البحث

عبارات مقترحة:

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

الواسع

كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الدولة الصفوية (11) الكذب في الدين وفي السياسة

العربية

المؤلف إبراهيم بن محمد الحقيل
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - الأديان والفرق
عناصر الخطبة
  1. معالم بناء الأمم .
  2. شدة التحذير من الكذب والخداع .
  3. الفرق الباطنية أكثر الفرق كذبًا .
  4. التقية والكذب من أصول الرافضة .
  5. أقوال أئمة السلف في الرافضة وتدينهم بالكذب .
  6. استحلال الحوثيين للمحرمات .
  7. آخر كذبات عمائم الشيطان .
  8. استمساك أهل السنة بالشرع هو السبيل لنصرهم. .

اقتباس

الْفِرَقُ الْبَاطِنِيَّةُ هِيَ أَكْثَرُ الْفِرَقِ المُنْتَسِبَةِ لِلْقِبْلَةِ كَذِبًا، وَأَشَدُّ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ بُهْتَانًا، وَأَعْظَمُهَا غَدْرًا. وَلَا سِيَّمَا الْفِرْقَةُ الْإِمَامِيَّةُ؛ فَإِنَّ مَبْنَى دِينِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أُصُولِهِ كَذِبٌ، وَيَتَدَيَّنُونَ بِالْكَذِبِ وَالْغَدْرِ؛ إِذْ جَعَلُوهُ دِينًا لَهُمْ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الِانْحِرَافِ عَنِ الْحَقِّ حِينَ يُرَوِّجُونَ لِبَاطِلِهِمْ بِالْكَذِبِ، وَيَنْتَصِرُونَ بِالْغَدْرِ؛ وَلِذَا غَدَرُوا بِالْأُمَّةِ كَثِيرًا وَكَانَ أَعْظَمُ غَدْرِهِمْ حِينَ تَمَالَئُوا مَعَ الْغَزْوِ الصَّلِيبِيِّ الَّذِي اسْتُبِيحَتْ فِيهِ الشَّامُ فِي أَوَاخِرِ الْقَرْنِ الْخَامِسِ، ثُمَّ مَعَ الْغَزْوِ التَّتَرِيِّ الَّذِي اسْتُبِيحَتْ فِيهِ الْعِرَاقُ فِي أَوَاسِطِ الْقَرْنِ السَّابِعِ. وَمِنْ أُصُولِ دِينِهِمْ: التَّقِيَّةُ، وَهِيَ إِظْهَارُ خِلَافِ مَا يُبْطَنُ لِغَيْرِ طَائِفَتِهِ، وَذَلِكَ بِالْكَذِبِ إِذَا حَدَّثَ، وَبِتَبْيِيِتِ الْغَدْرِ إِذَا عَاهَدَ...

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ لِلَّـهِ الْوَلِيِّ الْحَمِيدِ؛ رَافِعِ الْهَمِّ، وَدَافِعِ الْغَمِّ، وَكَاشِفِ الْكَرْبِ، وَمُجِيبِ دَعْوَةِ المُضْطَرِّ، لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَاهُ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَاهُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، نَحْمَدُهُ وَنَشْكُرُهُ عَلَى عَافِيَةٍ أَتَمَّهَا، وَنِعَمٍ أَكْمَلَهَا، وَنِقَمٍ دَفَعَهَا، وَبَلَايَا رَفَعَهَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ شَدِيدُ المِحَالِ، وَعَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ، يُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود: 102].

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى بِالنُّورِ وَالْهُدَى؛ فَفَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا، وَرَفَعَ بِهِ مِنَ الضَّعَةِ، وَأَعَزَّ بِهِ مِنَ الذِّلَّةِ، وَجَمَعَ بِهِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ، وَكَثَّرَ بِهِ الْقِلَّةَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ، وَلَا تَغْتَرُّوا بِحَوْلِكُمْ وَطَوْلِكُمْ وَقُوَّتِكُمْ، وَلَا بِمَا تَرْتَعُونَ فِيهِ مِنْ نِعَمِ رَبِّكُمْ؛ فَإِنَّ دَوَامَ الْحَالِ مِنَ المُحَالِ، وَإِنَّ سَلْبَ النِّعَمِ يَكُونُ بِالْكُفْرَانِ، وَإِنَّ السَّعِيدَ مَنْ لَقِيَ اللهَ -تَعَالَى- وَقَدْ وَفَى بِعَهْدِهِ، وَأَدَّى أَمَانَتَهُ. وَأَعْظَمُ الْأَمَانَاتِ أَمَانَةُ الدِّينِ، وَهِيَ أَصْلُ الْأَمَانَةِ وَأَسَاسُهَا، فَمَنْ خَانَ دِينَهُ كَانَ لِمَا دُونَهُ أَخْوَنُ (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّـهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) [هود: 112- 113].

