البحث

عبارات مقترحة:

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

الحكم

كلمة (الحَكَم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعَل) كـ (بَطَل) وهي من...

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

الحروف المفخمة قولًا واحدًا

الحروف المفخمة وجهًا واحدًا هي حروف الاستعلاء السبعة، والمتقدمة، والمجموعة في قول الحافظ ابن الجزري: "خص ضغط قظ" بدون استثناء شيء منها، إلا أن التفخيم فيها ليس في مرتبة واحدة، بل يتفاوت، وذلك حسبما يتصف به الحرف من الصفات القوية والضعيفة، فكلما كان الحرف مُتَّصِفًا بالصفات القوية كان في التفخيم أقوى من الحرف الذي قلب فيه صفات القوة، ولهذا كانت حروف الإطباق الأربعة المتقدمة والتي هي: "الصاد، والضاد، والطاء، والظاء" أقوى من باقي حروف الاستعلاء، لما اتصفت به من كثرة الصفات القوية: الأمر الذي جعلها تختص بتفخيم أقوى من باقي حروف الاستعلاء. وقد أشار إلى هذا المعنى الحافظ ابن الجزري في "المقدمة الجزرية" بقوله: وحرف الاستعلاءِ فخِّمْ واخْصُصَا*****الاطباق أقوى نحو قال والعَصَا ومما تقدم يتضح أن حروف الاستعلاء في القوة على هذا الترتيب: الطاء المهملة، فالضاد المعجمة، فالصاد المهملة، فالظاء المشالة، فالقاف، فالغين، فالخاء. وإنما كانت الطاء أعلاها لاتصافها بكل صفات القوة التي لم تجتمع في غيرها من باقي الحروف السبعة، إذ هي مجهورة، شديدة، مستعلية، مطبقة، مصمتة، مقلقلة. وإنما كانت الخاءُ أقلَّهَا لاتصافها بكل صفات الضعف، إلا صفة الاستعلاء. هذا، وللتفخيم مراتب نوضحها فيما يلي: مراتب التفخيم خمس لكل حرف من حروف الاستعلاء السبعة، على ما اختاره الحافظ ابن الجزري، وها هي على النحو التالي: المرتبة الأولى: وهي الحروف التي تَمكَّن -أي قوي- فيها التفخيم، وهي المفتوحة التي بعدها ألف، نحو ﴿طَابَ﴾ ﴿وَضَاقَ﴾ ﴿صَابِراً﴾ ﴿يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)﴾، ﴿يُقَاتِلُونَ﴾، ﴿غَآئِبِينَ (7)﴾، ﴿خَآئِبِينَ (127)﴾. ويلحق بهذه المرتبة الراء المفتوحة التي بعدها ألف ﴿يُرَآءُونَ (6)﴾ نبه على ذلك العلامة الشيخ محمد مصطفى الحمامي في كتابه سراج المعالي. وقال صاحب انشراح الصدور: الراء واللام حال تفخيمهما يتبعان حروف الاستعلاء لشبههما بها أهـ. المرتبة الثانية: وهي دون الأولى في القوة وهي المفتوحة التي ليس بعدها ألف نحو ﴿طَبَعَ﴾ ﴿وَضَرَبَ﴾﴿وَصَدَقَ﴾ ﴿ظَلَّ﴾ ﴿وَقَتَلَ﴾ ﴿وَغَفَرَ﴾ ﴿وَخَلَقَ﴾. المرتبة الثالثة: وهي دون الثانية في القوة وهي المضمومة نحو ﴿وَطُبِعَ﴾ ﴿صُرِفَتْ﴾ ﴿وَضُرِبَتْ﴾ ﴿يَظُنُّونَ﴾ ﴿قُتِلَ﴾ ﴿غُلِبَتِ﴾ ﴿خُلِقَتْ﴾. المرتبة الرابعة: وهي الساكنة نحو ﴿يَطْبَعُ﴾ ﴿يَضْرِبُ﴾ ﴿أَصْبَرَهُمْ﴾ ﴿يَظْلِم﴾ ﴿يَقْتُلْ﴾ ﴿يَغْلِبْ﴾ ﴿يَخْلُقُ﴾. وفي هذه المرتبة تفصيل، وهو: إن كان الحرف المفخم - ونعني به الساكن - وقع بعد فتح