البحث

عبارات مقترحة:

الحفي

كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

تأملات في الأزمة المالية

العربية

المؤلف عبد العزيز بن عبد الله السويدان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التاريخ وتقويم البلدان - المعاملات
عناصر الخطبة
  1. حث الإسلام على طلب الرزق الحلال .
  2. آفة الأزمة المالية وبعض حكمها ومنافعها .
  3. وجوب الأخذ بالأسباب .
  4. أسباب ووسائل الوقاية من الأزمات .

اقتباس

لا يهلع من كان يؤمن بأن كل أحداث الكون تجري وفق مشيئة الله -تعالى- التي جرى بها قدره، وفي كل الحالات تتحقق مشيئة الله، ولا يتحقق سواها، ويقع ما يقع بقدر الله، لا بقول سواه، وما كان أي أمر ليكون هكذا، إلا أن الله شاء هكذا، وما...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70 - 71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عندما أتحدث عن آثار الوضع الاقتصادي الحالي، وما يكتنفه من مصاعب، وظروف عالمية حرجة، فإنني لا أزعم بأنني خبير اقتصادي، ولا محلل مالي، ولا رجل أعمال، يملك من الخبرة ما ينفع به الناس في مجاله.

ولكنني بالرغم من ذلك، أرى من العيوب الشرعية والسلوكية والنفسية، ما ينبغي الوقوف عندها، ومراجعتها، والتحذير منها

نعم -معاشر الإخوة- نعلم أن الله -تعالى- حثنا على طلب الرزق الحلال، وهيأ لنا أسبابه زمانا ومكانا، فقال سبحانه: (وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا) [النبأ: 11].

وقال سبحانه: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ) [الأعراف:10].

وقال جل وعلا: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) [الملك:15].

وقال سبحانه: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة:10].

الحياة عمل وجهاد وسعي، هي سنن الله، من سعى نال، ومن جاهد اهتدى، ومن عمل وجد، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث أبي هريرة: "لئن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خيرا من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه".

وفي الصحيح أيضا عن الزبير بن العوام قال صلى الله عليه وسلم: "لئنْ يَأخُذَ أحدُكُمْ أحْبُلاً فَياخُذَ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ، فَيَبِيعَ، فيَكُفَّ الله بِهِ وجْهَهُ خَيْرٌ مِنْ أَن يَسْألَ النَّاسَ أُعْطِيَ أمْ مُنِعَ".

وفي صحيح الترغيب من حديث ابن عمر سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي الكسب أفضل؟ قال: "عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور".

وهكذا هي سنن الحياة، والإسلام هو أحكم دين، مراعاة لسنن الله الكونية، وما يصلح الإنسان فيها وفي الآخرة، وهو دين النشاط والهمة، والعمل، لا دين الخمول والتواكل والكسل، وقد تعلم الصحابة هذا الهدي من القرآن، ورباهم النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذا المفهوم.

ولذلك جاء في "الإحياء": قول الفاروق عمر -رضي الله عنه-: "لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق، ويقول: "اللهم ارزقني، فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة".

وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "إني لأكره أن أرى الرجل فارغا لا في أمر دنياه ولا في أمر آخرته".

نعم -أيها الإخوة- نحن نقرأ ونسمع هذه النصوص، ونؤمن بها، لكن ماذا لو عمل الإنسان بها، ثم ابتلي بشيء من الشدة، الأزمة الاقتصادية الحالية، وهبوط أسعار النفط، وما يصاحب ذلك من ظروف الحرب، كل هذه الأشياء السيئة في ظاهرها تفتح آفاقا مهمة، تنفع المسلم في حياته، وتحفز أبعادا ساكنة في إيمانه، وقد قال تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء: 35]

أول هذه المنافع: الحذر من الشائعات والأراجيف التي تكثر في مثل هذه الأجواء.

إن من طبيعة البشر الهلع: (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا) [المعارج: 19 - 20].

قلق واضطراب، قلبه يخفق من الخوف، ثم جاء الاستثناء بعد أن ذكر حاله عند تمكنه وثرائه: فقال: (إِلَّا الْمُصَلِّينَ) [المعارج: 22].

ووصفهم بالمصلين، تعظيما لشأن الصلاة، والصلاة عبادة، والصلاة رحمة، والصلاة أعظم مظهر من مظاهر الإيمان.

المؤمن إذا مسه الشر لا يهلع ولا يجزع، المؤمن الذي يؤمن بقوله تعالى: (اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) [الرعد: 2].

وقوله تعالى: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) [الأنعام: 59].

وقوله تعالى: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) [يونس: 61].

فلا يهلع من كان يؤمن بأن كل أحداث الكون تجري وفق مشيئة الله -تعالى- التي جرى بها قدره، وفي كل الحالات تتحقق مشيئة الله، ولا يتحقق سواها، ويقع ما يقع بقدر الله، لا بقول سواه، وما كان أي أمر ليكون هكذا، إلا أن الله شاء هكذا، وما شيء ليقع إلا أن يوقعه قدر الله -تعالى-، فليس في هذا الوجود مشيئة أخرى تجري وفقها الأمور، فوق مشيئة الله -جل وعلا-، كما أنه ليس هناك قوة تنشئ الأحداث إلا بقدر الله.

نعم، نحن الأسباب، جعلها الله كذلك، ولنا ما منحه الله لنا من مشيئة خاصة بنا نحن وقدرة، وأمرنا باتباع سننه في الكون بتلك المشيئة، وتلك المشيئة لا تعارض مسار القدر الذي هو سر الله الذي لا يعلمه إلا هو.

ومن ثم، فإن ما يجري اليوم من تراجع مالي واقتصادي، مهما ربطه المحللون في البلد الفلاني، أو السبب الفلاني، هو في نهاية المطاف تقدير العزيز العليم.

هذا من حيث ربط الأحدث بالمخلوقين دون الخالق -جل وعلا-، الذي يقع فيه كثير من الناس.

الجانب الآخر: هو النهي عن الإرجاف والتخويف، وبث الشؤم والويل والهلاك، صح في مسلم من حديث أبي هريرة قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ" فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ".

برفع "الكاف" أي أشدهم هلاكا، هذا الذي قال هذا القول.

وبفتح الكاف، أي هو الذي أهلكهم بجزعه وتشاؤمه.

ومهما كان الحال، فإن الله -تعالى- يعد عباده الفضل، بينما يعدهم الشيطان الفقر، قال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 268].

ووعد الله آتٍ لمن صدق معه، وأخلص معه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع النفوس إلى الأعلى، ويزيل عنها كل تشاؤم، ويدفع عنها الخوف تماما، بخلاف ما يفعله الإعلام اليوم، إثارة للذعر، وزرع للإحباط في النفوس.

في صحيح البخاري من حديث ثابت عن أنس قال: "كان النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أحسن النَّاس، وأجود النَّاس، وأشجع النَّاس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق النَّاس قِبَل الصوت، فاستقبلهم النَّبي -صلى الله عليه وسلم-، قد سبق النَّاس إلى الصوت وهو يقول: "لن تراعوا، لن تراعوا" أي لا تفزعوا، كلمة تقال عند تسكين الروع، وهو على فرس لأبي طلحة عري، ما عليه سرج، في عنقه سيف، فقال: لقد وجدته بحرًا" أو إنَّه لبحر" قد وجد الفرس الذي ركبه النبي -صلى الله عليه وسلم- من سرعته دون أن يضع عليه السرج، قال: "وجدت هذا الفرس واسع الجري مثل البحر".

معاشر الإخوة: الرخاء والشدة أحوال يبتلى الله بهما العباد على مر العصور، بل يبتلي بهما المؤمنين، فقد قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) [البقرة:155].

فمن المنافع الصبر: الصابرون المحتسبون لهم البشرى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).

يعودون إلى ربهم، وهذه منفعة أخرى: يعودون إلى ربهم بقوة في الأزمات، أولئك الصابرون، بخلاف الهالعين، وضعيفي الإيمان، فإن تضرعهم ضعيف، ولذلك ذم القرآن من ضل الرجوع إلى الله -تعالى-، والتضرع إليه عند البأساء: (فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ) [الأنعام: 43].

فالعودة إلى الله -تعالى-، ومراجعة الذنوب، والتوبة منها، واستدراك التقصير في حقه جل جلاله، كلها تراود العبادة في مراحل الشدة، وهي من المغانم التي تأتي مع الأزمات، ويحييها الله في النفوس.

أسأل الله -تعالى- أن يكشف عن الأمة الغمة.

فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

أما بعد:

فإن أقدار الله -تعالى- إذا نزلت، فلا يعني أن نقتصر على الوعظ ثم نسكت، بل ينبغي أن نعمل وفق السنن التي هدانا الله إليها، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في المرض، وهو من قدر الله -تعالى- قال: "اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- خَلَقَ الدَّاءَ، وَخَلَقَ الدَّوَاءَ، فَتَدَاوَوْا، وَلا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ" [أخرجه ابن عبد البر].

وفي لفظ: "تداووا يا عباد الله فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاء، إلا داءً واحداً الهرم".

الله -تعالى- تعبدنا باتخاذ الأسباب، والأسباب عقائدية، إيمانية، وطبيعية، حسية.

أما الإيمانية، فسبق الحديث عن شيء منها، وقد قال نوح لقومه: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) [نوح: 10 - 12].

وقال جل وعلا: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا) [الجن: 16].

وقال سبحانه: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) [الأعراف: 96].

فالتوبة إلى الله -تعالى-، والاستغفار، من أهم أسباب كشف الضر، وفتح أبواب الرزق.

وما أكثر ما رأينا من أشر وبطر، وبذخ وتبذير للنعمة، لدى كثير من المسلمين في الفترة الماضية، ناهيك عن باقي المعاصي، والظلم، وسائر المخالفات، ومن ذلك: الامتناع عن إخراج الزكاة، وقد جاء في صحيح الترغيب من حديث ابن عمر قوله صلى الله عليه وسلم: "ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا".

فأبواب الرزق أصلها في السماء لا في الأرض: (وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) [الذاريات: 22].

فينبغي أن نصطلح مع الله -تعالى- أولاً الرزاق -جل وعلا-.

وأما الأسباب الطبيعية الحسية، فعندنا العقول -ولله الحمد-، وعندنا الإرادة، ولكننا نحتاج إلى الإحسان والإتقان، بلا بغي ولا احتقار، ولا أثرة، وأن ننظر في مصالحنا دون وصاية من عدو، فالأعداء يفرحون بأوضاع الخسارة لدى المسلمين.

وكما قال صلى الله عليه وسلم في هذا الجانب من الحياة: "أنتم أعلم بأمر دنياكم" [أخرجه مسلم من حديث أنس].

المهم في الأمر حين إعمال الأسباب المادية قبل اتقانها، أهم من اتقانها: أن نخلص التوكل لله -عز وجل-، وأن ترجوه قلوبنا ليل نهار، وأن نربط قلوبنا بخالق الأسباب، لا بالأسباب، فإن قارون لما تفاخر بحسن تدبيره، وقال: (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي) [القصص: 78].

أمهله الله -تعالى- نصيبه من الزمان، ثم لما جاء أمر الله، خسف به وبداره وأمواله الأرض، قال تعالى: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ) [القصص:81].

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.