البحث

عبارات مقترحة:

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

المذهب الحنفي

المذهب الحنفي هو أقدم المذاهب الفقهية، ويُنسب إلى أبي حنيفة النّعمان، الّذي ولد في الكوفة سنة 80 للهجرة، وتوفي في بغداد سنة 150 للهجرة. نشأ المذهب الحنفي في الكوفة وانتشر في كثير من البلاد، فكان في مصر والشّام، وبلاد الروم والعراق، وما وراء النّهر ثمَّ اجتاز الحدود فكان في الهند والصّين، ومُدوَّنَات الفقه الحنفي كثيرة جدّاً، أما مُجمل أصول المذهب الحنفي سبعة فهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، وأقوال الصّحابة، والقياس، والاستحسان، والعُرف.

ترجمة العَلَم

اسمه ونسبه

وردَ في نسب أبي حنيفة روايتان: الأولى: عن عُمر بن حمّاد بن أبي حنيفة: هو النعمان بن ثابت بن زوطي؛ فأما زوطي فإنه من أهل كابُل، ولد ثابت على الإسلام، وكان زوطي مملوكاً لبني تيم الله بن ثعلبة، فأعتق. والثّانية: عن إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة: هو النّعمان بن ثابت بن النعمان بن المزربان من أبناء فارس الأحرار. انظر "أخبار أبي حنيفة وأصحابه" للصيمري (ص15)، "أبو حنيفة" لأبي زهرة (ص15_16) يقول إسماعيل بن حمّاد: «والله ما وقع علينا رقٌّ قط، ولد جدّي أبو حنيفة في سنة ثمانين، وذهب ثابت إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو صغير، ودعا لهُ بالبركة فيه وفي ذريته». "أخبار أبي حنيفة وأصحابه" للصيمري (ص16) فالرّاجح عند المحققين أنّه فارسي من العجم، إلا أنّه اختلف في اسم جده، وفي وقوع الرّق. وجمع الكوثري بين الرّوايتين بأنَّ زوطي ليس والد ثابت مُباشرة، وأنَّ بينهما النّعمان بن المرزبان. انظر: محمد زاهد الكوثري في تعليقه على مناقب أبي حنيفة للذهبي (ص13) وسواء أكان الرّق قد جرى على جدّه أم لم يجرِ، فقد ولد هو وأبوه على الحريّة، وليس يَضيرُ أبا حنيفة في قدره وعلمه، وشرف نفسه وغايته، أن يكون الرقُّ قد جرى على جدّه، أو على أبيه، بل أن يكون قد جرى على نفسه هو، فما كان شرفه من نسب ولا مال، ولكن كان جاهه من المواهب والنفس والعقل، والتقى، وذلك هو الشّرف. انظر "أبو حنيفة" لأبي زهرة (ص16) واختُلف في أصله، فقيل: من كابُل، وقيل: من بابل، وقيل: من ترمذ، وقيل: من الأنبار، وجمع بين هذه الأقوال بأن يكون جدّه من كابل ثمَّ انتقل منها إلى هذه البلاد. انظر "الطبقات السنية في تراجم الحنفية" لتقي الدين بن عبد القادر التميمي الداري (1 /74)

شهرته

أبو حنيفة، الإمام الأعظم

مولده

وُلد أبو حنيفة بالكوفة، في سنة 80 هـ في خلافة عبد الملك بن مروان على راوية الأكثرين، وهُناك رواية أخرى فيها أنه ولد سنة 61 هـ، ولكن لا مؤيّد لهذه الرّواية، وهي لا تتفق مع نهاية حياته؛ إذ أنّ المتفق عليه أنّه لم يمت قبل سنة 150 هـ، وقيل ولد سنة 7 هـ. انظر "مناقب الإمام أبي حنيفة" للذهبي (ص13)

وفاته

مات أبو حنيفة في بغداد، سنة 150 هـ، قيل: في رجب ، وقيل: في شعبان، وقيل في: شوال. وفي سبب وفاته: قيل أنّه ماتَ في الحبس من أثر الضّرب، وقيل: ماتَ بالسّم. انظر "مناقب الإمام أبي حنيفة" للذهبي (ص48). ولمّا جهز وأخرجَ، قيل: صلّى عليه نحو من خمسين ألفًا، وصُليَ عليه عدة مرات، آخرها صلّى عليه ولده حمّاد، وصلّى عليه المنثور، ومكثَ النّاس يصلون على قبره نحواًمن عشرينَ يومًا، ودُفِنَ في مقابر الخيزران في الجانب الشرقي؛ لأنّ أرضها طيبة غير مغصوبة كما أوصى هو بذلك، فلما بلغ المنصور وصيته قال: «مَن يعذرني منه حيّاً وميتاً». "أخبار أبي حنيفة وصاحبيه" للصيمري (ص93).

شيوخه

أخذَ أبو حنيفة العلم عن خلقٍ كثير قُدروا بأربعةِ آلاف شخص. وأجمع العُلماء على أنّه التقى ببعض التّابعين وجالسهم، ودارسهم، وروى عنهم، وتلقى فقههم، وكانت سنّه تسمح باللقاء، والتّلقي، والرّواية. وقد اختلفت مناهج من روى؛ فمنهم من اشتهر بالأثر كالشعبي، ومنهم من اشتهر بالرّأي وهم كثيرون وقد أخذ عن عكرمة (ت: 105ه)، حامل علم ابن عبّاس. ونافع حامل علم ابن عُمر (ت: 117 هـ). انظر "أبو حنيفة" لأبي زهرة (ص75-80) وأخذ عن حمّاد بن أبي سُليمان ، وعطاء بن أبي رباح، وقد قال عنهما: «ما رأيتُ أفقه من حمّاد بن أبي سليمان، وما رأيت أجمع لجميع العلوم من عطاء بن أبي رباح» "مناقب أبي حنيفة" للمكي (ص79). صاحب إبراهيم النخعي (ت: 96 هـ) أكثرَ علمه، وعليه تخرّج في الفقه، ولازمه ثماني عشرة سنة حتى وفاته، كما قد تلقى أبو حنيفة عن حمّاد بن أبي سليمان (ت: 120 هـ). انظر "المذهب الحنفي" (1 /51-55) يقول أبو حنيفة: «لقد لازمت حمّادًا لزومًا ما أعلم أنّ أحدًا لزم أحدًا مثل ما لزمته، وكنت أكثر السّؤال، فربما تبرم مني، ويقول: يا أبا حنيفة قد انتفخ جنبي، وضاق صدري» "مناقب أبي حنيفة" للمكي (ص53) كما أخذ العلم عن عامر الشّعبي (103 هـ)، وطاوس بن كيسان (ت: 106 هـ)، وعطية العوفي (ت: 111 هـ)، وعدي بن ثابت (ت: 116 هـ)، وعبد الرّحمن بن هرمز (ت: 117 هـ)، وقتادة بن دِعامة (ت: 118 هـ)، وسلمة بن كهيل (ت: 121 هـ)، وسماك بن حرب (ت: 123 ه)، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري (ت: 124 ه)، وعمرو بن دينار (ت: 126 هـ)، وسعيد بن مسروق والد سفيان الثوري (ت: 128 هـ)، وأبي الزبير المكي (ت: 128 هـ)، وربيعة بن أبي عبد الرحمن (ت: 136 هـ)، وعبد الله بن دينار (ت: 136 هـ)، وعطاء بن السّائب (ت: 136 هـ)، وهشام بن عروة (ت: 146 هـ). انظر "الخيرات الحسان" لابن حجر الهيتمي (ص 36)، "مناقب الإمام أبي حنيفة" للذهبي (ص19)

