البحث

عبارات مقترحة:

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

محاصرة الحوثيين صنعاء

العربية

المؤلف عقيل بن محمد المقطري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - فقه النوازل
عناصر الخطبة
  1. الأمن والطمأنينة مرهونان بالإيمان بالله وتحكيم شريعته .
  2. فتن كبرى تعصف بالمسلمين اليوم .
  3. كثرة الهرج وظهور الرويبضة .
  4. خطورة عد استقرار الأوطان .
  5. وجوب التكاتف والتعاون لحماية الدين وصيانة الحرمات .

اقتباس

اليمن برمته مشحون بالسلاح، وما من بيت إلا وفيه قطع من السلاح ستأكل الحرب الأخضر واليابس، إذاً لا بد من الاصطفاف الوطني، ولا بد من تغليب منطق العقل، ولا بد أن تكون هنالك خطوط حمراء لا يحق ولا يجوز لأحد أن يتجاوزها بحال من الأحوال، والأخطاء إن حصلت وهي حاصلة وحادثة، لا بد أن تُعالَج بالطرق التي لا تؤدي إلى مزيد من إضعاف هدا البلد وإقلاق أمنه واستقراره.

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [سورة آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [سورة النساء: 1].

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [سورة الأحزاب: 70-71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، أما بعد:

فإن الله -جل وعلا- جعل طمأنينة النفوس والسكينة في البلدان مرهونة ومرتبطة بالإيمان ومرتبطة بتحكيم شريعة الله -تعالى-، ولا يمكن أن يحصل الأمن الحسي والمعنوي والاستقرار الحسي والمعنوي ما لم يحكم المسلمون شريعة الله -تعالى- فيما بينهم وما لم يراجعوا إيمانهم (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [سورة الرعد: 28].

كان الناس في الجاهلية في احتراب واقتتال دائم، ولما جاء الإسلام صلحت النفوس واستقامت على أمر الله -تعالى- وعرفوا ما لهم وما عليهم بسط لهم الأمن واطمأنوا في بلدانهم وفي أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وقبل ذلك كانوا يعيشون في خوف (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [سورة قريش: 1-4]، فقد كانوا في خوف دائم (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ) [سورة العنكبوت: 67]، كان الحرم هو المكان الآمن وأما خارج الحرم فيتخطف الناس من حولهم .

أيها الكرام: إن الفتن التي تعصف بالمسلمين اليوم فتن عظيمة تدل على قرب الساعة كما أخبر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ففي الحديث: «تكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا» (صحيح الجامع الصغير 1/ 575).

وصح عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال : "سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة" (سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/ 508)، وفي رواية أخرى "الرجل الفاسق يتحدث في شئون العامة".

وهذه دلالة من دلائل نبوته -صلى الله عليه وآله وسلم- – أنك تجد الصغار والعامة في مجالسهم وفي منتدياتهم وفي مقاهيهم وفي كل مكان، عامة الناس والصغار الذين لا يفقهون من دينهم إلا شيئاً يسيراً وهم أميون في أبواب السياسة الشرعية؛ يتحدثون في أمر العامة، ويتحدثون في شأن الحكومات وما يدور في هذا العالم وما هو المخرج؟ ومن هو المنقذ؟ ومن الذي كان أفضل هل السابق أم اللاحق؟ هل الحالي أم الذي سيأتي؟

أناس عامة صغار لا يفقهون شيئاً يتحدثون بأمر العامة يتحدثون في شئون السياسة والاقتصاد والحرب وكل الأمور أناس من عامة الناس لا يفقهون من تلك الأمور شيئاً فهو إذاً علم من أعلام نبوته -صلى الله عليه وآله وسلم- – وفي الحديث الآخر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ العَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَيَكْثُرُ الهَرْجُ» قَالُوا: وَمَا الهَرْجُ؟ قَالَ: «القَتْلُ القَتْلُ» (البخاري 8/ 14).

