الأحد
كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...
عن أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما، أنهما قالا: «إن رجلا من الأعراب أتى رسول ﷺ فقال: يا رسول الله, أَنْشُدُكَ اللهَ إلا قضيتَ بيننا بكتاب الله. فقال الخَصْمُ الآخر -وهو أفْقه منه-: نعم, فاقْضِ بيننا بكتاب الله, وأْذَنْ لي. فقال النبي ﷺ: قل. فقال: إنَّ ابني كان عَسِيفًا على هذا فزنى بامرأته, وإني أُخبرتُ أن على ابني الرَّجْمَ, فافْتَدَيْتُ منه بمائة شاة ووَلِيدَةٍ, فسألتُ أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جَلْدُ مائة وتَغْرِيبُ عام, وأنَّ على امرأة هذا الرَّجْمَ. فقال رسول الله ﷺ: والذي نفسي بيده لأَقْضِيَنَّ بينكما بكتاب الله, الوَلِيدَةُ والغنم رَدٌّ عليك، وعلى ابنك جَلْدُ مائة وتَغْرِيبُ عام. واغْدُ يا أُنَيْسُ -لرجل مِن أَسْلَم- على امرأة هذا, فإن اعترفتْ فارْجُمْهَا, فَغَدَا عليها فاعترفتْ, فأَمَرَ بها رسول الله ﷺ فرُجِمَتْ».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
أفاد الحديث أن رجلًا كان أجيرًا عند آخر فزنى بامرأته, وسمع والد الزاني أن كل من زنى فعليه الرجم, فافتدى من زوج المرأة بمائة شاة وأمة, ثم سأل بعض أهل العلم فأخبروه أنه ليس على ابنه الرجم, بل الرجم على المرأة، وعلى ابنه جلد مائة وتغريب عام، فلذلك ذهب زوج الزانية ووالد الزاني إلى رسول الله ﷺ ليقضي بينهم بكتاب الله، فرد رسول الله ﷺ المائة شاة والأمة على والد الزاني, وأخبره أن على ابنه جلد مائة وتغريب عام؛ لأنه بكر لم يتزوج، وأمر بالتأكد من الزانية, فاعترفت بالجريمة فرجمها؛ لأنها محصنة أي متزوجة.
أَنْشُدُكَ اللهَ | أسألك بالله. |
عَسيفا | العسيف هو الأجير، مشتق من العسف، وهو الجور. |
قضيْتَ | حكمت. |
رَدٌّ | مردودة. |
اُغْدُ | اذهب. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".