البحث

عبارات مقترحة:

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

الودود

كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو...

القابض

كلمة (القابض) في اللغة اسم فاعل من القَبْض، وهو أخذ الشيء، وهو ضد...

التعليل بالغلط

ويأتي على أمثلة كثيرة، يندرج تحتها بعض ما تقدم، مما يعود إلى وهم الراوي الثقة، كالخطأ في الوصل أو الإرسال، أو الرفع أو الوقف، ومن أظهر ما يكون من علل الحديث، مما ترى التعليل به عند أئمة الشأن الصور التالية: ‌ ‌ الصورة الأولى: دخول حديث في حديث. قال علي بن المديني: " حديث أبي هريرة عن النبي : لا يحرم من الرضاعة المصة والمصتان. رواه يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الحجاج بن أبي الحجاج، عن أبي هريرة. وهذا غلط. ورواه يحيى بن سعيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن النبي . ورواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن الحجاج بن أبي الحجاج، أنه سأل النبي : ما يذهب عني مذمة الرضاع؟ قال: غرة عبد أو أمة. وحديث ابن إسحاق عندهم خطأ، وأدخل حديثاً في حديث. والحديث عندي حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن النبي : " لا تحرم المصة والمصتان ". وحديث هشام بن عروة، عن الحجاج بن أبي الحجاج، أنه سأل النبي " ما يذهب مذمة الرضاع ". وعن هشام بن عروة، عن الحجاج بن أبي الحجاج، عن أبي هريرة: الرضاع ما فتق الأمعاء. وقول أبي هريرة، وحديث الثلاثة صحاح، وحديث ابن إسحاق وهم ". ومن مثاله أيضاً ما حكاه أبو زرعة الدمشقي، قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن حديث أبي اليمان عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن أنس بن مالك، عن أم حبيبة، أن النبي قال: " أريت ما تلقى أمتي من بعدي، وسفك بعضهم دم بعض، وكان ذلك سابقاً من الله عز وجل، فسألته أن يوليني شفاعة فيهم يوم القيامة، ففعل "؟. قال أبو عبد الله: " ليس له عن الزهري أصل "، وأخبرني أنه من حديث شعيب عن ابن أبي حسين، وقال لي: " كتاب شعيب عن ابن أبي حسين اختلط بكتاب الزهري، إذ كان به ملصقاً "، قال: " وبلغني أن أبا اليمان قد اتهم، وليس له أصل "، ورأيته كأنه يعذر أبا اليمان ولا يحمل. قال أبو زرعة: وقد سألت عنه أحمد بن صالح؟ فقال لي مثل قول أحمد: إنه لا أصل له عن الزهري. ‌ ‌ الصورة الثانية: التصحيف في الأسانيد والمتون. وهذا يقع في المتن وفي الإسناد، كما بينته في (الحديث المصحف). فمثاله في الإسناد: ما رواه زهير بن معاوية، عن واصل بن حيان البجلي، حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عن النبي ، قال: " الكمأة دواء العين، وإن العجوة من فاكهة الجنة، وإن هذه الحبة السوداء دواء من كل داء إلا الموت ". قلت: إسناد هذا الحديث ظاهره الصحة، ولكن الحال أن زهيراً قد تحرف عليه اسم شيخه فيه، وصوابه: (صالح بن حيان). بين ذلك جماعة من كبار الأئمة: قال أحمد بن حنبل وذكر صالح بن حيان: " غلط زهير في اسمه، فقال: واصل بن حيان ". وقال يحيى بن معين وذكر زهير بن معاوية: " يخطىء عن صالح بن حيان، يقول: واصل بن حيان، ولم يرَ واصل بن حيان ". وقال أبو حاتم الرازي وسأله ابنه عن هذا الحديث: " أخطأ زهير مع إتقانه، هذا هو صالح بن حيان، وليس هو واصل، وصالح بن حيان ليس بالقوي، هو شيخ، ولم يدرك زهير واصلاً ". قلت: وكذلك روى هذا الحديث عن صالح بن حيان: محمد بن عبيد الطنافسي، وعبدة بن سليمان. ومثاله في المتن: ما روي عن حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي هريرة وأبي سعيد، عن النبي ، قال: " الإيمان كلمات ". سأل ابن أبي حاتم الرازي أباه عنه؟ فقال: " خطأ، وإنما هو: ألا إنما هو كلمات: سبحان الله، والحمد لله. ورواه جماعة كثيرة عن حديج هكذا، ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق، عن الأغر، عن أبي هريرة، وأبي سعيد، عن النبي قال: كلمات من قالهن: سبحان الله، والحمد لله، الحديث ". قال أبو حاتم: " قال لنا أبو حصين: رأيت في كتاب أبي هذا الحديث: فقال رسول الله : (الا)، وقد تآكل ما بعده، فجاء الرازيون فلقنوه: (الإيمان كلمات)، وإنما موضعه موضع دارس قد تآكل ". وهذا الحشو لموضع السقط أبدع للحديث معنى لم يأت به، كما لا يخفى. ومثل هذا نراه اليوم يقع كثيراً من كثير من المتعرضين لنشر كتب العلم ومصادر السنن، منهم من ينشأ تحريفه من سوء قراءته لنص الأصل، ومنهم من يقع له ذلك بسبب إقحامه على النص ما ليس منه، كتعليق في هامش المخطوط ليس لحقاً مصححاً، يدخله على النص، أو يزيد من كتب التخرج والإحالة ما لم يكن في النص، وهذا من أقبح ما يكون، وقد رأينا من يخرج الحديث من كتاب آخر فيجده في الفرع المخرج عنه موصولاً، وهو في أصل الذي تحمل ثقل الأمانة فيه مرسل أو منقطع، فيزيد الوصل من فرع التخريج، فيجعله موصلاً، وقد يكون الإرسال في أصله علة للوصل في فرع التخريج. وكشف هذا النوع من أخطاء الثقات أيسر مما سواه من علل الحديث، كالقلب والوهم بمخالفة الثقات، أو التفرد عنهم بما تقوم الشبهة فيه. كما قال مسلم بن الحجاج: " الذي يدور به معرفة الخطأ في رواية ناقل الحديث إذا هم اختلفوا فيه من جهتين: أحدهما: أن ينقل الناقل حديثاً بإسناد، فينسب رجلاً مشهوراً بنسب في إسناد خبره خلاف نسبته التي هي نسبته، أو يسميه باسم سوى اسمه، فيكون خطأ ذلك غير خفي على أهل العلم حين يرد عليهم ". ومثل لذلك، فمن تلك الأمثلة: 1_ قول النعمان بن راشد: عن الزهري، عن أبي الطفيل عمرو بن واثلة. قال مسلم: " ومعلوم عند عوام أهل العلم أن اسم أبي الطفيل عامر، لا عمرو ". 2 _ قول مالك: عن الزهري: عن عباد، وهو من ولد المغيرة بن شعبة. قال مسلم: " وإنما هو عباد بن زياد بن أبي سفيان، معروف النسب عند أهل النسب، وليس من المغيرة بسبيل ". 3 _ رواية من روى حديث: " إن أبغض الناس إلى الله عز وجل ثلاثة: ملحد في الحرم " الحديث، فقال: " ملحد في الحرفة ". قال مسلم: " فهذه الجهة التي وصفنا من خطأ الإسناد ومتن الحديث هي أظهر الجهتين خطأ، وعارفوه في الناس أكثر. والجهة الأخرى: أن يروي نفر من حفاظ الناس حديثاً عن مثل الزهري أو غيره من الأئمة، بإسناد واحد ومتن واحد، مجتمعون على روايته في الإسناد والمتن، لا يختلفون فيه في معنى، فيرويه آخر سواهم عمن حدث عنه النفر الذين وصفناهم بعينه، فيخالفهم في الإسناد، أو يقلب المتن فيجعله بخلاف ما حكى من وصفنا من الحفاظ، فيعلم حينئذ أن الصحيح من الروايتين ما حدث الجماعة من الحفاظ دون الواحد المنفرد، وإن كان حافظاً. على هذا المذهب رأينا أهل العلم بالحديث يحكمون في الحديث مثل شعبة، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وغيرهم من أئمة أهل العلم ". ‌ ‌ الصورة الثالثة: القلب: وبينت معنى القلب في (الحديث المقلوب). ومن الأمثلة التي وقع فيها القلب في الإسناد، وتضمن غير نوع من العلل: ما رواه أبو الأحوص سلام بن سليم، عن سماك بن حرب، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بردة بن نيار، قال: قال رسول الله : " اشربوا في الظروف، ولا تسكروا ". سأل ابن حاتم الرازي أبا زرعة عن هذا الحديث؟ فقال: " وهم أبو الأحوص فقال: عن سماك، عن القاسم، عن أبيه، عن أبي بردة، قلب من الإسناد موضعاً، وصحف في موضع، أما القلب فقوله: عن أبي بردة، أراد: عن ابن بريدة، ثم احتاج أن يقول ابن بريدة عن أبيه، فقلب الأسناد بأسره، وأفحش في الخطأ. وأفحشُ من ذلك وأشنع: تصحيفه في متنه: اشربوا في الظروف، ولا تسكروا. وقد روى هذا الحديث عن ابن بريدة عن أبيه: أبو سنان ضرار بن مرة، وزبيد اليامي، عن محارب بن دثار، وسماك بن حرب، والمغيرة بن سبيع، وعلقمة بن مرثد، والزبير بن عدي، وعطاء الخراساني، وسلمة بن كهيل، كلهم عن بريدة، عن أبيه، عن النبي : " نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية، ولا تشربوا مسكراً "، وفي حديث بعضهم قال: واجتنبوا كل مسكر. ولم يقل أحد منهم: ولا تسكروا، وقد بان وهم حديث أبي الأحوص من اتفاق هؤلاء ". "تحرير علوم الحديث" للجديع.