الرءوف
كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...
العربية
المؤلف | عادل العضيب |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - التاريخ وتقويم البلدان |
جاءت الريح لتقول: إن القوة لله جميعا، فلو أراد العالم أجمع بما أوتي من أجهزة وتقنية ومعدات صرف هذه الريح، أو الوقوف أمامها لم يستطع، كيف لو أن الله جمَّد البحار والأنهار والمحيطات؟! كيف لو أن الله حبس الهواء؟! كيف لو أن الله صدع الأرض من تحتنا؟! كيف لو أن الله حبس الأشجار لم تثمر؟! كيف لو أن الله أعقم الأرحام فلم تحمل الدواب؟ كيف نعيش؟ نعم فإن القوة لله جميعًا.. جاءت الريح باردة، لتقول: تذكروا أن شدة البرد من برد جهنم،..
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، شرع لنا دينا قويمًا، وهدانا صراطًا مستقيمًا، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وهو اللطيف الخبير، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أدخرها لليوم العظيم، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: يا عباد الله، أيها المسلمون، عاصفة ثلجية تضرب ديارنا والديار المجاورة؛ تجعل الناس يؤوون إلى منازلهم، ويفزعون إلى ملابسهم؛ ليتقوا هواءها العاتي، وبردها القاسي، ترى لماذا تحركت هذه الريح بعد السكون؟ هل جاءت بأخبار أم تحمل أنها أسرارًا؟ نعم، إن لتحركها أحاديث وأخبارًا وحِكمًا وأسرارًا؛ فهمها من ألقى السمع وهو شهيد، وغفل عنها من اشتغل بالدنيا وغفل عن يوم الوعيد.
لقد جاءت بحِكَم وأسرار، جاءت لتقول للناس: إن لهذا الكون ربًّا، لتقول: إن الذي حرّكها من حرّك الجنين بعد أن كان نطفة في الأرحام، والله ما تحركت إلا بأمر الله، ما قطعت واديًا ولا سارت مسيرة إلا والله يعلم مستقرها ومستودعها، ما حملت من تراب ولا ماء ولا آذت إنسانًا ولا كسرت غصنًا ولا قتلت قتيلاً إلا والله يعلمه.
(وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) [الأنعام:59].
جاءت لتشهد كما شهد الكون أجمع أنه لا إله إلا الله، (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [البقرة:164].
جاءت لتعلن أنها جند من جند الله (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) [المدثر:31]، إذا شاء حرّكها فجعلها رحمة (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الأعراف:57].
وهو الذي حرّكها نصرةً لرسله وعباده المؤمنين، كما نصر بها رسوله -عليه الصلاة والسلام- في غزوة الأحزاب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) [الأحزاب:9].
وقال عليه الصلاة والسلام: "نُصرِت بالصبا، وأُهلكت عادة بالدبور".
وإذا شاء سخّرها لعبد من عباده كما سخّرها لسليمان -عليه السلام-، قال الله تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ) [سبأ:12]، أي: تجري من أول النهار، تسافر مسيرة شهر، ومن منتصف النهار إلى آخره مسيرة شهر، فكان إذا أراد السفر جلس على بساط وحملته الريح، بإذن الله.
وقد ذكر أن سليمان -عليه السلام- خرج مسافرًا وخرج أهله وحاشيته معه، ولما كان في الهواء مر على حرّاث يحرث أرضه فحجب موكبه ضوء الشمس، فنظر المزارع فإذا بسليمان، فقال: "سبحان الله، لقد أُوتي آل داود مُلكًا عظيمًا"، فألقت الريح الكلمة في أذن سليمان، فأمر الريح فهبطت به عند الحراث، ثم قال له: "لتسبيحة واحدة يقبلها الله منك خير مما أوتي آل داود".
وإذا شاء حركها فجعلها عقيمة وأودعها عذابًا أليمًا، قال جل وعلا: (أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا) [الإسراء:69].