أَيُّهَا النَّاسُ: الْأُمَّةُ الْعَظِيمَةُ المَهِيبَةُ تُحَافِظُ عَلَى الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ فِي التَّرْوِيجِ لِأَفْكَارِهَا، وَإِبْرَامِ عُهُودِهَا، وَلَا تَلْجَأُ إِلَى الْكَذِبِ وَالْغَدْرِ مَهْمَا أَلَمَّ بِهَا مِنْ مُلِمَّاتٍ، وَمَهْمَا أَحَاطَ بِهَا مِنْ أَزَمَاتٍ، وَمَهْمَا أُصِيبَتْ بِهِ مِنْ نَكَبَاتٍ؛ لِأَنَّهَا تَرَى حِفْظَ تَارِيخِهَا نَقِيًّا أَوْلَى مِنْ تَلَوُّثِهَا وَلَوْ بَقِيَتْ، وَتُدْرِكُ أَنَّ أَقْلَامَ المُؤَرِّخِينَ لَا تُجَامِلُ الْكَذَبَةَ وَالْغَدَّارِينَ.

وَالْحَقُّ لَا يَحْتَاجُ فِي تَرْوِيجِهِ إِلَى الْكَذِبِ، وَلَا فِي  انْتِصَارِهِ إِلَى الْغَدْرِ؛ لِأَنَّ الْعُقُولَ وَالْفِطَرَ السَّوِيَّةَ تَقْبَلُ الْحَقَّ وَالصِّدْقَ وَالْوَفَاءَ، وَتَنْفِرُ مِنَ الْبَاطِلِ وَالْكَذِبِ وَالْغَدْرِ. وَإِنَّمَا الْبَاطِلُ هُوَ الذَيْ يَحْتَاجُ إِلَى الْكَذِبِ فِي تَرْوِيجِهِ، وَإِلَى الْغَدْرِ فِي انْتِصَارِهِ.

وَلمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ حَقًّا مِنْ عِنْدِ اللَّـهِ -تَعَالَى- حَرُمَ فِيهِ الْكَذِبُ وَالْغَدْرُ، وَعُدَّ ذَلِكَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَمِنْ آيَاتِ النِّفَاقِ (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) [الإسراء: 34]، وَفِي الْحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ: "...وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ"، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

لَقَدِ احْتَاجَ أَصْحَابُ الْأَدْيَانِ وَالمَذَاهِبِ الْبَاطِلَةِ إِلَى الْكَذِبِ فِي تَرْوِيجِ بَاطِلِهِمْ، وَإِلَى الْغَدْرِ فِي الِانْتِصَارِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ. حَتَّى قَالَ اللهُ -تَعَالَى- فِي أَهْلِ الْكِتَابِ: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّـهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّـهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران: 78]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ فِي غَدْرِهِمْ: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) [البقرة: 100].

وَسَارَ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ سِيرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْكَذِبِ وَالْغَدْرِ لِأَجْلِ تَرْوِيجِ بَاطِلِهِمْ وَنَصْرِهِ، بَيْنَمَا كَانَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَنْفِرُونَ مِنَ الْكَذِبِ لِتَرْوِيجِ الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَمِنَ الْغَدْرِ لِتَحْقِيقِ النَّصْرِ؛ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ الْوَسَائِلَ الْبَاطِلَةَ لَا يُنْشَرُ بِهَا الْحَقُّ، وَلَا يَتَحَقَّقُ بِهَا النَّصْرُ، وَاشْتُهِرَتْ مَقُولَةُ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ: "أَهْلُ السُّنَّةِ يَذْكُرُونَ مَا لَهُمْ وَمَا عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ فَلَا يَذْكُرُونَ إِلَّا مَا هُوَ لَهُمْ".

