المحسن
كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...
عن حنظلة بن حِذْيَم، أن جدَّه حَنِيفَة قال لحِذْيَم: اجمع لي بنيَّ، فإني أريد أن أُوصِي، فجَمَعهم، فقال: إنَّ أوَّل ما أوصي أنَّ ليَتِيمي هذا الذي في حَجْري مائة من الإبل، التي كنا نُسمِّيها في الجاهلية: المُطَيِّبة، فقال حِذْيَم: يا أبَتِ، إني سمعت بَنِيك يقولون: إنما نُقِرُّ بهذا عند أَبِينا، فإذا مات رجَعْنا فيه، قال: فبَيْني وبيْنكم رسول الله ﷺ، فقال حِذيم: رَضِينا، فارْتَفَعَ حذيم، وحنيفة، وحنْظَلَة معهم غُلام، وهو رَدِيف لحذيم، فلما أتوا النبي ﷺ، سلَّموا عليه، فقال النبي ﷺ: «ما رَفَعَك يا أبا حذيم؟» قال: هذا، وضرَب بيده على فَخِذ حذيم، فقال: إني خَشِيتُ أن يَفْجَأَني الكِبَر، أو الموْت، فأردتُ أن أوصي، وإني قلتُ: إن أوَّل ما أوصي أن ليتيمي هذا الذي في حَجْري مائة من الإبل، كنا نُسَمِّيها في الجاهلية: المُطَيِّبة، فغَضِب رسول الله ﷺ، حتى رأَيْنا الغضب في وجهه، وكان قاعدًا فجَثَا على ركبتيه، وقال: «لا، لا، لا الصدقة خمس، وإلا فعشر، وإلا فخمس عشرة، وإلا فعشرون، وإلا فخمس وعشرون، وإلا فثلاثون، وإلا فخمس وثلاثون، فإن كَثُرت فأربعون» ، قال: فودَّعوه ومع اليتيم عصا، وهو يَضْرب جملا، فقال النبي ﷺ: «عَظُمَت هذه هراوة يتيم» ، قال حنظلة: فَدَنا بي إلى النبي ﷺ، فقال: إنَّ لي بَنِين ذوي لِحى، ودون ذلك، وإنَّ ذا أصغرُهم، فادع الله له، فَمَسَح رأسه، وقال: «بارك الله فيك» ، أو «بورك فيه» ، قال ذَيَّالٌ: فلقد رأيتُ حنظلة، يؤتى بالإنسان الوارِم وجهه، أو بالبهيمة الوارِمة الضَّرع، فيَتْفُل على يديه، ويقول: بسم الله، ويضع يده على رأسه، ويقول على موْضِع كف رسول الله ﷺ، فَيَمْسحه عليه، وقال ذيال: فَيَذْهب الوَرَم.
[صحيح.] - [رواه أحمد.]
يحكي حنظلة بن حذيم بن حنيفة أن جده حنيفة أمر ابنه حذيم أن يجمع له جميع أولاده؛ لأنه يريد أن يوصي قبل وفاته، فجمعهم وأخبرهم أن أول ما يوصي به أن ليتيمه الذي في حضانته مائة من الإبل، وكانوا يسمونها في الجاهلية المُطَيَّبة، أي الطيبة التي استطابها القوم لكونها من خيار الإبل، فقال حذيم لأبيه: إني سمعت أولادك يقولون: إنما نُقِرُّ بهذا عند أبينا، فإذا مات رجعنا فيه ولم نعطِ اليتيم شيئًا. قال حنيفة: فبيني وبينكم رسول الله ﷺ، هو الذي يحكم في هذا الأمر. فقال حذيم: رضينا بحكم رسول الله ﷺ. فذهب حذيم، وحنيفة، وحنظلة بن حذيم وهو صبي صغير ملازم لأبيه حذيم، فلما أتوا النبي ﷺ، سلَّموا عليه، فقال النبي ﷺ لحنيفة: ما الذي جاء بك يا أبا حذيم؟ فقال: هذا، وأشار إلى حذيم. وقال: إني خفت أن أموت، فأردت أن أوصي، وإني قلت: إن أول ما أوصي به أن ليتيمي هذا الذي في حضانتي مائة من الإبل، كنا نسميها في الجاهلية: المُطَيِّبة. فغضب رسول الله ﷺ، حتى رأوا الغضب في وجهه، وكان قاعدا فجلس على ركبتيه، وقال: لا، الصدقة خمس من الإبل، وإلا فعشر، وإلا فخمس عشرة، وإلا فعشرون، وإلا فخمس وعشرون، وإلا فثلاثون، وإلا فخمس وثلاثون، فإن كثرت فأربعون. يريد جواز ذلك إن لم يزد على الثلث, فودَّعوه ومع اليتيم عصا يضرب بها جملًا، فقال النبي ﷺ: «عَظُمَت هذه هراوة يتيم» أي: عَظُم شخصه وجثته، والهراوة العصا، كأنه حين رآه عظيم الجثة استبعد أن يقال له يتيم، لأن اليُتم في الصغر. قال حنظلة: فقربني جدي إلى النبي ﷺ، فقال: إن لي بنين كبار أصحاب لِحى، وبنين أصغر منهم، وإن هذا أصغرهم، فادع الله له. فمسح رأسه، وقال: «بارك الله فيك»، قال ذيال -وهو أحد رواة الحديث-: فلقد رأيتُ حنظلة، يأتيه الإنسان الوارم وجهه، أو بالبهيمة الوارمة ثديها، فيبصق على يديه، ويقول: بسم الله، ويضع يده على رأسه، على موضع كف رسول الله ﷺ، فيمسحه على الجزء الورم، فيذهب الورم.
حَجْري | حضانتي وحمايتي. |
المُطَيَّبة | الطيبة التي استطابها القوم لكونها من خيار الإبل. |
رديف | هو الذي يركب خلف الراكب. |
جَثَا | جلس على ركبتيه. |
هراوة | عصا. |
الضَّرع | ثدي البهيمة. |
فيتفل | فيبصق. |
الورم | الانتفاخ والتغلظ بسبب المرض. |