البحث

عبارات مقترحة:

اللطيف

كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...

الظاهر

هو اسمُ فاعل من (الظهور)، وهو اسمٌ ذاتي من أسماء الربِّ تبارك...

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

اتهام الأنبياء والرسل بالجنون والسحر والكذب والافتراء

العربية

المؤلف
القسم موسوعة الشبهات المصنفة
النوع صورة
اللغة العربية
المفردات الإيمان بالرسل
الجواب التفصيلي:

يتهم المشركون المكذبون لدعوة الرسل رسلهم بأنهم كذابون مفترون يتكلمون بما لا معنى له، وأن الرسول مفتر فيما يزعمه من أن الله أرسله إليهم واختصه من بينهم بالوحي، ويرمون رسلهم بالسحر والكذب والجنون،

* قال سبحانه وتعالى: كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ [الذاريات: 52]

وجوه إبطال الشبهة:

1) هذه مقولة كل الأمم المكذبة لرسلها على مر العصور.

2) إنكار هذه المقولة والتعجب من التوافق عليها، ولكن الكفر ملة واحدة تتشابه قلوب أصحابه.

3) المشركون يعلمون صدق الرسول وبراءته من هذه التهم لكنهم يجحدون بآيات الله، ولكن ما على الرسول إلا البلاغ.

التفصيل: أولا. توافق كل الأمم على هذه المقولة:

تلك مقولة الأمم المكذبة لرسلها على مر العصور، يتهمون رسلهم بالسحر والجنون والكذب والافتراء، فقد قال قوم نوح - عليه السلام - عنه:

* إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ [المؤمنون: 25]

* وقال الله عنهم أيضا: ۞ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ [القمر: 9]

وقوم عاد قالوا عن نبي الله هود عليه السلام:

* إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ۗ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ [هود: 54]

وقوم ثمود قالوا لنبي الله صالح عليه السلام:

* قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ [الشعراء: 153]

* وقالوا عنه أيضا: أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ [القمر: 25]

وقال قوم موسى - عليه السلام - عن نبيهم:

* إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ [غافر: 24]

* وقال عنه فرعون: فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ [الذاريات: 39]

ويقولون عنه وعن أخيه هارون - عليهما السلام -:

* قَالُوا إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ [طه: 63]

وقوم عيسى - عليه السلام - يرمون ما جاء به من البينات بالسحر،

* قال سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [الصف: 9]

وقوم النبي - صلى الله عليه وسلم - يتهمونه وما جاء به من الآيات بالسحر والجنون والشعر والكهانة كما حكى القرآن:

* بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ [الأنبياء: 5]

* وكذلك قوله: وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ [الصافات: 36]

* وقالوا عن القرآن: فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ [المدّثر: 24]

وهذه الدعوى قالتها الأمم السابقة لرسلها،

* قال سبحانه وتعالى: كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ [الذاريات: 52]

ثانيا. الإنكار والتعجب من هذا التوافق؛ لكن الكفر ملة واحدة:

ويرد القرآن على ذلك متعجبا من اتفاقهم في كل عصر ومع كل نبي على هذه المقولة كأنهم تواصوا بها فأوصى أولهم آخرهم بالتكذيب حتى تواطئوا عليه،

* قال سبحانه وتعالى: أَتَوَاصَوْا بِهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ [الذاريات: 53]

والاستفهام هنا للتوبيخ والتعجب من تواطئهم على هذا القول على طريقة التشبيه البليغ، أي: كأنهم أوصى بعضهم بعضا بأن يقولوه[1].

ثم يؤكد القرآن أنه لم يوص أحد منهم أحدا، ولم يوص بعضهم بعضا بذلك، وإنما الكفر ملة واحدة، يتفق أهله في التكذيب والضلال والطغيان، فهؤلاء القوم قوم طغاة جمعهم الطغيان ومجاوزة الحد في الكفر، فتشابهت قلوبهم، وهذا أصل معهود من أمثالهم من المشركين الذين سبقوهم بالضلال،

* كما قال سبحانه وتعالى: وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ۘ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ۗ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [البقرة: 118]

فهؤلاء قد ساوى بينهم الطغيان حتى كأنهم تواصوا بما يقولون.