وَالْفِرَقُ الْبَاطِنِيَّةُ هِيَ أَكْثَرُ الْفِرَقِ المُنْتَسِبَةِ لِلْقِبْلَةِ كَذِبًا، وَأَشَدُّ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ بُهْتَانًا، وَأَعْظَمُهَا غَدْرًا. وَلَا سِيَّمَا الْفِرْقَةُ الْإِمَامِيَّةُ؛ فَإِنَّ مَبْنَى دِينِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أُصُولِهِ كَذِبٌ، وَيَتَدَيَّنُونَ بِالْكَذِبِ وَالْغَدْرِ؛ إِذْ جَعَلُوهُ دِينًا لَهُمْ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الِانْحِرَافِ عَنِ الْحَقِّ حِينَ يُرَوِّجُونَ لِبَاطِلِهِمْ بِالْكَذِبِ، وَيَنْتَصِرُونَ بِالْغَدْرِ؛ وَلِذَا غَدَرُوا بِالْأُمَّةِ كَثِيرًا وَكَانَ أَعْظَمُ غَدْرِهِمْ حِينَ تَمَالَئُوا مَعَ الْغَزْوِ الصَّلِيبِيِّ الَّذِي اسْتُبِيحَتْ فِيهِ الشَّامُ فِي أَوَاخِرِ الْقَرْنِ الْخَامِسِ، ثُمَّ مَعَ الْغَزْوِ التَّتَرِيِّ الَّذِي اسْتُبِيحَتْ فِيهِ الْعِرَاقُ فِي أَوَاسِطِ الْقَرْنِ السَّابِعِ.

وَمِنْ أُصُولِ دِينِهِمْ: التَّقِيَّةُ، وَهِيَ إِظْهَارُ خِلَافِ مَا يُبْطَنُ لِغَيْرِ طَائِفَتِهِ، وَذَلِكَ بِالْكَذِبِ إِذَا حَدَّثَ، وَبِتَبْيِيِتِ الْغَدْرِ إِذَا عَاهَدَ. وَقَدْ نَسَبُوهَا إِلَى أَئِمَّةِ آلِ الْبَيْتِ فِي نُصُوصٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا اخْتَرَعُوهَا وَأَلْصَقُوهَا بِهِمْ، وَلَيْسَ لِإِبَاحَتِهَا فَقَطْ، بَلْ لِفَرْضِهَا عَلَى أَتْبَاعِهِمْ لِيَمْتَهِنُوا الْكَذِبَ، وَيَتَرَبَّوْا عَلَى الْغَدْرِ، بِقَصْدِ نَشْرِ المَذْهَبِ، وَتَحْقِيقِ النَّصْرِ.

وَمِنَ النُّصُوصِ الَّتِي كَذَبُوا بِهَا عَلَى أَئِمَّتِهِمْ: قَوْلُهُمْ: "التَّقِيَّةُ مِنْ دِينِي وَدِينِ آبَائِي". وَقَوْلُهُمْ: "لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَهُ، وَلَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَهُ"، وَقَوْلُهُمْ: "التَّقِيَّةُ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ المُؤْمِنِينَ"، وَقَوْلُهُمْ: "أَشْرَفُ أَخْلَاقِ الْأَئِمَّةِ وَالْفَاضِلِينَ مِنْ شِيعَتِنَا التَّقِيَّةُ"، وَقَوْلُهُمْ: "مَا عُبِدَ اللهُ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ التَّقِيَّةِ"، وَقَوْلُهُمْ: "إِنَّ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الدِّينِ فِي التَّقِيَّةِ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَهُ"، وَقَوْلُهُمْ: "إِنَّكُمْ عَلَى دِينٍ مَنْ كَتَمَهُ أَعَزَّهُ اللهُ وَمَنْ أَذَاعَهُ أَذَلَّهُ اللهُ"، وَقَوْلُهُمْ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَلْزَمِ التَّقِيَّةَ".

وَلَا يَتْرُكُونَ التَّقِيَّةَ إِلَّا بِخُرُوجِ إِمَامِهِمُ المَكْذُوبِ المُسَرْدَبِ الَّذِي ضَحِكُوا بِهِ عَلَى الْعَامَّةِ، كَمَا قَالُوا يَنْسُبُونَ لِأَئِمَّتِهِمْ: "إِذَا قَامَ قَائِمُنَا سَقَطَتِ التَّقِيَّةُ"، وَقَالُوا: "مَنْ تَرَكَ التَّقِيَّةَ قَبْلَ خُرُوجِ قَائِمِنَا فَلَيْسَ مِنَّا".