تلاميذه

من أصحاب أبي حنيفة الّذين كان لهم دور في نموّ المذهب وانتشاره: زُفَر: أبوالهُذيل، زُفَر بن الهذيل بن قيس العنبري ، المولود سنة 110 للهجرة. كان من بحور الفقه، وأذكياء الوقت، ذا عقلٍ ودينٍ، وفهمٍ وورع، جمع بين العلم والعبادة، والفقه والحديث. ووُصِفَ بأنّه أصلب أصحاب الإمام وأدقهم نظراً. توفي سنة 158 للهجرة؛ أي بعد أبي حنيفة بثماني سنوات. عبد الله بن المُبارك ، كتبه تحتوي على نحو عشرين ألف حديث، وهو من أخص أصحاب أبي حنيفة. توفي سنة 181 للهجرة. أبو يوسف: يعقوب بن إبراهيم بن حبيبٍ الأنصاري ، المولود سنة 113 للهجرة. كان فقيهاً عالماً، يحفظ التّفسير والمغازي وأيام العرب، كما كان حظياً مكيناً عند الرّشيد، الّذي كان يكرمه ويُبالغ في إجلاله، وكان إليه تولية القضاة من المشرق إلى المغرب في عهده. قال عنه أبو حنيفة: «هو أجمع أصحابي للعلم» "مناقب أبي حنيفة" للكردري (ص397)، توفي سنة 182 للهجرة. يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، الحافظ الثبت الفقيه، كان من أجل أصحاب أبي حنيفة. توفي سنة 182 للهجرة. محمد بن الحسن: أبو عبد الله، محمد بن الحسن بن فرقد الشّيباني. ولد بواسط في النّصف الأول من العقد الثلاثين بعد المائة، ونشأ بالكوفة، وسكن بغداد، وحدّث بها، وكانَ من أذكياء العالم، إماماً في الفقه، مقدّماً في العربية والنحو والحساب. لازم أبي حنيفة في آخر حياته، ثمَّ لازم أبا يوسف من بعده حتى أتقن الفقه وبرع فيه. توفي بالرّي سنة 189 للهجرة. حفص بن غياث القاضي ، كتبوا عنه أربعة آلاف حديث من حفظه. توفي سنة 194 للهجرة. وكيع بن الجراح. كان يفتي برأي أبي حنيفة. توفي سنة 197 للهجرة. يحيى بن سعيد القطان البصري ، إمام الجرح والتّعديل. توفي سنة 198 للهجرة. الحسن بن زياد : أبو علي، الحسن بن زياد اللؤلؤي، الكوفي الأصل، نزيل بغداد. كان أحد الأذكياء البارعين في الرّأي، محبّاً للسنة واتّباعها، عالماً بروايات أبي حنيفة، مقدّماً في السؤال والتفريع. درس إلى الإمام أبي حنيفة مدّة ثمّ اختلف إلى زفر وأبي يوسف بعد وفاته. توفي سنة م204 للهجرة. انظر"المذهب الحنفي" لأحمد النقيب (1 /60-69) أسد بن الفرات القيرواني ، جمع بين الطريقة العراقية والحجازية في الفقه والحديث. توفي سنة 213 للهجرة. عيسى بن أبان البصري ، له كتاب الحجج الكبير، والحجج الصغير مما يشهد له البراعة في الحديث. توفي سنة 221 للهجرة. انظر "نصب الراية" للزيلعي (ص40_ 42)

مؤلفاته

إنّ عصر أبي حنيفة لم يكن عصر تأليف وتدوين بالمعنى الّذي تعارف عليه الناس من بعده، كما أنّه لم يفرّغ نفسه للتأليف، وإنما خدم العلم وأفاد الناس عن طريق الاجتهاد والفتوى والتّدريس. ومع ذلك نراه تُنسب إليه مؤلفات، ويردُ في كتب الطّبقات والتّراجم ذكر كتبه، ومنها ما يُفهم من سياق الكلام، أو يعرف من عنوان الكتاب؛ ككتاب الصّلاة، وكتاب الرّهن. أو موضوعة؛ ككتاب في الشّروط، وكتاب في الفرائض أنه في الفقه. انظر "المذهب الحنفي" لأحمد النقيب" (1 /69-70) كما أنّ هُناك كتباً مطبوعة منسوبة إليه؛ كالفقه الأكبر وهو كتاب في العقيدة، والعالم والمتعلّم، ورسالة إلى عثمان البتي، ووصايا لبعض أصحابه، وهي رسائل صغيرة حول المواعظ وعلم الكلام، وأشبه بالمذكرات الخاصة، التي يُقصد بها قيد العلم وصونه من النّسيان، يُرجع إليها عند الحاجة. وهو أوّل من وضع علم الفقه وبوبه وأملاه على تلاميذه. انظر "المدخل إلى مذهب الإمام أبي حنيفة" لأحمد حوى (ص77)، " المذهب الحنفي" لأحمد النقيب (1 /70)