فيعطى تفخيم المفتوح الذي ليس بعده ألف، كما في الأمثلة المذكورة، وإن وقع بعد ضم فيعطى تفخيم المضموم نحو ﴿وَيُطْعِمُونَ﴾ ﴿مُّقْمَحُونَ (8)﴾، وإن وقع بعد كسر فيعطى تفخيمًا أدنى مما قبله مضموم نحو ﴿إِطْعَامُ﴾ ﴿نُّذِقْهُ﴾. ولم يوضح أئمتنا في الحرف المفخم الساكن إثر كسر أكثر من هذا فيما وقفت عليه من مراجع. ولكن يؤخذ من تمثيلهم بكلمتي ﴿اقْرَأْ﴾ ﴿نُذِقْهُ﴾، ومن قولهم يعطى في التفخيم تفخيم المكسور؛ لأنه لم يكن هناك مرتبة أقل منه، وفي الوقت نفسه لم يكن هناك أدنى من المضموم إلا المكسور. ومن ثمن يتضح أن حرف التفخيم الساكن الواقع إثر فتح يكون في التفخيم ملحقًا بالمفتوح الذي ليس بعده ألف في المرتبة الثانية التي سبق الكلام عليها. والحرف الساكن الواقع إثر ضم يكون في التفخيم ملحقًا بالمضموم في المرتبة الثالثة، والحرف الساكن الواقع إثر كسر يكون في التفخيم ملحقًا بالمكسور في المرتبة الخامسة، والأخيرة الآتية بعد. وقد صرح بذلك العلامة المتولي في الساكن عموماً بقوله رحمه الله: فما أتَى من قبلهِ من حركَهْ*****فافرضْهُ مشكلاً بتلك الحركة المرتبة الخامسة: وهي المكسورة نحو ﴿طِبَاقاً﴾ ﴿ضِرَاراً﴾ ﴿صِرَاطاً﴾ ﴿ظِلاًّ﴾ ﴿قِتَالاً﴾ ﴿غِشَاوَةٌ﴾ ﴿خِفَافاً﴾ وهذه المرتبة هي أضعف المراتب الخمس في التفخيم. وذكر فيها صاحب "الجواهر الغوالي" تفصيلاً حاصله أن حروف الإطباق الأربعة مفخمة. حسب مرتبتها وهي الآخيرة. وحروف الاستعلاء فقط وهي الثلاثة الباقية مرفقة وإليك قوله في "متنه": . ..........*****مكسورهُ رَقِّقْ سِوَى ما أطبقا قلت: وليس المراد من الأمر بالترقيق في قوله: "رقق" الترقيق الحقيق الآتي بعد في حروف الاستفال. إنما هو تفخيم بالنسبة لحروف الاستفال وسماه أئمتنا التفخيم النسبي وإليه أميل لأن حروف الاستعلاء لا ترقق مطلقاً. وإن كان التفخيم في تلك الحروف الثلاثة أعني (القاف والغين والخاء) في أدنى منزلة كما مر فهي مفخمة على كل حال بالنسبة للحروف المستفلة المرققه الآتية بعد. وفي هذه المسألة يقول شيخ مشايخنا العلامة المتولي رحمه الله: فهي وإنْ تَكُنْ بأدْنى منزِلَهْ***** فخيمةٌ قَطْعاً من المستفلَهْ فلا يُقَال إنَّها رقيقَهْ*****كضِدِّها تلك هي الحقيقهْ توضيح: تقدم في المرتبة الرابعة من مراتب التفخيم ما يفيد أن حرف التفخيم الساكن المكسور ما قبله يعطى في التفخيم حكم الحرف المكسور في المرتبة الخامسة والأخيرة، كما تقدم أيضاً في المرتبة الخامسة أن حرف الاستعلاء المكسور فيه تفصيل وهو إذا كان مطبقًا فيفخم حسب مرتبته، وإذا كان مستعليًا فقط ونعني به - القاف والغين والخاء - فيفخم تفخيماً نسبيًّا وعلى هذا الضوء يمكن ضبط الحرف المفخم الساكن إثر كسر سواء كان مطبقاً نحو ﴿فِطْرَتَ﴾ أو مستعلياً نحو ﴿يَزِغْ﴾. فالمطبق يفخم لأنه في حال الكسر مفخم حسب مرتبته، والمستعلي يفخم تفخيماً نسبيًّا لأنه في حالة الكسر يكون كذلك. ويشهد بذلك النطق بكلمتي ﴿إِطْعَامُ﴾ و﴿مِصْرَ﴾ و﴿أَفْرِغْ﴾ و﴿إِخْوَاناً﴾ فنجد أن التفخيم حسب مرتبته ظاهر في الطاء والصاد بخلاف الغين والخاء فإن أصل التفخيم فقط وهذا واضح بأدنى تأمل. ثم إن الكسر الذي قبل الغين والخاء الساكنتين يستوي فيه الأصلي والعارض فالأصلي نحو ﴿أَفْرِغْ﴾ ﴿وَإِخْوَانَكُمْ﴾ والعارض نحو ﴿إِلاَّ مَنِ ?