البحث

عبارات مقترحة:

الوارث

كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

المحيط

كلمة (المحيط) في اللغة اسم فاعل من الفعل أحاطَ ومضارعه يُحيط،...

هل كان عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضيَ اللهُ عنه يقدِّمُ المصالحَ العُلْيا للشريعةِ على الأحكامِ الجزئيَّة؟

العربية

المؤلف باحثو مركز أصول
القسم موسوعة الشبهات المصنفة
النوع صورة
اللغة العربية
المفردات علم أصول الفقه
الجواب المختصر:

مضمونُ السؤال: يقومُ السائلُ بجمعِ بعضِ الأخبارِ في تركِ عُمَرَ العملَ ببعضِ الأحكام؛ ليزعُمَ أن ذلك هو تركٌ للنصِّ بسببِ المصلحة، وتقديمٌ للمصلحةِ على النصّ، والذي يريدُ أن يَصِلَ إليه السائلُ: هو التسويغُ للاتِّجاهِ المعاصِرِ الذي يَرَى تركَ النصوصِ بحجَّةِ المصلحةِ في مجالاتٍ مختلِفة.

مختصَرُ الإجابة:

عُمَرُ رضيَ اللهُ عنه كان وقَّافًا عند حدودِ الله، والفهمُ الصحيحُ لكلِّ واقعةٍ مِن الوقائعِ التي يُدَّعَى أنه قدَّم فيها المصلحةَ على النصوصِ، يدُلُّ على تعظيمِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنه للنصوصِ نفسِها، لا على نقيضِ ذلك.

ففي تلك الحوادثِ: إما أن المسألةَ لم تكتمِلْ فيها الشروطُ التي جاء بها النصُّ لتطبيقِ الحكم، أو أنها اجتمَعتْ فيه صفةٌ لحكمٍ آخَرَ جاء به النصُّ، أو لغيرِ ذلك، وفي كلِّ الأحوال: فهو عملٌ بالنصوصِ، لا تركٌ لها. وعلى ذلك: فلا يُمكِنُ أن تُترَكَ النصوصُ لأجلِ مصلحةٍ لا يدُلُّ نصٌّ عليها؛ لأن مَن أنزَلَ تلك النصوصَ هو اللهُ تعالى، وهو أكمَلَ الدينَ، وأتمَّ النعمةَ، وهو عليمٌ حكيمٌ خبير؛ يَعلَمُ المصالحَ باختلافِها واختلافِ الزمانِ والمكانِ والأحوال، وبالتالي: فكلُّ مصلحةٍ معتبَرةٍ، فله سبحانه نصٌّ يدُلُّ عليها، أو على جنسِها؛ فالنصوصُ جاءت بجلبِ المصالحِ أصلًا، وأما ما

عارَضَ النصوصَ، فهو مصلحةٌ متوهَّمةٌ، كما أن المصلحةَ معنًى واسعٌ، فاحتاجتْ للضبطِ، والنصوصُ أوضحُ ما يَضبِطُها


الجواب التفصيلي:

الجوابُ التفصيليّ:

إن كثيرًا ممَّن يوظِّفُ هذه الاجتهاداتِ في سياقِ هَدْرِ أحكامِ الشريعةِ التفصيليَّةِ، إنما يوظِّفُها لا قَنَاعةً بهذه الاجتهادات، وإنما لأنه يجدُ فيها الأداةَ الأنسَبَ لتمريرِ المشروعِ العَلْمانيِّ في بيئةٍ لا يُمكِنُ أن تُمرَّرَ فيها القِيَمُ العَلْمانيَّةُ إلا بغطاءٍ شرعيٍّ؛ ولذلك تَظهَرُ عدمُ الجِدِّيَّةِ والصدقِ في التعامُلِ مع تلك الوقائع؛ وذلك بعدمِ الاهتمامِ بدفعِ الأجوبةِ العلميَّةِ على الاحتجاجِ الباطلِ بها، وإنما يَتِمُّ ذِكرُها، وعلى الطرفِ المقابِلِ تقديمُ الإجابات، ثم لا يهتمُّ أصحابُ الشبهةِ بمضمونِ تلك الإجابات، وكأنه حِوارٌ مِن طرَفٍ واحد.

ويتبيَّنُ الجوابُ عن هذه الشبهةِ مِن وجوه:

1- عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضيَ اللهُ عنه كان وقَّافًا عند حدودِ الله:

إن مِن الواجبِ علينا جميعًا أن نُدرِكَ أن جِيلَ الصحابةِ - الذي ينتمي له عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضيَ اللهُ عنه - هو أعظمُ أجيالِ أمَّةِ الإسلام، وأكثرُها عملًا بالمقاصدِ العُلْيا للشريعةِ الإسلاميَّة، وكان صلاحُ حالِهم، وعظيمُ منزلتِهم، إنما هو بتعظيمِهم للوحي.