تدوين المذهب

1) الجامع الصّغير لمحمد بن الحسن الشيباني: وهو ثاني كتب ظاهر الرّواية في المذهب الحنفي بعد المبسوط، وتناول فيه أربعين كتاباً من أبواب الفقه، وكان يذكر رأيه ورأي أبي حنيفة وأبي يوسف في أكثر مسائل الخلاف بينهم دون ذكر الدّليل. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (2 /452-455). 2) مختصر القدوري: وهو أشهر المتون في الفقه الحنفي وأكثرها تداولاً، يتميّز بوضوح اللفظ وسلاسة العبارة وسهولة الأسلوب، رتّبه المؤلف على ثلاثة وستن باباً، بدأها بأبواب العبادات، فأبواب المُعاملات وما يتبعها، فأحكام الأسرة وما يتبعها، فأبواب الجنايات والحدود. وهو أحد المتون الّتي اعتمد عليها المتأخرون في المذهب الحنفي، ومنها: 3) "بداية المُبتدي "للمرغيناني: جمع المرغيناني في هذا المختصر بين الجامع الصّغير لمحمد بن الحسن، ومختصر القدوري ولم يتجاوزهما إلا فيما دعت الضّرورة إليه، وحملته كثررة وقوعه عليه، ورتّب ترتيبه الجامع الصّغير، ويصرّح فيه بالخلاف بين أئمة المذهب: أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، ولا يتطرق إلى الدّليل إلا نادراً جداً. وقد شرحه في كتابه: 4) "الهداية شرح البداية" للمرغيناني: وقد جمع فيه بين عيون الرواية ومتون الدّراية، تاركاً للزوائد في كل باب، معرضاً عن هذا النّوع من الإسهاب، ويعتبر هذا الكتاب من أشهر مؤلفات الفقه الحنفي، وأكثرها تداولاً بين الحنفية في القديم والحديث. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (2 /531-533) ومن مختصراته: 5) "الرواية في مسائل الهداية" لمحمود المحبوبي: وقد بيّن فيه الخِلاف بين أئمة المذهب: أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، ونادراً ما يتطرق إلى رأي غيرهم، وقد صرّح المؤلف بخلوّ هذا المتن من الدّلائل، وهو أحد المتون الّتي كثر اعتماد المتأخرين عليها في المذهب الحنفي. وقد شرحه ثم اختصره حفيده عبيد الله المحبوبي واسمه: 6) "النقاية مختصر الوقاية": وللنقاية شروحات عدة: شرح مختصر الوقاية للبرجندي. حاشية اللكنوي (السعاية في كشف ما في شرح الوقاية) شرح علي القاري شرح النّقاية للرومي حاشية التوقاتي (ذخيرة العقبى) منظومة الفرائد السنية للكواكبي "منظومة الخلافيات" لنجم الدّين النسفي (مخطوط): وقد تناول المؤلف في هذه المنظومة خلاف الأئمة الفقهاء: أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، وزفر، والشافعي، ومالك، ورتّبها في عشرة أبواب، ورتّب كل باب ترتيباً فقهيّاً، ويعد من أهم كتب الفقه عموماً ومؤلفات الفقه الحنفي خصوصاً؛ لاشتمالها على أقوال أئمة المذهب وآرائهم وبيان مواطن الوفاق والخِلاف بينهم بعبارة موجزة جامعة، وهي أول منظومة فقهية عند الحنفيّة. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (2 /495_498) 7) "مجمع البحرين وملتقى النيرين" لابن الساعاتي: وهو أحد متون الفقه الحنفي، جمع فيه ابن الساعاتي بين "مختصر القدوري"، و"منظومة الخلافيات" للنسفي، مع زيادة قيود ومسائل، وإشارة إلى الأصح والأقوى، وتنبيه على المُختار للفتوى، وقد رتبه ترتيب "مختصر القدوري" في معظم أبوابه، وقد ذكر فيه المسائل بدون دليل؛ رومًا للاختصار، ويُعتبر من أهم متون الفقه الحنفي، وأوجزها لفظاً، وأبدعها أسلوباً. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (2 /476-480). 8) "تحفة الفقهاء" لعلاء الديّن السمرقندي: وهو عبارة عن متن مطوّل، بسط فيه المؤلف القول في المسائل بأسلوب سهل وعبارة واضحة، وقد بناه على مختصر القدوري، مورداً بعض ما تركه من أقسام المسائل، وموضّحاً مشكلاته بقوي من الدّلائل. والكتاب على صغر حجمه حافل بالآراء والأقوال الفقهية المُختلفة، حاوٍ لكثير من حجج النقل والعقل، ويتميز بترتيبه الرّائع وتقسيماته البديعة. ومن شروحاته: 9) "بدائع الصّنائع في ترتيب الشّرائع" للكاساني: وقد اقتدى بالسمرقندي في العناية بحسن الترتيب وجودة تقسيمات الفصول والمسائل، لكنه لم يقف قفوه في ترتيب الأبواب، وإنما تصرّف فيها بالتقديم والتأخير وإضافة عدد من العناوين. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (2 /527_529). 10) "اللباب في شرح الكتاب" للميداني: وهو شرح متأخر لمختصر القدوري فصّل فيه الميداني مجمله، وقيّد مطلقه، وأوضح معانيه باختصار، وجمع فيه من كلام القوم ما يدلُّ على مقصودهم ومرامهم، مع زيادات يحتاجُ إليها، وإشارة إلى المُعتمد من الروايات والأقوال وما يفتىى به في المذهب. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (2 /585). 11) "كنز الدّقائق" للنسفي: وهو متن وجيز لخّص فيه النسفي تابه الوافي، وسار فيه على منهج أوجز المتون الفقهية، التي يقتصر فيها غالباً عل ذكر ما به الفتوى في المذهب، ولا يُذكر فيها الخلاف والدّليل، وأشار فيه إلى خلاف الأئمة برموز حرفيّة، وقد كثر اعتماد هذا المتن عند المتأخرين، وهو من أكثر المتون تداولاً بين الحنفية بعد مختصر القدوري. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (2 /482_483) ومن أهم شروحاته: - "البحر الرّائق" لابن نجيم: وقد عني فيه المؤلف بتحرير رأي المذهب الحنفي، وبيان الخلاف بين أئمة الحنفية، وذكر اختلاف الرّوايات عنهم، مع الإشارة إلى ما هو الرّاجح والمفتى به في المذهب، وإلى جانب ذلك يذكر الدّليل غالباً، إلا أنه لم يهتم به اهتمامه ببيان الرّأي والمذهب وتحريره. انظر "المذهب الحنفي"للنقيب (2 /572_573) ومن شروحاته أيضاً: تبيين الحقائق للزيعلي رمز الحقائق للعيني مستخلص الحقائق لإبراهيم بن محمدالقاري كنز البيان لمحمد بن يونس الطّاني كشف الحقائق لعبد الحكيم الأفغاني حاشية أحمد الشلبي (تجريد الفوائد والرقائق) حاشية أبي السعود المصري (فتح المعين) 12) كتب ظاهر الرواية وهي: المبسوط، الزيادات، الجامع الصغير، الجامع الكبير، السير الصغير، السير الكبير لمحمد بن الحسن الشيباني. - وقد جمعها الحاكم الشهيد في الكافي، وشرحه السّرخسي في كتابه المبسوط: وفيه شرح موسع لكتاب الكافي الذي لخص فيه الحاكم الشهيد كتب ظاهر الرواية، واقتصر فيه السرخسي على المعنى المؤثر في بيان كل مسألة؛ اكتفاءً بما هو المعتمد في كل باب، ويذكر في كتابه الرأي الحنفي أولاً، ثم رأي المخالف مع دليله، ثمّ دليل الرأي الأول المختار، وكثيراُ ما يجيب عن دليل المخالف، ويناقشه بأسلوب علمي، ويعتبر هذا الكتاب من أهم كتب الفقه الحنفي وأشملها وأوسعها. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (2 /518-521). 13) تنوير الأبصار للترمتاتشي: وهو متن وجيز يشتمل على كثير من مسائل المتون المعتمدة في الفقه الحنفي، رتبه ترتيب الجامع الصغير والهداية، سار فيه المؤلف على طريقة أوجز المتون الفقهية، التي يُقتصر فيها غالباً على الراجح والمفتى به في المذهب، ولم يتناول فيه الخلاف والدليل، إلا ما أشار إليه في بعض الأحيان. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (2 /493_494) - وقد شرحه الحصكفي في الدر المختار شرح تنوير الأبصار: حرص فيه على حفظ الفروع الصّحيحة في المذهب، متحرياً أرجح الأقوال، مبالغاً في التلخيص والتحرير والتنقيح. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (2 /580) من أشهر حواشي الدر المختار: - "رد المحتار على الدّر المختار " لابن عابدين: يشتمل على تنقيح عباراته، وتوضيح رموزه وإشاراته، وتحرير مسائله المشكلة وحوادثه المعضلة ، كما يحتوي على ذخائر زبر المتقدمين وخلاصة كتب المتأخرين ورسائلهم المؤلفة في الحوادث الغريبة، وقد حرر رأي المذهب الحنفي وبين الراجح والمفتى به في المذهب ، ولم يهتم فيها بالاستدلال والمقارنة بين آراء الفقهاء وتناول أقوال الأئمة بصورة منظمة، ويعتبر هذا الكتاب خاتمة التحقيقات والترجيحات في المذهب الحنفي. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (2 /581-583) وقد أكمله نجله محمد علاء الدّين في قرة عيون الأخيار. 14) متن المختار للموصلي: وهو متن مختصر في الفقه الحنفي، صنفه الموصلي للمبتدئن، وقد وذع المؤلف هذا المتن على مذهب أبي حنيفة، واقتصر فيه على مذهبه وفتواه، إلا أنه يشير إلى غيره من الأئمة. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (2 /475) - وقد شرحه المؤلف بكتاب "الاختيار لتعليل المُختار". 15) "مختصر الطّحاوي": وهو من أقدم مختصرات الفقه الحنفي وأشملها، يحتوي على كثير من أمهات مسائل المذهب ورواياتها المُعتبرة، فيه الكثير من المسائل التي لا توجد في غيره من المتون، سار فيه على ترتيب مختصر، فرتبه على ثلاثة وخمسين باباً، وقد بين فيه الخلاف بين كبار أئمة المذهب: أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، مختاراً ما يراه راجحاً من أقوالهم، ولا يتطرق إلى الاستدلال وآراء غير الحنفية إلا نادراً جداً، ويعتبر من أهم المختصرات في المذهب الحنفي. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (2 /461-464) - وقد شرحه الجصاص في كتاب "شرح مختصر الطّحاوي". انظر "تشجير أهم الكتب الفقهية المطبوعة على المذاهب الأربعة" للفوزان (ص16-19)

