البحث

عبارات مقترحة:

الغفور

كلمة (غفور) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) نحو: شَكور، رؤوف،...

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

التعطيل

التعطيل نهج نهجه أهل الضلال في التعامل مع خالق هذا الكون، فحرفوا صفاته عن معانيها التي وضعت لها، حتى فُرّغ الوصف من معناه، فعُطّلت أوصاف الباري سبحانه وتعالى. فأصبحت الآيات بلا قيمة في معانيها، وأصبح لها معانٍ ظاهرة وباطنة، وجعلوا الظاهر غير مراد، ويتقربون إلى الله بالمعاني الباطنة، وزين لهم الشيطان ماكانوا يعملون.

التعريف

التعريف لغة

التعطيل من العطَل ، و(العَطَل) يرجع إلى أصل واحد صحيح هو الخلو والفراغ. انظر "مقاييس اللغة" لابن فارس (ج4/ص351). قال الخليل: «والتعطيل: الفراغ، ودار معطلة. وبئر معطلة، أي: لا تورد ولا يستقى منها. وكل شيء ترك ضائعا فهو معطل». "العين" (2/9). فالتعطيل تفريغ للشيء من محتواه، أو تفريغ للفظ من معناه.

التعريف اصطلاحًا

المرادَ بالتّعطيلِ: هو نفيٌ وإنكار للخالق عز وجل، أو هو تخلية الله من صفاته؛ أي نفي صفاته سبحانه وإنكار قيامها بذاته جل شأنه. وقد عرف ابن عثيمين رحمه الله التعطيل بقوله: «إنكار ما أثبت الله لنفسه من الأسماء والصفات، سواء كان كلياً أو جزئياً، وسواء كان ذلك بتحريف أو بجحود، هذا كله يسمى تعطيلاً». "شرح العقيدة الواسطية" (ج1/ص91).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

التعطيل هو التفريغ، فالمعطلة فرغوا النصوص من دلالتها.

الفروق

الفرق بين التعطيل و التحريف

التعطيل: نفي للمعنى الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة، و التحريف: تفسير للنصوص بالمعاني الباطلة التي لا تدل عليها بوجه من الوجوه. فالتحريف والتعطيل قد يكونان متلازمين، إذا أثبت المعنى الباطل ونفي المعنى الحق. وقد يوجد التعطيل بلا تحريف، كما هو قول النافين للصفات، الذين ينفون الصفات الواردة في الكتاب والسنة ويقولون: ظاهرها غير مراد. انظر "التنبيهات اللطيفة" عبد الرحمن آل سعدي (ص22). انظر: التحريف

سبب التسمية

سمي التعطيل تعطيلًا، لأن المعطل يفرّغ الموصوف من الصفة، فمن نفى وجود الله فقد عطّل، ومن نفى الصفات فقد عطّل.