وقال جل وعلا: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) [الأحقاف:25].
ولقد مزّق الله أمة شديدة البأس عظيمة السلطان بريح صرصر عاتية، لما عتوا عن أمر ربهم فكانت الريح تأخذ الرجل، وتحمله في السماء، ثم تلقيه على الأرض، وقد انفصل رأسه عن جسده، قال ربنا -جل وعلا-: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ) [الحاقة: 6- 8].
يا ألله يا ألله، سخّرها عليهم سبع ليال وثمانية حسومًا، الناس في هذه الأيام يدخلون ويخرجون وهم يشتكون مع وجود البيوت والملابس والمدافئ والسيارات، مع أن العاصفة لم تكن بتلك الشدة، مع أن الذي وصلنا منها السير منها، كيف لو أن الله -وأعوذ بالله- أرسلها عذابًا وانتقامًا؟ اسمعوا إلى كلام الله: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ) [فصلت: 15- 16].
جاءت الريح لتقول: إن القوة لله جميعا، فلو أراد العالم أجمع بما أوتي من أجهزة وتقنية ومعدات صرف هذه الريح، أو الوقوف أمامها لم يستطع، كيف لو أن الله جمَّد البحار والأنهار والمحيطات؟! كيف لو أن الله حبس الهواء؟! كيف لو أن الله صدع الأرض من تحتنا؟! كيف لو أن الله حبس الأشجار لم تثمر؟! كيف لو أن الله أعقم الأرحام فلم تحمل الدواب؟ كيف نعيش؟ نعم فإن القوة لله جميعًا.
جاءت الريح باردة، لتقول: تذكروا أن شدة البرد من برد جهنم، قال عليه الصلاة والسلام: "اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضًا، فجعل لها نَفَسين، نفَس في الشتاء ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير".
هذا نفَسها ونحن نتقي البرد بما نشاء، ونهرب منه إلى حيث نشاء، كيف يدري الذين عريت أجسادهم، وأغلقت الأبواب عليهم فلا يخرجون، كيف لو رأيتم عبد الله وهو في النار، وعلى الزمهرير يُطرحون، كيف لو رأيتم وقد تناثر لحمهم من شدة البرد، مثِّلْ نفسك عبد الله، وأنت تسير في أودية في جهنم في بردٍ لا يعلم شدته إلا الله، بئس المسير والله.
جاءت الريح باردة لتقول: تذكروا الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، تذكروا الذين يموتون من البرد، لما ماتت الإخوة الإيمانية، لما مات ضمير العالم، لما مات ضمير العالم، لما ماتت الأفئدة في البيوت، لما ماتت النخوة في قلوب الملايين، البرد لا يقتل، الجوع لا يقتل، المرض لا يقتل، إلا إذا ماتت الرحمة في القلوب، إلا إذا عجزت المليارات عن بناء خيمة وسد جوعة، إلا إذا تخلينا عن إخواننا.
بالله عليكم لا تسمحوا لعواطفكم بالتجمد، سائلكم بالذي رفع السماء، وأنزل الزلال من الحجر، لا تسمحوا لعواطفكم بالتجمد، بالله عليكم أعيدوا سير الكرام من آبائكم وأجدادكم وسلفكم الصالح، اليوم وليس غدا، اتجهوا للمؤسسات الخيرية الموثوقة ولا تبخلوا بالمال، واتقوا النار ولو وبشق تمرة.
عباد الله: الريح مخلوق مدبَّر، فإذا هاجت وادي فادع الذي حرّكها أن يمسكها، قال عليه الصلاة والسلام: "لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها وخير ما أُمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح، وشر ما فيها، وشر ما أُمرت به".
واذكروا على الدوام أن ما أصاب مما يكرهون إنما هو بسبب ذنوبهم، قال ربنا -جل وعلا-: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الشورى:30].
