البحث

عبارات مقترحة:

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

المولى

كلمة (المولى) في اللغة اسم مكان على وزن (مَفْعَل) أي محل الولاية...

الباطن

هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...

المحافظة على الأمانة

العربية

المؤلف محمد بن صالح بن عثيمين
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. الحث على الأمانة والتحذير من الخيانة .
  2. أنواع الأمانة وبعض صور الأمانة في العبادة .
  3. المقصود بالأمانة في المعاملات وبعض صور ذلك .
  4. الأمانة في الولايات العامة والخاصة شواهد ذلك .
  5. الأمانة في الثقافة والتعليم .
  6. الأمانة في الاختبارات ومصالح ذلك .

اقتباس

إن من الأمانة في ذلك حفظ الاختبار من التلاعب، والتهاون حفظه، في وضع الأسئلة، بحيث تكون في مستوى الطلبة عقليا وفكريا وعلميا؛ لأنها إن كانت فوق مستواهم أضرت بهم وحطمتهم، وأضاعت كل عامهم الدراسي. وإن كانت الأسئلة دون مستواهم أضرت بمستوى الثقافة العامة في البلاد. وحفظ الاختبار وقت...

الخطبة الأولى:
 
الحمد لله الذي جعل الأمانة في قلوب الرجال بعد أن أبى عن حملها السماوات والأرض والجبال، جعل الأمانة في قلوب بني آدم ذكورا وإناثا؛ لأنه ركب فيهم عقولا بها يفقهون، وبصائر بها يهتدون، فتحملوا الأمانة مخاطرين ليعلوا بأدائها إلى درجة المؤمنين المتقين، أو لينزلوا بإضاعتها إلى أسفل السافلين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، خلق فأتقن، وشرع فأحكم، وهو أحكم الحاكمين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي بلغ رسالة ربه، وأدى أمانته على الوجه الأكمل، وعبد ربه حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما.
 
أما بعد:
 
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، وأدوا ما حملتم من الأمانة فحملتموه.
 
لقد عرض الله الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا.
 
أدوا الأمانة بالقيام بما أوجب الله عليكم من عبادته، وحقوق عباده: ولا: (تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)[الأنفال:27].
 
لا تخونوا في ذلك بإفراط أو تفريط بزيادة أو نقص، فإن الخيانة نقص في الإيمان، وسبب للخسران والحرمان، وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا إيمان لمن لا أمانة له"[أحمد (3/135)].
 
وقال: "آية المنافق ثلاث"[البخاري (33) مسلم (59) الترمذي (2631) النسائي (5021) أحمد (2/536)] -أي علامته التي يتميز بها وخلقه الذي يتخلق به -آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم"[البخاري (33) مسلم (59) الترمذي (2631) النسائي (5021) أحمد (2/357)].
 
وقال: "إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء، فيقال: هذه غدرة فلان ابن فلان"[البخاري (3016) مسلم (1735) الترمذي (1581) أبو داود (2756) أحمد (2/142)].
 
يرفع له هذا اللواء فضيحة له بين الخلائق، وخزيا وعارا.
 
أيها المسلمون: إن الأمانة في العبادة والمعاملة.
 
فالأمانة في العبادة: أن تقوم بطاعة الله -تعالى-، مخلصا له، متبعا لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، تمتثل أوامره، وتجتنب نواهيه، تخشى الله في السر والعلانية، تخشاه حيث يراك الناس، وحيث لا يرونك، لا تكن ممن يخشى الله في العلانية ويعصيه في السر، فإن هذا هو الرياء.
 
ألم تعلم أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟
 
ألم تعلم أن الله أنكر على من هذه حاله بقوله تعالى: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)[الزخرف : 80].
 
(أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ)[البقرة: 77].
 
(يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا)[النساء: 108].
 
وأما الأمانة في المعاملة؛ فأن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به في النصح والبيان، وأن تكون حافظا لحقوقهم المالية وغير المالية من كل ما استؤمنت عليه لفظا أو عرفا.
 
فتكون الأمانة بين الرجل وزوجته، يجب على كل منهما أن يحفظ الآخر في ماله وسره، فلا يحدث أحدا بذلك، فقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر أحدهما سر صاحبه"[مسلم (1437) أبو داود (4870) أحمد (3/69)].
 
وتكون الأمانة بين الرجل وصاحبه، يحدثه بحديث سر يعلم أنه لا يحب أن يطلع عليه أحد ثم يفشي سره ويحدث به الناس، وفي الحديث: "إذا حدث الرجل رجلا بحديث ثم التفت فهو أمانة"[الترمذي (1959) أبو داود (4868) أحمد (3/380)].
 
