النصير
كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...
العربية
المؤلف | مجموعة مؤلفي بيان الإسلام |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | شبهات حول القرآن |
يتوهم بعض المشككين وجود تناقض بين
* قوله سبحانه وتعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى: 40]
* ، وقوله سبحانه وتعالى: أُولَٰئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ۘ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ ۚ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ [هود: 20]
. ويتساءلون: كيف يثبت القرآن في الموضع الأول أن جزاء السيئة سيئة مثلها، ويقرر في الموضع الآخر أن جزاء السيئة مضاعف؟! ويرمون من وراء ذلك إلى التأكيد على وجود تناقض بين آيات القرآن؛ ليثبتوا زعمهم أن القرآن الكريم ليس من عند الله.
وجه إبطال الشبهة:
لا تعارض بين الآيتين؛ إذ إن:
• الموضع الأول يتحدث عن جواز القصاص في الدنيا، مع أفضلية العفو والصفح.
• الله - عز وجل - يضاعف العذاب للذين يصدون عن سبيله؛ لضلالهم وإضلالهم.
لا تعارض بين الآيتين:
التوهم القائل: إن هناك تناقضا بين
* قول الله سبحانه وتعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى: 40]
* ، وبين قوله سبحانه وتعالى: (أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون (20)) [هود]
ليس صحيحا؛ إذ إن الموضعين ذكرا تعليقا على موقفين مختلفين:
1. الموضع الأول يتحدث عن جواز القصاص في الدنيا، مع أفضلية العفو والصفح:
ال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ق «المستبان ما قالا على البادئ ما لم يعتد المظلوم»
[1].
وقال الشذي في
* قوله سبحانه وتعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى: 40]
: إذا شتمك فاشتمه بمثلها من غير أن تعتدي [2]، فمثلا: إذا قال أحد لغيره: أخزاك الله، فيقول له: أخزاك الله دون أن يعتدي أو يزيد، ومع جواز القصاص في الدنيا، رغب الله - سبحانه وتعالى - ورسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - في العفو والصفح عمن أساء. وعن الحسن البصري قال: "أفضل أخلاق المسلمين: العفو".
وبهذا اتضح لنا أن المراد من الموضع الذي بين أيدينا: جواز القصاص في الدنيا ممن سب أو شتم، مع أفضلية العفو والصفح، فيكون الأجر عند الله عز وجل.
2. المراد في الموضع الثاني أن الله - عز وجل - يضاعف العذاب للذين يصدون عن سبيله؛ لضلالهم وإضلالهم:
بين الله - سبحانه وتعالى - في الموضع الآخر أن الكفار الذين يصدون عن سبيل الله، ويبغونها عوجا، يضاعف لهم العذاب يوم القيامة؛ لأنهم يعذبون على ضلالهم، ويعذبون أيضا على إضلالهم غيرهم،
* كما أوضحه الله - سبحانه وتعالى - بقوله: (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون (88)) [النحل [3].]
ويزيد الشيخ الشعراوي هذا الأمر وضوحا فيقول:
* وقول الحق سبحانه وتعالى أُولَٰئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ۘ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ ۚ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ [هود: 20]
* ، لا يتناقض مع قوله الحق: قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [الأنعام: 164]
؛ لأن هؤلاء الذين صدوا عن سبيل الله ليس لهم وزر واحد، بل لهم وزران: وزر الضلال في ذواتهم، ووزر الإضلال لغيرهم؛ ولذلك تجد بعضا من الذين أضلوا يقولون يوم القيامة:
* (ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين (29)) [فصلت]
، ويقولون أيضا:
* (وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا (67) ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا (68)) [الأحزاب]
. إذن: فالدعوة إلى الانحراف إضلال، وعمل الشيء بالانحراف إضلال؛ لأنه أسوة أمام الغير.
ومضاعفة العذاب لا تعني الإحراق مرة واحدة في النار؛ لأن الحق سبحانه لو تركنا للنار لتحرقنا مرة واحدة لانتهى الإيلام؛ ولذلك أراد الحق - سبحانه وتعالى - أن يكون هناك عذاب بعد عذاب.
* يقول الحق سبحانه وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا [النساء: 56]
، فهو عذاب على الدوام.
أو أن العذاب الذي يضاعف له لون آخر، فهناك عذاب للكفر، وهناك عذاب للإفساد، والعذاب على الكفر لا يلغي العذاب على المعاصي التي يرتكبها الكفار [4].
ليس هناك أي وجه للتناقض بين الآيتين؛ ذلك لأن:
• الموضع الأول: يتحدث عن جواز القصاص في الدنيا، مع أفضلية العفو والصلح، فمن شتم أو سب أو اعتدي عليه، جاز له أن يرد ذلك، وإن عفا وأصلح، فأجره على الله.
• الموضع الثاني: أن الله تبارك وتعالى يضاعف العذاب يوم القيامة للذين يصدون عن سبيل الله؛ لأنهم ضلوا وأضلوا غيرهم، فحق عليهم مضاعفة العذاب.