الغني
كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...
العربية
المؤلف | مجموعة مؤلفي بيان الإسلام |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | شبهات حول القرآن |
يتوهم بعض المشككين وجود شيء من التناقض بين
* قوله سبحانه وتعالى: (ولا أنتم عابدون ما أعبد (3)) [الكافرون]
* ، وقوله سبحانه وتعالى: وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ ۚ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَمِنْ هَٰؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ [العنكبوت: 47]
ويتساءلون: كيف يقرر الله في الآية الأولى على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن الكافرين لا يعبدون الله، ولن يعبدوه على سبيل التأبيد، في حين تفيد الآية الثانية أن من الكافرين من يؤمن بالله بعد كفره؟! ويرمون من وراء ذلك إلى الطعن في القرآن الكريم.
وجها إبطال الشبهة:1) الخطاب في الآية الأولى لجنس الكفار وليس لأشخاص معينين.
2) وصفت الآية الكافرين بالجملة الاسمية التي تدل على الثبات، وقيل: إن كلمة "تعبدون" مع ما قبلها مصدرية تقديرها "عبادتكم".
التفصيل: أولا. الخطاب في الآية الأولى لجنس الكفار، وليس لأشخاص بعينهم:* فقوله عز وجل: (ولا أنتم عابدون ما أعبد (3)) [الكافرون]
، يدل ظاهره على أن الكفار المخاطبين بها لا يعبدون الله أبدا، مع أن المتأمل في الآية يجد أنه خطاب لجنس الكفار، وإن أسلموا فيما بعد فهو خطاب لهم ما داموا كفارا، فإذا أسلموا لم يتناولهم ذلك؛ لأنهم - حينئذ - مؤمنون وليسوا كافرين، وإن كانوا منافقين، فهم كافرون في الباطن، فيتناولهم الخطاب.
ويرى بعض العلماء أن الآية من العام المخصوص، فالخطاب في خصوص الأشقياء، الذين سبق في علم الله أنهم يموتون على الكفر، وهم المشار إليهم
* بقوله سبحانه وتعالى: (إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون (96)) [يونس[1]]
، فليس الحكم منسحبا على المخاطبين جميعا، بل على فئة بعينها من الكفار.
فهؤلاء الذين لا يعبدون الله في المستقبل هم الذين حق عليهم قضاء الله وقدره، فإنهم يستمرون على الكفر ويموتون عليه، لا يقع منهم الإيمان بأي حال من الأحوال، فقد سبق عنهم في علم الله ذلك. أما غيرهم من الكفار، فاحتمال إيمانه وارد.
ثانيا. وصفت الآية الكافرين بالجملة الاسمية التي تدل على ثبات صفاتهم:عبر القرآن على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجملة الأولى
* بقوله عز وجل: (لا أعبد ما تعبدون (2)) [الكافرون]
، بالفعل المضارع - في كل من الفعلين - الدال على الحال، أي: لا أعبد ما تعبدون بالفعل،
* ثم قال: (ولا أنا عابد ما عبدتم (4) ولا أنتم عابدون ما أعبد (5)) [الكافرون]
، فعبر عنهم بالجملة الاسمية، وعنه هو بالفعلية، أي: ولا أنتم متصفون بعبادة ما أعبد، و بعد ذلك
* قال: (لكم دينكم ولي دين (6)) [الكافرون]
، فعبر عنه بأنه ليس متصفا بعبادة ما يعبدون، ولا هم عابدون ما يعبده، فكان وصفه هو - صلى الله عليه وسلم - في الجملتين بوصفين مختلفين؛ بالجملة الفعلية تارة، وبالجملة الاسمية تارة أخرى، فكانت إحداهما لنفي الوصف الثابت، والأخرى لنفي حدوثه فيما بعد.
أما هم فلم يوصفوا في الآية إلا بالجملة الاسمية التي تدل بطبيعتها على الثبات والاستقرار، أي: ثبات حال الكافرين، ولم يكن فيما وصفوا به جملة فعلية من خصائصها التجدد والحدوث، فلم يكن فيها ما يتعرض للمستقبل[2].
وبهذا البيان اتضح لنا أن الذي تتناوله الآية هو الكافر الثابت على كفره إلى يوم الدين، لا الكافرون عموما.
وقيل: إن "تعبدون" مع ما قبلها مصدرية، أي أن "ما" مصدرية بمعنى: لا أعبد عبادتكم الباطلة، ولا تعبدون عبادتي الصحيحة، ودليل ذلك من السورة
* قوله سبحانه وتعالى: (لكم دينكم ولي دين (6)) [الكافرون]
، فأحالهم على عبادتهم، ولم يحلهم على معبودهم. ومما تبين يتضح لنا أن المقصود بقوله: "تعبدون" إنما هو عبادتكم الباطلة، وليس بمعنى الفعل المضارع الذي من خصائصه التجدد والاستمرار.
الخلاصة:· ليس هناك تناقض بين آيات القرآن الكريم، ففي الموضع الأول يتناول الخطاب جنس الكفار بصفة عامة، وليس أشخاصا بعينهم، وقد يكون هذا الموضع من العام المخصوص، فالخطاب في خصوص الأشقياء الذين سبق في علم الله أنهم يموتون على الكفر، أما غيرهم فإيمانه وارد في المستقبل.
· ولم يكن فيما وصف به الكفار جملة فعليه من خصائصها التجدد والحدوث بل خوطبوا بالجملة الاسمية التي تصف الحال ولا تتناول المستقبل، وقيل لفظة "تعبدون" مع ما قبلها مصدرية، أي: "عبادتكم".