تعالوا بنا إلى ألفاظ هذا الحديث المبارك يتقارب الزمان لماذا؟ الزمان هو الزمان اليوم هو اليوم الشهر هو الشهر السنة هي السنة لم يتغير شيء لكن لم يتقارب الزمان؟ لأن الناس تلهوا بملذاتهم وشهواتهم فيمر عليهم الوقت مر الريح، وهذا ما يشكوه اليوم كثير من الناس أول ما جاء رمضان قال بعض الناس كأنه مر.. مر علينا قبل شهر صدق كأن السنة مرت شهراً واحداً وهذا هو تقارب الزمان تكون السنة كالشهر والشهر كالأسبوع والأسبوع كاليوم فيمر الزمان تباعاً نتيجة لالتهاء الناس بملذاتهم وأعمالهم وأشغالهم يمر الوقت مروراً سريعاً، وينقص العمل أي العمل بهذا الدين، وليس العمل من حيث هو العمل بالدين فلا يزال العمل بهذا الدين متراجعاً كما أخبر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- – حينما قال : «لَتُنْتَقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً، فَكُلَّمَا انْتُقِضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، فَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا: الْحُكْمُ وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ» (ابن حبان 15/111).

إذاً ينقص العمل بهذا الدين فترى الرجل إذا عمل شيئاً من دين الله -تعالى- ومن سنة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عاب عليه الناس وانتقص منه الناس وشتمه الناس وسبه الناس واستغرب الناس لم تفعل هذا ومن أين جئت بهذا حتى قالوا: جاءوا بدين جديد وما في هنالك دين قديم ودين جديد ولا شرع مغلظ وشرع مخفف الدين هو الدين والشرع هو الشرع فالدين ما ارتضاه الله والشرع ما شرعه الله في كتابه وفي سنة نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- قال ويلقى الشح فهو من طبائع النفوس وهو أعظم البخل، قال -تعالى- (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [سورة الحشر: 9].

الشح من طبائع النفوس ولكن بالمجاهدة والاستعانة بالله -جل وعلا- يتخلص الإنسان من هذه الصفة المشئومة والمذمومة يستطيع الإنسان أن يتخلص منها.

إن الشح سبب كل بلاء فهو سبب لقطيعة الرحم والخصام بين الجيران وسبب للقتل وإقلاق الأمن والاستقرار في البلدان الشحّ سبب من أسباب تعدّي هذا البلد على البلد الآخر، وهذه القبيلة على القبيلة الأخرى، وهذا الفصيل على الفصيل الآخر، وهذا الحزب على الحزب الآخر الشح هو السبب، ولذلك كان عقوبة من الله -تعالى- أنه يلقي الشح في أنفس الناس حتى يتجهم الشخص في وجه أخيه، فإذا لقيه كشر في وجهه أو أعرض عنه وكأنه لا يعرفه هذا هو الشح وهذه هي نتائجه وأسبابه.

قال: "ويكثر الهرج" أي: القتل، وما نراه اليوم من قتل وتدمير وسفك للدماء وخاصة للأسف الشديد في بلاد المسلمين فحيثما وُجد المسلمون وُجد القتل ووُجد إزهاق الأرواح وإراقة الدماء وتدمير المباني على أهلها وهي عقوبة من الله -تعالى-؛ لأن الناس تخلوا عن دينهم فأصيبوا بما أصيبوا نتيجة لتخلفهم عن دينهم وعن نصرة الحق أذلهم الله عز وجل – ولهذا قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ»، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» (أبو داود 4/ 111).

أمة المليار لا تستطيع أن تقف في وجه عدوها، ولا أن تقول للظالم أنت ظالم ولا تنصر الحق، وفي الحديث الآخر عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ»( أبو داود 3/ 274).

والتبايع بالعينة نوع من أنواع الربا المغضب لله -تعالى- والرضا بالزرع الركون للدنيا هذه أسباب تؤدي إلى الذلة والمهانة لهذه الأمة.

