معها إيمان، ولكن إيمان ناقص، وبقدر ما ينقص هذا الإيمان ينقص هذا الأمن والأمان.

بيان في ثنايا كتاب الله -عز وجل- وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن ذلك: قوله سبحانه: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[الأعراف: 96].

فالإيمان هنا هو: جانب الاعتقاد.

و"اتقوا" هو جانب السلوك.

هذا هو الإسلام كله: إيمان وتقوى، فالإيمان هو جانب الاعتقاد والقاعدة الفكرية والتقوى هي التي تضبط السلوك وتحكم الحياة، فإذا ما تحقق الإيمان وتحققت التقوى.

انظر إلى تصوير القرآن الكريم وروعة بيانه: لفتحنا عليهم وكأنها أبواب مغلقة، فتفتح بهذين المفتاحين فتنهمر البركة وتهطل الرحمة.

أما في حالة العصيان، إذا تفشت المعاصي وانتشر الفساد، أي ضعف معنى الاستسلام والتسليم، فحينئذ تغلق أبواب البركة والرحمة بابا بعد باب.

ثم تأتي العقوبات بالتدريج رحمة الله بعباده؛ لأن المقصود بالعقوبات حينئذ هو تنبيه العباد لعلهم يرجعون.

فإذا لم يرجعوا، وعاند العباد تأتي حينئذ العقوبات الشاملة -والعياذ بالله-.

إذا اختلت العقائد يتبع ذلك اختلال السلوك تنتشر المعاصي، ويستخف الناس بحدود الله -عز وجل- فحينئذ يؤاخذهم الله بفسادهم ويعاقبهم ببعض أعمالهم: (وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الأعراف: 96].

أي يقترفون ويعملون، فهذا هو جانب السلوك، إذا اختلت التقوى يؤاخذهم الله لعلهم يرجعون، قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[الروم: 41].

بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفره إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

ماذا نصنع؟

ربما يتساءل هكذا بعض المصلين، بعدما سمعنا نشرح المشكلة، مشكلة الإعلام الهدام الذي نعيش نحن المسلمون اليوم تحت وطأته.

ماذا تصنع -يا مسلم- لو انتشر وباء من الأوبئة الصحية الجسدية -أجار الله المسلمين من الوباء والغلاء والمحن-؟

تشدد الحصار الدقيق، وتشدد الحراسة حول أهلك وأولادك، حتى لا يتسرب هذا الوباء إليكم.

وهكذا يفعل المجتمع، يتخذ كافة الإجراءات والاحتياطات للقضاء على جراثيم ذلك الوباء ومد يد العون لمن أصيب بهذا الوباء، هكذا فلتفعل -يا مسلم-، فالوباء انتشرت جراثيمه في سائر أنحاء العالم، هو وباء أخلاقي ومصدروه هم الصهيونية الخبيثة التي لم تتغير طبيعتها الهدامة أبدا، ووصل إلينا بسبب غفلتنا.

فها هي مواده السامة الفتاكة المخربة تكاد تكون في كل بيت بعدما استيقظت عيون الشهوة، ونامت عيون البصيرة، على كل مسلم ومسلمة واجب في هذا المجال، فكل مسلم مسئول عن نفسه وعن أهله وعن أولاده، وكل مسلمة -كذلك- فعليك يا مسلم: أن تنظر إلى هذا الأمر بعين الشرع لا بعين الشهوة، بعين البصيرة لا بعين الهوى والغرائز.

فعليك أن تفعل كما لو أن ما انتشر هو وباء صحي.

ماذا كنت تفعل لو رأيت في حوزة ولد من أولادك شيئاً من المخدرات؟

بعض أشرطة الفيديو المنتشرة في أسواقنا أشد فتكا وتدميرا من المخدرات؛ لأن كلهم جميعا يتعلمون تعاطي المخدرات والمسكرات من تلك الأشرطة، وأيضا فنون الجريمة ووسائلها.

فافعل -يا مسلم- كما لو كنت تفعل لو رأيت في حوزة أولادك أو نسائك شيئاً من المخدرات، اضرب الحصار حول بيتك وحول أولادك ونسائك.

لا تسمح لتلك المواد السامة التي صدرتها الصهيونية، لا تسمح لها أن تدخل إلى بيتك.

وإن كان هناك أحد مبتلى قد وصل هذا الوباء إلى بيته، فليبادر بالعلاج بالحكمة والموعظة الحسنة والتوجيه الحنون.

أما إذا لم ينفع ذلك فعليك بالحزم، فلا يجوز لك أن تقف متفرجا، والخطر يهدد بيتك، ويهدد أولادك ونساءك، ولكن لا تترك بيتك موحشا، املأ فراغ البيت بالبديل، املأ فراغ أولادك وبناتك بالبديل، بذكر الله، وقراءة القرآن الكريم، وسيرة المصطفى -عليه الصلاة والسلام-.

واصبر على نفور أولادك في بادئ الأمر، فالتواصي بالحق يحتاج إلى التواصي بالصبر؛ فاصبر على مهمتك هذه.

كما يجب عليك: أن تتجه إلى الإعلام الإسلامي الصالح، إن كان هناك بديل إعلامي صالح.

فالإعلام أداة بإذاعته وصحافته، هو أداة يمكن استخدامها للبناء، ويمكن استخدامها للتدمير، ولكن حتى اليوم يحتكر التفوق في هذه الصناعة الخطرة يهود العالم!.

فمتى نعمل على تقديم الإعلام الصالح البديل الذي يبني ولا يهدم، ويربي ولا يفسد، والذي يصلح الناس؟!

وهذه هي أوصاف الإعلام الإسلامي، وهذه هي مسئولية سائر الأمة، المجتمع كله وخاصة أصحاب الأموال وأصحاب الإمكانيات التنفيذية الفعلية، ونخص منهم أهل المواهب العلمية والأدبية، فبتظافر جهود هؤلاء يمكن تقديم الإعلام الإسلامي البديل.

فمتى يتحرك القادرون؟ متى تتحرك الأمة؟ ومتى يتحرك المجتمع لتقديم البديل الأشد ضرورة في حياتنا بأسرها وهو البديل الإسلامي؟.

ألا إن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

وعليكم -أيها المسلمون-: بالجماعة، فإن يد الله مع الجماعة، والجماعة هي التمسك بالكتاب والسنة، ولو كنت وحدك على ذلك.

يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه، وكن كما شئت فكما تدين تدان.

ثم صلوا على خاتم النبيين -صلى الله عليه وسلم-، فقال الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

وقال صلى الله عليه وسلم: "من صلى علي واحدة صلى الله بها عليها عشرا"[صحيح مسلم (408) عن أبي هريرة -رضي لله عنه-].

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الأجلاء؛ أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبى السبطين علي، وعن الصحابة أجمعين، وعنا معهم بعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.