البحث

عبارات مقترحة:

المحيط

كلمة (المحيط) في اللغة اسم فاعل من الفعل أحاطَ ومضارعه يُحيط،...

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

من أحكام شهر شوال

العربية

المؤلف حسين بن علي بن محفوظ
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصيام -
عناصر الخطبة
  1. سبب تسمية شوال .
  2. بعض فضائل شهر شوال .
  3. ثمرات صيام الست من شوال .
  4. بعض المسائل المتعلقة بصيام ست شوال .
  5. أحكام صومِ الست من شوال .

اقتباس

معشر المؤمنين: إن المؤمن لا يزال يتقلب في طاعة الله -تعالى-، ويتنقل بين العباداتِ اللازمة والمتعدية، وما إن يخرجُ من موسمٌ إلا ويدخل آخر للتجارة مع الله، والفوزِ في الآخرة. وقد خرجنا من شهر رمضان الذي لا تخفى فضائلُه، ونحن نعيش هذه الأيام شهرَ شوال، فما هي أحكامُ هذا الشهر؟ لماذا سمي بشهرِ شوال؟ وما هي فضائلُه؟ وما ...

الخطبة الأولى:

المقدمة.

الوصية بالتقوى.

معشر المؤمنين: إن المؤمن لا يزال يتقلب في طاعة الله -تعالى-، ويتنقل بين العباداتِ اللازمة والمتعدية، وما إن يخرجُ من موسمٌ إلا ويدخل آخر للتجارة مع الله، والفوزِ في الآخرة.

وقد خرجنا من شهر رمضان الذي لا تخفى فضائلُه، ونحن نعيش هذه الأيام شهرَ شوال، فما هي أحكامُ هذا الشهر؟ لماذا سمي بشهرِ شوال؟ وما هي فضائلُه؟ وما هي أحكامُ صومِ الستِ من شوال؟ وغيرِ ذلك من الأمور.

وسأتحدث في خطبتي هذه عن بعض تلك الأحكام، وأمرُّ عليها مرورَ الكرام، إذ أن المقام لا يقتضي الاستطراد والتطويل.

عباد الله: اعلموا أنّ العربَ كانت قد سمّت الشّهورَ يومَ سمّتها بحسَبِ ما يتّفقُ لها من الأحوال والأحداث، فكما سمّت شعبانَ لأجل تشعّبِهم وتفرّقهم للبحث عن المياه، ورمضانَ لكثرة الرّمَض والحرّ الّذي صادفهم خلاله، كذلك الأمرُ فيما يخصّ شهرَ شوّال، فهو مأخوذ من الشّول بمعنى الارتفاع، ومنه الظّاء المشالة، ولا يزال سكانُ بعض البلاد إلى اليوم يعنون بها ذلك، فيقولون: "شالها" أي رفعها.

وقد ذكر العلماءُ سببين لذلك:

الأوّل: أنّ الثّمارَ والزّروعَ جفّت فيه، فالخير فيه يرتفع.

الثّاني: أنّ النّاقةَ تمتنع عن البعير فلا تدعه يطأها، فيقال: "شالت النّاقة".

ومن فضائلِه: أن فيه صومَ الست، قال الإمامُ المناوي: "خُصَّ شوال؛ لأنه زمنٌ يستدعي الرغبةَ فيه إلى الطعامِ؛ لوقوعه عقِبَ الصومِ، فالصومُ حينئذٍ أشقُ وثوابُه أكثر".

ومن فضائله: أَنه أوّلُ أَشْهُرِ الحج, وهي: شوال, وذو القِعدة, وعَشْرٌ من ذي الحِجة، فلا يَجُوزُ لأحدٍ أن يُحْرِمَ بالحجِّ في غيرِها، كما قال تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ) [البقرة: 197].

قال ابنُ عمرَ -رضي اللهُ عنهما-: "أشهُرُ الحجِّ: شوال, وذو القعدة, وعَشْرٌ مِن ذي الحجة".

وهو يومُ توسعةٍ بما يُخرجه المسلمون من صدقاتِ فطرهم قبل صلاةِ العيد، فلا يدخلُ هذا اليوم العظيمُ إلا وقد وسَّع اللهُ -سبحانه- على المسلمين، فيدخلُ الفرحُ والسرورُ على غنيهم وفقيرهم.

عباد الله: وقد ثبت في صحيحِ مسلمٍ من حديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر".

وما رواه أحمد في المسند  وابن ماجة عن ثوبان -رضي الله عنه- مولَى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه قال: "من صام ستةَ أيامٍ بعد الفطر، كان تمامَ السنة: (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) [الأنعام: 160]. [وصححه الألباني في "صحيح الجامع"، (12274)].

قال الإمام النووي -رحمه الله-: "قال العلماء: "وإنما كان كصيام الدهر؛ لأن الحسنةَ بعشرِ أمثالها، فرمضانُ بعشرةِ أشهر، والستةُ بشهرين".

أما ثمراتُ صيامِ الست وفوائدُها، كما يقول الحافظ ابن رجب -رحمه الله-:

- إن صيامَ ستةَ أيامٍ من شوالٍ بعد رمضانَ يُستكمَلُ بها أجرَ صيامِ الدهرِ كله.

