البحث

عبارات مقترحة:

المؤمن

كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...

الرحيم

كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

خطر المواقع والمقاطع والصور الإباحية

العربية

المؤلف محمد بقنة الشهراني
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. قصة وعبرة .
  2. مخاطر إدمان المواقع الإباحية .
  3. إحصاءات مخيفة عن حجم متابعة المواقع الإباحية .
  4. حجم التجارة العالمية في المواد الإباحية .
  5. وصايا ونصائح لمن يريد التخلص من هذا الإدمان. .

اقتباس

موضوع يومنا هذا موضوع خطير جدًّا جدًّا في زمن الحروب المادية الآلات العسكرية، في زمن تقتيل إخواننا في سوريا وفي غيرها، في زمن الفتن يوجد حربٌ الساكت عنها أكثر من المتكلم عنها، والساكت عنها أكثر من الخائض فيها. حرب سبَّبت التبلد عند كثير من المسلمين، حرب أماتت الغيرة عند كثير من المسلمين، حرب فرَّقت البيوت وفرَّقت الأزواج، وضللت الشباب، وأوقعت الفتيات في الرذيلة، والعياذ بالله. إنها حرب الأدوات والمواقع الإباحية الجنسية –نعوذ بالله-. عندي هنا إحصاءات تجعل هذه الإحصاءات الشاب يشيب شعره...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق الجهاد، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ..

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فأسأل الله -جل جلاله وتقدست أسماؤه- أن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وأن يرحمنا برحمته، وأن يعفو عنا، وعلى الصراط المستقيم يثبتنا جل وعلا، اللهم آمين.

خرج عطاء بن يسار وأخوه سليمان إلى الحج في جماعة من الناس، حتى لما وصلوا إلى منطقة تسمى الأبواء استأجروا مكان ليمكثوا ويرتاحوا، وخرج القوم لكي يجلبوا الغداء أو ما شابه ذلك، وبقى عطاء لوحده في ذلك المكان، وإذا بالباب يُطرَق، فلما فتح الباب وجد امرأة حسناء جميلة جدًّا من الأعراب، فقال لها: ما شأنك؟ وفي رواية أنه كان يصلِّي وكان الباب مفتوحًا فدخلت فرآها في الصلاة، فاستعجل ظنًّا أن لها حاجة، فقال لها: ما حاجتك؟ ما شأنك؟ قالت: أنا امرأة بلا زوج، وأريدك أن تصيب مني ما تصيب.

فقال لها: إليك عني يا امرأة، لا تحرقيني ولا تحرقي نفسك، فقالت: بلى ستفعل، فقال: إليك عني إليك عني حتى نزل على ركبتيه في الأرض وهو يبكي، واشتد بكاؤه كبكاء الطفل الذي فقد أمه.

فلما رأت بكاءه بكت واشتد بكاؤها، جاء أخوه سليمان فرأى المنظر، الأخ يبكي والمرأة تبكي ولا يعلم ما السبب فبكى لبكائهما، جاء القوم الصالحون الذين يريدون الحج فنظروا إلى هذا الموقف فدمعت أعينهم فبكوا، رأت هذه المرأة هذا المنظر من هؤلاء الرجال الذين يرون جمالها، والكل يبكي فذهبت عنهم ومضت، ولم يسألوا عطاء عن شيء أبداً.

وهو في الحج قام مفزوعًا من نومه، وأخذ يبكي، فقال له أخوه: ما بالك؟ قال: رأيت رؤيا، قال وما هي؟ قال سأخبرك، ولكن لا تخبر عني أحدًا ما دمت حيًّا، قال: لك ذلك، قال: رأيت يوسف -عليه السلام- فنظرت إليه، فلما نظرت إليه في جماله وأبهته وحلاوته بكيت، فقال: ما يبكيك يا رجل؟ وكان بين الناس، فقلت له تذكرت فتنتك مع امرأة العزيز، وكيف أن الله قد حفظك، وعلمت ما أنت فيه من الكرب حينها فبكيت بأمي أنت وأمي يا نبي الله.

فقال يوسف عليه السلام له: ألا تبكي وتعجب من حال الرجل صاحب المرأة في الأبواء؟ فعلمت أنه يقصدني، فبكيت لذلك.

