البحث

عبارات مقترحة:

الحفيظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...

الملك

كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

الإيمان بالكتب

الإيمان بكتب الله عز وجل المنزلة على أنبيائه عليهم الصلاة والسلام ركن من أركان الإيمان، وأصل من أصوله التي ينبني عليها، فلا يصح إسلام عبدٍ ولا يثبت إيمانه؛ حتى يؤمن الإيمان الجازم أن هذه الكتب نزلت من عند الله، وأن الله تكلم بها حقيقة على ما يليق بجلاله وعظمته، وأن ما تضمنته من وحي الله لأنبيائه حق لا مرية فيه.

التعريف

التعريف لغة

قال ابن فارس: «الهمزة والميم والنون أصلان متقاربان: أحدهما الأمانة التي هي ضد الخيانة، ومعناها: سكون القلب، والآخر: التصديق». "مقاييس اللغة" (1 /133). «إلا أن الإيمان إنما يطلق على التصديق الذي معه أمن، وليس على مجرد التصديق فقط». "موسوعة العقيدة والأديان والفرق والمذاهب المعاصرة" لمجموعة من الباحثين (1 /468). قال الجوهري: «وأصل آمن: أأمن بهمزتين لُيِّنَتِ الثانية، وهو من الأمن ضد الخوف». "الصحاح" (5 /2071). وقال الراغب: «أصل الأمن: طمأنينة النفس وزوال الخوف». "مفردات ألفاظ القرآن" (1 /48). وقال أيضا: «الإيمان هو التصديق الذي معه أمن». "مفردات ألفاظ القرآن" (1 /48). والكتب في اللغة: «جمع كتاب بمعنى مكتوب، مثل فراش بمعنى مفروش، وإله بمعنى مألوه، وغراس بمعنى مغروس. ومادة (كتب) تدور حول الجمع والضم، وسمي الكاتب كاتباً؛ لأنه يجمع الحروف ويضم بعضها إلى بعض. ومنه الكتيبة من الجيش سميت كتيبةً؛ لاجتماعها، وانضمام بعضها إلى بعض، ومنه تسمية الخياط كاتباً؛ لأنه يجمع أطراف الثوب إلى بعض، كما في مقامات الحريري، حيث قال ملغزاً: وكاتبين وما خطت أناملهم ***** حرفاً ولا قرأوا ما خط في الكتب ويَقْصدُ بهم الخياطين». "رسائل في العقيدة" لمحمد الحمد (ص: 280). «والكتاب في الأصل: اسم للصحيفة، مع المكتوب فيها». "أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة" لمجموعة من العلماء (ص: 127).

التعريف اصطلاحًا

الإيمان اصطلاحا: قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالجنان، وعملٌ بالأركان. انظر: "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (7 /505). «والمراد بالكتب هنا: الكتب والصحف التي حوت كلام الله تعالى الذي أوحاه إلى رسله عليهم السلام، سواء ما ألقاه مكتوباً كالتوراة، أو أنزله عن طريق الملك مشافهة فكُتب بعد ذلك كسائر الكتب». "أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة" لمجموعة من العلماء (ص: 127). والإيمان بالكتب: هو الإيمان الجازم أن هذه الكتب نزلت من عند الله، وأن الله تكلم بها حقيقة على ما يليق بجلاله وعظمته، وأن ما تضمنته من وحي الله لأنبيائه حق لا مرية فيه. انظر: "الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة" لعبد الله الأثري (ص: 131).