فقابلوا البلاء بالتوبة والاستغفار للعزيز الغفار، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [العنكبوت:40].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، وتاب علي وعليكم إنه هو التواب الرحيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى، أما بعد: فيا معاشر المسلمين، عاصفة ثلجية سميت بهدى، أسأل الله أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأن يرد ضال المسلمين إليه بإذنه ردا جميلا.
تخريب واستباحة للدماء وزعزعة للأمن على الحدود الشمالية، قتل ثلاثة من رجال الأمن -رحمهم الله رحمة واسعة-، أُزهقت أنفسهم، رُمِّلت نساؤهم، يُتِّم أطفالهم في جرأة غريبة على دم المسلم الذي شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسولُ الله.
قال عليه الصلاة والسلام: "أُمرت أن أقاتل الناس؛ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله".
نعم، حسابهم على الله، فليس لأحدٍ أن يحكم على أحد بكفر أو إسلام، أو أن يستبيح دم مسلم، والحساب على الله -جل وعلا-.
لما قتل أسامةُ المشركَ بعد أن قال: لا إله إلا الله، لما سقط السيف من يده، والشبهة قوية في أنه قالها ليحقن بها دمه، قال عليه الصلاة والسلام: "قتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله، كيف بك إذا جاءت لا إله إلا الله يوم القيامة"؟
الله أكبر ما أعظم الكلمة! "كيف بك إذا جاءت لا إله إلا الله يوم القيامة"، إنها النفس المسلمة صانها الإسلام، وحفظها، وعظَّم شأنها وحذَّر من الاعتداء عليها، لذا اختار ابن آدم أن يقتل على أن يقتل وقال: (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) [المائدة:28].
فهلا تحركت هذه الكلمة في تلك القلوب، إني أخاف الله رب العالمين، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للصحابي لما ذكر الفتن وسفك الدماء، قال: "كن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل".
عباد الله: إن الحياة لا تصلح في انعدام الأمن، وأي طعم للحياة إذا كنت لا تأمن على نفسك وعِرضك ومالك، لذا عاهد النبي -صلى الله عليه وسلم- اليهود لما قدم المدينة، مع أنهم أخبث الخلق، وهم الذين قالوا: (إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء) [آل عمران:181]، وهم الذين قالوا: (يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ) [المائدة:64].
ومع هذا عاهدهم النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لكنهم نقضوا العهد والميثاق فأجلاهم من المدينة. وإن حفظ الأمن مسئولية الجميع، فعلينا جميعا أن نكون صفًّا واحدًا أمام من أراد شقّ الصفّ، وتفريق الكلمة، وزعزعة الأمن، وجرّ البلاد إلى صراعات داخلية ستحرق نارها الجميع – لا قدر الله-.
الفتنة عمياء، وإذا وقعت فلا صوت يُسمع إلا صوت السلاح، ولا منظر يُرى إلا الدماء والأشلاء.
حفظ الله البلاد والعباد، وأدام أمننا، وجمع كلمتنا، وأعاذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
عباد الله، صلوا على رسول الله، اللهم زد وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم دمِّر أعداء الدين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم، اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان، اللهم احفظ أعراضهم اللهم اكسُ عاريهم، اللهم أطعم جائعهم، اللهم كن لهم ناصرا ومعينا ومؤيدا وظهيرا.
اللهم آمنا في دورنا، وأصلح ولاة أمورنا، اللهم انشر الأمن في ربوع بلادنا وفي بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم ولّ على المسلمين خيارهم، واكفهم شر أشرارهم، اللهم فك أسر المأسورين، اللهم فرج هم المهمومين، اللهم نفس كرب المكروبين، اللهم اقض الدين عن المدينين.
(رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [البقرة:286].
(رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) [آل عمران: 193- 194].
(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) [الفرقان:74].
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، واغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا كرم فضلك يا رب العالمين.
اللهم اسق البلاد والعباد واجعله بلاغا للحاضر والبادي يا من له الدنيا والآخرة وله الميعاد.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، سبحانك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.