هذه القصة نستأنس بها في موضوع يومنا هذا موضوع خطير جدًّا جدًّا في زمن الحروب المادية الآلات العسكرية، في زمن تقتيل إخواننا في سوريا وفي غيرها، في زمن الفتن يوجد حربٌ الساكت عنها أكثر من المتكلم عنها، والساكت عنها أكثر من الخائض فيها.

حرب سبَّبت التبلد عند كثير من المسلمين، حرب أماتت الغيرة عند كثير من المسلمين، حرب فرَّقت البيوت وفرَّقت الأزواج، وضللت الشباب، وأوقعت الفتيات في الرذيلة، والعياذ بالله.

إنها حرب الأدوات والمواقع الإباحية الجنسية –نعوذ بالله-.

عندي هنا إحصاءات تجعل هذه الإحصاءات الشاب يشيب شعره؛ إن كان هناك إحساس بالمسئولية، شيء عجيب في هذه المواقع الإباحية الجنسية الرخيصة وإحصاءات تذهلك، حتى إنه في مجلس الشيوخ الأمريكي قامت جمعية أطباء نفسيين بعمل دراسة كان نتائج هذه الدراسة وطرحها في مجلس الشيوخ بطلب شديد في جعل قانون يمنع ويحذر إنتاج هذه الأفلام وهذه الصور وهذه المجلات، ولكن رُفض، لماذا رفضوا؟ لأسباب يكفي من الأسباب أن دخلها السنوي مائة مليار دولار سنويًّا، دخل قوي.

أكدت الدراسة أن إجمالي الدخول إلى هذه المواقع يسبب الإدمان، وهذا النوع من الإدمان أشد خطورة من إدمان الكوكايين والهروين، قالوا: لِمَ؟ قالوا: لأن الكوكايين والهروين يستطاع أن يزال أثره من الجسد بالعلاج، نستطيع أن نعالجه، ولكنَّ هذه المواقع لا تُعالَج فتبقى في المخيلة إلى الأبد، وتبقى في الفكر والذاكرة فيما يسمى اللاوعي دائمًا.

أيضًا مدمن المخدرات تستطيع أن تعرفه بتصرفاته بشكله، أما مدمن هذه المواقع لا تستطيع أن تعرفه، يجلس معك كأنه طبيعي جدًّا وهو ينخر في نفسه، وينخر في المجتمع وهو لا يشعر، حتى إنه انتشر إتيان المحارم -والعياذ بالله- وأنا لا أتلكم عن خيال، أتكلم عن حالات في هذا الجامع أتتني.

صحيح أن إتيان المحارم -بفضل الله- ليست ظاهرة، ولكنه موجود ومنتشر -والعياذ بالله-، وأقول: أكثر من ثلاث حالات في سنة واحدة أتتني في السنة الماضية في هذا الجامع، فشيء عجيب لم نكن نتصور ذلك في يوم من الأيام، ولكن إليكم هذه الإحصاءات الدقيقة بالإحصاءات أن متوسط الأعمار في الدخول إلى هذه المواقع يبدأ من السن الحادية عشرة، هل تتصورون معي هذا السن، يبدأ من سن الحادية عشرة يعني  لا تظن أن كلامي كثير على مستوى الأطفال أو الصغار الذين معنا هم يعلمون جيدًا عن ماذا أتكلم، خاصة في وجود هذه الأجهزة الذكية والجوالات، وما شابه ذلك، أصبح الدخول سهل جدًّا جدًّا حتى مع وجود الغطاء الأمني المانع من الوصول في بلدنا وأكثر البلاد العربية ستتفاجئون بعد قليل ومع ذلك الدخول سهل جدًّا.

متوسط أعمار المدمنين على هذه المواقع ما بين خمسة عشر إلى سبعة عشر عامًا، إدمان، 116 ألف بحث في الثانية الواحدة من سن المراهقين، 28 ألف مستخدم يتصفح مواقع إباحية في كل ثانية على مستوى الأطفال، ثلاثمائة واثنان وسبعين ألف يكتبون كلمة جنسية إباحية في المواقع في كل ثانية، هذه الكلمات الجنسية تكتب في الثانية الواحدة في الليل والنهار.

أمريكا تنتج فيلمًا إباحيًّا كل 39 ثانية، وخذوا المفاجأة، الدول المنتجة لهذه الأفلام لا يوجد فيها العشرة من الدول المتقدمة في الإنتاج، لا يوجد منها دولة عربية بفضل الله، ولكن الدولة الأولى في الإنتاج أمريكا، طيب المستخدمة والداخلة على هذه المواقع العشر دول الأولى، الدولة الأولى في استخدام هذه المواقع أمريكا، التسع دول الأخرى كلها عربية وكانت السعودية في المركز السابع، ثم انتقلت إلى المركز العاشر، ونسأل الله أن تزول من هذه القائمة فضلاً عن دول أخرى لا نريد أن نتكلم عنها، نسأل الله العافية والسلامة.

المسألة خطيرة جدًّا، في السعودية وهو مناط البحث في هذا البلد الآن، خمسون ألف بحث عن كلمة جنسية في الثانية يعني في اليوم ما يقارب مليون ونصف يدخلون من عندنا في هذه المواقع، مع ما تقوم به هذه البلد، ونسأل الله أن يعينها وأن يوفقها في حجب هذه المواقع، ومع ذلك المليون ونصف يدخلون يكسرون الحاجز الأمني، ويدخلون في اليوم مليون ونصف سواء من أهل البلد أو الوافدين، نسأل الله العافية.

عدد المواقع، والموقع الواحد يحتوي أكثر من صفحة عدد المواقع في الإنترنت حتى الآن أربعة ملايين ومائتين ألف موقع.

عدد الصفحات في الإنترنت420 مليون صفحة.

نرجع للأطفال، الأطفال يحبون شخصيات كرتونية، أفلام الكرتون يتعلق الطفل بشخصية كرتونية معينة نحن الآن ونحن في أعمارنا هذه ما زلنا نتذكر شخصيات كرتونية كنا ننظر إليها ونحن صغار، أكثر من 26 شخصية كرتونية يتعلق بها الأطفال استُغلت لعمل أفلام كرتونية جنسية ينظر إليها الأطفال، أكثر من عشرين ألف صورة مخلة بالآداب جنسية مخصصة للأطفال تنتج أسبوعيًّا للأطفال فضلاً عن الكبار.

إن المسألة مسألة إدمان وهو لا يُعرف، عجبت من أحدهم يقول: أنا من سبع سنوات وأنا أنظر يا شيخ أنا في فتنة، كيف أتركها أريد أن أتركها تعبت.

حينما آتي لابنتي الصغيرة في الصف الخامس الابتدائي، وأقول لها: يا ابنتي، خذي الجوال فاضبطيه، فأنا لا أعرف فيه، فإذا بها تنزل على الجوال برامج إسلامية والمكتبة الشاملة وكتب ابن تيمية وابن القيم، وأقول كيف عرفت؟ تقول: سهل يا أبي وكذا وكذا...، الذي يعرف هذا سيعرف غيره.

إذاً ما العلاج؟

قد يكون عندنا نحن في أعمارنا أو الذين أكبر من أعمارنا نوع من الأمية في استخدام هذه الأمور، الجيل القادم يعرف كل شيء، ونسأل الله -جل وعلا- أن يربيهم، فهو المربِّي -جل وعلا- هو الرب -سبحانه وتعالى-.

العلاج في شيئان: بالمناعة والمنع.

بعض الناس يقول: المنع لا يصلح، بل يصلح، ولكن قبل المنع لا بد أن يكون هناك مناعة، وعلاج هذه القضية لا بد أن تُعالَج من جانب ديني أولاً، جانب رقابي، وجانب طبي نفسي، وجانب اجتماعي.

فيما قرأت أن من كثرة النظر في هذه الأشياء يؤثر في مقدمة المخ، فيسبب ملازمة اسمها ملازمة الفص الأمامي، هذه الملازمة تسبب الاندفاع  إلى أي شيء دون النظر إلى العواقب مما يجعله لا ينظر إلى العواقب أبداً حتى يكون عنده النظر في هذه الأشياء مثل الوسواس القهري لا يستطيع أن يسيطر على نفسه.

إدمان خطير جدًّا، ولذلك سأتكلم أنا في الجانب الذي يخصُّني وهو كيف تتركها عن طريق الدين، وهو أعظم الطرق.

أولا: استعن بالله -جل وعلا-، وادع الله أن يهديك؛ فإن الله قال في الحديث القدسي في صحيح مسلم: "يا عبادي! كلكم ضال إلا من استهديته، فاستهدوني أهدكم"، هذا سبب.

تذكر رقابة الله -عز وجل- عليك، وتذكر أن الله يغار، اتق الله ربك، يا غافل يا من تنظر إلى هذه المواقع أو تعتاد النظر إلى امرأة متبرجة كاشفة عن شعرها، في حديث أبي هريرة في الصحيحين أن رسول -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ".

حينما تنظر إلى ما حرَّم الله أنت أتيت ما حرَّم الله، يغضب الله عليك، ولذلك في سورة الحج (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ) [الحج: 30]، ولذلك أول علامة من علامات حب الله، وأنك تحب الله أن تعظِّم حرمات الله، وألا تتجرأ على حرمات الله -جل وعلا-، فإذا رأيت نفسك تتجرأ وتنظر ولا تبالِ فاعلم أن ذلك علامة نكسة في قلبك وسواد في قلبك، والعياذ بالله.

يسمى النظر المتكرر عند المتخصصين إدمانًا، وعند أهل الدين يسمى إلف المعصية؛ أن تألف المعصية مألوفة عندك، أصبحت المعصية لا تشكل عندك شيئًا، فتفعلها ثم تقع في الدائرة المفرغة، هناك دائرة مفرغة يدور المدمن أو الذي ألف المعصية حول نفسه فيها إن لم يعالج نفسه.

الأولى التبرير: يبرر لنفسه هذا الفعل ثم الوقوع ثم الندم، ثم الرجوع، هكذا الرجوع للتبرير مرة أخرى تبرير وقوع ندم تبرير.. وهكذا  يدور حول نفسه.

بعض الناس قد يعتمد على أن عنده أعمالاً صالحة يعني هذا النظر الله يغفره! النظر لهذه الأشياء كبيرة من الكبائر، إنها سبب انتكاس الفطرة، سبب لانتكاسك عن الدين، الله -جل وعلا- لا يذل قوم هكذا، قال الله (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) [الصف: 5]، أنت زغت، أنت اخترت، أنت الذي بحثت، أنت الذي خرجت لك عبارة الدخول على هذا الموقع ممنوع محجوب، وإذا بك تبحث عن موقع آخر، فالله يصرف عنك وأنت تعاند نفسك وتبحث، الله يبعدك الله يصرفك وأنت تعاند تبحث فتذكر قول الله (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [يس:65]، الله يختم على فمك، وستنطق عينك، وتقول: أنا للحرام نظرت، وتشهد يدك وتتكلم: أنا للحرام والكبيرة والعري والفجور بحثت، وتقول رجلك: أنا مشيت، أعِدَّ للسؤال جوابًا، وجوابه إما أن تقول الآن: أنا تبت وأقلعت.

هذا الجسد وهذه الأعضاء لا تستحق منا أن نمتّعه بما حرم الله، هذه الأعضاء تستحق منا التعب من أجلها، إن أتعبتها في طاعة الله ريّحتك في الدنيا وفي قبرك وفي الآخرة، فإن الراحة بترك الراحة، وإن ريَّحتها ومتعتك عذبتك، وشهدت عليك حتى تقول لها: "سحقًا لكُنَّ وبُعدًا فعنكن كنت أناضل"، فيقولون: (أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) [فصلت: 21]، الذي أنطق هذه اللحمة هذا العظم هذا اللسان الذي أنطقه بالكلام سيُنطق العين وينطق الرجل، وينطق كل شيء تقريبًا.

ثم إن الاستمناء بالنظر إلى هذا يسبب أنك لا تجد لذة، ويسبب أشياء كثيرة هناك هرمونان -كما يقول الأطباء وارجعوا إليه- هرمونان يُفرَزان مع الجماع الشرعي، في الاستمناء بسبب هذه الأمور هذان الهرمونان لا يُفرزان، فحينها لا تجد لذة إلا بهذه المواقع، ولو تزوجت عشر من النساء لن تجد لذة، مع ما يسببه من أمراض صحية.

أنا أتكلم عن أضرار دينية؛ كبيرة من الكبائر، تُذهب الغيرة من قلبك يا أخي وأنت لا تشعر، نسأل الله العافية والسلامة.