غْتَرَفَ﴾ ﴿وَلَـ?كِنِ ?خْتَلَفُواْ﴾ ولا يضر وجود حرف الاستعلاء بعد الغين في نحو ﴿لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾ فكل هذا يفخم تفخيماً نسبيًّا: أما حرف الاستعلاء الذي بعد الغين فيعطى حكمه حسب مرتبته. ويلحق بالغين والخاء الساكنتين إثر كسر في التفخيم النسبي الغين والخاء السكانتان للوقف الواقعتان بعد الياء اللَّينَة نحو ﴿زَيْغٌ﴾ و﴿شَيْخٌ﴾ أما إذا وصلتا فينزلان منزلتهما في المرتبة الثالثة لأنهما أصبحتا مضمومتين: وأما من فخم الغين والخاء الساكنتين المكسور ما قبلهما أو الساكنتين للوقف المسبوقتين بالياء اللينة تفخيماً قويًّا كما سمعنا ورأينا فقد أخطأ إذ يخرجهما بذلك التفخيم القوي عن المرتبة المخصصة لهما. هذا: ويستثنى من التفخيم النسبي الخاء الساكنة الواقعة بعد كسر المجاورة للراء المفخمة فلتفخيم الراء تفخم الخاء تفخيماً قويًّا ليحصل التناسب بينهما وذلك في كلمة "إخراج" حيث وقعت في التنزيل كقوله تعالى: ﴿وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً (18)﴾ ونحرها. وفي هذه المسألة يقول شيخ مشايخي الإمام المتولي رحمه الله: *وخاءُ إخراج بتفخيمٍ أتت * من أجل راءٍ بعدها إذْ فخِّمتْ أهـ* ويلحق بخاء إخراج الخاء من "اخرج" في قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ ?خْرُجْ عَلَيْهِنَّ﴾. وصفوة القول فيما تقدم من تفصيل في المرتبة الأخيرة أن حروف الاستعلاء فقط ونعني بها - القاف والغين والخاء - تفخم تفخيماً نسبيًّا في حالتين: الأولى: إذا كانت ساكنة بعد كسر مطلقاً نحو ﴿قِيلَ﴾ ﴿وَغِيضَ﴾ ﴿وَخِيفَةً﴾. الثانية: إذا كانت ساكنة بعد كسر مطلقاً نحو ﴿نُّذِقْهُ﴾ ﴿يَزِغْ﴾ ﴿وَلَـ?كِنِ ?خْتَلَفُواْ﴾. أو إذا كانت الغين والخاء ساكنتين للوقف وقبلهما ياء لينة نحو ﴿زَيْغٌ﴾ و﴿شَيْخٌ﴾ ويستثنى من ذلك الخاء من "إخراجاً" و"قالت اخرج" كما مر توضيحه. وما عدا هاتين الحالتين فتفخم بحسب مراتبها المتقدمة آنفاً. وقد نظم مراتب التفخيم الخمس غير واحد من أئمتنا وإليك أوضحها لصاحب الجواهر الغوالي قال رحمه الله تعالى: *مراتبُ التفخيم خمسٌ حقِّقتْ*****حروفه قظ خُصَّ ضغط جُمِعتْ *فالأول المفتوح بعْدَه أَلف*****والثاني مفتوح وذا بلا ألِفْ *كذلك المضمومُ الإسكان ارْتَقَى*****مكسورَه رقِّق سِوَى ما أطْبقَا وإلى هنا انقضى كلامنا في توضيح مراتب التفخيم فاحرص عليها جيدًا فقد لا تجدها مجموعة في غيره والله يرشدنا وإياك إلى الصراط السوي. "هداية القاري" للمرصفي.