وهذه الشبهةُ تتضمَّنُ انتقائيَّةً في النظرِ في مواقفِ وسِيرةِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنه؛ فمَن نظَرَ في سيرةِ الفاروقِ رضيَ اللهُ عنه نظرةً شاملةً، وجَدَ أنه كان وقَّافًا عند حدودِ الله، وقد دلَّت على ذلك مواقفُ كثيرةٌ:

منها: ما جاء عن عابسِ بنِ رَبِيعةَ، عن عُمَرَ رضيَ اللهُ عنه: أنه جاء إلى الحجَرِ الأسوَدِ، فقبَّله، فقال:

«إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ^ يُقَبِّلُكَ، مَا قَبَّلْتُكَ»

رواه البخاري (1597)، ومسلم (1270).

ومنها: ما جاء عن سعيدِ بنِ المسيِّبِ؛ أن عُمَرَ رضيَ اللهُ عنه قال: «الدِّيَةُ للعاقِلةِ، ولا تَرِثُ المرأةُ مِن دِيَةِ زوجِها»، حتى أخبَرهُ الضحَّاكُ بنُ سُفْيانَ الكِلابيُّ؛ أن رسولَ اللهِ ^ كتَبَ إليَّ: «أنْ أُوَرِّثَ امرأةَ أَشْيَمَ الضِّبَابيِّ مِن دِيَة زَوْجِها»، فرجَعُ عُمَرُ عن قولِه؛ رواه أبو داودَ (2929)، والتِّرمِذيُّ (2110)، وابنُ ماجهْ (2642).

ومنها: ما جاء عن سعيدٍ أيضًا: أن عُمَرَ رضيَ اللهُ عنه جعَلَ في الإبهامِ خمسَ عَشْرةَ، وفي السبَّابةِ عَشْرًا، وفي الوُسْطى عَشْرًا، وفي البِنصَرِ تسعًا، وفي الخِنصَرِ ستًّا، حتى وجَدْنا كتابًا عند آلِ حَزْمٍ، عن رسولِ اللهِ ^: «أَنَّ الْأَصَابِعَ كُلَّهَا سَوَاءٌ»؛ فأخَذَ به»؛ رواه عبدُالرزَّاق (17698).

وهذه المواقفُ مما لا يُلْقِي لها أصحابُ هذه الشبهةِ بالًا؛ وهذا مخالِفٌ للمنهجِ العلميّ.

2- التطبيقاتُ الفقهيَّةُ المذكورةُ في السؤالِ إذا أُعطِيَتْ حقَّها مِن الدَّلالةِ، كانت دليلًا على فِقهِ عُمَرَ، وعميقِ تعظيمِهِ للوحيِ والنصوص، لا على ضدِّ ذلك مِن تعطيلِ النصوصِ وهَدْرِها:

أ- فتعطيلُ حَدِّ السرقةِ في عامِ الرَّمَادة:

هو - في حقيقتِهِ - ناشئٌ عن قيامِ الشبهةِ المانعةِ مِن إقامةِ الحدّ؛ فمجرَّدُ السرقةِ غيرُ موجِبٍ لإقامةِ الحدّ؛ حتى تتوافَرَ شروطُهُ الشرعيَّةُ، وتنتفِيَ الموانعُ؛ فمما اشترَطَتْهُ الشريعةُ لوجوبِ القطع:

- أن يبلُغَ المسروقُ نِصابًا.

- وأن يكونَ مِن حِرْزٍ.

- وألا يكونَ فيه شبهةُ تملُّكٍ.

- وألا يكونَ آخِذُهُ محتاجًا لسدِّ رَمَقِه.

وهذا الشرطُ الأخيرُ كان حاضرًا في مشهدِ عامِ الرَّمَادة؛ فقامت الشبهةُ في تلك الظروفِ بأن الشخصَ إنما سرَقَ مِن مَجاعةٍ مضطَرًّا؛ فقال عُمَرُ رضيَ اللهُ عنه:

«لَا قَطْعَ فِي عِذْقٍ، وَلَا فِي عَامِ السَّنَةِ»

رواه عبدُالرزَّاقِ (18990).

وإذا كانت الشبهةُ قائمةً، فالشريعةُ تَدرَأُ الحدَّ بها، كما هو معلومٌ مستفيضٌ فيها؛ بحيثُ نَصَّ على ذلك غيرُ واحدٍ مِن الصحابةِ، حتى عُمَرُ نفسُهُ رضيَ اللهُ عنه؛ حيثُ يقولُ:

«لَأَنْ أُعَطِّلَ الحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُقِيمَهَا بِالشُّبُهَاتِ»

رواه ابنُ أبي شَيْبةَ (29085).

وهو أصلٌ مطَّرِدٌ طبَّقه عُمَرُ في غيرِ هذه الواقعة؛ كما جاء عن يحيى بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ حاطبٍ، قال: «أَصَابَ غِلْمَانٌ لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ بِالْعَالِيَةِ نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، فَانْتَحَرُوهَا وَاعْتَرَفُوا بِهَا, فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ, وَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَعْبُدُكَ قَدْ سَرَقُوا وَانْتَحَرُوا نَاقَةَ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَاعْتَرَفُوا بِهَا, فَأَمَرَ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ, ثُمَّ أَرْسَلَ بَعْدَمَا ذَهَبَ، فَدَعَاهُ، وَقَالَ:

«لَوْلَا أَنِّي أَظُنُّ أَنَّكُمْ تُجِيعُونَهُمْ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ أَتَى مَا حَرَّمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، لَقَطَعْتُ أَيْدِيَهُمْ, وَلَكِنْ وَاللهِ، لَئِنْ تَرَكْتُهُمْ، لَأُغَرِّمَنَّكَ فِيهِمْ غَرَامَةً تُوجِعُكَ، فَقَالَ: كَمْ ثَمَنُهَا؟ لِلْمُزَنِيِّ, قَالَ: كُنْتُ أَمْنَعُهَا مِنْ أَرْبَعِ مِئَةٍ, قَالَ: فَأَعْطِهِ ثَمَانَ مِئَةٍ»

رواه البَيهَقيُّ في «سننِهِ» (17064).

ب- وأما تركُ إعطاءِ المؤلَّفةِ قلوبُهم مِن الزكاة:

فإن ما قام به عُمَرُ رضيَ اللهُ عنه هو تركُ إعطاءِ الأَقرَعِ بنِ حابسٍ، وعُيَينةَ بنِ حِصْنٍ مِن ذلك السهمِ؛ لعدمِ تحقُّقِ مَناطِ الإعطاءِ في الحالةِ التي طلَبَا فيها مِن ذلك؛ إذ المَناطُ هو تأليفُ القلوب، وكان ذلك منتفِيًا في حالتِهِما؛ فقال لهما عُمَرُ رضيَ اللهُ عنه:

«إِنَّ رَسُولَ اللهِ ^ كَانَ يَتَأَلَّفُكُمَا، وَالْإِسْلَامُ يَوْمَئِذٍ ذَلِيلٌ؛ وَإِنَّ اللهَ قَدْ أَعَزَّ الْإِسْلَامَ؛ فَاذْهَبَا»

رواه البَيهَقيُّ في «سننِهِ» (12968).

ج- أما قتلُ الجماعةِ بالواحد:

فإن النصَّ يدُلُّ على ما قام به عُمَرُ رضيَ اللهُ عنه؛ لأن اللهَ تعالى قال:

﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾

[المائدة: 45]

والتعريفُ في «النَّفْسِ» يرادُ به الجنسُ، لا المفرَدُ، والباءُ للسببيَّة، أي: إنْ كانت نفسٌ شارَكتْ في القتلِ، تُقتَلُ بالنفسِ التي قُتِلت، أي: بسببِ هذه النفسِ المقتولة.

والمخالِفون في هذه المسألةِ - كالظاهريَّةِ - لم يكن مأخَذُهم أن في المسألةِ تعطيلَ نصٍّ للمصلحة، وإنما هو اختلافٌ في فهمِ النصِّ؛ حيثُ فَهِموا مِن الآيةِ: أنه لا يؤخَذُ بالنفسِ أكثرُ مِن نفسٍ واحدةٍ، واحتجَّ سائرُ الفقهاءِ عليهم: بإجماعِ الصحابةِ في المسألة؛ فلم يكن لمسألةِ المصلحةِ مدخلٌ لأحدٍ مِن الفريقَيْن.

3- لا يُمكِنُ أن تُترَكَ النصوصُ لأجلِ مصلحةٍ لا يدُلُّ نصٌّ عليها:

لأن مَن أنزَلَ تلك النصوصَ هو اللهُ تعالى، وهو أكمَلَ الدينَ، وأتمَّ النعمةَ، وهو عليمٌ حكيمٌ خبير؛ يَعلَمُ المصالحَ باختلافِها واختلافِ الزمانِ والمكانِ والأحوال، وبالتالي: فكلُّ مصلحةٍ معتبَرةٍ، فله سبحانه نصٌّ يدُلُّ عليها، أو على جنسِها؛ فالنصوصُ جاءت بجلبِ المصالحِ أصلًا، وأما ما عارَضَ النصوصَ، فهو مصلحةٌ متوهَّمةٌ.