أقول يا من يتخفى عن الناس! الله معك، ألم يعلم بأن الله يرى، في سورة الحاقة يقول الله (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ) [الحاقة:18]، لا يخفى على الله شيء، ولذلك يوم الحشر يوم العرايا ما معناه الكل يخرج كما ولدته أمه عرايا حتى في الذنوب، عرايا إلا من ستره الله، الكل يرى آثار الذنوب على صاحبه يغرقه العرق، والذي يمشي مائل؛ لأنه لم يعدل بين زوجتيه، والذي يظهر أثر المعصية على وجهه بسبب نظره للحرام وفعله للحرام والعياذ بالله.

أسأل الله -جل وعلا- أن يغض بصرك، فإنه لا يوجد في أعضائك شيء يخونك مثل البصر، ولذلك قال الله تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر:19]، سأقول لك آية واحدة هي علاجك باختصار، تريد أن تترك وتقلع، تعرف أحدًا مصابًا بذلك أوصه بثلاثة أشياء يفعلها:

اقرأ القرآن كثيرًا، لو أن ثيابنا متسخة لوضعنا عليها مطهرات تطهرها، عند موضع في عقلك الآن يسمى اللاوعي يعني ألا ترى أنك تقود السيارة بلا تفكير تتحرك يدك تلقائيًّا، هذا يسمى اللاوعي هو الذي يحركك، ألا ترى أنك إذا جاءك رائحة مباشرة بدون تفكير تسد أنفك، ألا ترى أنك إذا لمست شيئًا ساخنًا أو حارًّا ترفع يديك مباشرة دون تفكير فهذا يسمى اللاوعي يخزن معلومات كل شيء كل ما تراه أو تنظر إليه مُخزَّن فبعض الناس اللاوعي عندهم متسخ مليء بهذه القاذورات ماذا تصنع؟ طهِّره، طهِّر اللاوعي عندك، بماذا؟ بقراءة القرآن، بالصلاة، بذكر الله، الثلاث.

تريد أن تنتهي افعل هذه الثلاث كما يريد الله، اقرأ القرآن بكثرة، أقم الصلاة في المسجد والسنن الرواتب، أحسن الوضوء، أحسن التأدب بين يدي الله، أكثر من ذكر الله فإن ذكر الله شفاء لكل مرض، ما الدليل؟ اقرأ قول الله -جل وعلا- في سورة العنكبوت: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت:45]، ثلاثة (اتْلُ مَا أُوحِيَ) إلى رسول الله من ربك اتلوا القرآن، (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ) ستقول أصلي، ولم أنتهِ أقول: صدق الله وكذب لسانك، الله يقول إن إقامة الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأنت تقول: لا، فمن أصدق؟ الله طبعًا جل جلاله.

الله يقول (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ) في وقتها، إذا كنت رجل في الجماعة، إذا كنتِ فتاة فأقيمها في وقتها، اطمئني فيها صلوا الصلاة بخشوع تفكر فيما تقول، أقمها كما يريد الله (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) ثم (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) أكبر من شهوتك، الله أكبر من كل شيء، اذكره كثيرًا وسترى النتيجة بإذن الله -جل وعلا-.

أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم..

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

سأختم في دقيقة واحدة، ثم ندعو الله أن يهدينا أجمعين.

يا من تنظر إلى هذه الأشياء تذكَّر أن هذه العين التي تنظر بها هي نفس العين التي تريد أنت أن ترى الله، أن تنظر لوجه الله، أن ترى رسول الله، أن تملأ عينيك بحبيبك -صلى الله عليه وسلم-، أن تملأ عينيك بالنظر إليها، ألا تستحي أن العين التي تريد الله هي نفسها العين التي ترى ما يراه هو منك وما يغضب الله منك، احفظ عينك.

في سورة ق يقول الله -جل وعلا-: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) [ق: 31- 35]، أتعرف ما المزيد إنه النظر إلى وجه الله.

اللهم ارزقنا إياه، متى قال الله (وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) حينما قال قبلها (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ) [ق: 36]، هذا من فيه هذه الصفة هو الذي لديه المزيد.

نسأل الله أن يرزقنا هذه الصفة، وأن يغفر لنا وأن يرحمنا..