نمو المذهب وأماكن انتشاره

نشأ المذهب الحنفي بالكوفة، ثمَّ تدراسه العُلماء بعد وفاة شيخه ببغداد ثمّ شاع من بعد ذلك، وانتشر في أكثر البقاع الإسلاميّة، فكان في مصر والشّام، وبلاد الروم والعراق، وما وراء النّهر، ثمَّ اجتاز الحدود فكان في الهند والصّين، حيث لا مُنافس له، ولا مزاحم، ويكاد أن يكون هو المنفرد في تلك الأصقاع النّائية إلى الآن. وقد ساعد في انتشاره تولي أبي يوسف منصب القضاء للرشيد؛ فلم يكن يولى قاضٍ في البلاد الإسلامية من أقصى المشرق إلى شمال أفريقية، إلا من يشير به، ويرتضيه، وكان حتماً لا يولي إلا أصحابه الذين يرتضون طريقته في الاجتهاد والفتيا، وهي طريقة أبي حنيفة في الاستنباط في جملتها، فانتشرت بهذا عند العامة آراء فقهاء العراق في كل البقاع الإسلامية، ما عدا الأندلس التي انتشر بها المذهب المالكي. وقد كان أهل بغداد يميلون كل الميل لمذهب أبي حنيفة، ويؤازرون الخلفاء في نصرته. وفي أفريقية، أي: طرابلس وتونس والجزائر لم يكُن مذهب أبي حنيفة في أول أمره غالباً، بل تغلب عليها مذاهب أهل السنة والآثار إلى أن تولى قضاءها أسد بن الفرات بن سنان، فعمل على نشر مذهب أبي حنيفة لما تولى قضاء أفريقية، حتى ظهر ظهوراً كثيراً في أفريقيةإلى سنة 400، وانقطع بعدها، ودخل منه شيئاً إلى ما وراءها من المغرب قديماً إلى الأندلس. وأما مصر فقد عرفت مذهب أبي حنيفة في عهدالمهدي عندما تولى قضاءها إسماعيل بن اليسع الكوفي، وكان المذهب الحنفي ممكن السلطان في مصر ما قوي سلطان العباسيين عليها، ولكنه لم يكُن له في الشعب المكان الذي له في أمصار الشّرق. وإذا انتقلنا إلى الشّام وما حولها نجد المذهب الحنفي فيها أمكن. أما بلاد المشرق والعراق وما وراءه، أي: خراسان وسجستان وما وراء النهر فكان المعتنقون المذهب الحنفي كثيرين. كما كان المذهب الحنفي غالبًا على أهل أرمينية وأذربيجان وتبريز وأهل الري والأهواز، ثمّ كان أول الأمر بإقليم فارس كثير من الحنفية، ثمّ غلب عليها المذهب الشيعي الإثنا عشري. ويكاد ينفرد المذهب الحنفي بالسلطان في الهند، كذلك مسلمو الصين الّذين يتجاوز عددهم الأربعين مليوناً أكثرهم من الحنفيّة. انظر "أبو حنيفة" لأبي زهرة (ص520-526). ولا حاجة لنا إلى أن نمدح مذهب أبا حنيفة بمدائح كاذبة ومحاسن غير ثابتة، كما ذكر جماعة من المحبَّين المفرطين أنه تعلم منه الخضر على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وأن عيسى حين ينزل في زمن الدجّال، والإِمام مهدي، يحكمان بمذهبه، وأنه بشّر به رسول الله بقوله: ﴿يكون في أمتي رجل يُكنى بأبي حنيفة ويسمّى بالنعمان. .. ﴾ الحديث، فإن أمثال هذه الأخبار كلها موضوعة، وأشباه تلك المناقب كلها مكذوبة كما حققه علي القاري في "المشرب الوردي بمذهب المهدي"، والسيوطي في "الإِعلام بحكم عيسى عليه السلام"، وابن حجر في "الخيرات الحسان في مناقب النعمان". انظر مقدمة "التعليق الممجد" للكنوي (1/128).

