الأحد
كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...
العربية
المؤلف | مجموعة مؤلفي بيان الإسلام |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | شبهات حول القرآن |
يتوهم بعض المشككين أن هناك تناقضا
* بين قوله - سبحانه وتعالى -: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون (33))، [الأنفال]
* وقوله - سبحانه وتعالى - وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [الأنفال: 34]
، ويتساءلون: كيف ينفي الله تعذيبه للكافرين طالما أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - فيهم وطالما أنهم يستغفرون، ثم يثبته في موضع آخر؟! ويرمون من وراء ذلك إلى القول بأن القرآن ليس نصا سماويا ما دام فيه مثل هذا التناقض.
وجها إبطال الشبهة:
1) العذاب لا ينزل بالكافرين ما دام النبي - صلى اله عليه وسلم - مقيما فيهم، فإذا خرج من بين أظهرهم تعرضوا للعذاب.
2) للعلماء في تفسير قوله تعالى: (وهم يستغفرون (33)) (الأنفال)عدة أقوال للعلماء، منها:
• أن استغفار المؤمنين الذين بقوا في مكة لم يهاجروا يرفع عن كفارها العذاب.
• أن كفار مكة هم الذين يستغفرون، واستغفارهم هو ندمهم على ما صدر منهم من طلب العذاب.
• أن الله ما كان معذبهم وقد سبق في علمه أن منهم من يستغفر الله من كفره ويتوب ويدخل الإسلام.
• أن هذه الآية نسختها الآية التي تليها.
منح الله - سبحانه وتعالى - مشركي مكة الأمن والأمان عند طلبهم العذاب بأمنين يفسرهما د. أبو النور الحديدي فيقول "إن لكفار مكة أمنين يدفع الله عنهم العذاب بسببهما:
أحدهما: كون النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم؛ لأن الله لم يهلك أمة ونبيهم فيهم.
والثاني: استغفارهم الله - عز وجل -.
فالعذاب لا ينزل بالكافرين ما دام النبي - صلى الله عليه وسلم - مقيما فيهم، فإذا خرج من بين أظهرهم تعرضوا للعذاب، وقد خرج - صلى الله عيه وسلم - من بينهم مهاجرا؛ فارتفع بخروجه - مهاجرا - الأمان الأول من العذاب، كما أن العذاب لا ينزل بهم في حال استغفارهم من الكفر وصيرورتهم مؤمنين، لكنهم لم يستغفروا من الكفر، بل أصروا عليه، ورفضوا الإيمان، وصدوا عن المسجد الحرام؛ فارتفع الأمان الثاني من العذاب، وتعرضوا له لكفرهم وصدهم عن المسجد الحرام.
وبعد خروج الرسول - صلى الله عيه وسلم - من بينهم مهاجرا، وإصرارهم على الكفر، عذبهم الله تعالى في الدنيا بالقتل والأسر والهزيمة يوم بدر، هذا بجانب ما أعده للمقيمين على الكفر حتى الموت من عذاب أليم في النار، في الآخرة.
المراد باستغفارهم هو استغفار المؤمنين الذين بقوا في مكة لم يهاجروا، وقد أسند الاستغفار الصادر عن المؤمنين إلى مجموع أهل مكة؛ جريا على طريقة إسناد ما صدر من بعض الخلق إلى كلهم،
* كما في قوله - سبحانه وتعالى - فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ [الأعراف: 77]
مع أن العاقر واحد منهم،
* بدليل قوله: (فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر (29)) [القمر.]
والمعنى: أنه بعد خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - مهاجرا كان استغفار المؤمنين المستضعفين بمكة دافعا العذاب الدنيوي عن أهل مكة،
* وقوله - سبحانه وتعالى - وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [الأنفال: 34]
، معناه: بعد خروج المؤمنين المستضعفين منها بتسليط رسوله والمؤمنين عليهم ففتحوا مكة.
فقد جاء عن ابن أبزى أنه قال: كان رسول الله بمكة
* فأنزل الله سبحانه وتعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الأنفال: 33]
ثم خرج إلى المدينة،
* فأنزل الله - سبحانه وتعالى -: (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون (33)) [الأنفال،]
وكان من بقي من المسلمين بمكة يستغفرون،
* فلما خرجوا أنزل الله: وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [الأنفال: 34]
فأذن الله في فتح مكة، فهو العذاب الذي وعدهم الله [1].
وقال ابن كثير: فلولا ما كان بين أظهرهم من المستضعفين من المؤمنين المستغفرين لوقع بهم البأس الذي لا يرد، لكن دفع عنهم بسبب أولئك.
* المراد بقوله - سبحانه وتعالى -: (وهم يستغفرون (33)) [الأنفال]
: أن استغفارهم هو ندمهم على ما صدر منهم من طلب العذاب
* في قوله - سبحانه وتعالى - (وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم (32)) [الأنفال،]
وأنهم قالوا: غفرانك اللهم، والله تعالى دفع عنهم العذاب الدنيوي بسبب ذلك، أما عذاب الآخرة فهو واقع بهم ما داموا مصرين على الكفر حتى الموت.
3. معنى قوله - سبحانه وتعالى -: (وهم يستغفرون (33)) (الأنفال) أي: ما كان معذبهم وفيهم من يستغفره من الكفر ويتوب ويدخل الإسلام:
إن معنى
* قوله - سبحانه وتعالى -: (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون (33)) [الأنفال،]
هو: ما كان الله معذبهم وقد سبق في علمه أن منهم من يستغفر الله من كفره ويدخل في الإسلام،
* وقوله: وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [الأنفال: 34]
: في الذين قضى الله ألا يسلموا، كأبي جهل ومن على شاكلته، الذين عذبوا بالقتل على أيدي المسلمين.
وهناك رأي يقول:
* إن آية: (وما لهم ألا يعذبهم الله) [الأنفال 34]
، ناسخة للآية التي قبلها، رواه ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري، قالا:
* قال الله - سبحانه وتعالى -: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون (33)) [الأنفال]
* ، فنسختها الآية التي تليها: (وما لهم ألا يعذبهم الله) [الأنفال 34 [2].]
وقد ضعف هذا الرأي بعض العلماء؛
* لأن قولـه تعالـى: (وما كان الله ليعذبهــم وأنت فيهم وما كان الله معذبهـم وهـم يستغفـرون (33)) [الأنفال]
خبر من الله بعدم تعذيبه لهم في حالة استغفارهم، والخبر لا يجوز نسخه شرعا بإجماع المسلمين.
وأقوى هذه الآراء الرأي الأول [3].
إن توهم التناقض بين
* قوله - سبحانه وتعالى -: (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون (33)) [الأنفال]
* ، وبين قوله - سبحانه وتعالى -: وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [الأنفال: 34]
توهم غير صحيح ولا أساس له، وسرعان ما يختفي ويزول؛ لأن:
• الآيتين تخبران أن هناك أمانين من العذاب لكفار مكة:
أولهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم، والله تعالى لم يهلك أمة ونبيها فيهم، فإذا خرج من بين أظهرهم تعرضوا للعذاب.
وثانيهما: استغفارهم الله - عز وجل -.
• المراد
* بقوله - سبحانه وتعالى -: (وهم يستغفرون (33)) [الأنفال]
أن استغفارهم هو استغفار المؤمنين المقيمين في مكة، أو هو ندمهم على ما صدر منهم من طلب العذاب، والله تعالى دفع عنهم العذاب الدنيوي بسبب ذلك، أو أن الله - سبحانه وتعالى - لا يعذبهم، وقد سبق في علمه أن منهم من يستغفر من كفره ويدخل في الإسلام.