وَهَذَا مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَنْ يَتْرُكُوا الْكَذِبَ عَلَى أَتْبَاعِهِمْ وَعَلَى الْأُمَّةِ أَبَدًا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ إِمَامِهِمْ كِذْبَةٌ اخْتَرَعُوهَا وَعَلَّقُوا أَتْبَاعَهُمْ بِهَا.

وَمَعْنَاهُ أَيْضًا: أَنَّهُمْ لَنْ يَكُفُّوا عَنِ الْغَدْرِ بِغَيْرِهِمْ، وَخَاصَّةً أَهْلَ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ الْغَدْرَ مِنْ تَقِيَّتِهِمُ الَّتِي لَا يَتْرُكُونَهَا إِلَّا بِخُرُوجِ المُنْتَظَرِ الَّذِي لَنْ يَخْرُجَ.

وَأَئِمَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ كَانُوا يَعْلَمُونَ كَذِبَ عُلَمَاءِ الْإِمَامِيَّةِ مُنْذُ زَمَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ؛ لِأَنَّهُمْ خَالَطُوهُمْ وَنَاظَرُوهُمْ وَنَاقَشُوهُمْ، وَسَبَرُوا مَرْوِيَّاتِهِمْ، وَعَرَفُوا أَخْبَارَهُمْ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى نَتِيجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الرَّوَافِضَ أَكْذَبُ النَّاسِ فِي الْأَخْبَارِ:

 سُئِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- عَنِ الرَّافِضَةِ، فَقَالَ: "لَا تُكَلِّمْهُمْ، وَلَا تَرْوِ عَنْهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ يَكْذِبُونَ".

وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "لَمْ أَرَ أَحَدًا أَشْهَدَ بِالزُّورِ مِنَ الرَّافِضَةِ".

وَقَالَ الْإِمَامُ الْأَعْمَشُ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "أَدْرَكْتُ النَّاسَ، وَمَا يُسَمُّونَهُمْ إِلَّا الْكَذَّابِينَ".

وَقَالَ الْإِمَامُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "كَانُوا أَكْذَبَ فِرَقِ الْأُمَّةِ. فَلَيْسَ فِي الطَّوَائِفِ المُنْتَسِبَةِ إلَى الْقِبْلَةِ أَكْثَرُ كَذِبًا وَلَا أَكْثَرُ تَصْدِيقًا لِلْكَذِبِ وَتَكْذِيبًا لِلصِّدْقِ مِنْهُمْ، وَسِيمَا النِّفَاقِ فِيهِمْ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي سَائِرِ النَّاسِ...؛ وَلِهَذَا يَسْتَعْمِلُونَ التَّقِيَّةَ الَّتِي هِيَ سِيمَا المُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ، ويَسْتَعْمِلُونَهَا مَعَ المُسْلِمِينَ (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) وَيَحْلِفُونَ مَا قَالُوا وَقَدْ قَالُوا، وَيَحْلِفُونَ بِاَللَّـهِ لِيُرْضُوا المُؤْمِنِينَ وَاَللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ".

وَقَالَ أَيْضًا: "وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَالرِّوَايَةِ وَالْإِسْنَادِ عَلَى أَنَّ الرَّافِضَةَ أَكْذَبُ الطَّوَائِفِ، وَالْكَذِبُ فِيهِمْ قَدِيمٌ، وَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ يَعْلَمُونَ امْتِيَازَهُمْ بِكَثْرَةِ الْكَذِبِ".

بَلْ إِنَّ بَعْضَ مَنْ يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ يُقِرُّونَ بِكَذِبِهِمْ، كَشَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّـهِ الْقَاضِي، كَانَ قَاضِيَ الْكُوفَةِ فِي زَمَنِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةِ، وَيُقِرُّ بِتَشَيُّعِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَقُولُ: أَحْمِلُ الْعِلْمَ عَنْ كُلِّ مَنْ لَقِيتُ إِلَّا الرَّافِضَةَ، فَإِنَّهُمْ يَضَعُونَ الْحَدِيثَ، وَيَتَّخِذُونَهُ دِينًا.

