الباطن
هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...
العربية
المؤلف | |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | الإيمان بالرسل |
يدعي بعض المتوهمين اليهود أن الذبيح هو إسحاق - عليه السلام -، وليس إسماعيل - عليه السلام - كما جاء في القرآن الكريم، ويهدفون من وراء ذلك إلى نسبة الشرف والتضحية والفداء لأنفسهم وأجدادهم، مجردين العرب من كل فضل.
وجوه إبطال الشبهة:1) سياق الآيات في القرآن الكريم يدل على أن الذبيح هو إسماعيل، وليس إسحاق - عليه السلام - وكذلك السنة النبوية المطهرة.
2) النصوص الواردة في التوراة بشأن الذبيح تدل على أنه إسماعيل - عليه السلام - وقد أصابها التحريف بحذف اسم إسماعيل - عليه السلام -، ووضع إسحاق - عليه السلام - مكانه؛ ليرفعوا من شأن من انتسبوا إليه.
3) اقتداء المسلمين بأبيهم إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - في مناسك الحج يدل على أن الذبيح إسماعيل، وإلا فلماذا اختص المسلمون دون غيرهم من اليهود بأداء هذه المناسك؟!!
التفصيل: أولا. سياق الآيات في القرآن يدل على أن الذبيح هو إسماعيل - عليه السلام - وليس إسحاق - عليه السلام - وكذلك السنة النبوية المطهرة:جاءت آيات سورة الصافات ناطقة بأن الذبيح هو إسماعيل - عليه السلام -
* قال تعالى على لسان إبراهيم: (رب هب لي من الصالحين (100) فبشرناه بغلام حليم (101) فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين (102) فلما أسلما وتله للجبين (103) وناديناه أن يا إبراهيم (104) قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين (105) إن هذا لهو البلاء المبين (106) وفديناه بذبح عظيم (107) وتركنا عليه في الآخرين (108) سلام على إبراهيم (109) كذلك نجزي المحسنين (110) إنه من عبادنا المؤمنين (111) وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين (112) وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين (113) [الصافات.]
ولا شك أن الضمير في "عليه" راجع إلى الذبيح وهو إسماعيل - عليه السلام - فالآيتان بالبشرى بإسحاق - عليه السلام - بعد ذكر القصة صريحتان، في أن إسحاق - عليه السلام - غير الغلام الذي ابتلى الله إبراهيم - عليه السلام - بذبحه، وعود الضمير إلى الغلام الذبيح، وذكر اسم إسحاق - عليه السلام - معه صريحا يقتضي التغاير بين الذبيح وإسحاق - عليه السلام.
وأما القصة في التوراة فبطلها إسحاق - عليه السلام - حشر اليهود اسمه في هذه القصة؛ حرصا منهم على أن يكون أبوهم هو الذبيح الذي جاد بنفسه صغيرا في طاعة الله، وذلك لينالوا التشريف والتكريم الإلهي.
والآيات ذكرت سؤال إبراهيم - عليه السلام - ربه أن يهبه من الصالحين، وهو سؤال يشعر بأنه صدر منه قبل إنجابه فتكون إجابة الله بأن رزقه ابنه الأول وهو إسماعيل عليه السلام.
والله تعالى وصف الغلام الموهوب بأنه حليم فقال: (فبشرناه بغلام حليم (101)( (الصافات)، بينما وصف إسحاق بأنه عليم فقال: )قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم (53)( (الحجر)، حيث كانت أمه سارة حاضرة هذه البشرى وتوضحها آية هود:(وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب (71)( (هود).
إن الآيات في سورة الصافات بعد أن فرغت من قصة الذبيح أخبرت أن الله كافأ الوالد على صبره على البلاء بأمرين، أولهما: فداء ابنه بذبح عظيم، ثانيهما: بشارته بإسحاق نبيا من الصالحين.
وعطف الحديث عن إسحاق - عليه السلام - في قوله: (وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين (112)( (الصافات) على قوله تعالى: (فبشرناه بغلام حليم (101)( (الصافات)، يدل على أن الذبيح غير إسحاق؛ لأن العطف يقتضي المغايرة وما ذاك إلا إسماعيل عليه السلام.
ويؤكد ذلك أن الضمير في كلمة "عليه" في قوله تعالى: )وباركنا عليه وعلى إسحاق( (الصافات: 113) يعود على الغلام الحليم ولا يعود على إبراهيم - عليه السلام - لأنه لو عاد عليه - أي إبراهيم - لكان في ذكر إسحاق - عليه السلام - عبث يتنزه الكلام عنه؛ لأن إسحاق - عليه السلام - من ذرية إبراهيم - عليه السلام - فكأنه ذكر مرتين.
إن الله - عز وجل - قد بشر سارة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب - عليهما السلام -، فكيف يأمر الله إبراهيم بذبح إسحاق - عليه السلام - وقد أخبره أنه سيكبر ويتزوج ويولد له ولد اسمه يعقوب[1]؟
"وقال محمد بن إسحاق عن بريدة عن سفيان بن فزوة الأسلمي، عن محمد بن كعب: أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - وهو خليفة إذ كان معه بالشام يعني استدلاله بقوله بعد العصمة: (فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب)(هود:71)، فقال له عمر: إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام، كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علمائهم، قال: فسأله عمر بن عبد العزيز: أي ابن إبراهيم - عليه السلام - أمر بذبحه؟ فقال: إسماعيل - عليه السلام - والله يا أمير المؤمنين، وإن اليهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر فيه، والفضل الذي ذكره الله منه لصبره لما أمر به، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق - عليه السلام - لأن إسحاق - عليه السلام - أبوهم"[2].
ثانيا. دلت التوراة على أن الذبيح هو إسماعيل، وليس إسحاق - عليه السلام -:إن المتصفح لما ورد في التوارة بشأن الذبيح، يجد أن الأوصاف التي ذكروها عن الذبيح تنطبق تماما على إسماعيل دون إسحاق - عليهما السلام - وهذا يدل صراحة على تحريف اليهود قصة الذبيح حيث جعلوا إسحاق مكان إسماعيل - عليهما السلام -، والدليل على ذلك من التوراة نفسها؛ حيث وصفت الذبيح بأنه ولد إبراهيم - عليه السلام - الوحيد، أي: الذي ليس له سواه، وهو ما يدل على سخاوة نفس إبراهيم - عليه السلام - بولده الوحيد بذبحه امتثالا لأمر ربه له في المنام، أما إسحاق فلم يكن وحيدا لإبراهيم في يوم من الأيام؛ لأن إسحاق - عليه السلام - ولد وإسماعيل عنده أربع عشرة سنة، كما صرحت التوراة بذلك، وبقي إسماعيل - عليه السلام - إلى أن مات أبوه إبراهيم - عليه السلام - وحضر إسماعيل - عليه السلام - وفاته ودفنه، وكذلك فإن قضية ذبح إسحاق - عليه السلام - تناقض الوعد الذي وعد به إبراهيم - عليه السلام - من أن إسحاق - عليه السلام - سيكون له نسل[3].
فهذه مصارحة بأن الذبيح هو إسماعيل - عليه السلام - ولكن الحقد والحسد والكراهية اليهودية للعرب تدفعهم إلى نكران كل حقيقة، وتبديل كل نص صحيح.
وثمة دليل آخر من التوراة يثبت أن الذبيح هو إسماعيل - عليه السلام - لأن إسماعيل - عليه السلام - هو الذي أقام بمكة وليس إسحاق
جاء في سفر التكوين: "فبكر إبراهيم صباحا وأخذ خبزا وقربة ماء وأعطاهما لهاجر واضعا إياهما على كتفها والولد وصرفها. فمضت وتاهت في برية بئر سبع". (التكوين21: 14)، "وسكن في برية فاران وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر". (التكوين21: 21).
والذي يلاحظ من العددين السابقين من سفر التكوين أن البلاد التي سكنها إسماعيل - عليه السلام - وأمه إنما هي برية بئر سبع، ثم ذهب إلى فاران. ولم يذكر الوادي الذي هو مكة اليوم، وفاران تطلق على مواضع منها جبال مكة.
ويدل على أن إسماعيل - عليه السلام - سكن مكة ما جاء في سفر التكوين: "وسكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر حينما تجيء نحو أشور. أمام جميع إخوته نزل". (التكوين 25: 18)[4]. فهل ذهب إسحاق - عليه السلام - إلى مكة؟! والأدلة الثابتة تاريخيا تؤكد وتثبت أن قصة الذبح تمت في مكة.