الأقسام والأنواع

وقد ذكر الله تعالى منها في القرآن الكريم خمسة كتب؛ وهي: صحف إبراهيم، والتوراة، وصحف موسى، والزّبور، والإنجيل، ثم ختمت الكتب السماوية المنزّلة بأفضلها وأشرفها وهو سادسها؛ وهو: القرآن الكريم. فلو كانت صحف موسى هي نفسها التوراة، فتكون خمسًا. أما صحف إبراهيم: فهي الكتب التي أنزلها الله عزّ وجل على نبيه وخليله إبراهيم عليه السلام بوحي منه سبحانه وتعالى. وقد نزلت عليه جملة واحدة في أول ليلة من شهر رمضان. و التوراة: هي اسم كتاب الله عزّ وجل الذي أنزله على نبيه وكليمه موسى عليه السلام، وألقاه إليه مكتوبًا في الألواح؛ ليكون لبني إسرائيل هدى ونورًا. وقد نزلت عليه جملة واحدة لستٍّ مضين من رمضان. واختلف؛ أهي صحف موسى أم غيرها؟ و الزَّبور: هو اسم كتاب الله عزّ وجل الذي أنزله على نبيه داود عليه السلام، بوحي منه سبحانه وتعالى. وقد نزل عليه جملة واحدة لثمان عشرة خلت من رمضان. و الإنجيل: هو اسم كتاب الله عزّ وجل الذي أنزله على نبيه وعبده عيسى عليه السلام؛ ليكون لبني إسرائيل هدى ونورًا وموعظة للمتقين. وقد نزل عليه جملة واحدة لثلاث عشرة خلت من رمضان. والقرآن الكريم : هو كلام الله سبحانه وتعالى، المنزَّل على رسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم بواسطة جبريل عليه السلام، المنقول بالتواتر، المتعبَّد بتلاوته. وقد نزل جملة واحدة إلى بيت العزّة في السماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان، ثم نزل على نبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم منجّمًا ومفرّقًا حسب الوقائع والأحداث.

