البحث

عبارات مقترحة:

الحكيم

اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...

القريب

كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...

الرحيم

كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...

إنها حرب على أهل السنة

العربية

المؤلف مراد كرامة سعيد باخريصة
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات فقه النوازل
عناصر الخطبة
  1. توالي الضربات الموجعات على أهل السنة .
  2. التآمر الغربي الرافضي على السُّنِّيين بدعوى مكافحة الإرهاب .
  3. وجوب أخذ أهل السنة حِذْرَهم .

اقتباس

إن ما يجري اليوم في العالم لأهل السنة من أحداث جسيمة، ومآسٍ عظيمة، سيظل محفورا في الأذهان، شاهدا على هذا الجبروت والطغيان، الذي يعانيه أهل السنة في كل مكان، من قتل واضطهاد واعتقال، وتهجير وتشريد، وضرب واغتصاب، وإهانات مستمرة، وملاحقة ومطاردة.

الخطبة الأولى:

لقد تكالبت أمم الشرق والغرب على أهل السنة، ووجهوا جميعاً سهامهم ورصاصهم ضد أهل السنة، وما من بلد من بلاد المسلمين إلا وتجد فيه أهل السنة هم أذل الناس، وأكثرهم جراحاً وبلاء، وتشتتاً وتفرقاً.

وغدوا مستضعفين في الأرض، لا يألون على شيء، وليس لهم كيان يحميهم، أو دولة تظلهم وتعتني بحقوقهم، وتثأر لمظلوميهم.

وتوالت الضربات الموجعة والسهام المتتالية عليهم، فصار حالهم يرثى له؛ بسبب ما يقع عليهم من الظلم الكبير، والحيف العظيم الذي ينالهم من كل مكان، والبلاء الصعب الذي يأتيهم من الشرق والغرب.

(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [آل عمران:179].

إن ما يجري اليوم في العالم لأهل السنة من أحداث جسيمة، ومآسٍ عظيمة، سيظل محفورا في الأذهان، شاهدا على هذا الجبروت والطغيان، الذي يعانيه أهل السنة في كل مكان، من قتل واضطهاد واعتقال، وتهجير وتشريد، وضرب واغتصاب، وإهانات مستمرة، وملاحقة ومطاردة.

ففي سوريا يقتل أهل السنة كل يوم بالمئات على مرأى من العالم ومسمع، ويُصب عليهم العذاب صباً، ويحرقون بالكيماوي، وترمى على رءوسهم وبيوتهم البراميل المتفجرة، ولا أحد يحرك ساكناً، لا لشيء، إلا لأنهم من أهل السنة الذين لا راثي لهم، ولا بواكي تبكى أسى من أجلهم.

وفي العراق، بلاد الرافدين، دُمر أهل السنة شر تدمير، وشردوا كل مشرد، وأذاقهم الروافض -قاتلهم الله- أصنافاً وألواناً من العذاب والتعذيب، ولا يزالون إلى اليوم أذلاء صاغرين تحت رحمة هؤلاء الأنجاس الحاقدين الذين هم أشد الناس عداوة للذين آمنوا ولأهل السنة خاصة.

وفي لبنان يسام أهل السنة سوء العذاب، ويُنكل بهم الروافض شر تنكيل، ويهينونهم شر إهانة، ويزجون بهم في السجون والمعتقلات، تحت تهم سخيفة، ووشايات ملفقة؛ (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [البروج:8].

أما هنا في اليمن فحدث ولا حرج عن الظلم الكبير الذي أصاب أهل السنة من الحوثية الروافض، وخاصة في شمال البلاد، وما تعرضوا له على أيديهم من حروب مستعرة، وتهجير مستمر، وإقصاء متعمد، وبطش وتنكيل، حتى وصل بهم الحال إلى تدمير المساجد، وتهجير المستضعفين، وقتل المخالفين، وترويع الآمنين بغير حق، كما يفعل إخوانهم الروافض بأهل السنة في شتى بقاع الأرض: (لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) [التوبة:10].

عباد الله: من الملاحظ جداً في حروب الروافض على أهل السنة أنهم يستغلون الحرب العالمية على ما يسمى بالإرهاب، ويوظفونها لصالحهم، ويتآمرون مع الغرب في وصم أهل السنة بهذه التهمة وإلصاقها بهم، وجعلها علامة عليهم، حتى صوروا للعالم أنه حيثما وجد أهل السنة وجد الإرهاب.

