البحث

عبارات مقترحة:

المحيط

كلمة (المحيط) في اللغة اسم فاعل من الفعل أحاطَ ومضارعه يُحيط،...

الحكيم

اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...

العظيم

كلمة (عظيم) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وتعني اتصاف الشيء...

الحث على الألفة بين المسلمين والمودة

العربية

المؤلف محمد بن صالح بن عثيمين
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. أهمية الأخوة الإيمانية في الإسلام وفضلها .
  2. أهمية السلام بين المسلمين عند اللقاء .
  3. خطر هجر المسلم لأخيه المسلم .
  4. مشروعية عيادة المريض المسلم وفوائدها .
  5. تأدية حقوق المسلمين وفوائد ذلك .
  6. فضل الإصلاح بين الناس .
  7. فضل التأليف بين المسلمين وخطر إيقاع العداوة بينهم .

اقتباس

أيها المسلمون: إن الأمة لا تكون أمة واحدة، ولا يحصل لها قوة ولا عزة، حتى ترتبط بالروابط الدينية، حتى تكون كما وصفها نبيها -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا". لقد أرست الشريعة أسس تلك الروابط والأواصر، فشرع الله ورسوله للأمة ما...

الخطبة الأولى:
 
الحمد لله الذي جعل المؤمنين أخوة في الإيمان، فكانوا في شد بعضهم بعضًا وتعاونهم كالبنيان.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الرحيم الرحمن، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل الإنسان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، وسلم تسليمًا.
 
أما بعد:
 
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، واعلموا أنكم أخوه في دين الله، وأن هذه الإخوة أقوى من كل رابطة وصلة، فيوم القيامة لا أنساب بينكم، ولكن: (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)[الزخرف:67].
 
فنمّوا -أيها المسلمون- هذه الإخوة، وقووا تلك الرابطة بفعل الأسباب التي شرعها الله لكم ورسوله، اغرسوا في قلوبكم المودة والمحبة للمؤمنين، فأوثق عُرَى الإيمان الحب في الله، والبغض في الله، ومن أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك.
 
أيها المسلمون: إن الأمة لا تكون أمة واحدة، ولا يحصل لها قوة ولا عزة، حتى ترتبط بالروابط الدينية، حتى تكون كما وصفها نبيها -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا".
 
لقد أرست الشريعة أسس تلك الروابط والأواصر، فشرع الله ورسوله للأمة ما يؤلف بينها، ويقوي وحدتها، ويحفظ كرامتها وعزتها، ويجلب المودة والمحبة.
 
شرع للأمة أن يسلم بعضهم على بعض عند ملاقاته، فالسلام يغرس المحبة، ويقوي الإيمان، ويدخل الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: "والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم".
 
وخير الناس من بدأهم بالسلام، فإذا لقي أحدكم أخاه المسلم، فليقل: "السلام عليكم" وليرد عليه أخوه بجواب يسمعه، فيقول: "وعليكم السلام" ولا يكفي أن يقول: "أهلًا وسهلًا" أو كلمة نحوها، حتى يقول: "وعليكم السلام".
 
ولا يحل للمسلم: أن يهجر أخاه المسلم؛ لأن ذلك يوجب الكراهة والبغضاء والتفرق، إلا أن يكون مجاهرًا بمعصية، ويكون في هجره فائدة تردعه عن المعصية، فالهجر بمنزلة الدواء إن كان نافعًا بإزالة المعصية، أو تخفيفها، كان مطلوبًا، وإلا فلا.
 
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار"[مسلم (2562) أبو داود (4914) أحمد (2/392)].
 
وقال صلى الله عليه وسلم: "تعرض الأعمال على الله في كل اثنين وخميس، فيغفر الله في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئًا، إلا امرءًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا"[مسلم (2565) الترمذي (2023) أبو داود (4916) ابن ماجة (1740) أحمد (2/268) مالك (1686)].
 
وشرع للأمة أن يعود بعضهم بعضًا إذا مرض، فعيادة المرضى تجلب المودة، وترقق القلب، وتزيد في الإيمان والثواب، فمن عاد مريضًا ناداه مناد من السماء: طبت وطاب ممشاك.
 
ومن عاد أخاه المسلم لم يزل في جنى الجنة حتى يرجع.
 
وينبغي لمن عاد المريض أن لا يطيل الجلوس عنده إلا إذا كان يرغب ذلك.
 
وينبغي أن يذَكِّره بما أعد الله للصابرين من الثواب، وما في المصائب من تكفير السيئات.
 
وأن لكل كربة فرجة، ويفتح له باب التوبة.
 
والخروج من حقوق الناس، واغتنام الوقت، بالذكر والقراءة والاستغفار، وغيرها مما يقرب إلى الله، ويرشده إلى ما يلزمه من الوضوء إن قدر عليه، أو التيمم، وكيف يصلي، فإن كثيرًا من المرضى يجهلون كثيرًا من أحكام الطهارة والصلاة، ولا يحقرن أحدكم شيئًا من تذكير المريض وإرشاده، فإن المريض قد رقت نفسه، وخشع قلبه، فهو إلى قبول الحق والتوجيه قريب.
 
وأمر بالإصلاح بين الناس: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)[الحجرات: 10].
 
وأخـبر أن ذلك هـو الخير: (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)[النساء : 114].
 
وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "تعدل بين اثنين صدقة"[البخاري (2827) مسلم (1009) أحمد (2/316)].
 
إن الإصلاح بين الناس رأب للصدع، ولم للشعث، وإصلاح للمجتمع كله، وثواب عظيم لمن ابتغى به وجه الله.
 
إن الموفق إذا رأى بين اثنين عداوة وتباعدا، سعى بينهما في إزالة تلك العداوة والتباعد، حتى يكونا صديقين متقاربين.
 
وأمر باجتماع المسلمين على كلمة الحق، والتشاور بينهم في أمورهم، حتى تتم الأمور، وتنجح على الوجه الأكمل، فإن الآراء إذا اجتمعت مع الفهم والدراية، وحسن النية تحقق الخير، وزال الشر -بإذن الله تعالى-.
 
أيها المسلمون: إن القاعدة الأصيلة بين المسلمين أن يسعوا في كل أمر يؤلف بين قلوبهم، ويجمع كلمتهم، ويوحد رأيهم، وأن ينابذوا كل ما يضاد ذلك.
 
ومن أجل ذلك: حرم على المسلمين أن يهجر بعضهم بعضا إلا لمصلحة شرعية.
 
وإنك لترى بعض المسلمين حريصا على الخير وجادا في فعله، لكن غره الشيطان في هجر أخيه المسلم، من أجل أغراض شخصية، ومصلحة دنيوية، ولم يعلم أن الإسلام الذي من الله به عليه أسمى وأعلى من أن تؤثر الأغراض الشخصية، أو المصالح الدنيوية، في الصلة بين أفراده.
 
وحرم على المسلمين أن يوقع العداوة بينهم بالنميمة، ويسعى في الإفساد، يأتي إلى شخص، فيقول له: قال فيك فلان كذا وكذا، فيلقي العداوة بينهما، ولم يعلم أنه بنميمته هذه، أصبح من المفسدين في الأرض، المتعرضين لعقوبة الله، فقد مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقبرين، فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما: فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة"[البخاري (215) مسلم (292) الترمذي (70) النسائي (2068) أبو داود (20) ابن ماجة (347) أحمد (1/225) الدارمي (739)].
 
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة نمام"[البخاري (5709) مسلم (105) الترمذي (2026) أبو داود (4871) أحمد (5/391)].
 
(فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)[الأنفال: 1].
 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيمإلخ