الجميل
كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...
العربية
المؤلف | عمر القزابري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | فقه النوازل |
ها هو الأخطبوط الشيعي الرافضي يمتد ويتمدد وينخر في جسد الأمة، ويسلب عقول الكثيرين بالتلبيس والتدليس، وبالمال، وبالإغراء، فمن يحصن أبناءنا من هذا المد؟ من يعرّفهم أن التشيع إنما هو مَدٌّ يراد منه ضرب الإسلام في الصميم، يراد منه تشتيت الشمل، يراد منه زرع الفتنة؟ إنه مشروع خطير إن لم ننتبه له الآن، ونتحصن ونحصن منه أبناءنا...
الخطبة الأولى:
الحمد لله المتفرد باسمه الأسمى، والمختص بالملك الأعز الأحمى، الذي ليس من دونه منتهى ولا وراءه مرمى، الظاهر لا تخيلاً ووهمًا، الباطن تقدسًا لا عدمًا، وسع كل شيء رحمة وعلمًا، وأسبغ على أوليائه نعما عُمّا، وبعث فيهم رسولاً من أن أنفسهم عربًا وعجمًا، وأزكاهم محتدًا ومنمى، وأشدهم بهم رأفة ورحمى، حاشاه عيبًا ووصمًا، وزكاه روحًا وجسمًا، وآتاه حكمة وحكمًا، فآمن به وصدقه من جعل الله له في مغنم السعادة قسمًا، وكذّب به وصدف عنه من كتب الله عليه الشقاء حتمًا، ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى، صلى الله عليه صلاة تنمو وتنمى، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
معاشر الصالحين: الملاذ الأعصم، وعروة العز الوثقى التي لا تفصم، صدق الانتماء الموجب لتحقق الاحتماء، وهل الانتماء المنجي من غوائل الغير، والمحقق لجميل الأثر، إلا الانتماء لهذا الدين بصدق، والتعاطي مع أحكامه بشوق، وفسح الباب للروح لتنطلق في معارج الذوق؟ فمن تحقق بالانتماء فقد عرس بالمثوى الجليل، واحتمى بالحصن الذي رفعت قواعده أكف الخليل، ونقع من ماء العزة محترم العليل، ومن ثم وجب استشعار الانتساب، إلى هذا الدين العظيم الجناب.
ولهذا الاستشعار مقتضيات، وله تجليات، فليس الأمر مجرد انتماء مقطوع عن سره، وسره ضمان الصيانة والرعاية، وحماية الحمى من كل غارة وخيانة، فالدين باعتباره مانح الاعتبار، وضامن الاستقرار، وسبب الفوز بالجنة والنجاة من النار، بهذه الاعتبارات يجب أن يكون هو أكبر همنا، وغاية رغبتنا، وحرمنا الذي نؤمن حدوده، بصدق التعاطي معه أولا، وباعتباره نجاة وسلامة وموئلاً.
هذه المعاني إذا استقرت في القلب أنتجت حبًا لازمًا، فيصبح الملتزم ملازمًا، وبالشرع قائمًا، ويخرج من صورة الحركات في العبادات أداء، إلى عوالم التفاعل الروحي انطلاقًا وارتقاءً، فيدفع ويكافح، ويذود وينافح، يفعل ذلك؛ لأن الدين قد امتزج بكيانه، وأصبح أعظم همه وشأنه.
ومن أدرك هذه المعاني تمسك من الولاء للدين بحبل وثيق، ومن الثناء بصحيح النشر فتيق، فيصبح شغله الشاغل عز الإسلام وسلامة المسلمين، يقدم ذلك على حاجاته وأغراضه وأمواله وعقاراته وأرصدته، لأن كل تلك الأمور إنما هي صور ما تلبث أن يخفت بريقها، وتنتهي لذتها؛ لأنها مشوبة بالأكدار، محاطة بالأخطار، تبلى لذتها مع مرور الأيام والأعمار.
أيها الأحباب: إننا قد حُملنا أمانة أشفقت عن حملها السموات والأرض والجبال، إنها أمانة التكليف، التكليف بالقيام بالحقوق، ونبذ كل تمرد أو عقوق، ومن تخلى، أو تهاون أو تسلى، دخل تحت صفة الظلم والجهل، وكان بحقّ المعرض النذل، (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) [الأحزاب:72].
نعم، أنت أيها العبد على ضعفك وفقرك واحتياجك، تحملت ما لم تتحمله السماوات والأرض والجبال، فإن قمت بالحق ارتقت روحك فوق السموات، وصرت أثقل في موازين الاعتبار من الجبال، وإن تخليت وأقبلت على الأرض رعيًا للشهوات، وتحصيلاً للملذات، نزلت إلى أخس حضيض، وفقدت البريق والوميض، وأصبحت في حكم المقعد المريض، وهل هناك أخطر من مرض الروح، المفقد للمعنى، المذهب للسر، المسبب للانتكاس، المؤدي إلى الارتكاس؟.
الدنيا ممر، وكلنا عابروه، والمار إما أن يترك أثره وعرفه، وإما أن يمر وليس في الناس من عرفه، والأثر المحمود ما كان للدين رافعًا، وللخلق نافعًا، وعن الحق مدافعًا.
إن إسلامنا يتعرض اليوم لهجمات وغارات على كل الأصعدة والجبهات، عقدية فكرية تشويهية تزويرية، تستخدم فيها كل الوسائل، والهدف واحد: صرف المسلمين عن دينهم، وإخراجهم من جنة حيائهم، وجنة يقينهم، وتدمير فكرهم، وردم ثقافتهم، وإسقاط هيبة أئمتهم وعلمائهم، وكل هذه ألوان من القتال، بمقتضى قول الكبير المتعال: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ) [البقرة:217].
والقتال ليس فقط قتال المدفع والقصف، بل يأخذ صورا عديدة، منها التزوير والصرف، وذلكم حاصل اليوم بنوعيه، قصفا وصرفا، إثارة للشبهات، وإزكاء للعداوات، وتمزيقا للأواصل والصلات.
نحن نعلم -أيها الأحباب الأماجد- أن أعداء الإسلام يدركون أن الأمة اليوم قد تحولت إلى أنكاث، وأنها تمزقت شذر مذر كما يقال، ولكن هؤلاء الأعداء يعلمون أن المسلمين يقرؤون صباح مساء كتاب الله، يقرؤون الآيات أو تتردد على مسامعهم، ويخافون أن تكون هذه الآيات سببا في يقظة تدركهم فيعدون مرة أخرى إلى التماسك، يعودون مرة أخرى إلى وجودهم التاريخي السابق.
أعداء الأمة يدركون أن الأسرة المسلمة رغم ما اعتراها من حملات التعرية والتغريب لا تزال تحتفظ إلى حد ما بخيط وصل مع كتاب الله، على تفاوت في هذا الخيط حدة وقوة ودقة ومتانة.
لذلك؛ فإنهم لن يطمئنوا أبداً إلا بعد أن يجدوا أن الأسرة المسلمة قد نسفت من جذورها، وأن دعائم وجودها ذابت... ثم غابت.
من أجل هذا يسعون ويشتغلون ويخططون ويلهثون. كيف يتم القضاء على الأسرة في منظورهم؟ يتم القضاء عليها بالسعي اللاهث إلى القضاء على التعاليم التي تنزلت علينا من لدن مولانا وخالقنا -عز وجل-، التعاليم التي تقرؤونها في كتاب الله -عز وجل- والتي زادها المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بيانا وتجلية لمقاصدها.
