البحث

عبارات مقترحة:

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

الحسيب

 (الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...

صفات أهل الجنة

العربية

المؤلف راشد بن مفرح الشهري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. وجوب المسارعة إلى الجنان .
  2. صفات أهل الجنة .
  3. أعمال تدخل العبد الجنة .
  4. طريق سهل هيِّن ليِّن لمن أراد الجنة. .

اقتباس

إذا رأيت نفسك إلى المغفرة مسارعة، وإلى الجنة متطلعة؛ فأنت في طريق الجنة تسير، وإذا رأيت نفسك تتقي الحرام، وتحرص على الحلال؛ فبالخير أبشر. وإذا رأيت نفسك تنفق في السراء والضراء، تنفق في الخفاء وعند البلاء محسن في كل ظروفك فذاك من صفات المنعمين. وإذا رأيت نفسك تعفو وتصفح، وتتسامح وتكظم الغيظ، وتعفو عن الناس؛ فذاك من صفات أهل الجنان التي عرضها السماوات والأرض. إذا رأيت نفسك إذا ظلمت استغفرت، ومتى عصيت استغفرت، فأنت إلى الجنة تسير..

الخطبة الأولى:

الحمد لله وهو بالحمد قدير، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، أحمده سبحانه وأشكره أعطى الجزيل ومنح الوفير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تنزه عن الشبيه والنظير.

 وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله البشير النذير والسراج المنير، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان ومن على نهج الحق يسير وسلم تسليما كثيرا..

أما بعد: عباد الله: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله -رحمكم الله- فابذلوا كل عمل يوصل إلى رضوان الله، وعليكم بالتفكر في مآل يقربكم إلى الله (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ) [آل عمران:30].

عباد الله: ها هم المسلمون بجنة الله يتطلعون، وعن رضوانه يبحثون، وفي الخيرات سابقون، فمن هم أهل الجنة يا ترى؟ وما صفاتهم للتأسي بهم؟ وما أعمالهم للاقتداء بأفعالهم؟ وما أخلاقهم للتحلي بأجمل أخلاقهم؟ فاسمعوا -رحمكم الله- واعملوا رعاكم الله لتكونوا من أهلها.

يصف لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- النفس الوالجة للجنة فيقول -عليه الصلاة والسلام-: "إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر" (رواه الشيخان من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-).

فكون النفس مسلمة شرطًا لولوج هذه الجنة العظيمة المباركة.

 زدنا يا رسول الله، وصف لنا أهل الجنة للتعرف على أعمالهم، قال -عليه الصلاة والسلام-: "أهل الجنة ثلاثة؛ ذو سلطان مقسط موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال" (رواه مسلم من حديث عياض -رضي الله عنه-).

وماذا أيضًا يا رسول الله؟

قال -عليه الصلاة والسلام-: "ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار: كل عتلّ، جوّاظ، مستكبر" (رواه البخاري من حديث حارثة بن وهب -رضي الله عنه-).

وهل للضعفاء يا رسول الله في الجنة مكان؟

في السلسلة الصحيحة من حديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: "إِنَّ أَهْلَ النَّارِ كُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ، جَمَّاعٍ مَنَّاعٍ، وَأَهْلُ الْجَنَّةِ الضُّعَفَاءُ الْمَغْلُوبُونَ".

وأهل الجنة الضعفاء المغلوبون.

 لكن -عباد الله- لا دخول لهذه الجنة إلا بإذن الرحمان المنان، هذا ومن يدخل فليس بداخل إلا بتوقع من الرحمن:

 وكذاك يكتب للفتى بدخوله  

من قبل توقعين مشهوران

 أحدهما بعد الممات وعرض

أراوح العباد به على الديان

 فيقول رب العرش -جل جلاله-

للكاتبين وهم أولي الديوان

 الاسم في الديوان يوم ذاك

يكتب ديوان الجنان مجاور المنان

ومن في الجنة أيضًا يا رسول الله؟

روى أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَلا أُخْبِرُكُمْ بِرِجَالِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ, وَالصِّدِّيقُ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ يَزُورُ أَخَاهُ فِي نَاحِيَةِ الْمِصْرِ لا يَزُورُهُ إِلا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ"؟.

ونساؤكم من أهل الجنة: "الودود الولود العئود على زوجها التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يدي زوجها وتقول: لا أذوق غمضًا حتى ترضى" (رواه البزار في الفوائد وابن عساكر وابن نعيم في الحلية والنسائي في عشرة النساء).

واسمعوا لهذا الحديث العجيب، والذي ربما يدل على أهل الجنة من خلال حديثكم أنتم أيها المسلمون، إنه من خلال الثناء، من أثنيتم عليه خيرًا فهو من أهل الجنة، ومن أثنيتم عليه قبحًا فليس من أولئك.

الثناء حسنه وقبيحه، إن سيء الذكر ليس له في الجنة منزلة، روى أبو زهير الثقفي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يوشك أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار"، قالوا: "بما ذاك يا رسول الله؟"، قال: "بالثناء الحسن والثناء السيئ، أنتم شهداء الله في أرضه، بعضكم على بعض"، هكذا تعرفون أوصاف أهل الجنة.

فاسمع إذًا أوصــافها وصفات

هاتيك المنازل ربة الإحسان

هي جنة طابت وطاب نعيمها

فنعيمها باقٍ وليس بفان

دار السلام وجنة المـــــأوى

ومنـزل عسكر الإيمان والقرآن

فالدار دار سلامة وخطابهم

فيها سلام واسم ذي الغفران

عبد الله: إذا رأيت نفسك إلى المغفرة مسارعة، وإلى الجنة متطلعة؛ فأنت في طريق الجنة تسير (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ) [آل عمران:133].

 إذا رأيت نفسك تتقي الحرام، وتحرص على الحلال؛ فبالخير أبشر.

 إذا رأيت نفسك تنفق في السراء والضراء، تنفق في الخفاء وعند البلاء محسن في كل ظروفك (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) فذاك من صفات المنعمين.

إذا رأيت نفسك تعفو وتصفح، وتتسامح وتكظم الغيظ، وتعفو عن الناس؛ فذاك من صفات أهل الجنان التي عرضها السماوات والأرض.

إذا رأيت نفسك إذا ظلمت استغفرت، ومتى عصيت استغفرت، فأنت إلى الجنة تسير (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران: 133- 134]، فكونوا من المحسنين -رحمكم الله-.

 أهل الجنة أهل عمل وصلاح وإصلاح: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) [النساء: 69].

إذا رأيت نفسك إلى الخير مسارعة، وإلى الأعمال ناهضة؛ فذاك من التوفيق والتسديد (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:100].

اللهم لا تحرمنا جنتك، اللهم لا تحرمنا جنتك، واجعلنا في هذه الدنيا بصفات أهل الجنة من المتصفين وبفعلهم، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم به من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم وتسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى.

سبحانه وتعالى، سبحان ذي الجبروت والإجلال والإكرام، عالم الأسرار والإعلان واللحظات بالأجفان، والحمد لله السميع لسائر الأصوات من سر ومن إعلان، وهو الموحد والمسبح والممجد والحميد ومنزل القرآن، والأمر من قبل ومن بعد له سبحانك اللهم ذي السلطان.

عباد الله: أيها المسلمون: وثمة طريق آخر؛ طريق سهل هيِّن ليِّن لمن أراد الجنة، روى عبدالرحمن بن عوف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "عَشَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ: أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ".

هؤلاء عرفنا أنهم من أهل الجنة، ومن أحب قومًا حُشِر معهم، والطريق السهل عباد الله أن نراجع حبنا لهؤلاء الذين سكنوا هذه الجنة المباركة، هؤلاء في الجنة من أحبهم حُشر معهم، ومن نابذَهم وكرههم لم يُحشر في مكانهم، فأحبُّوهم -رحمكم الله- تُحشَروا مع هؤلاء القوم -رضي الله عنهم وأرضاهم-.

من صفات أهل الجنة: الخوف من الرب -جل وعلا- (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [المؤمنون: 57 - 61].

إذا رأيت نفسك يا عبد الله تائبًا عابدًا حامدًا صائمًا راكعًا ساجدًا آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، حافظًا لحدود الله؛ فبشِّر نفسك والمؤمنين (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [التوبة:112]، هؤلاء هم أهل الجنة.

عباد الله: ومن صفاتهم أنهم يتركون ما حرَّم الله من الكبائر والمنكرات (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) [الشورى: 37- 38].

 ففي الترك يجب أن تكون من تاركي الكبائر؛ كبائر الإثم، فاجتنبوا الموبقات، ودعوا المحرمات، وإياكم والكبائر المهلكات؛ تفوزوا بجنة عرضها الأرض والسماوات.

ثم صلوا وسلموا -رحمكم الله- على البشير النذير والسراج المنير:

 عليك مني صلاة الله ظاهرة ما

شع من كوكب في الكون أو قفل

تسلوا بذكرك أرواح وأفئدة  

وكل تسليمه تعلو بها منزل

اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.