البحث

عبارات مقترحة:

المتعالي

كلمة المتعالي في اللغة اسم فاعل من الفعل (تعالى)، واسم الله...

الشافي

كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

إنكار رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - وبعثته

العربية

المؤلف
القسم موسوعة الشبهات المصنفة
النوع صورة
اللغة العربية
المفردات الإيمان بالرسل
الجواب التفصيلي:

أنكرت قريش على النبي - صلى الله عليه وسلم - رسالته وبعثته بشيرا ونذيرا، ويحتجون بأنهم لم يسمعوا بهذا الذي يدعو إليه محمد من التوحيد في الملة الآخرة، يعنون النصرانية، ويقولون: لو كان هذا القرآن وما يقوله محمد حقا لأخبرتنا به النصارى، وعلى هذا يكون ما جاء به محمد اختلاقا وبدعا، قال - سبحانه وتعالى - حاكيا عن المشركين قولهم:

* مَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَٰذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ [ص: 7]

وجها إبطال الشبهة:

1) إرسال الرسل واجب عقلي وواقع عملي.

2) الدلائل على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكن محمد - صلى الله عليه وسلم - أول رسول بل سبقه رسل قبله.

التفصيل: أولا. إرسال الرسل واجب عقلي، وواقع عملي:

إن إرسال الرسل واجب عقلي؛ لأن الفطر والعقول السليمة دلتنا على وجود الخالق - عز وجل - وأنه المستحق للعبادة، ولكن العبادة لا يمكن الاهتداء لمعرفة صفتها وتفصيلها إلا عن طريق واسطة عن الله - عز وجل - يخبرنا بصفتها التي يحبها الله - عز وجل - ويخبرنا بما يحل وما يحرم، وما ينفعنا وما يضرنا،

* قال سبحانه وتعالى: مَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء: 15]

* وقال أيضا: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [النساء: 165]

* وقال أيضا: وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَىٰ [طه: 134]

* وقال أيضا: وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [القصص: 47]

وإذا كان إرسال الرسل واجبا عقليا، فهو واقع عملي أيضا، فلا يزال التاريخ يخبرنا عن الكثير من الرسل والأنبياء وحالهم مع قومهم، وكيف كانت لهم الغلبة والنصر دائما،

* قال سبحانه وتعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ [فاطر: 24]

* وقال سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [النحل: 36]

* وقال سبحانه وتعالى: ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَىٰ ۖ كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ ۚ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ۚ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ [المؤمنون: 44]

ونتيجة لذلك لما أنكرت قريش وكفار مكة على النبي - صلى الله عليه وسلم - رسالته أمرهم الله - عز وجل - بالاستدلال بالتاريخ والواقع:

* قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [الأحقاف: 9]

فالعقل والواقع يدلان على أهمية إرسال الرسل فلم يجز إذا إنكار بعثة محمد صلى الله عليه وسلم.

ثالثا. دلائل صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكن - صلى الله عليه وسلم - أول رسول، بل سبقه رسل قبله:

دلت الدلائل والآيات على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ ومنها:

·بشارة الكتب السابقة به؛ كالتوراة والإنجيل،

* قال سبحانه وتعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف: 157]

* وقال سبحانه وتعالى: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُبِينٌ [الصف: 6]

·وشهادة المنصفين؛ كعبد الله بن سلام - رضي الله عنه - والنجاشي وهرقل عظيم الروم وغيرهم.

·ومن هذه الدلائل أيضا الآيات التي أجراها الله على يديه يخرق فيها العادة؛ كخطاب الأحجار والأشجار وانقيادها له، وانشقاق القمر له وغير ذلك.

·ومن الدلائل أيضا كمال أخلاقه وملاعنته على ما عنده،

* قال سبحانه وتعالى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران: 61]

وعصمة الله له وحمايته من كل ما يكاد به وله، وانتفاء الغرض الشخصي والمصلحة الخاصة لنفسه من هذه الدعوة، وإخباره بالنهايات في البدايات، وإخباره بالغيب، وغير ذلك من الآيات الدالة على صدق نبوته وبعثته.

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس بأول رسول طرق العالم، بل جاءت رسل كثر قبله، ولذلك يقول لهم:

* قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [الأحقاف: 9]

فما أنا بالأمر الذي لا نظير له حتى تستنكروني وتستبعدوا بعثتي إليكم؛ فإنه قد أرسل الله - عز وجل - قبلي جميع الأنبياء إلى الأمم.

ولذلك فإن قول المشركين:

* مَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَٰذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ [ص: 7]

يتضمن اتهاما للنبي بالكذب على الله، ولعلهم يقصدون بالملة الآخرة دين النصارى، وعليه فالمشركون هنا يستدلون على بطلان توحيد الإله، وبعثة النبي بدين النصارى الذي لم يثبت فيه ذلك، وهذا كذب وافتراء، فالتوحيد دعوة جميع رسل الله، وبعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بشرت بها كتبهم وأنبياؤهم.

وإنكار هؤلاء المشركين لم يريدوا به إنكار تجويز أصل الرسالة عن الله، وإنما مرادهم استقصاء الاستبعاد، وهذا هو الأصل الثاني من أصول كفرهم، وهو أصل إنكار بعثة رسول منهم، أما أصلهم الأول فهو إنكار أصل الرسالة.

ولهذا كان قوله - صلى الله عليه وسلم - كما حكى القرآن: (قل ما كنت بدعا من الرسل) ردا صالحا على نصارى زماننا الذين طعنوا في نبوته بمطاعن لا منشأ لها إلا تضليل وتمويه على عامتهم.

الخلاصة:

·الفطرة والعقول السليمة تدل على وجود الخالق - عز وجل - وأنه المستحق للعبادة، ولكن كيف تكون هذه العبادة وما شروطها؟ لذا وجب إرسال الرسل عقلا وواقعا عمليا للتعرف على هذه العبادة.

·هل كان محمد - صلى الله عليه وسلم - بدعا من الرسل؟ بمعنى هل هو وحده أول رسول، ولم يسبقه رسل؟، وهل رسالته أول رسالة أم سبقتها رسالات متنوعة؟

·دلائل صدق النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - كثيرة أكثر من أن تحصى؛ منها: البشارة به في الكتب السابقة، ومعجزاته الحسية والمعنوية.. إلخ.

المراجع
  1. (*) الآية التي وردت فيها الشبهة: (ص/ 7).
  2. الآية التي ورد فيها الرد على الشبهة: (الأحقاف/ 9).