الأدلة

القرآن الكريم

الإيمان بالكتب في القرآن الكريم
قال الله تعالى: ﴿الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [البقرة: 1-4]. وقال سبحانه: ﴿قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 136]. وقال سبحانه: ﴿لَیْسَ اْلْبِرَّ أَن تُوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ اْلْمَشْرِقِ وَاْلْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ اْلْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاْللَّهِ وَاْلْیَوْمِ اْلْـَٔاخِرِ وَاْلْمَلَـٰۤىِٕكَةِ وَاْلْكِتَـٰبِ وَاْلنَّبِیِّـۧنَ وَءَاتَى اْلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِی اْلْقُرْبَىٰ وَاْلْیَتَـٰمَىٰ وَاْلْمَسَـٰكِینَ وَاْبْنَ اْلسَّبِیلِ وَاْلسَّاۤىِٕلِینَ وَفِی اْلرِّقَابِ وَأَقَامَ اْلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى اْلزَّكَوٰةَ وَاْلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَـٰهَدُوا۟ۖ وَاْلصَّـٰبِرِینَ فِی اْلْبَأْسَاۤءِ وَاْلضَّرَّاۤءِ وَحِینَ اْلْبَأْسِۗ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ اْلَّذِینَ صَدَقُوا۟ۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ اْلْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: 177]. وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا﴾ [النساء: 136]. وقال سبحانه: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ﴾ [المائدة: 44]. وقال سبحانه: ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: 46]. وقال سبحانه: ﴿إِنَّاۤ أَوْحَیْنَاۤ إِلَیْكَ كَمَاۤ أَوْحَیْنَاۤ إِلَىٰ نُوحࣲ وَاْلنَّبِیِّـۧنَ مِنۢ بَعْدِهِۦۚ وَأَوْحَیْنَاۤ إِلَىٰۤ إِبْرَ ٰ⁠هِیمَ وَإِسْمَـٰعِیلَ وَإِسْحَـٰقَ وَیَعْقُوبَ وَاْلْأَسْبَاطِ وَعِیسَىٰ وَأَیُّوبَ وَیُونُسَ وَهَـٰرُونَ وَسُلَیْمَـٰنَۚ وَءَاتَیْنَا دَاوُۥدَ زَبُورࣰا * وَرُسُلࣰا قَدْ قَصَصْنَـٰهُمْ عَلَیْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلࣰا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَیْكَۚ وَكَلَّمَ اْللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِیمࣰا * رُّسُلࣰا مُّبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اْللَّهِ حُجَّةُۢ بَعْدَ اْلرُّسُلِۚ وَكَانَ اْللَّهُ عَزِیزًا حَكِیمࣰا * لَّـٰكِنِ اْللَّهُ یَشْهَدُ بِمَاۤ أَنزَلَ إِلَیْكَۖ أَنزَلَهُۥ بِعِلْمِهِۦۖ وَاْلْمَلَـٰۤىِٕكَةُ یَشْهَدُونَۚ وَكَفَىٰ بِاْللَّهِ شَهِیدًا﴾ [النساء: 163-166]. وقال سبحانه: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ اْسْمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ * بَلْ تُؤْثِرُونَ اْلْحَیَوٰةَ اْلدُّنْیَا * وَاْلْـَٔاخِرَةُ خَیْرࣱ وَأَبْقَىٰۤ * إِنَّ هَـٰذَا لَفِی اْلصُّحُفِ اْلْأُولَىٰ * صُحُفِ إِبْرَ ٰ⁠هِیمَ وَمُوسَىٰ﴾ [الأعلى 14-19]. وقال سبحانه: ﴿طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾ [طه: 1-2]. وقال سبحانه: ﴿كَانَ اْلنَّاسُ أُمَّةࣰ وَ ٰ⁠حِدَةࣰ فَبَعَثَ اْللَّهُ اْلنَّبِیِّـۧنَ مُبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ اْلْكِتَـٰبَ بِاْلْحَقِّ لِیَحْكُمَ بَیْنَ اْلنَّاسِ فِیمَا اْخْتَلَفُوا۟ فِیهِۚ وَمَا اْخْتَلَفَ فِیهِ إِلَّا اْلَّذِینَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعْدِ مَا جَاۤءَتْهُمُ اْلْبَیِّنَـٰتُ بَغْیَۢا بَیْنَهُمْۖ فَهَدَى اْللَّهُ اْلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لِمَا اْخْتَلَفُوا۟ فِیهِ مِنَ اْلْحَقِّ بِإِذْنِهِۦۗ وَاْللَّهُ یَهْدِی مَن یَشَاۤءُ إِلَىٰ صِرَ ٰ⁠طࣲ مُّسْتَقِیمٍ﴾ [البقرة: 213]. وقال سبحانه: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِاْلْبَیِّنَـٰتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ اْلْكِتَـٰبَ وَاْلْمِیزَانَ لِیَقُومَ اْلنَّاسُ بِاْلْقِسْطِۖ وَأَنزَلْنَا اْلْحَدِیدَ فِیهِ بَأْسࣱ شَدِیدࣱ وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِیَعْلَمَ اْللَّهُ مَن یَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِاْلْغَیْبِۚ إِنَّ اْللَّهَ قَوِیٌّ عَزِیزࣱ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحࣰا وَإِبْرَ ٰ⁠هِیمَ وَجَعَلْنَا فِی ذُرِّیَّتِهِمَا اْلنُّبُوَّةَ وَاْلْكِتَـٰبَۖ فَمِنْهُم مُّهْتَدࣲۖ وَكَثِیرࣱ مِّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ * ثُمَّ قَفَّیْنَا عَلَىٰۤ ءَاثَـٰرِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّیْنَا بِعِیسَى اْبْنِ مَرْیَمَ وَءَاتَیْنَـٰهُ اْلْإِنجِیلَۖ وَجَعَلْنَا فِی قُلُوبِ اْلَّذِینَ اْتَّبَعُوهُ رَأْفَةࣰ وَرَحْمَةࣰۚ وَرَهْبَانِیَّةً اْبْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَـٰهَا عَلَیْهِمْ إِلَّا اْبْتِغَاۤءَ رِضْوَ ٰ⁠نِ اْللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَایَتِهَاۖ فَـَٔاتَیْنَا اْلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْۖ وَكَثِیرࣱ مِّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ﴾ [الحديد: 25-27]. وقال سبحانه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9]. وقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: 41-42]. والآيات في ذكر الكتب المنزلة من الله تعالى إلى رسله عليهم الصلاة والسلام كثيرة لا يتسع المقام لحصرها وسردها.

السنة النبوية

الإيمان بالكتب في السنة النبوية
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا»، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ، وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ، قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا، قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ»، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟» قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ». أخرجه مسلم (8). وهذا الحديث دليل ظاهر على أن الإيمان بالكتب ركن من أركان الإيمان. هذا، والأحاديث في ذكر الكتب المنزلة من الله تعالى إلى رسله عليهم الصلاة والسلام كثيرة لا يتسع المقام لسردها.

