المقيت
كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...
العربية
المؤلف | مجموعة مؤلفي بيان الإسلام |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | الإيمان بالرسل |
يدعي بعض المشككين أن الإسلام ليس آخر الأديان التي يوحي بها الله إلى أهل الأرض، وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - ليس خاتم النبيين المبلغين لدين الله ورسالته، كما يزعم المسلمون الذين يحاربون كل الديانات التي يبشر بها بعد دينهم، كالقاديانية مثلا.
1) إن هناك أدلة نقلية وأخرى تاريخية تؤكد ختم الأنبياء بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم، وختم الرسالات بالإسلام.
2) لختم النبوة حكم بالغة ودلالات هادفة.
3) القاديانية عقيدة فاسدة، نازعت في عقيدة الختم، فلم تجد أذنا مصغية إلا من أتباع محدودين.
من خصائص الإسلام أن نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - آخر الأنبياء، وأن شريعته باقية إلى يوم الدين، فلا نسخ لها بشريعة جديدة:
* حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة: 3]
وبناء عليه فلا مجال للقول بأن الإسلام لا يعترف بما تلاه من أديان كما أنكرته هو نفسه الأديان السابقة عليه؛ فالأديان السابقة عليه لم تنكره - في أصلها الصحيح - بل بشرت به وبنبيه، وإنما أنكره أهلها المحرفون لها المنحرفون عن صوابها. أما هو فلم ينكر أحدا أو شيئا؛ لأنه لا دين بعده حتى يقبله أو ينكره، فقد تم الدين به وكملت رسالات السماء. أما اعتبار بعض المذاهب الوضعية الفاسدة نفسها دينا ومطالبة المسلمين بالاعتراف بشريعتها بعد الرسالة المحمدية - فأمر باطل متهافت.
وإن ثمة أدلة نقلية - قرآن وسنة - وأخرى تاريخية تؤكد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين، وأن رسالته الإسلام، خاتم الرسالات.
أما الأدلة النقلية: فهي مستفادة من كتاب الله تعالى وحديث رسوله - صلى الله عليه وسلم ـ؛
* يقول سبحانه وتعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما (40)) [الأحزاب،]
* ويقول عز وجل: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة: 3]
ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
«مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بني بنيانا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟! قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين».
[1]
* وقوله: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي» [[2].]
وأما الدليل التاريخي الواقعي الذي يؤكد ختم النبوة بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وختم الرسالات بالإسلام - فإنه يتمثل - في إيجاز شديد - في أن التاريخ لم يشهد بأن الله - عز وجل - أرسل في الأربعة عشر قرنا الماضية رسولا إلى قوم من الأقوام، ولا أرسل في هذه الفترة رسولا عاما للبشر كافة؛ ذلك لأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - هو الرسول الخاتم.
ثانيا. حكمة ختم النبوة:
لختم النبوة حكم بالغة، ودلالات دقيقة هادفة، يعددها د. المسير بقوله: "إن ختم النبوة له حكم بالغة ودلالات ذات مغزى كبير، أهمها:
1. كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وتستمر شريعته لفترة محددة حتى يأتي نبي آخر، يجددها أو ينسخها، فقد اجتمع إبراهيم ولوط في زمن واحد، وفي مكانين متجاورين،
* قال الله سبحانه وتعالى: (فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم (26) ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين (27)) [العنكبوت.]
وكان داود وسليمان نبيين، وكذا زكريا ويحيى، فالأول منهما أب للثاني. فإذا بعث الله تعالى محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة العامة الخالدة، تأكدت حكمة ختم النبوة، فإن دين الله قد عم الآفاق.
2. كان كل نبي يعالج قضية خاصة في مجتمعه في إطار القضية العامة التي التقى عليها الأنبياء جميعا، وهي قضية التوحيد الكبرى.
على سبيل المثال، فقد تميزت رسالة شعيب بمعالجة الفساد الاقتصادي،
* قال الله سبحانه وتعالى: (وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط (84) ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين (85) بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ (86)) [هود.]
وتميزت رسالة لوط - عليه السلام - بمعالجة الفساد الأخلاقي،
* قال سبحانه وتعالى: (ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين (28) أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين (29)) [العنكبوت.]
وتميزت رسالة موسى بمعالجة الفساد السياسي المتمثل في الملك الطاغية فرعون، وبطانة السوء هامان، وكبرياء صاحب الثروة قارون،
* قال الله سبحانه وتعالى: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين (23) إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب (24) فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال (25)) [غافر.]