لقد أدركوا أن السبيل إلى القضاء على الأسرة لا يتمثل في نسف الديار قصفا فقط؛ لأن دارا إذا نسفت ستبنى دار أخرى في مكان آخر، ولكن إذا نسفت الصلة بالكتاب؛ فمتى تستطيع تجديدها وتطويرها؟ لذلك فصلوا بين الأسرة المسلمة وبين كتاب ربها بحيل شتى، وتحت مسميات عديدة، يمكرون ويزورون ويسلكون في ذلك طريقة غاية في الدهاء، هذه الطريقة هي التي أشار إليها ربنا وبينها في كتابه: (كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ)، فريق ينتظر الفرصة السانحة، كلما وجدوا أن الفرصة أضيئت أمامهم وان الطريق تعبد ولو لبضعة أمتار أمامهم تنادوا أن هلموا فقد حانت الفرصة، هلموا لتقوضوا ما يمكن أن تقوضوه من الدعائم، حتى إذا وجدوا أن الآذان قد تفتحت لما يتهامسون حوله، وأن الأبصار قد أدركتهم... وكشفت أنشطتهم الهدامة، قاموا وتهامسوا أن قفوا! فالفرصة قد غابت! انتظروا فرصة ثانية.
هذا ما يجري اليوم أيها الكرام، ولو أصغيتم لتأملتم فعلا أن بيان الله يصف هؤلاء الجنود الأقزام، تجدون أن مكرهم وعملهم يجسد كلام الله -عز وجل- القائل: (كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة:20].
فما الحل إذاً؟ الحل تُنبئ عنه الآية التي بعدها مباشرة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:21]، هذا هو الحل، هذا هو حبل النجاة، هذا لقاح الاحتماء: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ)، والعبادة اعتصام والتجاء واحتماء وإيمان ويقين وثبات، العبادة تعلق بالله، وطرق لبابه، ووقوف عند حدوده، وخضوع لأوامره، وتعظيم لشعائره.
العبادة تخلّق بأخلاق الكُمّل من عباده من أهل الاصطفاء والاجتباء، وعلى رأسهم الرسل والأنبياء، وصفوة صفوتهم سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
جعلني الله وإياكم ممن ذكر فنفعته الذكرى، وأخلص لله عمله سرا وجهرا. آمينَ! آمين!. والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله المبدئ المعيد، ميسر الأمل البعيد، الذي من توكل عليه ولجأ إليه فقد أوى إلى الركن الشديد، ومن شكر نعمته تكفل له بالمزيد.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد ذي القدر الرفيع، والعز المنيع، والمجد المشيد، الهادي إلى صراط العزيز الحميد.
والرضا عن آله وأصحابه الذين سلكوا على نهجه الواضح وقصده السديد، وتناسقوا في سلك أتباعه تناسق الدر الفريد، وتبعهم بإحسان إلى يوم المجيد.
معاشر الصالحين: قلنا: الحل هو في العبادة، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ)، فهو -سبحانه- خالق الكل، وبالتالي فالأمر كله بيده، فهما متلازمان، الخلق والأمر، كما قال -تعالى-: (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) [الأعراف:54].
هذا الذي له الأمر -سبحانه-، اعبدوه التجئوا إليه؛ لعلكم تتقون، لعلكم تتقون شرور أنفسكم بمنعها من موارد هلكتها، وتتقون أعداءكم باعتصامكم بربكم، فالتوقي والوقاية داخلين في معنى التقوى، من اتقى وقي.
فهل نحن، يا عباد الله، نعبد الله حقا كما أراد؟ هل نتوكل عليه التوكل الذي هو من لوازم العبادة بمقتضى فاعبده وتوكل عليه؟ هل نحتكم إليه في كل كبيرة وصغيرة؟ هل نسيّر أسرنا وفق مراد الله المعبود؟ هل اقتصاداتنا ومعاملاتنا وتجارتنا تتم وفق صبغة العبودية لله الخالق المدبر؟.
هذا هو المفهوم الشامل العام للعبودية، فليست العبودية منحصرة خلف جدران مسجد، ولكنها منهاج حياة، منهاج حكم: (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا) [الرعد:37]، (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ) [النساء:105]، بما أراك الله لا بما أراك هواك، لا بما أراك فكرك ورأيك، لا بما أراك الشرق والغرب، بما أراك الله الذي خلق، والذي أحكامه كلها لطف وعناية وسعادة ورفادة، (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك:14].
أيها الأحباب: لقد دعانا رسولنا الحبيب -صلى الله عليه وسلم- إلى الاستمساك بهذا الدين، والدفاع عنه، والذود عن حياضه ورياضه، وحثنا على التمسك بسنته، باعتبارها سبيل النجاة من الفتن، وطريق السلامة من الضلال، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله، وسنتي. عضوا عليهما بالنواجذ".
