الصمد
كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...
العربية
المؤلف | خالد بن علي أبا الخيل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - المنجيات |
إن ما يحصل مما يرى ويسمع من تداعي الأعداء على المسلمين الضعفاء كتداعي الأكلة على قصعتها إن ذلك كله ومثله من فساد واغتصاب، وإهدار للممتلكات، وقتل وتشريد واستباحة للدماء وانتهاك للأعراض؛ ليجعل المرء ..
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي جعل النصر والعز لهذا الدين، أحمده -سبحانه- أن جعل العاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله القائل (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم:47]، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المنصور من ربه وناصر دينه على سائر أديان الكافرين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين أجمعين.
إخوة الإسلام: اتقوا الملك العلام تفوزوا بدار السلام..
إن ما أصاب اليوم الكثير من المسلمين في بلاد شتى من بلاد المسلمين من وهن وضعف وذل وقصف، وحروب طاحنة، ودماء سائلة وقذائف مروعة وقنابل مفزعة.
إن ما يحصل مما يرى ويسمع من تداعي الأعداء على المسلمين الضعفاء كتداعي الأكلة على قصعتها إن ذلك كله ومثله من فساد واغتصاب، وإهدار للممتلكات، وقتل وتشريد واستباحة للدماء وانتهاك للأعراض؛ ليجعل المرء يحزن ويتكدر ويربط جأشه ويتصبر، وكذا ما يقع في واقع الناس من مآسي مؤلمة وبلايا موجعة وتفرق واختلاف وتشتت وإرجاف.
فلا بد أمام ذلك كله من إيمان صادق وتوحيد خالص وثقة وتوكل وتفويض لله وتفاؤل وحسن ظن بالله -سبحانه- وعدم اليأس والقنوط والفتور والحبوط.
إن اليأس يجلب الهم والغم، ويورث الكسل والدعة، ويقتل النفوس ويحبط العزائم ويحطم الهمم.
اليأس يقطع أحيانًا بصاحبه | لا تيأسن فإن الصانع الله |
إذاً لا بد من التفاؤل؛ وهو انشراح القلب وطمأنينة النفس وراحة البال وشحذ الهمم، فهو يقود إلى النجاح والرقي والفلاح، ويغذي القلب والإيمان، والصفا والطهر والنقاء والسعادة والهناء وطيب العيش، وتلقي المصائب والحوادث والحروب والكوارث والأسقام وما هو حادث بالرضا والتسليم والصبر للحكيم.
وحسن الظن بالرب الرحيم؛ ففي البخاري عن الرسول الكريم يقول -صلى الله عليه وسلم-: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه"، وقال: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء"، بذلك تنعم بالراحة النفسية والسعادة القلبية.
إن مبدأ التفاؤل وحسن الظن يؤصله ويؤسسه نبي الرحمة والملحمة فيقول: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، ويعجبني الفأل"، قالوا وما الفأل؟ قال: "الكلمة الطيبة يسمعها أحدكم".
الفأل -عباد الله- كلمة جميلة ولفظة لطيفة تفتح الآمال، وتسر الأحوال، وتشيع الروحانية، وتوسع الحياة الدنيوية، وتبعث العزيمة، وتمنح الحياة الطيبة، وهل كانت حياة رسول الله إلا تفاؤلاً في غزواته وأحواله ومع أصحابه "لتنصرن"، "لعل الحياة تطول بك"، و"الله إني لأحبك"..
التفاؤل نظرة استبشار تجعل الفرد يتوقع الأفضل، وينشد الأكمل.. يدنو إلى النجاح ويبعث الصلاح.
ومن صور التفاؤل والبشائر لما جاءه الصحابة يشكون إليه حالهم: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا، فيقول لهم -مهدئًا ومتفائلاً-: "والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب ما بين صنعاء وحضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم قوم تستعجلون" (رواه البخاري).
التفاؤل ثقة بالله، وتوكل عليه، ورضا بقضائه وقدره، وتسليمًا لقدره وأمره.. يأتي النصر -عباد الله- حينما يحتلك الليل بالظلام ويغطي السحاب الشمس عن الأنام (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء) [يوسف:110].
لا تيأسنَّ وإنْ طالتْ مطالبةٌ | إذا استعنت بصبرٍ أنْ ترى فرجا |
إنَّ الأمور إذا انسدتْ مسالكها | فالصبر يفتح منها كلَّ ما ارتجا |
الاستبشار بنصر الله لدينه، وأن النصر من عنده (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) [البقرة:214].
وانظر إلى موقف الأبطال، وأولئك الرجال لما قال لهم أعدائهم: (وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا) [الأحزاب:13]. فهنا لجم النفاق وتكلم المتشائمون؛ فردَّ المتفائلون الصادقون: (هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) [الأحزاب:22].
