التواب
التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...
العربية
المؤلف | عبد العزيز بن عبد الله السويدان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التاريخ وتقويم البلدان |
قد يحتج أحدهم، فيقول: ما علاقة منع القطر بالمعاصي، ها هم الكفار يعصون الله ليل نهار والمطر لا ينقطع عنهم؟! فالجواب على هذا وأمثاله: أن الله يستدرج العباد، بل يستدرج أكبر عتاة أهل الكفر بالذات. وقد تقدم الكلام عن تنعم الظالمين بالمطر والزروع في الآيات الماضية؛ قال تعالى في الاستدراج: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ) [المؤمنون: 55-56]....
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
لا شك أن الأحداث التي مرت بها الأمة خلال الأسبوع الماضي؛ سطرت في التاريخ منعطفات مؤثرة، وفي قلب كل واحد منا من المشاعر الشيء الكثير.
فأسأل الله –تعالى- أن يرفع عن المسلمين كل سوء، وأن يحفظ علينا وعليهم الدين والنفس والعرض والأمن، وأن تؤول عاقبة الأمور إلى خير وصلاح.
عباد الله: نعم الله لا تعد ولا تحصى، والواجب أن نقيم على حمده وشكره في كل حين.
فالحمد لله باسط اليدين بالعطايا، كثير البركات والهدايا، يرسل الرياح مبشرات بالخير والرزق والأمطار: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) [الشورى: 28].
نحمده على نعمه ونشكره على جوده وفضله، يجيب من دعاه، ويسقي من استسقاه، سبحانه ما أحلمه على عباده، وما أكرمه، شرهم إليه صاعد، وخيرهم إليهم نازل.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رحيم غفور حليم شكور.
إخواني الكرام: هذا الماء الذي خلق الله منه الحياة، فهو أصلها وأساسها: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) [الأنبياء: 30].
هو فرحة للناس بعد جدبهم: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) [الروم: 48] فرحة!.
وهو سبب رزقهم، وهو سبب إحياء الأرض: (وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ الْسَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) [النحل: 65].
وهو سقيا للناس: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ) [النحل: 10].
والله يرزق عباده من خيرات الأرض والسماء، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.
ولذلك قال هود -عليه السلام- لقومه: (أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ) [الشعراء: 146- 148].
وقال الله –تعالى- في قوم فرعون: (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ) [الدخان: 25-27].
فالزروع والجنات التي أنعم بها على أولئك الطاغين لم تكن لتزدهر إلا بماء الأرض وماء السماء، فخيرات الدنيا ليست محجوبة عن الكفار كخيرات الآخرة، بل تعم جميع الخلق، لكن للمؤمن مع خيرات الدنيا علاقة خاصة، وأدبا شرعيا يربطه بخالقه: (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)[الزمر: 62].
فنحن نستسقي ربنا لقلة الأمطار، لا سيما في المناطق الصحراوية العالية عن الجبال والبحار.
فالأمطار ثلاثة أنواع:
تصاعدية: وهي التي تحصل بسبب تمدد الهواء الرطب القريب من سطح الأرض الحارة، بفعل ارتفاع درجات حرارة الجو.
وتضاريسية: وهي التي تحدث بسبب التقاء الرياح الرطبة القادمة من البحر، بمناطق مرتفعة؛ كالجبال الساحلية، وما شابهها.
وإعصارية: وهي التي تكون بسبب التقاء رياح مختلفة في درجة حرارتها ورطوبتها، وعادة ما تكون هذه الأمطار مصحوبة بعواصف الرعد والبرق.
أيها الإخوة: لا شك أن من أسباب جفاف السماء، وجدب الأرض: الذنوب والمعاصي.
قال مجاهد -رحمه الله-: "إن البهائم لتعلن العصاة من بني آدم إذا اشتدت السنة، وأمسك المطر، تقول: هذا بشؤم معصية بني آدم".
ولكن قد يحتج أحدهم، فيقول: ما علاقة منع القطر بالمعاصي، ها هم الكفار يعصون الله ليل نهار والمطر لا ينقطع عنهم؟!
فالجواب على هذا وأمثاله: أن الله يستدرج العباد، بل يستدرج أكبر عتاة أهل الكفر بالذات.
وقد تقدم الكلام عن تنعم الظالمين بالمطر والزروع في الآيات الماضية؛ قال تعالى في الاستدراج: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ) [المؤمنون: 55-56].
وقال جل وعلا: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) [آل عمران: 178].
وفي الحديث عقبة بن عامر في الصحيح: أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج، ثم تلا قوله تعالى: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) [الأنعام: 44].
وقال سبحانه وتعالى: (سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)[القلم: 44-45].
فكيد الله متين، يملي للكفار ويستدرجهم؛ بملذات الدنيا، من حيث لا يعلمون، وليس هذا محبة فيهم، ولا هو مخالف لسنة حبس المطر بسبب المعصية، بل استدراج الكافر والفاجر بإغداق نعم الدنيا عليه، من سنن الله الكونية.
ولذلك نبه الله -تعالى- إلى هذا حتى لا يغتر المؤمن بما يرى من تنعم الكافرين على الرغم من كفرهم؛ فقال جل من قائل: (لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) [آل عمران: 196-197].
هؤلاء المشركين لا يربطون بين المعصية والجدب والقحط، وغيرها من العقوبات الدنيوية، لكننا نحن مسلمون نعلمها ونؤمن بها، وهنا يكون العتب، ويكون التأديب.
إن الله لا يبدل أمن الأمم قلقا، ولا رخاءها شدة، ولا عافيتها سقما؛ لأنه راغب أن يذيق الناس المتاعب والألم!.
كلا.
إنه برٌ بعباده، يغدق عليهم فضله وستره، ويصبحهم ويمسيهم برزقه، ويحيطهم بحفظه وكلاؤه: (قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ)[الأنبياء: 42].
ولكن الناس يؤخذون ولا يشكرون، ويتمتعون بالنعمة ولا يقدرون وليها ومسديها -سبحانه وتعالى-.
وعندما يبلغ هذا الجحود مداه، وينعقد الإصرار عليه، فلا سبيل لندم ولا توبة، عندئذ تدق قوارع الغضب أبواب الأمم، وتسود الوجوه بمصائب الدنيا قبل نكال الآخرة.
وما المصائب التي أحاطت بالأمة إلا سياط تقرع القلوب؛ لعلها تسوقها إلى العودة لباريها، والبراءة من الذنوب، ومخافيها، والتنادي بالرجوع إلى الله، بامتثال أمره، واجتناب نهيه، وتطبيق شريعته، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحرب الربا، ونبد الظلم، وإيقاف وسائل الرذيلة، ودعاتها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لتسلم سفينة المجتمع من الهلاك.
نعود، ونقول: إن الماء -يا إخوة- إذا حملته السماء فإنه في غالب أمره يكون رحمة وسقيا وفرحة، ولكنه في آن آخر قد يكون بلاءا وامتحاناً، أو يكون عذابا للظالمين، وكله وفق أقدار الله -جل وعلا-.
ولذا فإن على العبد إذا اجتمع مع تراكم الغيم اشتداد الريح: أن يتذكر عقاب الله -تعالى-، فيسأله الرحمة.
قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان يوم الريح والغيم، عرف ذلك في وجهه، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُر به، وذهب عنه ذلك، فسألته رضي الله عنها، فقال: "إني خشيت أن يكون عذابا سلط على أمتي، وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب: (قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا)[الأحقاف: 24] [أخرجه مسلم].
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى ناشئا في أفق السماء -أي سحابا لم يتكامل اجتماعه- ترك العمل وإن كان في صلاة، يقول: "اللهم إني أعوذ بك من شرها، فإن مطرت قال: اللهم صيبا هنيئا"[أخرجه أحمد وأبو داود].
وينبغي على المسلم: أن يكون على علم بالأذكار والآداب عند نزول المطر؛ فمن السنن: التعرض للمطر، أي جعله يمس الجسد؛ ففي صحيح البخاري قال أنس: "أصابنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مطر، قال: فحسر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثوبه حتى أصابه من المطر ، فقلنا: يا رسول الله لما صنعت هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه -تعالى-".
ومن الأذكار الواردة عند نزوله أن يقول: "اللهم صيبا نافعا"؛ كما جاء ذلك في البخاري.
ومعنى: "صيبا" أي مطراً هنيئا، نافعا غير ضار.
وكان عليه الصلاة والسلام يقول إذا رأى المطر: "رحمة"[أخرجه مسلم].
وكان عليه الصلاة والسلام يقول: "مطرنا برحمة الله، وبرزق الله، وبفضل الله"[أخرجه البخاري].
ونزول المطر وقت إجابة للدعاء؛ لأنه وقت رحمة؛ ففي صحيح الجامع قال صلى الله عليه وسلم: "اثنان لا تردان: الدعاء عند النداء –أي عند الأذان – وتحت المطر".
فلنستثمر هذه الأوقات بكثرة الدعاء.
معاشر الإخوة: المطر في المدن كثيرا ما يؤذي، وقد يقطع السبل في البادية، ويتلف الأموال، ولذلك جاء الأعرابي بعد أسبوع من سؤاله النبي -صلى الله عليه وسلم- الدعاء بنزول المطر: "ادع الله أن يحبسه".
ولذلك إذا كثر المطر، وخشي التضرر به، دعي بدعاء الاستصحاء، هكذا سماه العلماء، يعني إيقاف المطر، وانكشاف السحاب، وإقلاعه.
ودعاؤه الوارد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " اللهم حوالينا ولا علينا".
ويقول عليه الصلاة والسلام أيضا: "اللهم على الآكامِ –أي الهضاب- والظرابِ –أي الجبال- وبُطون الأودية ، ومنابت الشجر".
ويلاحظ أنه صلى الله عليه وسلم لم يدع برفع المطر مطلقا، وإنما دعا بتحويله إلى غير أماكن الناس؛ لأنه إذا نزلت عليهم فكثرت تؤذيهم، فدعا أن يتحول المطر إلى أماكن النبات، ومستودعات المياه الجوفية، وهذا من تمام الإحسان.
ولا يجوز سب المطر، فهو من خلق الله –تعالى-.
أما الجمع بين الصلوات فإنه إذا صار المطر يبل الأرض والثياب؛ جاز الجمع في المساجد، فيجمعون بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم.
وكذلك إذا صار الوحل محيطا بالمسجد، ولا يستطيع المصلي إتيان المسجد إلا بالخوض في الوحل، فالجمع أنذاك ولو توقف المطر لوجود المشقة، وكل أهل حي وجماعة مسجد يفترقون في الحكم، أو يجتمعون بحسب حال مسجدهم.
فربما يوجد تصريف في حي، ولا يوجد في آخر.
وينبغي أن يجتمع أهل المسجد على إمامهم، ولا يختلفوا عليه في شأن الجمع، ولكن ينبغي نصحه إذا استهان في الجمع بين الصلوات للمطر الخفيف الذي لا يشق على الناس، ولا يبل ثيابهم، ولا يمنع من حضورهم الصلاة في وقتها.
والأصل في الجمع بين الصلاتين في المطر أن يستمر المطر بعد الأولى إلى الشروع في الثانية، ويكون مطراً يبل الأرض والثياب.
ويجب الإحاطة بأن الجمع بين الصلوات للمطر إنما يكون في المساجد فقط لمشقة التردد بين المسجد والبيت، في أجواء المطر الشديد، فيجمع بين الصلاتين حرصا على شهود الجماعة، ونيل فضلها، ودفعا لمشقة الخروج في المطر.
ويرخص بإدخال الصلاة الثانية في وقت الأولى من أجل ذلك.
أما في البيت فلا مشقة في الصلاة في وقتها، فلا تصلى صلاة في وقت الأخرى في البيت؛ لأنه لا خروج في مطر والإنسان يصلي في بيته، فلما الجمع إذن؟
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: "المشروع: أن يجمع أهل المسجد إذا وجد مسوغ للجمع؛ كالمطر؛ كسبا لثواب الجماعة، ورفقا للناس، وبهذا جاءت الأحاديث الصحيحة.
أما جمع جماعة في بيت واحد من أجل العذر المذكور فلا يجوز، لعدم وروده في الشرع المطهر، وعدم وجود العذر المسبب للجمع.
غفر الله لي ولكم، وتقبل مني ومنكم؛ إنه سميع مجيب.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: إن أحكام المطر كثيرة، ولا يسع المقام للتفصيل؛ فمنها:
أن من عجز عن المبيت بمنى بسبب مطر شديد سقط عنه المبيت.
وإذا عجز عن الرمي في يوم لشدة المطر واستمراره، فإنه يجمع معه اليوم التالي.
وهكذا له أثر أيضا في البيع، وله أثر أيضا في أحكام متعددة.
وإذا انزلقت السيارة بسبب المطر دون استهتار وتهور مقصود، فقتلت أحدا فلا إثم على صاحبها؛ لأنه قتل خطأ، لكن عليه الضمان حال التلف.
ولذلك عند نزول المطر: ينبغي قيادة السيارة بهدوء وروية، حتى لا يؤذي أحدا، أو يؤذي نفسه.
والتعجل في الأجواء الرطبة قد يؤدي إلى قتل يشبه العمد؛ لأنه نوع من التهور.
أسأل الله أن يحفظنا بحفظه؛ إنه سميع عليم.
اللهم إنا نسألك أن ترحمنا برحمتك...