الإجماع

أجمع المسلمون على وجوب الإيمان بالكتب المنزلة على المرسلين، وأن الإيمان بالكتب ركن من أركان الإيمان، فنؤمن بما سمى الله تعالى منها في كتابه: من التوراة والإنجيل والزبور والقرآن وصحف إبراهيم، ونؤمن بأن لله تعالى سوى ذلك كتباً أنزلها على أنبيائه، لا يعرف أسماءها وعددها إلا الله تعالى. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز الحنفي (2 /405)، "الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة" لعبد الله الأثري (ص: 131). قال ابن بطة رحمه الله: «وكذلك وجوب الإيمان والتصديق بجميع ما جاءت به الرسل من عند الله، وبجميع ما قال الله عزّ وجل فهو حق لازم، فلو أن رجلاً آمن بجميع ما جاءت به الرسل إلا شيئًا واحدًا كان بردِّ ذلك الشيء كافرًا عند جميع العلماء». "الشرح والإبانة" (الإبانة الصغرى) (ص232، 233). وقال ابن تيمية رحمه الله: «وقد اتفق المسلمون على ما هو معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، وهو أنه يجب الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين وبجميع ما أنزله الله من الكتب». "الجواب الصحيح لمَن بدَّل دين المسيح" (2/271). وانظر: "مجموع الفتاوى" (14/134). وقال ابن كثير رحمه الله: «أرشد الله تعالى عباده المؤمنين إلى الإيمان بما أنزل إليهم بواسطة رسوله محمّد صلّى الله عليه وسلّم مفصلاً، وبما أنزل على الأنبياء المتقدِّمين مجملاً، ونصّ على أعيان من الرسل، وأجمل ذكر بقية الأنبياء، وأن لا يفرّقوا بين أحد منهم؛ بل يؤمنوا بهم كلّهم». "تفسير ابن كثير" (1/448).

مسائل متعلقة

القرآن ناسخ لما قبله من الكتب

الإيمان بالكتب المتقدمة على القرآن يعني الإيمان بأصولها التي أنزلها الله تعالى، بخلاف ما يوجد منها الآن في أيدي الناس؛ لما وقع فيها من التحريف والتبديل. انظر: "منهج الحافظ ابن حجر العسقلاني في العقيدة من خلال كتابه فتح الباري" لمحمد كندو (3 /1187)، "القول المفيد على كتاب التوحيد" لابن عثيمين (3 /219). وأما القرآن فيجب الإيمان بأنه أفضل الكتب وأعظمها، وأعلاها منزلة، وأشرفها، وأنه المهيمن عليها، المصدق لها، وأن الله قد تكفل بحفظه من التغيير والتبديل والتحريف، كما قال عز وجل: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9]. وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: 41-42]. وكذلك يجب الإقرار به، واتباع ما فيه، بفعل أوامره، واجتناب منهياته، وتصديق أخباره. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز الحنفي (2 /425). فهو «كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، هُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ﴾ [الجن: 1-2]، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ». أخرجه الترمذي (2906)، وضعفه الألباني في "صحيح الترمذي" (2906). ويجب الاعتقاد الجازم بنسخ جميع الكتب والصحف التي أنزلها الله على رسله بالقرآن الكريم، وأنه لا يسع أحدًا من الإنس أو الجن، لا من أصحاب الكتب السابقة، ولا من غيرهم، أن يعبدوا الله بعد نزول القرآن بغير ما جاء فيه، أو يتحاكموا إلى غيره، والأدلة على ذلك كثيرة. منها قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: 1]. وقوله سبحانه: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة: 15-16]. انظر: "أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة" لمجموعة من العلماء (ص: 131).