القرآن يدعو إلى التفاؤل بجميع الأحوال والمحافل (وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ) [البقرة: 25] (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) [البقرة : 214] (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ) [يونس:103] (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) [فاطر:24].
ورسول الله يبعث له ويغرز في مبدأ دعوتهم "بشِّرا ولا تنفِّرا يسِّرا ولا تعسِّرا"، ويخبر عن ربه سبحانه أنه يقول: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء".
فيا بشرى للمتفائلين برحمة أرحم الراحمين ونصر رب العالمين! (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) [آلعمران:171].
إن التفاؤل بنصر الله يطمئن القلب ويسلي النفس ويريح البال ويشرح الحياة وينفث الآمال والمستقبل (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [الصف:13].
وهل كانت حياة الأنبياء والرسل والدعاة المصلحون والعلماء العاملون والآمرون والمجاهدون إلا حقولاً من التفاؤل والاستبشار وعظيم الأجر في دار القرار.
فالصبح قادم والليل يغشي النهار.
يُراعُ الفتَى للخطبِ تبدو صُدورُه | فيأسَى وفي عُقباهُ يأتي سُرورُهُ |
ألم ترَ أن الليلَ لما تراكمتْ | دُجاهُ بدا وجهُ الصَّباحِ ونُورُهُ |
فلا تصحبَنَّ اليأسَ إن كنتَ عالِمًا | لبيبًا فإنَّ الدهرَ شتَّى أمورُهُ |
التفاؤل -عبد الله- يفتح أبواب الأمل وحسن الرجاء وصلاح العمل؛ ذلكم أن الدين دين الله، ولن تقوم الساعة حتى ينتشر هذا الدين في الأرض ويصل إلى أنحاء المعمورة وأرجاء هذه البسيطة والديار المغمورة، كما عند أحمد في مسنده عن تميم الداري قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الدِّينُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ عَزَّ -وَجَلَّ- بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزٌّ يُعِزُّ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِهِ الإِسْلامَ، أَوْ ذُلٌّ يُذِلُّ بِهِ الْكُفْرَ" فَكَانَ تَمِيمٌ , يَقُولُ : "لَقَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرَ وَالشَّرَفَ وَالْعِزَّ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ كَافِرًا الذُّلَّ وَالصَّغَارَ وَالْجِزْيَةَ".
وقد دخل -بحمد الله- في زماننا هذا الدين في كل صدع من الأصداع وذلك عبر التواصلات والتقنيات وأنواع المواقع والمنتديات والشبكات؛ فكم سمع بالإسلام من هو بعيد الدار؟! وكم أسلم من الصغار والكبار؟! وكم اعتنق الدين من رأى جمال الدين؟! فدخله بعلم ويقين، وكم تعرف آخرون على الإسلام ومحاسنه العظام ممن هو في أقصى الظلام!
ومن البصائر وحسن البشائر أن النصر من عنده -سبحانه-، فليس موكلاً لأحد ولا بعدد واعتاد وعدد، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.
ومن ذلكم بقدر ما يحصل التمسك بالدين وشعائر الدين المتين يحصل النصر والتمكين والرفعة والعزة في الدين يقول رسول رب العالمين "بَشِّرْ هذهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ والدِّينِ والرِّفْعَةِ والنَّصْرِ والتَّمْكِينِ فِي الأَرضِ، فمَن عملَ منهُم عَمَلَ الآخرةِ للدُّنيا لم يَكُن لَهُ فِي الآخرةِ مِن نَصيبٍ".
وربنا يقول في كتابه المبين: (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)[محمد:7]، فالبشائر بالفتوحات والانتصارات في زمن اشتدت بها المحن والنكبات، هذا هو واجب المسلم والمسلمة، تفاؤل وحسن ظن، وثقة وعزم ورجاء وحزم، فنسأل الله -سبحانه- نصره المتين لإخواننا اليمينين ودحرا وذلا للرافضة الحاقدين والحوثيين المعتدين وحفظا ونصرا لإخواننا وجنودنا المؤمنين.
قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه كان للأوابين غفورا..
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي أتم الدين وجعله صالحا لأمور الدنيا والدين، وأشهد أن لا إله إلا الله المنتصر لعباده المؤمنين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله جعل له التمكين بعد الابتلاء المبين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
عباد الله: تأملوا هذه العبارة "لو حُورب دين على وجه الأرض بمثل ما حُورب به الإسلام لما بقي لهذا الدين على وجه الأرض سبيل"، فلا يملك أحد هذا الدين، بل هو حماية وصيانة لمن تمسك به من المؤمنين ودين غلظة وشدة على الكافرين.
والعدو مهما بلغ من الإطفاء والإحراق والتشريد والإزهاق والمحاربة وتضييق الخناق إلا أن الله مظهره على سائر الأديان (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف:8].
ومن البشائر أمة الخير والبشائر أن الله كتب النصر والعز لهذا الدين ولمن تمسك به ودان به لله رب العالمين (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة:21]. والغلبة والعزة لأوليائه ولمن نصر أوليائه (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون:8].
ومن البشائر والتفاؤل -أمة الرحمة والتكافل- أن الله حفظ دينه، فمهما تكالبت الأعداء ومهما كشر المنافقون العداء، ومهما حاول العلمانيون والليبراليون التشويه والازدراء وحرفوا النصوص وسنة خير الأنبياء فدين الله محفوظ (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر:9].
ومن البشائر -أيها المؤمن بالله واليوم الآخر- أن الله مظهر دينه ومعليه؛ فالحق يعلو ولا يعلى عليه، فالله -سبحانه- (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) [الصف:9] بالظهور والشمول والبروز والرفعة والفتوح، فقد تواتر الخبر "ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالف أمرهم حتى يأتي أمر الله".
فليس الخوف على الإسلام إنما الخوف على أهل الإسلام، وهل أنت من أنصاره على الدوام فالنصر للإسلام بحول الواحد القدوس السلام (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِين) [آل عمران:142].
حتى إذا استيأس الناس وظهر أعلام النفاق وبرز الباطل وفاق جاء النصر المباشر (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا) [يوسف:110].
إِذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى الْيَأْسِ الْقُلُوبُ | وَضَاقَ لِمَا بِهِ الصَّدْرُ الرَّحِيبُ |
وَأَوْطَنَتِ الْمَكَارِهُ وَاطْمَأَنَّتْ | وَأَرْسَتْ فِي أَمَاكِنِهَا الْخُطُوبُ |
وَلَمْ تَرَ لانْكِشَافِ الضُّرِّ وَجْهًا | وَلا أَغْنَى بِحِيلَتِهِ الأَرِيبُ |
أَتَاكَ عَلَى قُنُوطٍ مِنْكَ غَوْثٌ | يَجِيءُ بِهِ الْقَرِيبُ الْمُسْتَجِيبُ |
وَكُلُّ الْحَادِثَاتِ إِذَا تَنَاهَتْ | فَمَوْصُولٌ بِهَا الْفَرَجُ الْقَرِيبُ |
ومما يفتح باب التفاؤل الظن برب الآخرين والأوائل أنه كتب النصر لدينه وعباده وأمدهم بجند من عنده (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) [الصافات:171-173]، (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ) [يونس:103].
ومن البشائر وجميل التحف النوادر: أن المستقبل للإسلام مهما اشتد اليأس والظلام، يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ زَوَى لِيَ الأَرْضَ حَتَّى رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا".
ومن التفاؤل والبشائر أن مع كل عسر يسر وناصر (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح:5-6]. و"لن يغلب عسر يسرين".
فلا حزن يدوم ولا سرور ولا بؤس يدوم ولا شقاء
فالمؤمن يرى المنح في طيّـات المحن
ويرى تباشير الفجر من خلال حُلكة الليل!
ويرى في الصفحة السوداء فيها نُقطة بيضاء
وفي سُمّ الحية ترياق!
وفي لدغة العقرب طرداً للسموم!
ولرُبَّ نازلةٍ يضيق بها الفتى | ذرعاً وعند الله منها المخرجُ |
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها | فُرجت وكان يظنها لا تُفرجُ |
ومهما امتدت الفتن وحصل الضيم ووقع البلاء فالعلو للإسلام والمسلمين (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آلعمران:139].
يقول ابن القيم :
الحق منصور وممتحنٌ | فلا تعجب فهذي سنة الرحمن |
وبذاك يظهر حزبه من حربه | ولأجل ذلك الناس طائفتان |
ولأجل ذاك الحرب بين الرسل والـ | كفار من قام الورى سجلان |
فالباطل مهما انتفخ وانتفش إلا أنه إلى زوال وانحطاط وذل وزهوق وإحباط (قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ) [سبأ:49]، (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) [الأنفال:8]، (وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) [الإسراء:81]، (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) [الأنبياء:18].
وإذا تكاثرت الخصوم وصيحوا | فاثبت؛ فصيحتهم كمثل دخان |
يرقى إلى الأوج الرفيع وبعده | يهوي إلى قعر الحضيض الداني |
ومن البشائر الاجتماع والتآلف والتراحم والتراؤف والبعد عن النزاع والشقاق والتفرق والاختلاف؛ فالاجتماع عز ونصر وفتح وبر (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) [آل عمران:103].
هذا وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينصر دينه وأن يعلي كلمته، وأن يجعلني وإياكم من أنصار دينه وشرعه.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعدائك أعداء الدين يا رب العالمين.
اللهم عليك بالرافضة المعتدين والنصارى الغاصبين واليهود الحاقدين والحوثية المعتدين.. اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك..