البحث

عبارات مقترحة:

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

المهيمن

كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...

المد أحكامه وأنواعه

الأصل في المد: أما الأصل فيه فهو حديث موسى بن يزيد الكندي قال: "كان ابن مسعود يقرىء رجلاً فقرأ الرجل ﴿إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين﴾ [التوبة: 60] "مرسلة" فقال: ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: وكيف أقرأكها؟ قال: أقرأنيها: ﴿إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين﴾ [التوبة: 60] فمدها. وقد خرجه السيوطي في "الدر المنثور" فقال: أخرجه سعيد بن منصور والطبراني وابن مردويه. وذكره الحافظ ابن الجزري في "النشر الكبير" بسنده إلى ابن مسعود رضي الله عنه بلفظ مقارب وقال فيه: "هذا حديث حجة ونص في هذا الباب رجال إسناده ثقات، رواه الطبراني في معجمه الكبير انتهى منه بلفظه. والأصل في المد عموماً ما رواه البخاري في صحيحه (باب مد القراءة) عن قتادة قالت سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "كان يمد مدّاً" أهـ ورواه النسائي عن قتادة بلفظ "سألت أنساً كيف كانت قراءة رسول الله صلى عليه وسلم؟ قال: "كان يمد صوته مدّاً". قال مكي بن أبي طالب القيسي فيه في "الكشف" فهذا عموم في كل ممدود وذكر الصوت يدل على نفس المد وتأكيده بالمصدر يدل على إشباع المد. وقد قيل: إن معناه: "يصل قراءة بعضها ببعض" من قولهم مددت السير في هذه الليلة وذكره في الحديث لـ"الصوت" يدل على خلاف هذا التأويل. وقوله تعالى: ﴿وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً﴾ [المزمل الآية: (4) ] يدل على التمهل والتمهل يعطي المد وهو الاختيار لإجماع أكثر القراء على ذلك ولما فيه من البيان ولما ذكرنا من الحديث" أهـ. وقال الشريف بن يالوشة في شرح المقدمة الجزرية بعد أن ساق هذا الحديث "والخبر عام في المتصل والمنفصل وغيرهما من أنواع المد" أهـ. أما تعريف المد : فهو في اللغة الزيادة ومنه قوله تعالى ﴿أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ﴾ [آل عمران: 124] أي يزدكم وفي الاصطلاح إطالة الصوت بحرف من حروف المد واللين أو بحرف من حرفي اللين فقط. وأما تعريف القصر فهو في اللغة الحبس ومنه قوله تعالى: ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ﴾ [الرحمن: 72] أي محبوسات فيها. وفي الاصطلاح: إثبات حرف المد فقط وحرف اللين وحده من غير زيادة عليهما. ويستفاد من التعريف الاصطلاحي للقصر بالنسبة لحرف المد فقط أن المراد منه هنا هو ترك الزيادة التي فوق مقدار المد الطبيعي لا ترك المد بالكلية كما قد يتبادر لأنه يؤدي إلى حذف حرف من القرآن وهو غير جائز وقد يرد القصر ويراد منه حذف حرف المد كلية أو نوعاً ما وهو قليل وسنبينه عند التعرض له إن شاء الله تعالى. وإذا أطلق القصر انصرف إلى ترك الزيادة التي فوق مقدار المد الطبيعي فحسب. وإذا أريد بالقصر حذف المد نهائيّاً أو نوعاً ما فلا بد من تقييده أو قرينة تدل على المعنى المراد من القصر عندئذ. هذا: والقصر هو الأصل لأنه يحتاج إلى سبب والمد فرع عنه لاحتياجه إلى سبب سواء أكان المد إشباعًا أم توسطًا. ‌‌حروفه وشروطه: أما حروف المد واللين فثلاثة يجمعها لفظ "واي" وهو الواو الساكنة المضموم ما قبلها نحو ﴿يَقُولُ﴾ [البقرة: 8] والألف الساكنة المفتوح ما قبلها نحو ﴿قَالَ﴾ [البقرة: 30] والياء الساكنة المكسور ما قبلها نحو ﴿وَقِيلَ﴾ [هود: 44] ويجمع الكل بشروطها المذكورة الكلمات التالية: ﴿نُوحِيهَآ﴾ [هود: 49] ، ﴿وَأُوتِينَا﴾ [النمل: 42] ، ﴿أُوذِينَا﴾ [الأعراف: 129] وتسمى الحروف الثلاثة هذه حروف المد واللين لخروجها بامتداد ولين من غير كلفة على اللسان لاتساع مخرجها. وقد تقدم الكلام عليها في باب المخارج فراجعه. وأما حرفا اللين فهما الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما نحو قوله تعالى: ﴿ألا إِنَّ أَوْلِيَآءَ الله لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [يونس: 62] وسميا بذلك لخروجهما بلين وعدم كلفة على اللسان. وقد تقدم في باب الصفات معنى اللين لغة واصطلاحاً فانظره. وأما شروط حروف المد واللين فثلاثة: الأول: ضم ما قبل الواو نحو ﴿يَحُولُ﴾ [الأنفال: 24]. الثاني: كسر ما قبل الياء نحو ﴿وَحِيلَ﴾ [سبأ: 54]. الثالث: فتح ما قبل الألف نحو ﴿وَحَالَ﴾ [هود: 43] وهذا الشرط لازم للألف لا ينفك عنها بخلاف الواو والياء كما سيأتي. وأما حرفا اللين فلهما شرطان: الأول: أن يكونا ساكنين. الثاني: أن يفتح ما قبلهما نحو ﴿الفوز﴾ [النساء: 13] ﴿والخير﴾ [الأنبياء: 35]. ويتلخص مما ذكر أن الياء والواو تارة توصفان بحرفي المد واللين وذلك إذا سكنتا وانكسر ما قبل الياء وانضم ما قبل الواو. وتارة توصفان بحرفي اللين فقط وذلك إذا سكنتا إثر فتح. وإذا خلتا من هذين الوصفين بأن كانتا متحركتين بأي حركة كانت كانتا حرفي علة فقط والأمثلة غير خفية. وأما الألف فلا توصف إلا بحرف المد واللين وهذا الوصف لازم لها لأنها لا تتغير عن سكونها ولا عن فتح ما قبلها بخلاف الواو والياء في أحوالهما الثلاثة المتقدمة. ومما تقدم يفهم أن اللين يصدق على حرف المد فيقال حرف مد ولين بخلاف العكس فلا يوصف اللين بالمد إلا إذا كان هناك سبب يقتضي المد كما سيأتي ذكر ذلك عند الكلام على أسباب المد الفرعي. وقد أشار العلامة الجمزوري في تحفته إلى حروف المد وحرفي اللين وشروط كل بقوله: حروفُه ثلاثةٌ فعِيهَا*****من لفظِ واي وهي في نوحيها والكسرُ قَبْلَ اليا وقَبْلَ الواو ضم ***** شرطٌ وفتحٌ قبْلَ ألف يلْتزمْ واللينُ منها اليا وواوٌ سكَنَا ***** إن انفتاحٌ قبلَ كلٍّ أُعلِنا اهـ ‌‌أقسامه ينقسم المد إلى قسمين: الأول: المد الأصلي. والثاني: المد الفرعي. ولكل منهما حد يخصه وحقيقة يتميز بها عن الآخر وإليك الكلام على كل منهما. "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري" للمرصفي.