وبَقِيَ الشأنُ في النظرِ في النصوصِ: أيُّها أقربُ للحادثةِ الواقعة، وهذا هو شأنُ علومٍ مختلِفةٍ؛ كأصولِ الفقه.

4- المصلحةُ معنًى واسعٌ، فاحتاجتْ للضبطِ، والنصوصُ أوضحُ ما يَضبِطُها:

فلفظُ «المصلحةِ» مِن الألفاظِ التي ابتُذِلَتْ في هذا الزمان؛ وذلك بجعلِهِ وسيلةً للاحتيالِ على الأوامرِ والنواهي الربَّانيَّة، حتى لَيُخَيَّلُ للمرءِ أن الأحكامَ الشرعيَّةَ أحكامٌ متذبذِبةٌ، وأوصافٌ إضافيَّةٌ نسبيَّةٌ، منوطةٌ بما يراهُ المكلَّفُ ملائمًا لطبعِهِ أو منافرًا، أي: بما يراهُ لذيذًا أو مؤلِمًا، دون أن يكونَ للشرعِ سلطانٌ ولا حكمٌ عليه في رؤيتِهِ تلك؛ وهذا - في حقيقتِهِ - إسقاطٌ للأمرِ والنهيِ، ونقضٌ لعُرَى الشريعة.

وفي المقابِلِ: أفضى هذا التصوُّرُ بفئامٍ مِن الناسِ إلى النُّفْرةِ مِن لفظِ «المصلحةِ» مطلَقًا؛ فإذا قال له الفقيهُ: «إن هذا الأمرَ مَنوطٌ بالمصلحةِ»، يظُنُّ أن الفقيهَ يتنصَّلُ بذلك مِن النصِّ، أو الأمرِ الصريحِ، ويُلْقيهِ في مهامِهَ واسعةٍ لا سلطانَ فيها لأحدٍ على أحد. وحقيقةُ الأمرِ: أن المصلحةَ عند الأئمَّةِ والفقهاءِ لا تعدو كونَها فهمًا للشرعِ بالشرع، وتحكيمًا للنصِّ على النصّ؛ ذلك أن الشريعةَ جاءت بمقاصدَ كليَّةٍ، وجاءت في كلِّ بابٍ بمقاصدَ جزئيَّةٍ، ولا يرادُ بتعليقِ الحكمِ بالمصلحةِ إلا أن يختارَ الفقيهُ في تنزيلِهِ للأحكامِ على الواقعِ القولَ الأليَقَ بهذه المقاصد.

مثالُ ذلك: أن مِن القواعدِ الفقهيَّةِ المقرَّرةِ: أن تصرُّفَ الإمامِ على الرعيَّةِ مَنوطٌ بالمصلحةِ، فإذا رُمْتَ فهمَ المصلحةِ التي أُنِيطَ بها تصرُّفُ الإمامِ، رجَعْتَ إلى مقاصدِ الشريعةِ في هذا الباب، فوجَدتَّها - بالاستقراءِ - راجعةً إلى حِرَاسةِ الدِّين، وسياسةِ الدنيا بالدِّين، أو كما يقولُ شيخُ الإسلام: «المقصودُ الواجبُ بالوِلاياتِ: إصلاحُ دِينِ الخلقِ الذي متى فاتهم، خَسِروا خسرانًا مُبِينًا، ولم يَنفَعْهم ما نَعِموا به في الدنيا، وإصلاحُ ما لا يقومُ الدِّينُ إلا به مِن أمرِ دنياهم»؛ فيكونُ معنى قولِهم: «تصرُّفُ الإمامِ على الرعيَّةِ مَنوطٌ بالمصلحةِ»: أن الإمامَ يختارُ في تصرُّفاتِهِ ما يكونُ محقِّقًا لمقصدِ إصلاحِ دِينِ الخلقِ وحراستِه. فالإحالةُ إلى المصلحةِ - إذَنْ - إحالةٌ إلى الشريعةِ نفسِها؛ لكنَّ غايةَ ما يرادُ منك في تفقُّهِكَ في الأحكامِ المَنوطةِ بالمصلحةِ: أن تَرجِعَ بضعَ خُطُواتٍ إلى الوراءِ؛ لتستشرِفَ المقاصدَ الكلِّيَّةَ للشريعةِ؛ لتهتدِيَ بهَدْيِها؛ فتصيبُ مرادَ خالقِكَ بمنِّهِ وتوفيقِه.