وبهذا يتضح جليا بطلان زعم اليهود بأن الذبيح هو إسحاق - عليه السلام - كما يتضح أن الذبيح هو إسماعيل - عليه السلام - بنص التوراة والقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
ثالثا. إسماعيل - عليه السلام - هو الذي أقام بمكة وليس إسحاق عليه السلام:لقد أقام سيدنا إسماعيل - عليه السلام - بمكة منذ أن جاء مع أمه طفلا رضيعا في القصة المشهورة، ثم أتم بناء البيت مع أبيه؛
* قال تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: 127]
ثم دفن نبي الله إسماعيل بالحجر مع أمه هاجر، وكان عمره يوم أن مات مائة وسبعا وثلاثين سنة[5].
وبناء على هذا فلو كان الذبيح إسحاق - عليه السلام - لكانت مسألة الذبح والفداء وما يتعلق بهما من مناسك قد وقعت بأرض الشام، حيث عاش هناك سيدنا إسحاق، أما وهي تفعل في أرض الحجاز حيث ولد وعاش إسماعيل - عليه السلام - فهذا دليل من الواقع على أن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام[6].
ومما يؤكد هذا: أن إبراهيم بنى بيتا لله بمكة قبل أن يبني بيتا آخر بنحو أربعين سنة، كما في حديث أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن شأن بيوت العبادة في ذلك الزمان أن تقرب فيها القرابين، فقربان أعز شيء على إبراهيم - عليه السلام - هو المناسب لكونه قربانا لأشرف هيكل، وقد بقيت في العرب سنة الهدايا في الحج كل عام، وما تلك إلا تذكرة لأول عام أمر فيه إبراهيم - عليه السلام - بذبح ولده وأنه الولد الذي بمكة... ولقد وردت روايات في حكمة تشريع الرمي في الجمرات من عهد الحنيفية، أن الشيطان تعرض لإبراهيم - عليه السلام - ليصده عن المعنى من ذبح ولده، وذلك من مناسك الحج لأهل مكة، ولم تكن لليهود سنة "ذبح معين"[7].
وقال سفيان: لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت فاحترقا. وكذا روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رأس الكبش لم يزل معلقا عند ميزاب الكعبة حتى يبس[8].
مما سبق يتضح لنا أن الذبيح هو إسماعيل - عليه السلام - لأنه هو المقيم بمكة، ولا نعلم هل قدمها إسحاق - عليه السلام - في حال صغره أم لا، والله أعلم.
الخلاصة:·تشير الآيات الواردة في القرآن الكريم إلى أن الذبيح هو إسماعيل - عليه السلام - وذلك لأن الله تعالى بعد ما وضح صبر إبراهيم - عليه السلام - وامتثاله لأمر الله - عز وجل - بشره بمولود له جديد اسمه إسحاق، ومن ذريته يعقوب - عليهما السلام - وإلا فكيف يبشره بإسحاق ومن ورائه يعقوب - عليه السلام - ثم يأمر إبراهيم - عليه السلام - أن يذبحه؟! والقرآن أقوى في حجته من التوراة؛ لأنه لم يصبه التحريف كالتوراة التي أخبرنا الله تعالى بتحريفها، ومن أصدق من الله قيلا.
·تدل النصوص الواردة في التوراة على أن الذبيح هو إسماعيل - عليه السلام ـوليس إسحاق، وذلك لأن الابن الوحيد والبكر لسيدنا إبراهيم هو سيدنا إسماعيل - عليه السلام - وليس إسحاق - عليهم السلام جميعا - حيث تعترف التوراة بأن إسحاق - عليه السلام - ولد وعمر إسماعيل - عليه السلام - أربع عشرة سنة، فكيف يكون البكر؟! وكيف يكون الوحيد؟! وهذا يدل على تحريف اليهود للتوراة بذكرهم إسحاق - عليه السلام - بدلا من إسماعيل - عليه السلام - ليكون لهم الفضل والشرف دون أمة العرب أبناء إسماعيل عليه السلام.
·اختصاص الله - عز وجل - أمة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بأداء مناسك الحج، اقتداء بسنة أبيهم إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - فلماذا لم يؤمر اليهود بأداء هذه المناسك إن كان الذبيح هو إسحاق - عليه السلام - الذي ينتسبون إليه؟! ولماذا كانت هذه المناسك في مكة موطن إسماعيل، ولم تكن في الشام موطن إسحاق عليه السلام؟! ألا تعد كل هذه الدلائل كافية على أن الذبيح هو إسماعيل - عليه السلام - لا إسحاق عليه السلام!