أيها الإخوة الكرام: إن مما يؤسف له اليوم ما تمر به بلدنا من قلاقل وفتن تعصف بهذا البلد، ويوشك أن تؤذن بحرب شاملة تأكل الأخضر واليابس ولا يفرحن شخص ولا يطبلن مطبل، ويظن أنه سينجو منها فيما لو نفذت تلك المخططات المقصود منها تقسيم اليمن طائفياً والمقصود منها المزيد من زعزعة أمن واستقرار هذا البلد، صحيح أنه يجب على الجميع أن يكونوا منكرين للمنكر واقفين مع الحق، ولكن هنالك ثوابت وتقديم المصالح بعضها على بعض وتقديم درء المفاسد على جلب المصالح أحياناً، فلا بد من هذا والعقلاء والحكماء هم الذين يعرفون هذا الواجب على أبناء هذا البلد أن يعيشوا في بلد واحد وتحت سماء واحدة وفي سفينة واحدة وأن يمسكوا بيد كل من يريد أن يخرق هذه السفينة؛ لأن خرق هذه السفينة سيؤدي إلى غرق الجميع والأخذ بيده يؤدي إلى نجاة الجميع كما أخبر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.

للأسف الشديد إن أعداء هذا البلد وأعداء هذا الدين ينظرون إلى هذا البلد على أنه واقع في موقع استراتيجي مهم، فهو المتوسط ما بين الشرق والغرب وتمر فيه ملاحات تجارية كثيرة ولهذا يهتمون بهذا البلد أيضاً لما فيه من الخيرات والثروات التي لا تزال حبيسة الأرض مكنوزة في الأرض فهم يريدون أن يستأثروا بها، وأن يأخذوا منها نصيب الأسد ولذلك يرون أنه لا سبيل إلى ذلك إلا بالوصول عبر زعزعة أمنه واستقراره دول إقليمية ودول دولية لا تريد لهذا البلد استقراراً وما نسمعه من تصريحات ما هو إلا تسويق إعلامي ليس له تنفيذ ولن ينفذ.

كنا نظن أن الحوار الوطني هو المخرج وكنا مستبشرين بذلك وكانت بعض الفصائل ممتنعة عن الحوار وذهبت لجان تلو لجان من أجل إقناعهم وأعطوا مقاعد فوق حقهم وفوق حجمهم وبالرغم من هذا كان من أكبر الأخطاء أن الأسلحة لم تنزع من أيدي تلك الفصائل بمختلف أشكالها وأحجامها لأنها هي السبب في زعزعة أمن واستقرار هذا البلد، فكان الواجب أن يكون هذا بهذا، ولكن هذا خطأ ارتكب مع سبق الإصرار والتعمد لبقاء هذه الأسلحة بأيدي هؤلاء الناس، وكان هؤلاء رجل في الحوار ورجل في الجبل يد تمسك القلم ويد تمسك الزناد، واستمروا على هذا مقلقين للحوار والأمن والاستقرار حتى تمادوا مع انقسام الشعب نفسه وانقسام الجيش كذلك، فدخلوا إلى عمران واكتسحوها ودولة ترسل وساطات إلى أمثال هؤلاء هذا ليس عمل دولة، وإنما هذا عمل الضعيف.

 الدولة تفرض الأمن والاستقرار على الصغير والكبير، كل من يقلق الأمن والاستقرار على الدولة أن تتخذ ضده الإجراءات القانونية تماماً كما تفعل مع القاعدة ومع غيرهم ولا تفرق بين هذا وذاك ولكن إذ جاءت التفرقة هنا ربما تكون عقوبة على هذه الدولة أن تذل ولا يكون لها هيبة، فإذا بهم يسرحون ويمرحون من صعده إلى حجة إلى عمران إلى أرحب إلى الجوف إلى الحصار المطبق على صنعاء أياً كان وتحت أي ذريعة كان هذا الحصار وكان هذا سبباً لتداعى الوطنيين والشرفاء من أجل مؤتمر للاصطفاف الوطني، وكان من ثمار ذلك أن خرجت الملايين إلى الساحات من أجل الاصطفاف الوطني ومن أجل الحفاظ على الوطن وعلى البلد وعلى مكتسبات الحوار ومخرجاته تنادي بتطبيق مخرجات الحوار وتنادي بضرورة تطبيق الأمن والاستقرار وبسط هيبة الدولة في ربوع كل البلد.

ولكن بعض الناس لا ينظر إلى هذه الملايين لا من قريب ولا من بعيد، صحيح أننا لسنا مع هذه الجرعة ولسنا مع رفع الدعم عن المشتقات النفطية لكن لا تعالج هذه القضية بزعزعة الأمن والاستقرار لا من قريب ولا من بعيد كان على الدولة أن تبدأ أولاً بمحاربة الفاسدين ومحاربة الفساد المالي والإداري، وهدر أموال الدولة التي تهدر شهرياً هنالك مرتبات تذهب إلى جيوب متنفذين بمسمى وظائف وهمية عشرات المليارات من الريالات تذهب شهرياً هكذا هدراً يأخذها متنفذون كان الأولى بالدولة أن تبدأ بهذا لا أن تجرع المواطن الغصص وتكيل عليه التبعات فالشعب اليمني اليوم أغلبه فقراء فنحو 70% يعيش تحت خط الفقر وهكذا تفعل معالجات أخرى لتهريب المشتقات النفطية ولتخفيف معانات الناس ليس بهذه الطريقة إطلاقاً فنحن لسنا مع هذه الجرعة ولسنا كذلك مع الحشد من أجل مداهمة صنعاء وإسقاط الحكومة بهذه الطريقة هذه الطريقة إنما يفرح بها أعداء اليمن وإنما تنفذ مخططات أعداء اليمن الذين رفعوا أيديهم في مجلس الأمن متخذين حق الفيتو باتخاذ أي قرار ضد هذه الجماعة أو المليشية أو تلك رفعت أمريكا يدها واتخذت حق الفيتو هذا يدل على ماذا؟ على أن ثمة مواجهه بين هذه وتلك إطلاقاً لا من قريب ولا من بعيد لكن هذه العبارات تنطلي على عامة الناس الذين لا يتابعون الأخبار ولا يعرفون حقائق الأمور.

أيها الكرام: إن الشارع اليوم إذا رأى شخصاً ملتزماً أو ملتحياً يصرخ في وجهه بالصرخات التي تعرفونها وكأنها صرخات المنتصر هذا البلد لا يمكن أن يكون فيه غالب أو مغلوب ولا منتصر ومهزوم إطلاقاً إن كانت هناك ورطة ستأكل الأخضر واليابس وستصل النار إلى قعر كل بيت..

اليمن برمته مشحون بالسلاح، وما من بيت إلا وفيه قطع من السلاح ستأكل الحرب الأخضر واليابس، إذاً لا بد من الاصطفاف الوطني، ولا بد من تغليب منطق العقل، ولا بد أن تكون هنالك خطوط حمراء لا يحق ولا يجوز لأحد أن يتجاوزها بحال من الأحوال، والأخطاء إن حصلت وهي حاصلة وحادثة، لا بد أن تُعالَج بالطرق التي لا تؤدي إلى مزيد من إضعاف هدا البلد وإقلاق أمنه واستقراره.

أسأل الله -تعالى- لي ولكم السداد والتوفيق ،وأن يجنب هذا البلد كل سوء ومكروه اللهم آمننا في أوطاننا يا رب العالمين اللهم من أراد بهذا البلد سوءاً فاجعل كيده في نحره يا سميع الدعاء، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

أيها الإخوة: لا شك أن الدستور والقوانين النافذة تكفل للشعب التظاهر والاعتصام السلميين، ولا أحد ينكر هذا وله الحق أن يطالب بمطالبه المشروعة، أما الاعتصامات المسلحة وحفر الخنادق وبناء المتاريس هنا أو هناك، فهذا أمر مرفوض، وهذا لا تقوم به إلا جماعات تشعر من نفسها أنها أقوى من الدولة؛ لذلك حين يأتي حزب من الأحزاب وجماعة من الجماعات وتهدد الدولة برمتها وتعطها مهلة لمدة أسبوع أو كذا يوم وإلا ستقتحم العاصمة.

كان الواجب على الدولة -إن كان هنالك قوة في الدولة-، وكان هنالك فعلاً قانون أن تعطيهم مهلة لمدة 24 ساعة لنزع السلاح من مخيماتهم ورفع المتاريس وإلا ستقوم باتخاذ الإجراءات القانونية، أما أنها ترسل وساطات هذا فعل الضعيف تتعامل كتعامل دولة مع دولة هنا ليس التعامل دولة مع دولة تعامل دولة مع مجموعة من الشعب، فكان الواجب ألا يكون الأمر كذلك لكن هذا هو الذي حصل، وإن شاء الله نرجو أن يكون ذلك من التعقل ومن إعطاء مزيد من المهلة، ولسنا مع إراقة الدماء بحال من الأحوال فدماء اليمنيين كلها حرام، ولا يجوز الاعتداء والمساس بها لا من قريب ولا من بعيد.

لكن الأمر المؤسف أن يكون هنالك مغالطات أثناء الخطاب فقد خرج بعضهم في بعض القنوات ليقول ليس هنالك مظاهر مسلحة وإنما هي مظاهرات سلمية واعتصامات سلمية إن كنا نكذب أعيننا بما رأينا هذا أمر آخر، لكن الشيء الذي رآه الناس هو حفر خنادق وبناء متاريس وأسلحة موجودة ونقاط تفتيش على مداخل صنعاء، ليس هذا من أجل إنقاذ الناس في صنعاء فليس أهل صنعاء هم المتضررون بل جميعاً، ثم يتباكى على الشعب وعلى قتله وإراقة دمه ويتهدد الدولة بأنها لو مستها فإنهم لن يسكتوا.

الحقيقة لا أدري ماذا نسمي ما حدث في صعدة من إراقة الدماء وفي حجة وفي عمران واقتحام المعسكر وقتل نحو من أربعمائة وما يحدث اليوم في الجوف وما يحدث هنا وهناك ماذا نسمى هذا أليس هذا من الشعب؟ ومن القاتل ومن المقتول؟ ومن المعتدي ومن المعتدى عليه؟ فهذا كله ينبغي أن يتبصر له وأن يعرف حقيقة الأمر الذي يحدث ويدور.

 إنه من المؤسف -أيها الكرام- أن اليمن مر عليها مئات السنين لم تقم فيها دولة هذه دولة وهمية نظام وهمي، أما دولة كدولة تبني مؤسسات نظام وقانون هذا هو الأمر الذي لم يحدث ويتحمل أكثر تبعات ما يحدث اليوم خاصة بدول ما أطلقوا عليه بالربيع العربي أولئك الحكام الذين لم ينشئوا دولاً ولا مؤسسات للدولة، فإذا انصرف بقيت المؤسسة على ما هي عليه أنشأت مؤسسات من أجل مصالحه الخاصة ومصالح المتنفذين والذين يدورون حول أولئك الحكام، فإذا ذهب هؤلاء أو ذهبت بعض مصالحهم عادوا بعد ذلك للاحتراب فيما بينهم.

انظروا إلى ما يحدث في مصر وفي سوريا وليبيا وغير ذلك هذا كله، لأنه لم تنشأ دول في تلك البلدان، أما في بلاد الغرب فيذهب رئيس ويخرج رئيس تذهب حكومة وتأتي حكومة والمؤسسات تعمل على ما هي عليه لأن هؤلاء اجتهدوا في بناء دول ليس لأنفسهم وإنما لأجيالهم الحاضرة والمستقبلة.

 فيا أيها الإخوة: إنه من أوجب الواجبات علينا اليوم أن نحافظ على هذا الوطن، ومن أوجب الواجبات أن نصطف وطنياً، ومن أوجب الواجبات أن نأخذ بيد الظالم كما قال -صلى الله عليه وآله وسلم- «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: «تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ» (البخاري 3/ 128).

يقال له: اتق الله في هذا البلد لا يمكن أن نسمح لك بأن تخرق هذه السفينة لأنها ستغرقنا جميعاً، فأسأل الله -تعالى- أن يحمينا جميعاً وأن يصون أموالنا ودماءنا وأعراضنا وأن يصون هذا البلد من كيد الكائدين وحقد الحاقدين إنه ولي ذلك والقادر عليه.

اللهم إنا نسألك بأنك الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أن ترزقنا الأمن والاستقرار اللهم أحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وشمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.

 اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً يا رب العالمين، اللهم أكرمنا ولا تهنا وزدنا ولا تقصنا وأعطنا ولا تحرمنا اللهم اجعلنا إخوة متحابين فيك ومتناصحين فيك يا رب العالمين واغفر اللهم لمن حضر هذه الجمعة ولوالديه ولمن بنى هذا المسجد ولوالديه ولمن صلى فيه وتردد إليه في كل وقت وحين إنك على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين .