البحث

عبارات مقترحة:

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

المتعالي

كلمة المتعالي في اللغة اسم فاعل من الفعل (تعالى)، واسم الله...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

مخارج الحروف

مما لا يخفى أن هذا الباب - وكذلك باب الصفات - من أهم مباحث هذا الفن بل إن كل مسائله أو جلها منحصرة فيهما وإذا كان كذلك فيجب إتقان كل منهما قبل البدء في مباحثه، وقد أشار إلى هذا المعنى الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: إذْ واجبٌ عليهمُ محتَّمُ*****قبل الشروع أولاً أن يعلمُوا مخارج الحروفِ والصفاتِ ***** ليلفظُوا بأفصحِ اللُّغاتِ هذا: والمخارج جمع مخرج ومعناه في اللغة: اسم لموضع خروج الحرف أو هو عبارة عن الحيّز المولِّد للحرف. وفي الاصطلاح: محل خروج الحرف - أي ظهوره - الذي ينقطع عنده صوت النطق به فيتميز به عن غيره كما سيأتي. والحروف: جمع حرف وهو في اللغة طرف الشيء. وفي الاصطلاح: صوت معتمد على مقطع "أي مخرج" محقق أو مقدر فالمخرج المحقق أن يكون معتمداً على جزء معين من أجزاء الحلق أو اللسان أو الشفتين. والمقدر هو الهواء الذي في داخل الحلق والفم وهو مخرج حروف المد الثلاثة. وذلك لأنها لا تعتمد على شيء من أجزاء الفم بحيث ينقطع عند ذلك الجزء ولهذا قبلت الزيادة على مقدار الطبيعي كما ستقف على ذلك قريباً إن شاء الله تعالى. والمراد بالحروف هنا الحروف الهجائية أو حروف التهجي التي هي : أبا تا ثا إلى الياء لا حروف المعاني المذكورة في علم العربية كباء الجر وسين التنفيس وهمزة الاستفهام. إلخ. هذا: ويعرف مخرج الحرف بأن يسكن أو يشدد ويدخل عليه همزة الوصل محركة بأي حركة كانت فحيث ينتهي صوته فثم مخرجه المحقق وحيث يمكن انقطاع الصوت فثم مخرجه المقدر. وهذا خاص بمخرج حروف المد الثلاثة. ثم اعلم أن مخارج الحروف نوعان: الأول: المخارج العامة. الثاني: المخارج الخاصة. أما المخارج العامة فهي ما اشتمل الواحد منها على مخرج واحد فأكثر. وأما المخارج الخاصة فهي ما اشتمل الواحد منها على مخرج واحد فقط، وقد يخرج منه حرف واحد أو حرفان أو ثلاثة ولا أكثر من ذلك. بيان اختلاف علماء القراءة واللغة في عدد مخارج الحروف: اختلف علماء القراءة واللغة في عدد المخارج على ثلاثة مذاهب: الأول: مذهب سيبويه ومن تبعه كالإمامين الجليلين الشاطبي وابن بريّ رضي الله عنهما. ومخارج الحروف عند هؤلاء ستة عشر مخرجاً فقد أسقطوا مخرج الجوف الذي هون مخرج حروف المد الثلاثة ووزعوا حروفه على مخارج الحلق واللسان والشفتين فجعلوا مخرج "الألف" من أقصى الحلق مع الهمزة و"الياء" من وسط اللسان مع الياء المتحركة أو الساكنة بعد فتح و"الواو" من الشفتين مع الواو المتحركة أو الساكنة بعد فتح كذلك. الثاني: مذهب الفراء والجرمي وقطرب وابن كيسان ومن تبعهم وعدد المخارج عندهم أربعة عشرة مخرجاً فقد أسقطوا مخرج الجوف ووزعوا حروفه كما تقدم في مذهب سيبويه وموافقيه ثم جعلوا مخرج اللام والنون والراء مخرجاً واحداً وهو طرف اللسان مع ما يحاذيه ويعم المخارج على هذين المذهبين أربعة مخارج عامة وهي الحلق واللسان والشفتان والخيشوم. ففي الحلق ثلاثة مخارج وفي اللسان عشرة على المذهب الأول وثمانية على المذهب الثاني وفي الشفتين مخرجان. وفي الخيشوم واحد. الثالث: مذهب الخليل بن أحمد شيخ سيبويه ومن تبعه من المحققين كالحافظ ابن الجزري وغيره. وعدد المخارج عند أصحاب هذا المذهب سبعة عشر مخرجاً فقد أثبتوا مخرج الجوف في مكانه وجعلوا حروف المد فيه ثابتة لم توزع كما وزعت فيما سبق وكذلك أثبتوا لكل من اللام والنون والراء مخرجاً سيأتي بيان كل منها في محله من الباب. والمختار من هذه المذاهب الثلاثة هو مذهب الخليل بن أحمد وهو الذي عليه الجمهور واختاره الحافظ ابن الجزري وإليه أشار في المقدمة الجزرية والطيبة بقوله رحمه الله: مخارج الحروف سبعة عشر*****على الذي يختاره من اختبر اهـ هذا: وتنحصر المخارج على هذا المذهب في خمسة مخارج عامة وهي: الجوف والحلق واللسان والشفتان والخيشوم فيخرج من الجوف مخرج واحد ومن الحلق ثلاثة، ومن اللسان عشرة، ومن الشفتين اثنان، ومن الخيشوم واحد. ثم إن حصر المخارج فيما تقدم ذكره إنما هو على وجه التقريب وإلا فالتحقيق أن لكل حرف مخرجاً خاصّاً به يخالف مخرج الآخر وإلا لكان إياه. وفي هذا المعنى يقول العلامة ابن عبد الرزاق في تذكرة القراء رحمه الله: والحصرُ تقريبٌ وبالحقيقهْ*****لكل حرفٍ بقعة دقيقهْ إذ قال جمهور الورى ما نصُّهْ ***** لكلِّ حرفٍ مخرجٌ يخصُّهْ "هداية القاري" للمرصفي.