المفاضلة بين الكتب السماوية

الكتب السماوية كلها من كلام الله تعالى، تكلم بها على الحقيقة، وكلام الله عزّ وجل يتفاضل بعضه على بعض ـ وإن كان كله ذا فضل وشرف ـ، وهذا التفاضل لا «باعتبار نسبته للمتكلّم؛ فإنه سبحانه واحد؛ ولكن باعتبار معانيه التي يتكلّم بها، وباعتبار ألفاظه المبينة لمعانيه». "مجموع الفتاوى" (17/129). وانظر: (17/57، 137). قال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ [البقرة: 285] ، ومن هذه الكتب: القرآن، والتوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم وموسى، وأعظمها التوراة والإنجيل والقرآن، وأعظم الثلاثة وناسخها وأفضلها هو القرآن. ولم يتكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ شيء من هذه الكتب عدا القرآن. انظر: "مجموع الفتاوى" (17/11 وما بعدها)، و"فضائل القرآن الكريم" (301، 435)، و"الإيمان حقيقته: خوارمه، نواقضه، عند أهل السُّنَّة والجماعة (135). قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ *﴾ [الحجر] ، وقال : ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ﴾ [المائدة: 48] ، وقال تبارك وتعالى : ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ [الزمر: 23] ، «فأخبر أنه أحسن الحديث، فدلَّ على أنه أحسن من سائر الأحاديث المنزلة من عند الله وغير المنزلة». "مجموع الفتاوى" (17/11). وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأبيّ بن كعب رضي الله عنه: «تحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها»؟ قال: نعم يا رسول الله، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كيف تقرأ في الصلاة» ؟ قال: فقرأ أم القرآن، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «والذي نفسي بيده ما أنزلت في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، وإنها سبع من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته». أخرجه الترمذي (2875) وقال: «حديث حسن صحيح»، وأحمد (14/311)، والحاكم (3019) وصححه، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (رقم 1453). وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «بينما جبريل عليه السلام قاعد عند النبي صلّى الله عليه وسلّم، سمع نقيضًا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم، وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته». أخرجه مسلم (806). قال ابن كثير: «وقد علم بالضرورة لذوي الألباب: أنّ الله لم ينزِّل كتابًا من السّماء ـ فيما أنزل من الكتب المتعددة على أنبيائه ـ أكمل ولا أشمل ولا أفصح ولا أعظم ولا أشرف من الكتاب الذي أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ وهو: القرآن». "تفسير ابن كثير" (6/243).

أصول الكتب السماوية واحدة

أصول الكتب السماوية واحدة، فهي تتفق في وحدة المصدر، فمصدرها واحد؛ فهي منزلة من عند الله، قال تعالى: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ [آل عمران: 3، 4]. كما أنها تتفق في الغاية، فهي كلها تدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وإلى دين الإسلام؛ فالإسلام هو دين جميع الرسل، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36] ، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ﴾ [آل عمران: 19]. كما أنها تتفق في مسائل الاعتقاد: فالكتب اشتملت على الإيمان بالله تعالى، والإيمان بالغيب، والإيمان بالرسل، والبعث والنشور، والإيمان باليوم الآخر إلى غير ذلك. كما تتفق في الدعوة إلى العدل والقسط ومكارم الأخلاق ومحاربة الفساد والانحراف وغير ذلك. انظر: "رسائل في العقيدة" للحمد (287).

حكم القراءة في الكتب السابقة

ومن المسائل أيضًا : حكم النظر والاطلاع على الكتب المحرفة الموجودة بين أيدي اليهود والنصارى اليوم؛ فيقال: لا يجوز النظر في كتب أهل الكتاب عمومًا؛ لأنَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم غضب حين رأى مع عمر كتابًا أصابه من بعض أهل الكتاب، وقال: «أمتهوِّكون فيها يا ابن الخطّاب؟!» الحديث، أخرجه أحمد في مسنده (3/387)، والدارمي في "سننه" (رقم 449)، قال الهيثمي: «فيه مجالد بن سعيد، ضعفه أحمد ويحيى بن سعيد وغيرهما». "مجمع الزوائد" (1/174). لكن له شواهد، حسنه بها الألباني في "إرواء الغليل" (6/34). حتى وإن كانت مشتملة على الحق والباطل؛ لما في ذلك من ضرر فساد العقائد. اللَّهُمَّ إلا لمن كان متضلعًا بعلوم الكتاب والسُّنَّة، مع شدة التثبت وصلابة الدين والفطنة والذكاء؛ وكان ذلك للرد عليهم وكشف أسرارهم وهتك أستارهم. انظر: "فتح الباري" لابن حجر (13/525)، و"كشاف القناع" للبهوتي (1/434)، و"مطالب أولي النهى" للرحيباني (1/607) و"فتاوى اللجنة الدائمة" (3/433).