وتأملوا هذه الجملة: "عضوا عليهما بالنواجذ!"، فإن من معاني هذه الجملة ما يشير إلى أن المتمسك بهذا الحبل ستشن عليه غارات تحاول قطع حبل وصله مع الكتاب والسنة؛ لذلك، جاء الأمر النبوي والتوجيه المصطفوي: "عضوا عليها بالنواجذ"، ولا يعض بالنواجذ إلا على الشيء الذي يريد أحد انتزاعه منك بالقوة، وهذا هو الحاصل اليوم، محاولات بألوان عديدة من أجل انتزاع تلكم العلاقة، وضرب تلكم الوثاقة، وقطع تلك الصلة، حتى يصبح المسلم مجرد شبح منقطع عن دينه، لا يعرف إلا الشهوة والمتاع والدنيا والملذات؛ حتى ينقطع عن السنة، فيصبح كالإدغام بلا غنة!.
أيها الأحباب: علينا أن نتحصن ونحصن، أن نتحصن نحن بالعلم، نتحصن بتجديد الصلة بالله، بطابع الانقياد والاستسلام، بطابع التصديق الكامل، الذي لا شائبة فيه ولا دخيلة.
وعلينا ان نحصن أبناءنا وشبابنا من هذه الأمواج العاتية من الشبه التي يثيرها أعداء الإسلام، والتي -مع الأسف- تستذل الكثير من شبابنا، لماذا؟ لأن لقاح الاحتماء الديني عندهم مفقود أو ضعيف جدا، إلا من رحم الله، نحرص على تلقيحهم فيما يتعلق بالجسد حرصا شديدا، أما الروح فنتركها للعابثين والماكرين دون لقاح، فيصبح الابن عرضة لكل شبهة، إما بتطرف موغل أو انحراف مخل، وخصوصا -مع الأسف- بعد أن تخلى التعليم والإعلام في بلاد الإسلام عن دورهم المتمثل في زرع القيم، وترسيخ العقيدة، والتمكين للدين، إلا من رحم الله؛ بل على العكس، غدت الكثير من منابر الإعلام في كثير من بلاد الإسلام منابر هدم وصرف للمسلمين عن غايتهم التي خلقوا من أجلها، وإغراقهم في المتع والملذات والمسابقات، والملاهي والمسلسلات، حتى لا تقوم لهم قائمة. فمن أين يأتي التحصين والحالة عن هذه الشاكلة؟.
عقيدة المسلمين اليوم تتعرض لحملات الزعزعة والتشكيك، دون أن يكون هناك برنامج واضح في مناهج المسلمين لصد العدوان ودحر البهتان.
ها هو الأخطبوط الشيعي الرافضي يمتد ويتمدد وينخر في جسد الأمة، ويسلب عقول الكثيرين بالتلبيس والتدليس، وبالمال، وبالإغراء، فمن يحصن أبناءنا من هذا المد؟ من يعرّفهم أن التشيع إنما هو مَدٌّ يراد منه ضرب الإسلام في الصميم، يراد منه تشتيت الشمل، يراد منه زرع الفتنة؟ إنه مشروع خطير إن لم ننتبه له الآن، ونتحصن ونحصن منه أبناءنا...
ولكن؛ أين العقول؟ إني أقول: إن الشيعة لهم أطماع في كل بلاد المسلمين لنشر فكرهم الذي يريد الانتقام من الإسلام تحت مسمى الإسلام، الذي يريد الثأر لحضارته الغابرة التي أطاح بها الأشاوس الأطهار، من الصحابة الأبرار، وعلى رأسهم البطل المغوار، الفاروق عمر -رضي الله عنه-، ومن ثم فإنه أعدى أعدائهم، وأبغض اسم عندهم اسم عمر، وكذلك كل الصحابة الكرام، وأمهاتنا أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
علينا أن نحصن أبناءنا من هذا المكر ومن هذه الفتنة، وذلك بترسيخ محبة الصحابة في قلوبهم، بتعريفهم بمناقب الصحابة الأطهار، بجهادهم، بصبرهم، بجلادتهم، بعبادتهم، هذا واجبنا الذي يفرضه علينا الانتماء: (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ)، أي من بعد الصحابة جيلا فجيلا، (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ)، تأملوا: (سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ)، (وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر:10].