الحكم

يَحرمُ على العبد التعدي على أي شيء يتعلق بالإله سبحانه تعطيلاً وتحريفاً وتبديلاً. فإذا تجاوز التعطيل موضوع الدليل معارضةً لقول الإله بعكسه، كمن يقول سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، فهذا كفر ناقل عن الملة. قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي: «فقد يكون التعطيل ناقضاً لأصل التوحيد أو لكماله؛ أي أنه قد يكون كفراً، وقد يكون دون ذلك؛ فإن كان تكذيباً فهو كفر، وإن كان تأويلاً فيجري فيه حكم التأويل، ومن التعطيل ما هو شرٌ من الشرك»"منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة"(ص295). ومن العلماء من كفر المعطلة بالجملة، قال نعيم بن حمادرحمه الله: «من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيهاً»"العلو للذهبي"(ص172). فالتعطيل بكل أشكاله حرام، ولكن الحكم على القائل به يختلف بمقدار تعطيله، تحريفاً أو تأويلا أو تشبيها. وجاء وصف أهل التعطيل في كلام أهل العلم بأوصاف، منها: 1-الزندقة: هذا وصفٌ أكثر ابن تيمية رحمه الله من إطلاقه على الجهمية والرافضة. فقد اعتبر أن مجرد الإعراض عن الله ورسوله زندقة، ومن الزندقة تعطيل صفات الله من خلقٍ وتدبير، والتعطيل صادر عن المشركين والصابئين. ثم تتابع على نهجهم الجهمية والرافضة، ومن وافقهم من أهل الكلام. قال رحمه الله: «مع العلم بأن كثيرا من المبتدعة منافقون النفاق الأكبر وأولئك كفار في الدرك الأسفل من النار، فما أكثر ما يوجد في الرافضة والجهمية ونحوهم زنادقة منافقون. بل أصل هذه البدع هو من المنافقين الزنادقة ممن يكون أصل زندقته عن الصابئين والمشركين فهؤلاء كفار في الباطن. ومن علم حاله فهو كافر في الظاهر أيضًا». ثم بين كيف هي زندقتهم فقال: «وأصل ضلال هؤلاء الإعراض عما جاء به الرسول من الكتاب والحكمة وابتغاء الهدى في خلاف ذلك فمن كان هذا أصله فهو بعد بلاغ الرسالة كافر لا ريب فيه». "مجموع الفتاوى"(12 /497). وهذا أبو الحسن الأشعري يحكي تعطيل الجهمية ويعلل تعطيلهم بما توارثوه عن الزنادقة، ولولا الخوف من السيف لقالوا بقول الزنادقة. قال رحمه الله: «وزعمت الجهمية أن الله تعالى لا علم له، ولا قدرة، ولا حياة، ولا سمع، ولا بصر له، وأرادوا أن ينفوا أن الله تعالى عالم، قادر، حي، سميع، بصير، فمنعهم خوف السيف من إظهارهم نفي ذلك، فأتوا بمعناه؛ لأنهم إذا قالوا لا علم لله ولا قدرة له، فقد قالوا إنه ليس بعالم ولا قادر، ووجب ذلك عليهم، وهذا إنما أخذوه عن أهل الزندقة والتعطيل». "الإبانة عن أصل الديانة"(ص143). 2-الإلحاد: الإلحاد في اللغة هو ميل عن الاستقامة انظر "مقاييس اللغة" (ج5/ص236). قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (الأعراف: 180). والإلحاد درجات، ومنه التعطيل، فالتعطيل إلحاد، سواء كان التعطيل بإنكار الخالق، أو نفي أي صفة من صفت كماله. قال ابن القيم: «فملاحدتهم هم أهل التعطيل المحض، فإنهم عطلوا الشرائع، وعطلوا المصنوع عن الصانع، وعطلوا الصانع عن صفات كماله، وعطلوا العالم عن الحق الذى خلق له ربه، فعطلوه عن مبدئه ومعاده، وعن فاعله وغايته». "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" (ج2/ص268).

الأدلة

القرآن الكريم

التعطيل في القرآن الكريم
جاءت الآيات تعرض أحوال المعطلين بشتى مذاهبهم، ومن الأدلة عليه من القرآن: قال الله تعالى: ﴿قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾ [الشعراء: 29]. هذه الآية تصف تعطيل فرعون لصفة الألوهية عن الله سبحانه. فهذا فرعون يزعم أنه لن يقبل من موسى أن يعبد إلاهاً غيره. قال ابن القيم: «فكان منهم إمام المعطلين فرعون، فإنه أخرج التعطيل إلى العمل، وصرح به، وأذن به بين قومه، ودعا إليه، وأنكر أن يكون لقومه إله غيره»"إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان"(2/268). قال الله تعالى : ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ (القصص: 38). وأنكر فرعون كذلك أن الله كلم موسى، أو أنه في السماء، فدرج أهل الكلام على التعطيل على نهج فرعون. فالجهمية ينكرون أن الله كلّم موسى أو أنه في السماء. انظر "الرد على الجهمية والزنادقة" للإمام أحمد (98). قال تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ﴾ (البقرة : 116). عطّل النصارى صفات الكمال عن الله فنسبوا له الولد. فرد عليهم بأنه ليس بحاجة للولد فالكون كله قانت له مؤتمر بأمره. قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ (البقرة: 258) فهذا الملك جعل نفسه ندًا لله، يحيي ويميت بزعمه، كما أن الله تعالى يحيي ويميت، فألزمه إبراهيم-عليه السلام- بأن قولك هذا يلزم منه أنك قادر على الإتيان بالشمس من غير الجهة التي يأتي بها الله منها. فما استطاع تعطيل قدرة الله في إخراج الشمس من مشرقها وجعلها تشرق من المغرب. انظر "الجواب الكافي" لابن القيم (ص131).

السنة النبوية

التعطيل في السنة النبوية
عن ابن عباس، عن النبيقال: «قال الله تعالى: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فيزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله: لي ولد. فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدا». رواه البخاري (4482). فالتعطيل كان هنا بنفي قدرة الله على إعادة الخلق. فمن أثبت الاسم دون الصفة فقال قادر بغير قدرة، فقد كذب الله سبحانه وعطّل قدرته.