أصول المذهب

لم يدوّن أبو حنيفة كتاباً جامعاً في أصول الفقه كالرسالة للشافعي، وكذا لم يرِد أنّ أحداً من أصحاب أبي حنيفة دوّن كتاباً في أصول الفقه، إلا أنّ عدم وجود هذه الأصول مدوّنة لا يعني أنّ أبا حنيفة بنى فقهه على غير أصول وقواعد؛ لأنّ تأخر تدوين هذه الأصول لا يعني عدم وجودها. يدلّ على ذلك هذا التّراث الفقهي الضخم المنقول عن أبي حنيفة وأصحابه، فهذه الفروع الفقهية يدرك المتأمل فيها أن بينها ترابطاً وتماسكاً يدلان على أن واضع هذه الفروع كان يقيّد نفسه بقواعد لا يخرج عنها، وإلا لظهر التناقض والاضطراب بين هذه الفروع. ثمّ إن العلماء الّذين جاؤوا فيما بعد ودوّنوا أصول المذهب الحنفي إنما استنبطوا هذه القواعد من خلال الفروع المنقولة عن الإمام وأصحابه، حيث لاحظوا أن مجموعات من الفروع تنظمها قواعد معيّنة، فلولا أنّ هذه القواعد كانت معتمدة عند الإمام وأصحابه لما جاءت تلك الفروع متسقة مترابطة. عن يحيى بن ضرّيس قال: «شهدت سفيان الثوري وأتاه رجل فقال له: ما تنقم على أبي حنيفة؟ قال له: وما له؟ قال: سمعته يقول: آخذ بكتاب الله، فما لم أجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت منهم وأدع من شئت منهم، ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم». "أخبار أبي حنيفة وأصحابه" الصيمري (ص24) عن زهير بن معاوية قال: «كنتُ عند أبي حنيفة والأبيض بن الأغر يقائسه في مسألة يديرونها فيما بينهم، فصاح رجلٌ من ناحية المسجد، ظننته من أهل المدينة، فقال: ما هذه المقايسات؟ دعوها فإنّ أول من قاس إبليس، فأقبل عليه أبو حنيفة، فقال: يا هذا وضعت الكلام في غير موضعه، إبليس ردَّ على الله تعالى أمره، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف: 50]، ونحن نقيس المسألة على أخرى لنردها إلى أصلٍ من أصول الكتاب أو السنة واتفاق الأمة، فنجتهد وندور حول الاتباع هذا من ذاك، فصاح الرجل وقال: تبت من مقالتي، نوّر الله قلبك كما نوّرت قلبي» "مناقب أبي حنيفة" المكي (ص74) عن سفيان الثّوري قال: «كانَ أبو حنيفة شديد الأخذ للعلم ذابّاً عن حُرمِ الله أن تستحل، يأخذ بما صحَّ عنده من الأحاديث التي كان يحملها الثقات، وبالآخر من فعل رسول الله ، وبما أدرك عليه علماء الكوفة». من هذه النصوص نستنتج أنّ الإمام أبا حنيفة كان يأخذ أولاً بكتاب الله إذا وجد فيه حكم المسألة الّتي يريد، فإن لم يجد فإنه يأخذ بما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فإذا صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلّم قولان في مسألة وتعارضا فإنه يأخذُ بالأخير منهما، فإذا لم يجد في السّنة، ينظر في أقاويل الصحابة رضي الله عنهم، فإذا اتفقوا فذاك الإجماع فلا يحيد عنه، وإذا اختلفوا يتخير من أقوالهم ما يراه أقرب إلى روح التشريع، ولا يخرج عن أقوالهم، فإذا لم يكن للصحابة قول في المسألة ووجدت أقوال للتابعين فإنه يجتهد كما اجتهدوا فيقيس أو يستحسن، وقد بيّن أنّه في القياس يرد المسألة إلى الكتاب أو السنة أو الإجماع، فإذا لم يكن للمسألة أصل يقيس عليه فإنه ينظر في مُعاملات الناس ويبني الحُكم على ما تعارف عليه المسلمون. فمُجمل أصوله بذلك سبعة: الكتاب، والسنة، والإجماع، وأقوال الصّحابة، والقياس، والاستحسان، والعُرف. انظر "مناقب أبي حنيفة" للمكي (ص75)، "أبو حنيفة" لأبي زهرة (ص262_264)