ثم تأتي بعد هذه الآية مباشرة آية عجيبة تخبر عن التحالف الأبدي بين النفاق والكفر من أجل ضرب الدين، يقول ربنا –سبحانه وتعالى- مباشرة بعد هذه الآية: (أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) [الحشر:11]، تحالف دائم، وتنسيق مستمر، والغاية القضاء على الدين.
قلت: يجب أن نعرف أبناءنا بفضل الصحابة، وبأن الشيعة الملاعين هم أعداء الصحابة، وذلك بعد أن تخلى الإعلام والتعليم عن ذلك -للأسف!-، فلا عذر لنا أمام الله إن لم نحصن أبناءنا من هذه الشبهات والأهواء، وعلى رأسها هذه الفتنة الشيعية الحاقدة الماكرة، لا عذر لنا إن لم ندافع عن صحابة نبينا -صلى الله عليه وسلم- الذي أوصانا بحبهم ونصرتهم، قال -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهَ فِي أَصْحَابِي! اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي! لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ، فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ، وَمَنْ آذَى اللَّهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ" رواه الإمام أحمد.
لا تتخذوهم غرضاً بعدي، أي: لا ترموهم، لا تسبوهم، لا تؤذوهم، وهؤلاء الشيعة يؤذون الله صباح مساء! قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) [الأحزاب:57]، ثم يقول بعد هذه الآيات: (لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ) [الأحزاب:60]، والإشارة هنا جلية أن النفاق ملازم لمبغضي أزواج سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الطاهرين.
بينوا لأبنائكم فضائل الصحابة، بينوا لأبنائكم أن للصحابة علينا فضائل، وأن لهم علينا يدا سيكافئهم الله عليها يوم القيامة.
هم الذين فتحوا البلدان، ونشروا التوحيد، ورووا الأحاديث، وعلموا السنن، ونقلوا الأخبار؛ فرضي الله عنهم أجمعين.
ياذاكر الاصحابِ كن متأدباً | واعرف عظيم منازلَ الأصحابِ |
هم صفوة رفعوا بصحبةِ أحمدٍ | وبذاك قد خصوا من الوهّابِ |
هم ناصروا المختار في تبليغهِ | فجزاهمُ الرحمان خير ثوابِ |
ما بال أهل الغيِّ طال لسانهم | وتجرؤوا ورموهمُ بسبابِ |
سبوا خيار الخلق من لهم العلا | ولهم مقامٌ في ذرى الاحسابِ |
من قبل صرح أعوج عن حقدهِ | في سب شيخ متقٍّ اوابِ |
ياثاني الإثنين في الغار الذي | شهدت له الايات خير كتابِ |
واليومَ قد صدع الخبيث بجرأة | ووقاحة من سافلٍ كذابِ |
آذى النبي محمداً في عرضهِ | سيعمُه ذلٌ وشر عقابِ |
آذى النقية بنت خل المصطفى | فلْيخسأنّ فسعيه كسرابِ |
هاتيك أم المؤمنين وفضلها | يُروى لنا في سورة الاحزابِ |
يا أم إني قد كتبت مدافعاً | والدمع مني كالندى منسابِ |
من ذاك يجرؤ أن ينال لسانهُ | من زوج خير العجم والأعرابِ |
يا من زعمتم حب آل نبيكم | أخذت جماجمكم من الألبابِ |
تمشون في درب الضلال معتَّمٍ | قد أخفيت عثراته بضبابِ |
يا ذاكر الأصحاب كن متأدباً | واعرف عظيم منازل الأصحابِ |
هم صفوة رفعوا بصحبةِ أحمدٍ | وبذاك قد خصُّوا من الوهابِ |
اللهم أصلح أحوالنا...