الإجماع

قال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان في عقيدتهما التي ذكرا أنهما أدركا عليها العلماء في جميع الأمصار حجازًا وعراقًا وشامًا ويَمَنًا: «وأن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله بلا كيف، أحاط بكل شيء علمًا، ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾ [الشورى: 11]. وأنه تبارك وتعالى يرى في الآخرة، يراه أهل الجنة بأبصارهم ويسمعون كلامه كيف شاء وكما شاء». "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (1/197). يقول الإمام إسماعيل الأصبهاني الشهير بقوام السنة: «‌‌الكلام في صفات الله عز وجل ما جاء منها في كتاب الله، أو روي بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله ، فمذهب السلف رحمة الله عليهم أجمعين إثباتها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وذهب قوم من المثبتين إلى البحث عن التكييف. والطريقة المحمودة هي الطريقة المتوسطة بين الأمرين، وهذا لأن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، وإثبات الذات إثبات وجود، لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات. وإنما أثبتناها لأن التوقيف ورد بها وعلى هذا مضى السلف». "الحجة في بيان المحجة" (1 /188-190).

أقوال أهل العلم

«يصفونه بالصفات السلبية على وجه التفصيل، ولا يثبتون إلا وجودًا مطلقًا لا حقيقة له عند التحصيل، وإنما يرجع إلى وجود في الأذهان يمتنع تحققه في الأعيان، فقولهم يستلزم غاية التعطيل». ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "التدمرية"(ص15).
وأتَى إلَى ‌التَّعْطِيل مِنْ أَبْوَابِه***** لَا مِنْ ظُهُورِ الدَّارِ والجُدْرَانِ وأتَى بِهِ فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ والتَّـ*****ـعظِيمِ تَلْبِيسًا عَلَى العُمْيانِ لَكِنْ أَخُو ‌التَّعْطِيلِ شَرٌّ مِنْ أخِي الْـ***** إشْرَاكِ بالمعْقُولِ والبُرْهَانِ إنَّ المعَطِّلَ جَاحِدٌ لِلذَّاتِ أَوْ***** لِكَمَالِهَا هَذَانِ تَعْطِيلَانِ مُتَضَمِّنَانِ القَدْحَ فِي نَفْسِ الأُلُو***** هَةِ كَمْ بِذَاكَ القَدْحِ مِنْ نُقْصَانِ وَاعْلَمْ بأنَّ الشِّرْكَ وَالتَّعْطِيلَ مُذْ*****كَانَا هُمَا لَا شَكَّ مُصْطَحِبَانِ أَبدًا فَكُلُّ مُعَطِّلٍ هُوَ مُشْرِكٌ*****حَتْمًا وَهَذَا وَاضِحُ التِّبْيانِ حَمَّاد بن زَيْد "نونية ابن القيم" (ص: 198 ومواضع أخرى)
«مثل ‌الجهمية كقوم قالوا: في دارنا نخلة، قيل: لها سعف؟ قالوا: لا، قيل: فلها كرب؟ قالوا: لا. قيل لها: رطب وقنو؟ قالوا: لا. قيل: فلها ساق، قالوا: لا قيل: فما في داركم نخلة». " العلو" للذهبي (ص250).

الأقسام

التّعطيل، وهوعلى قسمين: الأول: التعطيل المحض أو الكلي: وهو إنكار الخالق، وإنكار كلامه ودينه، وإنكار عبادته وشرائعه. قال ابن القيم: «وأهل التعطيل المحض عطّلوا الشرائع، وعطلوا المصنوع عن الصانع، وعطلوا الصانع عن صفات كماله، وعطلوا العالم عن الحق الذي خلق له وبه، فعطلوه عن مبدئه ومعاده وعن فاعله وغايته». "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" (2/268). الثاني: التعطيل الجزئي ، وهو نوعان: النوع الأول: إثبات الأسماء ونفي الصفات وهو الذي عليه المعتزلة ومن وافقهم. النوع الثاني: نفي بعض الصفات دون بعض وهو الذي عليه الكلابية والأشاعرة والماتريدية. انظر: "الجواب الكافي" لابن القيم (ص 131).

الأضرار والمفاسد

الطعن في نصوص الوحي، وما ترتب عليه من الطعن في الدين وإثارة الشبه والشكوك فيه. تهميش النصوص الشرعية، وتضخيم جانب العقل، وتقديمه على النقل. ما ترتب على قول الجهمية من المقولات الفاسدة في الصفات والتي انبثقت من قول الجهمية، وتأثرت بها. تشكيك الناس في عقائدهم بما جاؤوا به من فكر فلسفي وافد، مبني على أصول وثنية. انظر "موسوعة العقيدة والأديان والمذاهب المعاصرة" مادة (التعطيل).