وهكذا كل نبي في قومه له رسالة خاصة، فإذا جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - ليعالج الحياة بأسرها، ويصلح المجتمع في كافة جوانبه، ويقود الناس إلى التي هي أقوم في الدين والدنيا - كان لختم النبوة حكمة بالغة.
3. أيد الله رسله بالمعجزات تأكيدا لصدق البلاغ عنه عز وجل، إلا أن معجزات جميع الأنبياء السابقين كانت معجزات حسية ارتبطت بزمان نبيها ومكانه وشخصه وبمن شاهدها وقت وقوعها. فانقلاب العصا حية على يد موسى - عليه السلام - موقف حدث في لحظة من الزمان، ووقع في مكان معين، وأمام جمع من الناس، ثم أصبحت المعجزة خبرا يروى.
فإذا جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن المجيد معجزة عقلية لا ترتبط بزمان ولا مكان، ولا يتوقف إعجازه على حياة النبي الذي جاء به، بل يظل هذا القرآن يحمل دليله معه، يناجي العقل الإنساني ويناديه:
* (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين (23)) [البقرة،]
وهنا تصبح عقيدة ختم النبوة ضرورة عقلية.
4. إن معجزة موسى - عليه السلام - انقلاب العصا حية، ورسالته التوراة، وإن معجزة عيسى - عليه السلام - إحياء الموتى، ورسالته الإنجيل، وهكذا كل نبي كانت له معجزة يستدل بها على رسالته، فهما شيئان مختلفان. فإذا جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - بالمعجزة والرسالة يلتقيان على شيء واحد هو القرآن العظيم، كان ذلك دلالة كبرى على ختم النبوة؛ فإن القرآن هو معجزة محمد - صلى الله عليه وسلم - التي تظل شاهدة على صدقه، وإن القرآن هو الرسالة التي جاهد عليها محمد - صلى الله عليه وسلم - بما فيه من عقيدة وشريعة وأخلاق وقيم تربي الإنسان السوي، وتبني المجتمع المثالي، وتشيد الدولة والحضارة في دنيا الناس جيلا بعد جيل.
5. إن أتباع الرسالات السابقة حرفوا كتبهم المنزلة، وغيروا معالم الحق، وطمسوا حقائق الوحي، وخانوا الأمانة، وما استحفظوا عليه،
* قال سبحانه وتعالى: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون (79)) [البقرة.]
فإذا جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - بالكتاب المهيمن الخالد، الذي يتولى الله حفظه وبقاءه وعدا عليه حقا:
* (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (9)) [الحجر]
كان ختم النبوة موائما لمقتضى الحال، وملائما للسنة الطبيعية؛ وحتمية طبيعية؛ حيث بقي الكتاب فانقطعت النبوة.
6. إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فريضة محكمة على كل مسلم ومسلمة، بقدر علمه، وفي حدود مسئوليته.
* قال الله سبحانه وتعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم (71)) [التوبة.]
وإن تبليغ دعوة الإسلام وتحديد الولاء لها يقع على عاتق العلماء العاملين والأمراء العادلين، الذين يحفظون للأمة أصول الدين ومعالم الإسلام،
فعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون».
[3]
* وعن معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك» [[4].]
وقد فسر البخاري هذه الطائفة بأنهم أهل العلم، وفسرها الإمام النووي بأنها جماعة متعددة من أنواع المؤمنين، ما بين شجاع وبصير بالحرب، وفقيه ومحدث ومفسر وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وزاهد وعابد، وقال: لا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد، بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد، وافتراقهم في أقطار الأرض.
وجاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها». [5] وقد اختلف العلماء في شرح هذا الحديث من وجوه.. وأيا ما كان الأمر فالمراد هو استمرار الدعوة إلى هذا الدين القيم، وتحمل المؤمنين الصادقين لتبعات هذه الدعوة، وعناية الله تعالى ووعده بحفظ الإسلام.
ومما لا يخفى أن البعث ليس مرادا به بعث النبوة، فإن النبوة قد انقطعت، وإنما هو بعث إيجاد وتدبير وعناية تحقيقا
* لقوله سبحانه وتعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (9)) [الصف [6].]
هذه هي الحكم المستوحاة من ختم النبوة، حكم بالغة هادفة - كما قلنا - وليست مدعاة متعسفة.
فرغنا إذن من إقرار ختم النبوة بالرسالة المحمدية وختم الرسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقد أنكرت القاديانية عقيدة الختم، وزعم زعيمهم أنه نبي مرسل، وأنه يجب على المسلمين الاعتراف به لا إنكاره.
فما القاديانية، وما ظروف نشأة هذه الفرقة؟ وما جوهر مذهبها؟ وما الأدلة الداحضة لها؟