البحث

عبارات مقترحة:

الشافي

كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...

الحكيم

اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

الإسلام دين الوسطية (6) شبه حول وسطية الإسلام (5)

العربية

المؤلف محمد ويلالي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. خطر اليوم العالمي للمرأة على المرأة .
  2. تقديس بعض جمعيات حقوق الإنسان للإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
  3. مطالبة بعض الحقوقيين بتغيير الشريعة الإسلامية حتى تتوافق مع الميثاق الدولي المتعلق بحقوق الإنسان .
  4. بعض مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المخالفة للشريعة الإسلامية .
  5. قيام بعض الفتيات بانتهاك مقدسات الشريعة الإسلامية .
  6. خطر الطعن في الشريعة الإسلامية .
  7. استغلال اليوم العالمي للمرأة للرجوع بالمرأة إلى ممارسة دورها الحقيقي .

اقتباس

تتزامن سلسلتنا حول الشبهات المرصودة ضد وسطية الإسلام مع قرب ما يعرف ب"اليوم العالمي للمرأة" الذي يحتفل به العالم يوم الثامن من شهر مارس من كل سنة.ولقد انحرف هذا اليوم عن المسار الحقيقي الذي يجب أن يتحرك في إطاره، وهو الحديث عن قيمة المرأة، ودورها في الارتقاء بالمجتمع حضاريا، حتى...

الخطبة الأولى:

تتزامن سلسلتنا حول الشبهات المرصودة ضد وسطية الإسلام مع قرب ما يعرف ب"اليوم العالمي للمرأة" الذي يحتفل به العالم يوم الثامن من شهر مارس من كل سنة.

ولقد انحرف هذا اليوم عن المسار الحقيقي الذي يجب أن يتحرك في إطاره، وهو الحديث عن قيمة المرأة، ودورها في الارتقاء بالمجتمع حضاريا، حتى ينعم أفراده بالدور الحقيقي للأم، والزوجة، والبنت، والأخت، كل واحدة من موقعها المؤثر، منطلِقاتٍ من الثوابت الأخلاقية، التي يأمر بها التشريع السماوي المسدد، وتتفق عليها أيضا العقول السليمة، والفطر الصحيحة.

لقد صار هذا اليوم وسيلة إعلامية كبيرة، تخندقت فيها كثير من النساء اللواتي يرين في الشريعة الإسلامية وسيلة لظلم المرأة، وسلب حقوقها، لا شرعا ربانيا أنصف هذه المرأة، وحجزها عن انتهاكات الرجال لها، التي كانت ترتقي إلى حد الوأد، فضلا عن المنع من الإرث مطلقا، وجعلها متاعا يورث، وإمكانية تعدد الزوجات بلا حصر ولا قيد، وإيقاع الطلاق بسبب وبلا سبب، وغير ذلك مما كان يعتبر هضما حقيقيا لمكانة المرأة، التي صارت في ظل الإسلام عالمة، وفقيهة، ومشاركة في الشؤون الاجتماعية، والتربوية، بل والسياسية.

لقد طلعت علينا في الآونة الأخيرة جمعيات، وهيئات، تسمي نفسها بالحقوقية، تَبينَ أن أزيد من 70 منها في بلدنا وحده مدعمةٌ بتمويلات أجنبية، تتزعمها هيئات، ووكالات حكومية، ومنظمات غير حكومية، تتوج دعمها بالجوائز المغرية، والأوسمة الدولية البراقة، لم يكن غرضُها النهوضَ بوضعية المرأة -كما يزعمون-، فما ثبت أن الغرب يعطي بلا مقابل، وما ثبت أن للغرب غيرة على تخلف المجتمعات العربية والإسلامية، بل يود لو بقيت سادرة في تخلفها، متخبطة في مشاكلها، غارقة في اختلافاتها، إنما قصده من هذا الدعم اختراق هذه المجتمعات المتدينة، وغزو عقول مثقفيها بما يطوعهم لخدمة مصالحه، التي منها تحقيق التبعية الكاملة له، كما قرر القرآن ذلك في قوله تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) [البقرة: 109].

لقد قدس هؤلاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أكثر من تقديسهم للقرآن كلام الله، وجعلوا أعظم أهدافهم صيانة كرامة الإنسان وفقا للمفهوم الكوني، لا وفقا للشرع الرباني.

ورفعوا عقيرتهم مطالبين بضرورة ملاءمة قوانيننا وتشريعاتنا مع الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية كما تراها الأمم المتحدة، ومهددين بجعل عدد من المحامين تحت تصرف هؤلاء الشباب المتمردين على ثوابت البلاد الشرعية والوطنية، التي يعتبرون قوانينها وبخاصة ما يتعلق بقانون الأسرة جائرة.

فما هي إذن بعض مواد ما ينص عليه هذا المفهوم الكوني للحقوق؟

الفرد كما في من المادة 29 للميثاق العالمي لحقوق الإنسان: "يخضع في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط.. ولا يصح بحال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها"أي إن الفرد بريء من كل شريعة إلا شريعة القانون الدولي.

وبناء عليه، قررت المادة الثامنة عشرة حرية الفرد في "التفكير، والضمير، والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته".

فللشخص الحق أن يتدين بأي دين شاء، وأن يتراجع عن هذا الدين في أية لحظة شاء.

وتحقيقا لهذا البند، قامت فئة من الفتيات -هداهن الله إلى الطريق المستقيم- بالإعلان عن انتهاك مقدسات الشريعة الإسلامية، ومنها: صيام رمضان الذي يعتبره المسلمون الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة، فقد خرجن إلى الشارع العمومي، وأخذن في الأكل والشرب في نهار رمضان أمام الكاميرات، ليعلن ذلك في وسائل الإعلام المكتوبة، والمسموعة، والمرئية، معلقين على هذه الأحداث بضرورة إعطاء الحق للشباب أن يمارسوا شعائرهم الدينية كما يريدون، أفرادا وجماعات وتنظيمات.

ويتساءلون: لماذا تميز قوانيننا في الإرث بين الرجل والمرأة؟ أليست القوانين الدولية تنص على أن المرأة كالرجل في الحقوق والواجبات؟

ثم يطالبون بكشط آيات سورة النساء التي تنظم الإرث في الإسلام، باعتبارها تجاوزَها التاريخ.

ويتساءلون: لماذا تحرم شريعتنا شرب الخمر، والقمار، والزنى، والشذوذ؟

ويعتبرون كل ذلك من باب الحريات الشخصية، التي لا يحق لأحد أن يناقشها، فضلا عن أن يمنعها.

فأي انسلاخ هذا عن شريعة الله؟ وأي تمرد هذا على أوامر الله؟ وأي تنكب هذا عن هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الذي قال: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما؛ كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقاحتى يردا على الحوض" [رواه مالك في الموطأ بسند حسن].

وبما أن حرية الضمير عندهم تُسيغ أن يكون المرء بلا ضمير، فقد خرجت مجموعة أخرى من الفتيات بصحبة بعض المتهورين من الذكور، يتبادلون القبل أمام الجميع، بل وقبالة البرلمان، تمردا على دين المغاربة، وحياء المغاربة، وتحفظ المغاربة، الذين يشهد لهم الجميع بأنهم من أعظم المسلمين تمسكا بدينهم منذ احتضانهم للدعوة الإسلامية.

وبما أن حرية التفكير عندهم تقتضي تجويز الطعن في المقدسات، وتسويغ السب والشتم، والتلفظ بالكلمات النابية، والعبارات الساقطة، واقتحام حرمات النساء، وفضح أسرارهن، فقد أباحوا لأنفسهم أن ينشئوا المسرحيات الساقطة، والتمثيليات الفاضحة، التي تعين الفتاة المسلمة على مجابهة الدين، ومواجهة المجتمع، ومصادمة الأسرة، بانحرافات في السلوك خطيرة، وتعبيرات بذيئة، وتصرفات مشينة، وكأن صيانة الأخلاق جريمة، وحماية العفاف جناية، والحديث عن ستر المرأة وحجابها جريرة.

واستنفروا لذلك أقلامهم، فلم يكتفوا بالشعارات على المواقع الاجتماعية، حتى ترجموها كتبا، ممعنة في الطعن في مصادر التشريع الإسلامي، ومنها السنة النبوية المطهرة، التي بها بُيِّن القرآن، ووضَحت مراميه ومقاصده، فانهالوا على الصحابي الجليل أبي هريرة -رضي الله عنه- بصفات الكذب والتزوير والنفاق، وراغوا على الإمام البخاري تشويها وتنقيصا، وإنما كان هدفهم ضرب النصوص التي تدافع حقيقة عن المرأة، وتحيطها بسياج منيع، يحجزها عن الميوعة والانحطاط، ويمنعها من أن تكون دمية تتلاعب بها الخيوط الخفية للغرب وأتباعه.

يا درةً حفظت بالأمسِ غاليةً

واليوم يبغونها للَّه واللعبِ

يا حرةً قد أرادوا جعلها أمةً

غريبةَ العقلِ لكنَّ اسمها عربي

الخطبة الثانية:

لما أصدرت إحدى وزاراتنا سنة 2009 بلاغا، تعلن فيه: "حرص السلطات العمومية الكامل على التصدي بكل حزم لكل الممارسات المنافية لقيم المجتمع المغربي، ولكل المنشورات والكتب والإصدارات التي ترمي إلى المس بقيمه الدينية والأخلاقية في إطار القانون، وعزمها مواصلة العمل للتصدي لأي مبادرة من أي جهة كانت لدعم مثل هذه السلوكيات المشينة ومساندتها، صيانة للأمن الأخلاقي للمواطن، وتحصينا للمجتمع من كل تصرف غير مسؤول، مسيء لهويته ومقوماته الحضارية".

إذا ببعض هذه الجمعيات تثور ثائرتها، وتعتبر ذلك منافيا للمواثيق الدولية، وانتهاكا سافرا للحرية الفردية، والحياة الشخصية للأفراد.

ولنا أن نتساءل بعد هذا، كيف كانت نتائج هذه القوانين؟ وما آثارها على المجتمعات التي تتبناها؟

تقول نتشوكا"المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة" متحدثة عن احتفال العالم غدا باليوم العالمي للمرأة: إن "التقدم الحاصل يظل بطيئا وغير متساو، وفي بعض الحالات، النساءُ والفتيات تواجهن تحديات جديدة أكثر تعقيدا".

فهل آن الأوان لنتخذ من يوم ثامن مارس سبيلا للرجوع بالمرأة إلى أدوارها الحقيقية؛ فنتصالح مع العفة، ونصافح الحشمة، ونسمو بالآداب الرفيعة، ونربأ بأنفسنا عن السلوكيات الوضيعة، والدعوات الشنيعة؟

إن الحياء من الإيمان فاتخذي

منه حليَّك يا أختاه واحتجبي

نريد منها احتشاماً، عفةًأدباً

وهم يريدون منها قلةَ الأدبِ