* قال سبحانه وتعالى: أَتَوَاصَوْا بِهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ [الذاريات: 53]

فضلالهم وطغيانهم واحد، وإن تعددت طرقه واختلفت وجوهه، وتباعدت أزمنته واختلفت أمكنته، أي: ما هو بتواص، ولكنه تماثل في منشأ ذلك القول، أي: سبب تماثل المقالة تماثل التفكير والدواعي للمقالة، إذ جميعهم قوم طاغون، وأن طغيانهم وكبرياءهم يصدهم عن اتباع رسول يحسبون أنفسهم أعظم منه، وإذ لا يجدون وصمة يصمونه بها اختلقوا لتنقيصه عللا لا تدخل تحت الضبط، وهي أنه مجنون أو ساحر، فاستووا في ذلك بعلة استوائهم في أسبابه ومعاذيره[2].

ويؤكد هذا قول الشيخ سيد قطب معلقا على هذا الحال: "فهي طبيعة واحدة للمكذبين؛ وهو استقبال واحد للحق وللرسل يستقبلهم به المنحرفون.. كأنما تواصوا بهذا الاستقبال على مدار القرون، وما تواصوا بشيء إنما هي طبيعة الطغيان وتجاوز الحق والقصد تجمع بين الغابرين واللاحقين"[3].

ثالثا. رغم جحود المشركين.. ما على الرسول إلا البلاغ:

كما يؤكد القرآن أيضا أن هؤلاء المشركين المعاندين لا يرون الرسول في الحقيقة كذابا، ولا يعتقدون أنه يكذب على الله فيما جاء به، وهم لم يجربوا عليه كذبا، ولكنهم يجحدون بالآيات الدالة على صدقه بإنكارها بألسنتهم فقط وإن استيقنتها أنفسهم، وما ذاك إلا لاستكبارهم وعلوهم وعنادهم وظلمهم،

* قال سبحانه وتعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [الأنعام: 33]

* وقال - عز وجل - عن قوم فرعون: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [النّمل: 14]

والنتيجة الطبيعية التي تترتب على هذا الموقف المكرور، الذي كأنما تواصى به الطاغون على مدار القرون، ألا يحفل الرسول - صلى الله عليه وسلم - بتكذيب المشركين. فهو غير ملوم على ضلالهم، ولا مقصر في هدايتهم:

* فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ [الذاريات: 54]

إنما هو مذكر، فعليه أن يذكر، وأن يمضي في التذكير، مهما أعرض المعرضون وكذب المكذبون:

* وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات: 55]

ولا تنفع غيرهم من الجاحدين. والتذكير هو وظيفة الرسل. والهدى والضلال خارجان عن هذه الوظيفة، والأمر فيهما إلى الله وحده[4].

الخلاصة:

· أمر دأبت عليه كل الأمم، فالكفر كله ملة واحدة كأنما توحدوا بذلك على مدار القرون.

·المكذبون لم يتواصوا بشيء إنما هي طبيعة الطغيان وتجاوز الحق والقصد تجمع بين اللاحقين والغابرين.

·وظيفة الرسول البلاغ والتذكير، أما الهدى والضلال فالأمر فيهما لله وحده.

· مشركو مكة لم يكذبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما أنكروا الآيات ورفضوا الإيمان بها ظلما وعلوا واستكبارا على الحق - رغم تيقنهم من كونه حقا - قال سبحانه وتعالى: (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) (الأنعام:33).

المراجع
  1. (*) الآيات التي وردت فيها الشبهة: (المؤمنون/ 25، 38، سبأ/ 8، الشعراء/ 153، 158، 186، ص/ 4، الذاريات/ 39، 52، القمر/ 9، 25، هود/ 54، الصف/ 6). الآيات التي ورد فيها الرد على الشبهة: (الذاريات/ 53، البقرة/ 118، الأنعام/ 33، النمل/ 14).
  2. التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور، دار سحنون، تونس، د. ت، مج13، ج2، ص22.
  3. التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور، دار سحنون، تونس، د. ت، مج13، ج27، ص23.
  4. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، مصر، ط13، 1407هـ/ 1987م، ج6، ص3386.
  5. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، مصر، ط13، 1407هـ/ 1987م،،ج6، ص3386.