مصطلحات المذهب

المصطلحات الّتي يُشار بها في المذهب الحنفي إلى أقسام الحُكم التّكليفي: أقسام الحُكم التّكليفي في المذهب الحنفي على حسب ما ذكره بعض علماء المذهب عبارة عن: الصحيح، والفاسد، والباطل، والرخصة، والعزيمة، وما يندرج تحت العزيمة، من: الفرض، والواجب، والسنة، والنفل، والمُباح، والحرام والمكروه. أولاً: العزيمة والرّخصة: - العزيمة: عبارة عمّا شُرعَ من الأحكام ابتداءً، غير متعلق بالعوارض. وهي تقسّم إلى: الفرض، والواجب، والسنة، والنّفل، والمُباح، والمكروه، والحرام. - الرّخصة: ما تغيّر من عسرٍ إلى يُسرٍ من الأحكام؛ كقصر الصلاة للمُسافر، وإفطار الصيام له وللمريض. ثانياً: الفرض والواجب: - الفرض: ما ثبتَ لزومه بدليلٍ قطعي لا شبهة فيه. وحُكمه: لزوم اعتقاده والعمل به، واستحقاق فاعله الثواب وتاركه عمداً العقاب. - الواجب: ما ثبتَ لزومه بدليل فيه شبهة، من حيث الثبوت ، أو الدلالة أو هما معاً. وحُكمه: اللزوم عملاً لا اعتقاداً، واستحقاق فاعله الثواب وتاركه عمداً العقاب دونَ عقاب الفرض. - الفرض الظّني: وهو نوع دائر بين الفرض والواجب، يُسمى فرضاً عمليّاً، وفرضاً ظنيّاً، يُشبه الفرض من وجه والواجب من وجه؛ فيُعامل معاملة الأول من حيث العمل به، فيفوت الجواز بفوته، ومُعاملة الثاني من حيث اعتقاده؛ فلا يكفر جاحده. ثالثاً: السّنة والنّفل: - السّنة: الطّريقة المسلوكة في الدّين، لا على وجه الفرض والوجوب. وهي تشمل ما ثبت عن النبي ، وما ثبتَ عن أصحابه رضي الله عنهم، وتنصرف إلى الأول عند الإطلاق. وتنقسم إلى: سنن الهدى: هي السنة المؤكدة، وهي المُراد عند إطلاق السّنة. وهي الّتي تعلّق بتركها كراهية أو إساءة؛ مثل: الأذان، والإقامة، والجماعة، والسّنن الرّواتب. سنن الزّوائد: وهي الّتي لا يتعلّق بتركها كراهة ولا إساءة؛ نحو تطويل القراءة في الصّلاة. وتنقسم أيضاً إلى: سنّة عين: وهي ما يسن فعله من كل واحد من المكلّفين بعينه؛ كالاغتسال يوم الجمعة. سنة كفاية: وهي ما يتأدى بأداء بعض المكلّفين؛ كالأذان والإقامة. وقد يُطلق لفظ السّنة ويُراد بها الواجب، ولا سيما إذا كان وجوبه ثابتاً بالسّنة، كما في قول الإمام محمد بن الحسن في باب صلاة العيد: «عيدان: أي العيد والجمعة اجتمعا في يوم واحد؛ فالأول سنة والآخر فريضة، فإنه سمى صلاة العيد سنة مع أنها واجبة عند الحنفيّة؛ لأن وجوبها ثبت بالسّنة» "بدائع الصنائع" للكاساني (1 /408) - النّفل: وهي ما شُرع زيادة على الفرائض والواجبات، وزاد بعضهم: لفظ السنة أيضاً، أي: ما شُرعَ زيادة على الفرائض والواجبات والسّنن. وحُكمه: أنّه يُثاب المرءعلى فعله ولا يُلام على تركه. وهو مُرادف في غالب إطلاقاتهم للمُستحب، والمندوب، والتّطوع، ودون سنن الزوائد، إلا أنّ سنن الزّوائد أيضاً يُطلق عليها المُستحب أو المندوب أحياناً. رابعاً: المُباح وهو ما استوى فعله وتركه في عدم الثواب والعقاب من أفعال المُكلّفين. وحُكمه: أنّه لا أجرَ فيه ولا وزر، وأنّ الإنسان مخيّرٌ بين فعله وتركه، لكن إذا فعله بنية مشروعة يؤجر عليه، وحينئذٍ يتحول من المُباح إلى المندوب. خامساً: الحرام والمكروه: - الحرام: ما ثبت النّهي عنه بدليلٍ قطعي. وحُكمه: لزوم تركه، واستحقاق تاركه الثواب وفاعله عمداً العقاب. - المكروه: ما كان تركه أولى من فعله، ولم ينهَ عنه بدليلٍ قطعي. وهو نوعان: المكروه كراهة تنزيهية: وهو ما كان إلى الحلال أقرب. وحكمه: ثواب تاركه، وعدم عقاب فاعله. المكروه كراهة تحريم: وهو ما كان إلى الحرام أقرب إلا أنه نهي عنه بدليلٍ ظني. وهو المُراد غالباً عند إطلاق المكروه في المذهب الحنفي. وحكمه: استحقاق تاركه الثّواب وفاعله العقاب دونَ عقاب الحرام. سادساً: الصحيح والباطل والفاسد: - الصحيح: هو ما كانَ مشروعاً بأصله، ووصفه. - الفاسد والباطل: في اصطلاح الحنفية لا فرق بين الفساد والبطلان في العبادات، ومعناهما واحد، هو: عدم الصحة؛ لخلل في شيء من شروطها وأركانها. ويفرّق بينهما في المُعاملات: فالفاسد من العقود: ما كان مشروعاً بأصله لا بوصفه، ويترتب عليه بعض الآثار إذا توافر ركنه وعناصره الأساسية؛ كالبيع بثمن مجهول. والباطل منها: ما لَم يكُن مشروعاً بأصله ولا بوصفه، ولا يترتب عليه أثره الشرعي؛ كبيع المجنون. فالخلل في الفاسد يكون في وصف العقد، وفي الباطل في أصله. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (1 /279_308) المُصطلحات الّتي يُشار بها في المذهب الحنفي إلى الأئمة والفقهاء: المصطلحات التي يُشار بها في المذهب الحنفي إلى عُلماء الحنفية: أولاً: المُصطلحات الكلميّة: وهي عبارة عن الألفاظ التي اصطلح علماء الحنفية على الإشارة بها إلى الأئمة والفقهاء من أهل المذهب، وهي كثيرة جداً. - الآخرين: من المصطلحات التي روعي فيها نسبة كل اثنين من أكبر وأشهر أئمة المذهب الحنفي: أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن إلى الثالث، وثاني هذه المصطلحات: الشيخان، وثالثها: الصّاحبان، ورابعها: الطّرفان. وهي تثنية آخر، يُشاربها إلى الإمامين: أبي يوسف، ومحمد بن الحسن، صاحبي أبي حنيفة. أما الثاني محمد: فهو آخر الثلاثة: أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن. - الأئمة الثلاثة: المُراد بها: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن. - أصحابنا: المشهور إطلاقها على الأئمة الثلاثة: أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن. لكن