نسخ الكتب السابقة

الكتب السماوية السابقة كلها منسوخة بالقرآن الكريم المنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم، فهو المهيمن على كل الكتب قبله، بمعنى: أنه مؤتمن وشاهد ورقيب، وحاكم وقاضي، ودال ومصدق، فالقرآن الكريم أمين على كل كتاب قبله، في أصله المنزل، يصدق ما فيها من الصحيح، وينفي ما فيها من التحريف والتبديل، ويحكم عليها بالنسخ أو التقرير، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه منها فهو باطل، فصارت له الهيمنة عليها من كل وجه. ثم ميز الله عزّ وجل القرآن الكريم عن سائر الكتب بأن تعهد بحفظه وجعله معجز بلفظه ومعناه. انظر: "الصواعق المرسلة" (2/400)، و"لطائف المعارف" (167، 168، 309). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهكذا القرآن فإنه قرر ما في الكتب المتقدمة من الخبر عن الله وعن اليوم الآخر وزاد ذلك بيانًا وتفصيلاً، وبيَّن الأدلة والبراهين على ذلك، وقرَّر نبوة الأنبياء كلهم ورسالة المرسلين وقرر الشرائع الكلية التي بعثت بها الرسل كلهم، وجادل المكذبين بالكتب والرسل بأنواع الحجج والبراهين، وبيَّن عقوبات الله لهم ونصره لأهل الكتب المتبعين لها، وبيَّن ما حرف منها وبدل وما فعله أهل الكتاب في الكتب المتقدمة، وبين أيضًا ما كتموه مما أمر الله ببيانه وكل ما جاءت به النبوات بأحسن الشرائع والمناهج التي نزل بها القرآن، فصارت له الهيمنة على ما بين يديه من الكتب من وجوه متعددة، فهو شاهد بصدقها وشاهد بكذب ما حرف منها، وهو حاكم بإقرار ما أقره الله ونسخ ما نسخه، فهو شاهد في الخبريات حاكم في الأمريات». "مجموع الفتاوى" (17/44).

الثمرات

ثمرات الإيمان بالكتب الإيمان بالكتب يثمر للعبد ثمرات جليلة أهمها: 1- العلم بعناية الله بعباده، حيث أنزل لكل قوم كتابا يهديهم به. 2- العلم بحكمة الله تعالى في شرعه، حيث شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم، كما قال تعالى : ﴿وَأَنزَلْنَاۤ إِلَیْكَ اْلْكِتَـٰبَ بِاْلْحَقِّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ اْلْكِتَـٰبِ وَمُهَیْمِنًا عَلَیْهِۖ فَاْحْكُم بَیْنَهُم بِمَاۤ أَنزَلَ اْللَّهُۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاۤءَهُمْ عَمَّا جَاۤءَكَ مِنَ اْلْحَقِّۚ لِكُلࣲّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةࣰ وَمِنْهَاجࣰاۚ وَلَوْ شَاۤءَ اْللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةࣰ وَ ٰ⁠حِدَةࣰ وَلَـٰكِن لِّیَبْلُوَكُمْ فِی مَاۤ ءَاتَىٰكُمْۖ فَاْسْتَبِقُوا۟ اْلْخَیْرَ ٰ⁠تِۚ إِلَى اْللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِیعࣰا فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ * وَأَنِ اْحْكُم بَیْنَهُم بِمَاۤ أَنزَلَ اْللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاۤءَهُمْ وَاْحْذَرْهُمْ أَن یَفْتِنُوكَ عَنۢ بَعْضِ مَاۤ أَنزَلَ اْللَّهُ إِلَیْكَۖ فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَاْعْلَمْ أَنَّمَا یُرِیدُ اْللَّهُ أَن یُصِیبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْۗ وَإِنَّ كَثِیرࣰا مِّنَ اْلنَّاسِ لَفَـٰسِقُونَ * أَفَحُكْمَ اْلْجَـٰهِلِیَّةِ یَبْغُونَۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اْللَّهِ حُكْمࣰا لِّقَوْمࣲ یُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 48-50]. 3- القيام بواجب شكر الله على هذه النعمة العظيمة. 4- أهمية العناية بالقرآن العظيم، بقراءته وتدبره وتفهم معانيه والعمل به، والله تعالى أعلم. انظر: "أعلام السنة المنشورة" لحافظ حكمي (ص: 90–93)، "شرح الأصول الثلاثة" لابن عثيمين (ص: 91-92).

المواد الدعوية