ومن ثم يتم ضربهم بناء على هذا الاتهام، هكذا يفعلون في كل مكان بأهل السنة، ففي العراق -مثلاً- تعاونوا مع الأمريكان تعاوناً وثيقاً، واتفقوا معهم اتفاقاً مخزياً على حرب أهل السنة وضربهم تحت مسمى حرب الإرهاب والقضاء على القاعدة.

وأوهموا أهل السنة في العراق في تلك الأيام بأن الحرب إنما هي حرب على الزرقاوي وجماعته، وأن عليهم أن يتكاتفوا جميعاً معهم من أجل القضاء على الإرهابيين، فصدقهم السذج من أهل السنة، وظنوا -وبعض الظن إثم- أن الحرب إنما هي حرب على الزرقاوي وما يسمى بجماعة القاعدة فقط.

ثم إذا بهم يتفآجؤون عندما رأوا أن الحرب تشمل كل سني، وأنهم قاموا خلالها بضرب أهل السنة قاطبة بيد من حديد، دون تفريق بين أحد منهم، واعتبروا كل منطقة سنية هي منطقة إرهابية، وكل عالم أو مفكر أو أستاذ جامعي من أساتذة وعلماء أهل السنة ومفكريهم إرهابي، فقتل منهم من قتل، وهجر من هجر، وأسر منهم من أسر، ولا يزالون إلى اليوم يقبعون في سجون الحكومة الصفوية، لا لشيء إلا لأنهم من أهل السنة.

وفي لبنان تآمر الروافض الحاقدون مع الحكومة العميلة هناك لتصفية أهل السنة تحت مسمى الحرب على الإرهاب، والقضاء على ما يعرف في تلك الأيام بجماعة فتح الإسلام، في مخيمات نهر البارد وغيرها من المخيمات.

وصدقهم الكثيرون من أهل السنة بأن الحرب إنما هي حرب على جماعة فتح الإسلام، فلما تجلت الأمور وانكشفت الحقائق واستعرت الحرب تبين لأهل السنة في لبنان أن الحرب في حقيقتها إنما هي حرب عليهم تحت غطاء الحرب على الإرهاب، وأن القصف إنما كان ينال جميع أهل السنة، والضحايا في الغالب هم من أهل السنة، ودمرت كثير من المخيمات والمناطق السنية، وشرد أهلها، وقطعوا عنهم شرايين الحياة من ماء وكهرباء وصرف صحي، وفخخوا مناطقهم بالعبوات والمتفجرات.

فعلم أهل السنة وتيقنوا بأن الحرب إنما هي حرب عليهم قاطبة، وأن المقصود بها هم أهل السنة جميعاً، وأن الإرهابيين في نظر هؤلاء دائماً هم كل سني يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويترضى عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويحبهم ويواليهم؛ (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:100].

وأما في فلسطين، معقل الإسلام، والأرض المقدسة من بلاد الشام، فحدث ولا حرج عن الحرب المستمرة على إخواننا في فلسطين، ودكهم مرات عديدة بالأسلحة الفتاكة، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً ضدهم، بينما لا يتعرض حزب الله في لبنان المجاور لعشر معشار ما يتعرض له أهل السنة في غزة وفلسطين، مع أن لدى حزب الله أسلحة ثقيلة، وبحوزتهم جيش نظامي مدرب بكامل العدة والعتاد.

فلماذا الهجمات المستمرة على أهل غزة وفلسطين؟ ولماذا المداهنة والملاينة مع حزب الشياطين؟ إنها إجابة اتضحت وافتهمت؛ فأهل فلسطين سنة من أحفاد الصحابة ومحبيهم، وأتباع حزب الشيطان طائفيون روافض من أتباع عبد الله بن سبأ وابن العلقمي أبناء المتعة الحاقدين على أهل السنة، ولهذا لم يقضوا عليهم كما قضوا على جماعة فتح الإسلام، وكما حاولوا -ويحاولون- مع حماس وحركة الجهاد الإسلامي وغيرها من الحركات والكيانات المحسوبة على أهل السنة والجماعة.

(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج:39-40].

الخطبة الثانية:

أما في اليمن فإن ملامح الصراع اتضحت، والأمور بانت، خاصة بعد الحرب الأخيرة على أهل السنة في دماج شمال اليمن.