قد يُطلق على الصّاحبين: أبي يوسف، ومحمد بن الحسن. كما قد يُطلق على عُلماء المذهب عموماً. - الإمام، الإمام الأعظم: ويُقصد بها صاحب المذهب الإمام أبا حنيفة. - الإمام الثّاني: ويُقصد به أبو يوسف. - الإمام الرّباني: هو محمد بن الحسن الشيباني. - الثالث: المُراد بالثالث محمد بن الحسن الشيباني؛ لكونه ثالث أكبر وأشهر أئمة المذهب. - الثّاني: يُطلق لفظ الثاني على أبي يوسف؛ لكونه ثاني أكبر إمام في الذهب بعد أبي حنيفة. - الحسن: إذا ذُكر لفظ الحسن مطلقاً في كتب الفقه الحنفي، فالمُراد به غالباً هو الحسن بن زياد اللؤلؤي رابع أصحاب أبي حنيفة. - الخلف: يُطلق عند الحنفية على فقهاء المذهب من محمد بن الحسن المتوفى عام 189ه، إلى شمس الأئمة الحلواني المتوفى في حدود عام 450 ه. - السلف: يُطلق على فقهاء المذهب من أبي حنيفة إلى صاحبه محمد بن الحسن. - شمس الأئمة: لقب جماعة من علماء الحنفيّة، وعند إطلاقه في كتب المذهب الحنفي يُراد به شمس الأئمة السرخسي صاحب المبسوط، وفيما عداه يُذكر مقيّداً؛ كشمس الأئمة الحلواني. - شيخ الإسلام: يُطلق على عدد من علماء المذهب الحنفي، وعند الإطلاق ينصرف إلى علي بن محمد الإسبيجابي، أو إلى بكر خواهر زاده. - الشيخين: المُراد بها: أبو حنيفة، وصاحبه أبو يوسف. - الصاحبان: ويُطلقها الحنفية على صاحبي أبي حنيفة: أبي يوسف، ومحمد بن الحسن. - الطرفان: ويُشار بها في المذهب الحنفي إلى: أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن. - العلماء الثّلاثة: أبو حنيفة، أبو يوسف، محمد بن الحسن. - علمائنا: تُطلق على: أبو حنيفة، وأبو يوسف، محمد بن الحسن. - المتأخرين: المُراد بالمتأخرين من فقهاء الحنفية هم الذين لم يدركوا الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن. - المتقدّمين: من أدرك الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن. وقيل: الحد الفاصل بين المتقدمين والمُتأخرين رأس الفرن الثالث، وهو الثلاثمائة؛ فالمتقدمون من قبله والمتأخرون من بعده. - المحقق: المُراد به الكمال بن الهُمام صاحب الفتح القدير، المتوفى سنة 861ه. - المشايخ: من لَم يُدرك الإمام أبا حنيفةمن علماء مذهبه. ثانياً: المصطلحات الحرفية وهي عبارة عن الحروف الّتي أشار بها بعض علماء الحنفية إلى عدد من الأئمة والفقهاء في المذهب، وهي أقل شهرة واستعمالاً عند الحنفية من المصطلحات الكلمية. - المراد بحرف (ح): رمز النسفي بهاذ الحرف إلى أبي حنيفة في كتابيه الوافي وكنز الدّقائق، ورمز به ابن عابدين إلى الحلبي في كتابه رد المحتار. - المرادبحرف (ز): أشار الموصلي في كتابه المختار للفتوى، والنسفي في كتابيه الوافي وكنز الدّقائق، إلى زفَر بن الهذيل. - المراد بحرف (س): أشار به الموصلي والنسفي إلى أبي يوسف. - المراد بحرفي (سم): يرمز الموصلي بهذين الحرفين إلى أبي يوسف، ومحمد بن الحسن. - المراد بحرف (ط): يرمز به ابن عابدين إلى الطهطاوي صحاب حاشية الدر المختار. - المراد بحرف (م): رمز به الموصلي والنسفي إلى محمد بن الحسن. المُصطلحات التي يُشار بها في المذهب الجنفي إلى الأئمة من غير الحنفيّة: أوّلاً: المصطلحات الكلمية: - الأئمة الأربعة: يقصد بها فقهاء الحنفية أئمة المذهاب المشهورة: أبا حنيفة، ومالكاً، والشافعي، وأحمد بن حنبل. - الثلاثة: اصطلح بعض علماء المذهب الحنفي إطلاق لفظ الثلاثة على أئمة المذاهب الثلاثة المشهورين: مالك، والشافعي، وأحمد. - العبادلة: إذا أطلقها عُلماء الحنفية في كتبهم، فالمُراد بها عندهم: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عبّاس رضي الله عنهم. - عمر الصغير: عمر بن عبد العزيز. ثانياً: المصطلحات الحرفية - المراد بحرف (ف): يرمز الموصلي والنسفي بهذا الحرف إلى محمد بن إدريس الشافعي. - المراد بحرف (ك): أشار به النسفي إلى مالك بن أنس. المصطلحات الّتي يُشار بها في المذهب الحنفي إلى الكتب: أوّلاً: المصطلحات الكلمية - الأصل: اشتهر كتاب المبسوط لمحمد بن الحسن بالأصل؛ لأنه صنفه قبل سائر كتبه المعروفة. - الأصول: المراد بالأصول في الذهب الحنفي كتب محمد بن الحسن المعروفة عند الحنفية بكتب ظاهر الرّواية. - الكتاب: إذا أُطلق لفظ الكتاب في المذهب الحنفي، فالمراد به مختصر القدوري أشهر متون الفقه عند الحنفية. - كتب ظاهر الرواية: عبارة عن الكتب الّتي صنفها محمد بن الحسن، ورويت عنه بروايات ظاهرة ثابتة صحيحة تصل إلى حد الشهرة والتواتر. - المتون الأربعة: يُشار بها إلى أربعة متون مهمة في الفقه الحنفي، هي: مختصر القدوري، ووقاية الرواية للمحبوبي، ومجمع البحرين لابن الساعاتي، وكنز الدقائق للنسفي. - المتون الثّلاثة: مختصر القدوري، ووقاية الرواية، وكنز الدقائق. ثانياً: المصطلحات الحرفية: - المراد بحرف (أ): أشار به الأماسي إلى (غرر الأحكام) لمولى خسرو. - المراد بحرفي (بد): أشار بهما ابن وهبان إلى (بدائع الصّنائع) للكاساني. - المراد بحرفي (بش): رمز ابن وهبان بهذين الحرفين إلى (شرح مختصر الطحاوي) للجصاص. - المراد بحرفي (جص): يقصد بهما الزاهدي (الجامع الصغير) لمحمد بن الحسن. - المراد بحرفي (جك): يشير بهما الزاهدي إلى (الجامع الكبير) لمحمد بن الحسن. إلى غير ذلك من الأحرف التي قد يختلف استعمالها من كتاب لآخر؛ فتجد بعضهم يُشير إلى كتاب بحرف، بينما بعضهم الآخر يرمز إليه بغير ذلك الحرف. المُصطلحات الّتي يُشار بها في المذهب الحنفي إلى المسائل: أوّلاً: ما يُشار به إلى المسائل المروية عن أئمة المذهب المتقدمين: وهذه المصطلحات يُشار بها إلى المسائل الّتي رويت عن أبي حنيفة، وأصحابه: أبي يوسف، ومحمد بن الحسن، والحسن بن زياد وغيرهم، وهي في معظمها عبارة عن ما دونه محمد بن الحسن، ورويعنه بروايات مختلفة. - الجرجانيات: وهي عبارة عن مجموعة مسائل جمعها محمد بن الحسن بجرجان.