المقدم
كلمة (المقدِّم) في اللغة اسم فاعل من التقديم، وهو جعل الشيء...
عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي ﷺ كَانَ إذا رَفَعَ مَائِدَتَهُ، قال: «الحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ، وَلَا مُوَدَّعٍ، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا».
[صحيح.] - [رواه البخاري.]
معنى الحديث: أن النبي ﷺ كان يعلم أصحابه السنة بأقواله وأفعاله، ومن الأذكار المأثورة عنه عند الانتهاء من طعامه أنه كان "إذا رفع مائدته" أي إذا فرغ من أكله، وبدأ في رفع آنية الطعام التي أمامه "قال: الحمد لله" ومعناه أن الثناء والشكر كله في الحقيقة لله وحده دون سواه. "حمداً كثيراً" أي ثناءً كثيراً يليق بجلاله، وجماله وكماله، وشكراً جزيلاً يوازي نعمه التي لا تحصى، ومنته التي لا تستقصى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) وقوله: "طيباً" أي: خالصاً من الرياء والسمعة. "مباركاً" أي مقترناً بالقبول الذي لا يرد؛ لأن البركة معناها الخير. والعمل الذي لا يقبل لا خير فيه. "غير مَكْفِي" أي نحمده عز وجل حال كونه هو الكافي لعباده، ولا يكفيه أحد من خلقه؛ لأنه لا يحتاج إلى أحد. "ولا مودع" حال أخرى أي ونحمده -سبحانه- حال كونه غير متروك، أي لا يتركه منا أحد لحاجتنا جميعاً إليه.
الحمد | نقيض الذم، وهو الثناء. |
طيبا | منزها عن كل ما ينقصه من رياء وسمعة. |
مباركا فيه | البركة: هي الزيادة والنماء. |
غير مكفي | أي: غير محتاج لأحد من خلقه، فهو الذي يُطْعِمُ ولا يُطْعَمُ. |
ولا مودع | أي: غير متروك. |
ولا مُسْتَغْنًى عنه ربَّنا | أي: أن كل خلقه محتاجون إليه. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".