وَمِمَّنْ أَقَرَّ عَلَيْهِمْ وَهُوَ مِنْهُمْ عِزُّ الدِّينِ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ شَارِحُ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ، وَكَانَ صَدِيقًا مُقَرَّبًا لِلْوَزِيرِ ابْنِ الْعَلْقَمِيِّ الرَّافِضِيِّ الَّذِي خَانَ الْخَلِيفَةَ الْعَبَّاسِيَّ المُسْتَعْصِمَ، يَقُولُ: "إِنَّ أَصْلَ الْأَكَاذِيبِ فِي أَحَادِيثِ الْفَضَائِلِ كَانَ مِنْ جِهَةِ الشِّيعَةِ؛ فَإِنَّهُمْ وَضَعُوا فِي مَبْدَإِ الْأَمْرِ أَحَادِيثَ مُخْتَلَقَةً فِي صَاحِبِهِمْ، وَحَمَلَهُمْ عَلَى وَضْعِهَا عَدَاوَةُ خُصُومِهِمْ".

وَلَيْسَ بَعْدَ شَهَادَةِ مَنْ هُمْ مِنْهُمْ أَدْنَى شَكٍّ فِي أَنَّ دِينَهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَذِبِ وَالْغَدْرِ، نَعُوذُ بِاللَّـهِ -تَعَالَى- مِنْ ذَلِكَ.

وَلمَّا تَزَعَّمَهُمُ الصَّفَوِيُّونَ، وَصَارُوا رُؤُوسَ المَذْهَبِ وَسَادَتَهُ اسْتَغَلُّوا مَا فِي دِينِهِمْ مِنَ الْكَذِبِ لِيَسُوقُوهُمْ سَوْقَ الْأَنْعَامِ إِلَى مَشْرُوعَاتٍ لَا تَتَعَلَّقُ بِالتَّشَيُّعِ لَا مِنْ قَرِيبٍ وَلَا مِنْ بَعِيدٍ. وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِإِعَادَةِ أَمْجَادِ الْأَكَاسِرَةِ، وَالِانْتِقَامِ مِمَّنْ أَنْهَوْا دَوْلَةَ سَاسَانَ، فَرَسَّخُوا فِيهِمُ الْكَذِبَ وَالْغَدْرَ أَكْثَرَ مِنْ ذِي قَبْلُ، وَوَسَّعُوا مَجَالَاتِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالسِّيَاسَةِ حَتَّى صِرْنَا نَرَاهُمْ يَصِيحُونَ بِالْقُدْسِ وَاحْتِلَالِ الْيَهُودِ لَهُ وَهُمْ لَمْ يُطْلِقُوا رَصَاصَةً عَلَى الْيَهُودِ، وَكُلُّ مَا فَعَلُوهُ هُوَ إِبَادَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ صَارَ لَهُمْ فِيهِ نُفُوذٌ. وَتُسْمَعُ شِعَارَاتُهُمْ عَنِ الشَّيْطَانِ الْأَكْبَرِ مُنْذُ أَرْبَعَةِ عُقُودٍ، وَفِي الْخَفَاءِ يَتَآمَرُونَ مَعَهُ، وَيُسْقِطُونَ دُوَلَ الْإِسْلَامِ لِصَالِحهِ، حَتَّى انْتَقَلُوا مِنَ السِّرِّ إِلَى الْعَلَانِيَةِ فِي زَمَنِنَا هَذَا.

وَتَسْمَعُ وَكِيلَهُمْ فِي لِبْنَانَ، أَمِينَ حِزْبِ الشَّيْطَانِ سَيُدَمِّرُ الْيَهُودَ، وَهُوَ بِمُتَعَصِّبَةِ طَائِفَتِهِ يَذْبَحُونَ السُّورِيِّينَ بَدَلَ الْيَهُودِ.

وَفِي الْيَمَنِ كَانَ الْحُوثِيُّونَ يَرْفَعُونَ الشِّعَارَاتِ الَّتِي تُوَزِّعُ المَوْتَ عَلَى الصَّهَايِنَةِ وَالصَّلِيبِيِّينَ، وَلَكِنَّهُمْ يَذْبَحُونَ المُسْلِمِينَ فِي الْيَمَنِ، وَيَنْتَهِكُونَ أَعْرَاضَهُمْ، وَيُذِلُّونَ رِجَالَهُمْ، وَيَهْدِمُونَ مَسَاجِدَهُمْ، وَيُحْرِقُونَ مَصَاحِفَهُمْ، وَيُعْلِنُونَ سَبَّ الصَّحَابَةِ فِي أَوْسَاطِهِمْ، أَخْزَاهُمُ اللهُ -تَعَالَى-، وَنَسْأَلُهُ -تَعَالَى- أَنْ يَنْصُرَ إِخْوَانَنَا المُرَابِطِينَ فِي الثُّغُورِ الْجَنُوبِيَّةِ، وَيَنْصُرَ أَهْلَ السُّنَّةِ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يَدْحَرَ قُوَّتَهُمْ، وَأَنْ يَخْضُدَ شَوْكَتَهُمْ، وَأَنْ يَفْضَحَ دَجَاجِلَتَهُمْ، وَأَنْ يُعِيدَهُمْ إِلَى ذُلِّهِمْ وَهَوَانِهِمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ...

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- وَأَطِيعُوهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّـهِ وَاللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [الأنفال: 45- 47].

أَيُّهَا النَّاسُ: كَانَ سَادَةُ الْعَرَبِ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ يَأْنَفُونَ مِنَ الْكَذِبِ وَمِنَ الْغَدْرِ، وَلَا يَسْتَحِلُّونَهُ وَلَوِ انْتَصَرَ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ وَذَهَبَتْ أَرْوَاحُهُمْ بِسَبَبِ مُحَافَظَتِهِمْ عَلَى الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ، وَلمَّا سَأَلَ هِرَقْلُ أَبَا سُفْيَانَ عَنِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى الشِّرْكِ حِينَئِذٍ لَمْ يَكْذِبْ، مَعَ حَاجَتِهِ لِلْكَذِبِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُوغِرَ صَدْرَ هِرَقْلَ عَلَى النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وَأَجَابَهُ عَلَى أَسْئِلَتِهِ بِصِدْقٍ وَقَالَ: "وَايْمُ اللَّـهِ، لَوْلَا أَنْ يُؤْثِرُوا عَلَيَّ الْكَذِبَ لَكَذَبْتُ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

فَإِذَا كَانَ سَادَةُ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَأْنَفُونَ مِنَ الْكَذِبِ رَغْمَ شِرْكِهِمْ وَجَاهِلِيَّتِهِمْ، فَمَا بَالُ الرَّوَافِضِ قَدْ جَعَلُوا الْكَذِبَ دِينًا لَهُمْ، وَضَحِكُوا بِهِ عَلَى أَتْبَاعِهِمْ، وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ بِهِ يَخْدَعُونَ غَيْرَهُمْ.

وَالدَّوْلَةُ الصَّفَوِيَّةُ تَتَمَدَّدُ وَتَتَوَسَّعُ، وَتَتَسَلَّمُ دُوَلَ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ حَلِيفِهَا الصَّلِيبِيِّ، وَتُنَكِّلُ بِأَهْلِ السُّنَّةِ فِيهَا، وَلَا تَقِفُ أَطْمَاعُهَا عِنْدَ حَدٍّ، وَلَا يَرُدُّهَا عَنْ غَيِّهَا وَإِجْرَامِهَا دِينٌ وَلَا خُلُقٌ، بَلْ لَا تُرَدُّ إِلَّا بِالْقُوَّةِ، وَلَا تَعْرِفُ إِلَّا مَنْطِقَ الْقُوَّةِ.

وَوَكِيلُهُمْ فِي لِبْنَانَ، أَمِينُ حِزْبِ الشَّيْطَانِ، المُحَامِيُّ الْفَاشِلُ عَنْ عَمَائِمِ طِهْرَانَ، لمَّا رَأَى جِدَّ الْحَرْبِ وَتَطْهِيرَ الْيَمَنِ مِنَ المَشْرُوعِ الْإِيرَانِيِّ رَاحَ يُدَافِعُ عَنْهُ بِأَنَّ إِيرَانَ لَيْسَ لَهَا أَيُّ عَلَاقَةٍ بِمَا يَجْرِي فِي الْيَمَنِ، مَعَ أَنَّ المَسْئُولِينَ الْإِيرَانِيِّينَ صَرَّحُوا بِأَنَّهُمْ بَاتُوا يَقْتَرِبُونَ مِنِ امْتِلَاكِ مَضِيقِ بَابِ المَنْدَبِ، لَوْلَا لُطْفُ اللَّـهِ -تَعَالَى- بِعَاصِفَةِ الْحَزْمِ الَّتِي قَهَقَرَتْهُمْ إِلَى الْوَرَاءِ.

وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِ عَمَائِمِ قُمْ، وَمَعَ ذَلِكَ يَكْذِبُ وَيَنْفِي أَنَّ لَهُ عَلَاقَةً بِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي اعْتَرَفَ فِي مَوَاقِفَ كَثِيرَةٍ بِأَنَّ حَرْبَهُ وَسِلْمَهُ بِيَدِ الْوَلِيِّ الْفَقِيهِ فِي إِيرَانَ.

وَجَعَلَ -أَخْزَاهُ اللهُ تَعَالَى- كَسْرَ الْحُوثِيِّينَ المُخْتَطِفِينَ لِلْيَمَنِ حَرْبًا عَلَى الشَّعْبِ الْيَمَنِيِّ، فَصَارَتِ الْأَقَلِّيَّةُ الرَّافِضِيَّةُ الَّتِي لَا تَزِيدُ عَنِ اثْنَيْنِ وَنِصْفٍ فِي المِئَةِ هِيَ الشَّعْبَ الْيَمَنِيَّ، وَصَارَ سَبْعَةٌ وَتِسْعُونَ فِي المِئَةِ مِنَ الشَّعْبِ الْيَمَنِيِّ لَا قِيمَةَ لَهُمْ وَلَوْ أُبِيدُوا كُلُّهُمْ مِنْ أَجْلِ الْأَقَلِّيَّةِ التَّابِعَةِ لِلدَّوْلَةِ الصَّفَوِيَّةِ.  وَهَذَا الدَّجَّالُ الْأَشِرُ هُوَ وَعِصَابَتُهُ فِي لِبْنَانَ يُبِيدُونَ السُّورِيِّينَ مُنْذُ أَرْبَعِ سَنَوَاتٍ وَلَا يَزَالُونَ.

إِنَّ مَنْ جَعَلَ مَبْنَى دِينِهِ عَلَى الْكَذِبِ وَالْغَدْرِ، وَيَتَعَبَّدُ بِذَلِكَ فَلَنْ يَرُدَّهُ عَنِ الْكَذِبِ دِينٌ وَلَا خُلُقٌ، وَلَنْ يَرُدَّهُ عَنْ غَدْرِهِ إِلَّا عَجْزٌ وَخَوَرٌ.

وَلَا عَجَبَ أَنْ يَكْذِبَ الصَّفَوِيُّونَ وَأَذْنَابُهُمْ عَلَى النَّاسِ وَقَدْ كَذَبُوا عَلَى اللَّـهِ -تَعَالَى-، وَعَلَى رُسُلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، كَمَا كَذَبُوا عَلَى الصَّالِحينَ الْبَرَرَةِ مِنْ آلِ الْبَيْتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وَأَرْضَاهُمْ.

وَمَذْهَبٌ لَا يَقُومُ إِلَّا عَلَى الْكَذِبِ لَنْ يَصْمُدَ أَمَامَ الصِّدْقِ، وَمَذْهَبٌ جُنْدُهُ لَا يَنْتَصِرُونَ إِلَّا بِالْغَدْرِ فَلَنْ يَنْتَصِرُوا؛ لِأَنَّ الْغَادِرَ يَنْجَحُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَنْجَحُ كُلَّ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ فِي كُلِّ غَدْرَةٍ يَأْتِيهَا يُنَبِّهُ خَصْمَهُ إِلَى غَدْرِهِ، وَهَذَا مَا فَهِمَتْهُ أُمَّةُ الْإِسْلَامِ مِنْ أَحْدَاثٍ عِظَامٍ خِلَالَ هَذِهِ السَّنَوَاتِ.

فَمَا عَادَ المَشْرُوعُ الصَّفَوِيُّ وَلَا الصَّلِيبِيُّ يَخْدَعَانِ عَامَّةَ المُسْلِمِينَ فَضْلًا عَنْ قَادَةِ الرَّأْيِ وَالْعِلْمِ وَالْفِكْرِ فِيهِمْ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللَّـهِ -تَعَالَى- عَلَى الْأُمَّةِ بِمَا أَصَابَهَا مِنْ ضَرَّاءَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْبُلْدَانِ (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء: 19].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...