لأن التفاته دليل على أنه لا يحب أن يسمعه أحد.
 
وتكون الأمانة في البيع والشراء، والإجارة والاستئجار، فلا يجوز للبائع أن يخون المشتري بنقص في الكيل أو الوزن، أو زيادة الثمن، أو كتمان العيب، أو تدليس في الصفة، ولا يجوز للمشتري أن يخون البائع بنقص في الثمن، أو إنكار أو مماطلة مع القدرة على الوفاء.
 
ولا يجوز للمؤجر أن يخون المستأجر بنقص شيء من مواصفات الأجرة، أو غير ذلك.
 
ولا يجوز للمستأجر أن يخون المؤجر بنقص الأجرة أو إنكارها، أو تصرف يضر المستأجر من دار، أو دكان أو آلة أو مركوب.
 
وتكون الأمانة في الوكالات والولايات، فيجب على الوكيل أن يتصرف بما هو أحسن، ولا يجوز أن يخون موكله، فيبيع السلعة الموكل في بيعها بأقل من قيمتها محاباة للمشتري، أو يشتري السلعة الموكل في شرائها بأكثر من قيمتها محاباة للبائع.
 
وفي الولايات كل من كان واليا على شيء خاص أو عام، فهو أمين عليه، يجب أن يؤدي الأمانة فيه، فالقاضي أمين، والأمير أمين، ورؤساء الدوائر ومديروها أمناء، يجب عليهم أن يتصرفوا فيما يتعلق بولايتهم بالتي هي أحسن في ولايتهم، وفيما ولوا عليه حسبما يستطيعون.
 
وأولياء اليتامى، وناظرو الأوقاف، وأوصياء الوصايا، كل هؤلاء أمناء يجب عليهم أن يقوموا بالأمانة بالتي هي أحسن.
 
ألا وإن من الأمانة ما يتصل بالثقافة والإرشاد والتعليم، فعلى القائمين على ذلك من مخططي المناهج، ومديري الأقسام والمشرفين عليها: أن يراعوا الأمانة في ذلك باختيار المناهج الصالحة، والمدرسين الصالحين المصلحين، وتثقيف الطلبة علميا وعمليا، دينا ودنيا، عبادة وخلقا.
 
وإن من الأمانة في ذلك حفظ الاختبار من التلاعب، والتهاون حفظه، في وضع الأسئلة، بحيث تكون في مستوى الطلبة عقليا وفكريا وعلميا؛ لأنها إن كانت فوق مستواهم أضرت بهم وحطمتهم، وأضاعت كل عامهم الدراسي.
 
وإن كانت الأسئلة دون مستواهم أضرت بمستوى الثقافة العامة في البلاد.
 
وحفظ الاختبار وقت الإجابة على الأسئلة، بحيث يكون المراقب فطنا حازما لا يدع فرصة للتلاعب، ولا يحابي ابنا لقريب، ولا لصديق؛ لأنهم هنا على درجة واحدة، كلهم في ذمة المراقب وعهدته سواء.
 
وحفظ الاختبار وقت تصحيح الأجوبة، بحيث يكون التصحيح دقيقا لا يتجاوز فيه ما يسمح به النظام، حتى لا يظلم أحد على حساب الآخر، ولا ينزل طالب إلا في المنزلة التي يستحقها.
 
إننا إذا حافظنا على هذه الأمانة في الاختبار في مواضعه الثلاثة، فهو من مصلحة الأمة كلها.
 
ومن مصلحة العلم، فهو من مصلحة القائمين على الاختبارات بأداء الواجب عليهم، وإبراء ذممهم.

ومن مصلحة الطلبة، حيث يحصلون على مستوى علمي رفيع، ولا يكون حظهم من العلم بطاقة يحملونها، أو لقبا لا يستحقون معناه.
وهو من مصلحة العلم، حيث يقوى ويزداد حقيقة، ولا يهمنا عند ضبط الاختبار أن يكون الناجحون قليلا؛ لأن العبرة بالكيفية لا بالكمية، وإذا كانوا قليلا في عام كانوا كثيرا في العام الذي يليه حيث يعتادون على الجد ويستعدون له.
 
وفقني الله وإياكم لأداء الأمانة، وإبراء الذمة، وحفظنا من إضاعتها، والتساهل فيها؛ إنه جواد كريم.
 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكمإلخ