البحث

عبارات مقترحة:

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

التمائمُ قد تؤدِّي إلى النجاحِ؛ فلماذا يَمنَعُها العلماء؟

العربية

المؤلف باحثو مركز أصول
القسم موسوعة الشبهات المصنفة
النوع صورة
اللغة العربية
المفردات توحيد الألوهية
الجواب المختصر:

مضمونُ السؤال:

صاحبُ هذا السؤالِ يستدِلُّ بالتجرِبةِ على صحَّةِ التمائم؛ حيثُ يزعُمُ أن هناك قِصصًا كثيرةً لنجاحِها.

مختصَرُ الإجابة:

التمائمُ إنْ كانت مِن غيرِ الوَحْيَيْنِ، فهي مِن الشركِ الأصغَرِ، وتعليقُها منافٍ لاعتمادِ القلبِ على اللهِ تعالى وحده في المقاصدِ والغايات.

أما نجاحُ بعضِ مَن يعلِّقُ التمائمَ، فتلك التجارِبُ - إن صَحَّتْ - فهي ليست حجَّةً تُعارَضُ بها الأدلَّةُ الشرعيَّةُ، كما أن ثَمَّةَ احتمالًا أن يكونَ نجاحُها أمرًا اتِّفاقيًّا، وليست عَلاقتُهُ بلُبْسِ تلك التميمةِ عَلاقةَ النتيجةِ بالسبب.


الجواب التفصيلي:

الجوابُ التفصيليّ:

يُمكِنُ تجليةُ هذا الإشكالِ مِن خلالِ النقاطِ التالية:

أوَّلًا: الدِّينُ لا يُؤخَذُ بتجارِبِ الناس، وإنما المَرجِعُ في ذلك هو الدلائلُ الظاهرةُ مِن كتابِ اللهِ تعالى، وسُنَّةِ نبيِّه ^.

وقد دَلَّ الكتابُ والسُّنَّةُ على تحريمِ التمائمِ؛ إنْ لم تكن مِن الوحيِ، فإن كانت مِن الوحيِ، فقد اختلَفَ العلماءُ في جوازِها ومنعِها، والأكثرُ على المنع:

قال تعالى:

﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأنعام: 17]، وقال سبحانه: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾

[يونس: 107]

، وقال:

﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾

[النمل: 53-54].

والتمائمُ: جمعُ تَمِيمةٍ؛ وهي ما يُعلَّقُ بأعناقِ الصِّبْيانِ أو الكبارِ، أو يُوضَعُ على البيوتِ أو السيَّاراتِ مِن خَرَزاتٍ وعِظامٍ؛ لدَفْعِ الشرِّ - وخاصَّةً العينَ - أو لجَلْبِ النفع.

والتمائمُ شبيهةٌ بالأزلامِ التي كان يستصحِبُها أهلُ الجاهليَّةِ في جاهليَّتِهم، ويستقسِمون بها إذا أرادوا أمرًا, وهي ثلاثةُ قِداحٍ, مكتوبٌ على أحدِها: «افْعَلْ»، والثاني: «لا تَفعَلْ»، والثالثُ: غُفْلٌ؛ فإن خرَجَ في يدِهِ الذي فيه: «افْعَلْ»، مضى لأمرِه, أو الذي فيه: «لا تَفعَلْ»، ترَكَ ذلك, أو الغُفْلُ، أعاد استقسامَه.

وقد أبدَلَنا اللهُ تعالى - وله الحمدُ - خيرًا مِن ذلك: «صلاةَ الاستخارةِ ودعاءَها».

والمقصودُ: أن هذه التمائمَ - التي مِن غيرِ القرآنِ والسُّنَّةِ - شريكةٌ للأزلامِ، وشبيهةٌ بها؛ مِن حيثُ الاعتقادُ الفاسدُ، والمخالَفةُ للشرعِ؛ فإن أهلَ التوحيدِ الخالصِ مِن أبعدِ ما يكونون عن هذا وذاك, والإيمانُ في قلوبِهم أعظَمُ مِن أن يدخُلَ عليه مثلُ هذا, وهم أجَلُّ شأنًا، وأقوى يقينًا مِن أن يتوكَّلوا على غيرِ الله، أو يَثِقوا بغيرِه.

ثانيًا: تحقُّقُ المطلوبِ قد يكونُ مِن تلاعُبِ الشيطانِ بابنِ آدَمَ، فيتسلَّطُ عليه، حتى إذا التجَأَ إلى مثلِ هذه التمائم، تخلَّى عنه؛ فيظُنُّ أن تلك التميمةَ، أو التعليقةَ، سببُ اندفاعِ الأذى:

كما جاء في حديثِ ابنِ مسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ^ يَقُولُ: «إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ»، فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ: لِمَ تَقُولُ هَذَا؟ وَاللهِ، لَقَدْ كَانَتْ عَيْنِي تَقْذِفُ، وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ يَرْقِينِي، فَإِذَا رَقَانِي، سَكَنَتْ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّمَا ذَاكِ عَمَلُ الشَّيْطَانِ، كَانَ يَنْخُسُهَا بِيَدِهِ، فَإِذَا رَقَاهَا، كَفَّ عَنْهَا، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكِ أَنْ تَقُولِي كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ ^ يَقُولُ: «أَذْهِبِ الْبَاسْ، رَبَّ النَّاسْ، إِشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا»؛ رواه أحمد (3615)، وأبو داود (3883)، والمرفوعُ منه عند البخاريِّ (5750)، ومسلمٍ (2191)؛ مِن حديثِ عائشة.

ثالثًا: قد يكونُ حصولُ المطلوبِ قَدَرًا وافَقَ ذلك التعليقَ في ذلك الزمانِ؛ فيكونُ الأمرُ موافَقةً لقَدَرٍ قدَّره اللهُ تعالى وقضاهُ، لا أنه مِن بابِ ارتباطِ المسبَّبِ بسببِه.

وأما إن كانت التمائمُ آياتٍ قرآنيَّةً مبيِّنات، وكذلك إن كانت مِن السُّنَنِ الصحيحةِ الواضحات -: فالاختلافُ في جوازِها واقعٌ بين السلَفِ مِن الصحابةِ والتابِعين، فمَن بعدَهم.

وقد يقالُ: إنَّ مَنْعَ ذلك أسدُّ لذريعةِ الاعتقادِ المحظور، لا سيَّما في زمانِنا هذا؛ فإنه إذا كَرِهَهُ أكثرُ الصحابةِ والتابِعين في تلك العصورِ الشريفةِ المقدَّسة، والإيمانُ في قلوبِهم أكبرُ مِن الجبال، فلَأَنْ يُكرَهَ في وقتِنا هذا - وقتِ الفِتَنِ والمِحَنِ - أَوْلى وأجدَرُ بذلك، خصوصًا أن الناسَ الذين يرَوْنَها قد لا يفرِّقون بين ما كُتِبَ بآيةٍ وما كُتِبَ بغيرِها؛ فتحدُثُ الفتنة.

ومِن ذلك: أنهم يكتُبون في التعاويذِ آيةً، أو سورةً، أو بسملةً، أو نحوَ ذلك، ثم يضَعون تحتها مِن الطلاسمِ الشيطانيَّةِ ما لا يَعرِفُهُ إلا مَنِ اطَّلَعَ على كُتُبِهم، ومنها أنهم يَصرِفون قلوبَ العامَّةِ عن التوكُّلِ على اللهِ عزَّ وجلَّ إلى أن تتعلَّقَ قلوبُهم بما كتَبوه.