أو مسائل رواها عنه أحد أصحابه الجرجانيين. ويُمكن أن يكون محمد بن الحسن جمعها بجرجان، ورواها عنه أحد أصحابه الجرجانيين. - الرّقيات: وهي مسائل جمعها محمد بن الحسن برقّة، حين وردها مع هارون الرّشيد قاضياً عليها. - ظاهر الرّواية: عبارة عن المسائل الّتي رويت عن أئمة المذهب الأوائل: أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، مما أورده الأخير في مؤلفاته المعروفة بكتب ظاهر الرواية، ويلحق بهم زفر والحسن بن زياد أيضاً، لكن الإطلاق الأول هو المشهور. - ظاهر المذهب: هو ظاهر الرّواية نفسه. - غير ظاهر الرّواية: يعبّر عن (الأمالي)و(النوادر)و(الرقيات)و(الهارونيات) و(الكيسانيات) مما روي عن محمد بن الحسن بغير ظاهر الرّواية. - الكيسانيات: هي عبارة عن مسائل رواها سليمان الكيساني عن محمد بن الحسن. وقيل: مسائل جمعها محمد بن الحسن بكيسان. - مسائل الأصول ورواية الأصول: قيل: أنهما لا تختلفان عن ظاهر الرواية وظاهر المذهب. وقيل: مسائل الأصول: ما روي عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن في كتب الأخير المعروفة، وعمم ظاهر الرواية، حتى تشمل إلى جانب ذلك: النوادر، وما رواه الحسن بن زياد وغيره من تلاميذ أبي حنيفة من مسائل. وقيل: رواية الأصول: ما ورد من مسائل في (الجامع الصغير) و(الجامع الكبير) و(الزيادات) و(المبسوط) للإمام محمد. وما ورد منها في (الجامع الصغير) و(السير الكبير) و(المبسوط) ظاهر الرواية ومشهور الرّواية. - النوادر: عبارة عن المسائل التي رويت عن أئمة المذاهب الأوائل: أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحين، في غير كتب الأخير المعروفة بكتب ظاهر الرواية. - الهارونيات: وهي مسائل جمعها محمد بن الحسن لرجل يسمى هارون. أو مسائل جمعها محمد بن الحسن في زمن هارون الرّشيد. ثانياً: ما يُشار به إلى المسائل المروية عن مشايخ المذهب - الفتاوى والواقعات: وهي عبارة عن مسائل استنبطها المجتهدون المتأخرون لما سئلوا عنها ولم يجدوا فيها رواية عن أهل المذهب المتقدمين من الإمام أبي حنيفة وأصحابه. المصطلحات التي يُشاربها في المذهب الحنفي إلى التصحيحات والترجيحات علامات التّرجيح والإفتاء الّتي يُشار بها إلى الأقوال الصحيحة أو الرّاجحة والمفتى بها في المذهب عديدة، ويُمكن تقسيمها باعتبار ما فيها من معنى القوة والرجحان على النحو التالي: ما اشتمل منها على إشارة إلى الإجماع أو اتفاق العلماء، يُعتبر أقوى هذه الألفاظ؛ مثل: عليه عمل الأمة. يأتي بعد ذلك ما تضمّن قوة في معناه، وأفاد أكثر من معنى الرّجحان؛ كلفظ (الفتوى) بتصريفاته: (به يفتى)، (عليه الفتوى)، (الفتوى عليه). يلي ذلك لفظ (الصحيح) و(الأصح)؛ حيث أصل الكلمة يُشعر بصواب ما وسم به ورجحانه. إذا اقترن بشيءٍ من الألفاظ ما يفيد القصر أو الحصر؛ كتقديم (به) أو(عليه) على لفظ (يفتى) أو (الفتوى) مثلاً، وكون الخير معرفة؛ مثل: (هو المختار) و(هو المعتمد) وما أشبه ذلك. صيغ التفضيل تشتمل على زيادة معنى المادة المشتق منها؛ فالأحوط والأوجه وأمثالها أقوى من الاحتياط والوجيه وأشباهها. ما اجتمع فيه أكثر من وجه الترجيح؛ كأن يكون اللفظ على ورن أفعل التفضيل، واقترن بما يفيد الحصر؛ نحو: (هو الأحوط)، وكذا لفظ (الفتوى) القوي إذا سبقه (به) أو (عليه)، مما يفيد الحصر، ينبغي أن يكون أقوى مما انفرد ببعضها المُصطلحات التي يُشار بها في المذهب الحنفي إلى بعض أحوال الآراء والأحكام أولاً: مصطلحات يُشار بها إلى بعض أحوال الآراء والأقوال - في الفرق بين لفظي (عن) و(عند)، أو (عنه) و(عنده): الفرق بين (عنده) و (عنه) أن الأول دال على المذهب، والثاني على الرواية. - في المُراد بلفظ (قالوا): لفظ (قالوا) يُستعمل عند الحنفية فيما فيه اختلاف مشايخ المذهب، وقد يُشار به إلى ضعف القول أو عدم رجحانه أيضاً إذا عُرف ذلك من عادة المؤلف. - في المُراد بلفظ (قيل) و(قال) وما أشبههما: إن عُلم ما عادة المؤلف أنه يُشير بذلك إلى الضعف أو عدم الرجحان، أو وجدت قرينة تفيد ذلك حكمنا بالضعف أو عدم الرجحان. وقد يُشار بها إلى صحيح بل أصح. ثانياً: مصطلحات يُشار بها إلى بعض أحوال الأحكام - المُراد بالجواز ومشتقاته: قد يُطلق ويُراد به الحل، بمعنى أن الحكم صحيح مع كونه حلالاً؛ لأن الصحة لازمة للحل من غير عكس. وقد يُطلق ويُراد به الصّحة والنفاذ. وقد يُطلق ويُراد به ما لا يمتنع شرعاً، فيشمل: المباح، والمكروه، والمندوب، والواجب. - المُراد بقولهم (لا بأس): أكثر استعمالها عند الحنفية في: المباح، وما كان تركه أولى، وقد تستعمل في المندوب أيضاً. - المُراد بقولهم (لا ينبغي): يُستعمل في خلاف الأولى والمكروه تنزيهياً، وقد يأتي للحرمة أيضاً. - في المُراد بقولهم (ينبغي): تُستعمل غالباً في المندوبات عند متأخري الحنفية، وعند المتقدمين منهم تستعمل فيما يعم الواجب أيضاً؛ فمعناه: الندب في الغالب وقد يُقصد به الوجوب. انظر "المذهب الحنفي" للنقيب (1 /308-380)

المواد الدعوية