لقد تواطأ الغرب مع الروافض في تهجير أهل السنة وضرب مناطقهم وتأديب قبائلهم، واستهداف كل من يحمل السلاح منهم أو يتوقع منه أن يثور ضدهم أو لديه قوة وقدرة يخشى منها عليهم، حتى لو كانت من القبائل الموالية للدولة والمقربة منها، طالما أنهم محسوبون على أهل السنة ويعدون منهم، كآل الأحمر وغيرهم، حيث استباحوا مناطقهم وقصفوا قصورهم ودمروا ممتلكاتهم، وحاولوا -ويحاولون- تجريد أبناء القبائل جميعاً من أسلحتهم؛ ليسهل عليهم التحكم فيهم والسيطرة التامة عليهم، ولا تخفى علينا أحداث عمران ودماج والجوف وغيرها.

وبعد اعتقادهم أن الشمال قد صار لقمة سائغة لهم، وأنهم قد قطعوا شوطاً كبيراً في ضرب أهل السنة في الشمال وتشتيتهم وإقناعهم بالعجز عن مواجهتهم، وأن العالم كله معهم؛ حتى ييأسوا من محاربتهم أو الدخول في حرب معهم، جاءوا اليوم بخيلهم ورجِلهم إلى المناطق الجنوبية، وإلى قبائلها الأبية، تحت غطاء دولي، وبشكل رسمي، وترويض محلي، واستغفال فكري، جاءوا بنفس التهمة التي يحاربون بها أهل السنة في كل مكان، تهمة الإرهاب، التي اتهموا بها حتى أهل دماج، وقالوا إن من بينهم إرهابيين أجانب يؤوونهم، وألصقوا نفس هذه التهمة بأبناء القبائل في الجنوب، وطاردوا بها كل من لديه شعور بالعزة والقوة، وامتلك سلاحا، فأعلنوا الحرب عليهم، وضربوهم ضربات باطشة، بقوة حربية هائلة؛ حتى يوهنوا أهل السنة، ويرهبوهم، ويضطروهم إلى التخلي عن أسلحتهم وعن عدائهم.

ولهذا كان الحوثيون من أسعد الناس بهذه الحرب، وأكثرهم مباركة لها، وإشادة بها، وفرحاً بنتائجها، إن لم يكونوا مشاركين ببعض جنودهم فيها.

وبعدها سيبدأ الزحف رويداً رويداً على كل المناطق والقبائل من مناطق وقبائل أهل السنة في الجنوب؛ ليقمعوهم ويضعوهم تحت السيطرة حتى يكونوا لقمة سائغة لهم، يتصرف فيهم الفرس والروم كما يشاءون.

ولا تستغربوا إذا قاموا باعتقال كل من شارك من الشباب من أبناء المحافظات الجنوبية في حرب الحوثيين الروافض وأودعوهم السجون والمعتقلات؛ جزاء وفاقاً لهم على مشاركتهم في الحرب ضد الرافضة.

هكذا يصورون الأمور ويضخمونها، ليس سذاجة أو حماقة، وإنما هي حقيقة؛ لأن الإرهابيين في نظر هؤلاء هم كل أهل السنة.

ولهذا؛ فلا تظنوا أنهم مخطئون حين قالوا عن بن حبريش إنه إرهابي، أو عن عاشور مدير جمارك حرض إنه إرهابي، وأن أبناء حافة كذا وكذا مجاميع إرهابية، فهؤلاء جميعاً في نظرهم إرهابيون فعلاً؛ لأنهم سنة، وصدق الله -سبحانه وتعالى- إذ يقول: (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) [محمد:30].

بل عندما هجّروا الناس وشردوهم من ميفعة والجول والمحفد وغيرها قالوا إننا دحرنا الإرهابيين وأخرجناهم، وأحكمنا السيطرة على هذه المناطق، وقام الجيش باستعادتها.

والسؤال الذي يضع نفسه هو: متى سيطرت القاعدة على هذه المناطق أصلاً حتى يقولوا إننا استعدناها منهم وسيطرنا عليها؟ وكأن الدولة لم تكن من قبل مسيطرة عليها!... والكل يعلم أن الذين تشردوا منها ورحلوا عنها إنما هم في الغالب أهل تلك المناطق من أهل السنة.

فيا أهل السنة، خذوا حذركم! وعوا الأخطار المحدقة بكم، والشر الذي يدور حولكم، واعلموا أن الأنظار متجهة إليكم، والمتربصين يتربصون بكم، والمنافقين يستغفلونكم ويوهمونكم أنها حرب على غيركم، وإنما هي حرب عليكم كلكم، فخذوا حذركم، ولكم في أحداث سوريا والعراق ولبنان عظة وعبرة.

يقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ"  رواه البخاري ومسلم.