2- إن صيامَ شوالٍ وشعبانَ، كصلاةِ السنن الرواتبِ قبل الصلاةِ المفروضةِ وبعدها، فيكمِّلُ بذلك ما حصل في الفرضِ من خللٍ ونقص، فإن الفرائضَ تُكمَّل بالنوافلِ يوم القيامة.

وأكثرُ الناس في صيامه للفرض نقصٌ وخلل، فيحتاج إلى ما يُجبره من الأعمال.

3- إن معاودةَ الصيامَ بعد صيامِ رمضانَ علامةٌ على قبول صومِ رمضان، فإن الله -تعالى- إذا تقبل عملَ عبد، وفقه لعمل صالحٍ بعده.

4- إن صيامَ رمضانَ يوجبُ مغفرةَ ما تقدم من الذنوب، كما سبق ذكره.

5- إن الصائمين لرمضانَ يوفَّون أجورَهم في يوم الفطر، وهو يوم الجوائز فيكون معاودةَ الصيام بعد الفطرِ شكراً لهذه النعمة.

ومن المسائل المهمة التي تتعلق بصيام هذه الست:

- يعتقدُ بعضُ الناسِ أنه إذا صام الست من شوال هذه السنة، فلا بد أن يعاود الصيام في كل سنة، وهذا غيرُ صحيح، فالأمرُ بالخيار إن شاء صام هذه السنة وأفطر السنةَ التي بعدها، فليس الأمرُ ملزماً بالصيام في كل سنة.

- يبدأ صيامُ الست من شوال من ثاني أيام العيد، وينتهي بنهاية الشهر، ولا فرقَ في أن تُصامَ هذه الأيام مفرقةً خلال شهر شوال أو متتاليةً خلف بعضها، فالأمرُ واسعٌ، والأجرُ سواء, لكن ينبغي للمسلم المسارعةُ في الخيرات والمسابقةُ إلى الأعمال الصالحة التي تقربه إلى الله -تعالى- كما قال تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الحديد: 21].

- يعتقد بعضُ الناس أن الإنسانَ إذا بدأ في صيامِ ستةِ أيامٍ من شوالٍ، فلا بد أن يكملها حتى تنتهي، ولا يُعذر بقطعِ الصيامِ بعد يومٍ أو يومين لعذرٍ أو مرضٍ أثناء الصيام، وهذا غيرُ صحيح، فالمتطوعُ أميرُ نفسه يستطيع أن يقطعَ الصيامَ في أي وقتٍ شاء ومتى شاء، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الصائمُ المتطوع أميرُ نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر" [رواه الترمذي].

الخطبة الثانية:

المقدمة.

إخوة الإسلام والإيمان: يتساءلُ البعضُ عن حكمِ أن ينويَ الإنسانُ صومَ الستِ من شوال في يومي الاثنين والخميس أو أيام البيض، وقد انتشرت الرسائل عبر الواتس آب المذكرة بذلك.

يقول الإمام العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: "إذا اتفق أن يكون صيامُ هذه الأيام الستة في يوم الاثنين أو يوم الخميس، فإنه يحصل له الأجر بنيته أجر الأيام الستة وأجر الاثنين أو الخميس".

وقد سُئل فضيلةُ شيخنا العلامة أحمد بن حسن المعلم -حفظه الله ورعاه- عن ذلك، فقال في فتوى موجودةٌ على موقعه: "إذا صادفَ صيامُ الست من شوال يومَ الاثنينِ أو يومَ الخميسِ أو صادف الثلاثَ البيضَ أو صادفها جميعًا فللصائم أن ينويَ ذلك كلَّه، وفضلُ الله واسع، فالصيامُ في يوم الاثنين والخميس مقصودٌ لفضل ذينك اليومين، وسواءٌ أكان ذلك الصومُ لمجردِ اليوم أو كان لغرضٍ شرعيٍ آخر، فيحصُل بالنية أجرُ ذلك الغرضِ ولنفرضْه الستَّ من شوال, كما أنه حينما وقع في الاثنين والخميس يحصلُ إن شاء الله للصائمِ فضيلةَ الصيام في ذلك اليوم... وهكذا صيامُ أيام البيض الذي فيه معنىً زائداً على مجرد صيامِ ثلاثة أيام من كل شهر, فإن من صام أيَّ صيامٍ قضاءً أو نفلاً فصادف الثلاثَ البيض فإنه ينالُ أجرَ من صام الثلاث البيض؛ لأن المقصودَ -والله أعلم- إيقاعُ الصيام في هذه الأيام لذاتها وقد حصل، فينال أجر العملين معاً إن شاء الله".

ثم قال: "ولا ينبغي أن يُبالَغ في الدعوةِ؛ لأن تُصام الستُ من شوالٍ في وسط الشهر للحصولِ على ما ذُكر حتى لا يظنُّ أحدٌ أن السنَّة كذلك، وأن هذا الأمرَ جاءت به السُنة، وعند ذلك ننسبُ إلى الدينِ ما ليس منه، وربما كان هذا قصدُ من اعتبر الدعوةَ إلى ذلك بدعة -والله أعلم-".

أخيراً: صيامُ الست لا يصح أن نجعلها عن قضاءِ رمضان؛ لأن أيامَ الست تابعةً لرمضان فهي بمنزلة الراتبةِ للصلاة المفروضة.