القهار
كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...
الغَشْيَةُ الثَّقِيلَةُ، التي تَهْجِم عَلَى القلب ، فتَقْطَعه عن معرفة الأمور الظاهرة . ومن شواهده حديث عَائِشَةَ – رَضِيَ اللهُ عَنْهَ ا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - قَالَ : " إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَلْيَرْقُدْ، حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى، وَهُوَ نَاعِسٌ، لاَ يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ، فَيَسُبُّ نَفْسَهُ ". البخاري : 212
الرُّقَادُ، تَقولُ: نَامَ إِذَا رَقَدَ، وَضِدُّ النَّوْمِ: الإِفَاقَةُ وَاليَقَظَةُ، وَأَصْلُ النَوْمِ: سُكُونُ الحَرَكَةِ، يُقَالُ: نَامَ يَنَامُ نَوْمًا أَيْ سَكَنَ وَجَمَدَ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الرُّقادُ نَوْمًا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَسْكُنُ حَرَكَةُ النَّائِمِ، وَهُوَ نَؤُومٌ وَنُوَمَةٌ: كَثِيرُ النَّوْمِ، وَمِنْ مَعانِي النَّوْمِ أَيْضًا: النُّعاسُ والفُتورُ.
يَذْكُرُ الفُقَهاءُ مُصْطَلَحَ (النَّوْمِ) فِي مَواضِعَ عَدِيدَةٍ مِنْهَا: كِتابُ الصَّلاَةِ فِي بَابِ شُروطِ الصَّلاَةِ، وَكِتابِ الحَجِّ فِي بَابِ صِفَةِ الحَجِّ، وَكِتابِ الصَّوْمِ فِي بَابِ مَكْروهاتِ الصَّوْمِ، وَكِتابِ النِّكاحِ فِي بَابِ حُقوقِ الزَّواجِ، وَغَيْرِهَا.
نوم
الغَشْيَةُ الثَّقِيلَةُ، التي تَهْجِم عَلَى القلب، فتَقْطَعه عن معرفة الأمور الظاهرة.
* مقاييس اللغة : 372/5 - مختار الصحاح : ص322 - المعجم الوسيط : 2/ 965 - مقاييس اللغة : 372/5 - التعريفات للجرجاني : ص248 - التوقيف على مهمات التعاريف : ص331 - التوقيف على مهمات التعاريف : ص57 -
التَّعْرِيفُ:
1 - النَّوْمُ اسْمٌ مَصْدَرٌ لِلْفِعْل: نَامَ، يَنَامُ. وَهُوَ فِي أَصْل اللُّغَةِ: الْهُدُوءُ، وَالسُّكُونُ. يُقَال: نَامَتِ السُّوقُ: كَسَدَتْ، وَالرِّيحُ: سَكَنَتْ، وَالْبَحْرُ: هَدَأَ.
كَمَا يُقَال: اسْتَنَامَ إِلَيْهِ: سَكَنَ: أَيِ اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ عُرِّفَ النَّوْمُ بِتَعْرِيفَاتٍ مِنْهَا: هُوَ فَتْرَةٌ طَبْعِيَّةٌ تَحَدُثُ لِلإِْنْسَانِ بِلاَ اخْتِيَارٍ مِنْهُ، تَمْنَعُ الْحَوَاسَّ الظَّاهِرَةَ وَالْبَاطِنَةَ عَنِ الْعَمَل مَعَ سَلاَمَتِهَا، وَتَمْنَعُ اسْتِعْمَال الْعَقْل مَعَ قِيَامِهِ، فَيَعْجِزُ الْمُكَلَّفُ عَنْ أَدَاءِ الْحُقُوقِ (2) .
وَمِنْهَا: النَّوْمُ حَالَةٌ طَبْعِيَّةٌ تَتَعَطَّل مَعَهَا الْقُوَى بِسَبَبِ تَرَقِّي البُخَارَاتِ إِلَى الدِّمَاغِ (3) . وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ: هُوَ اسْتِرْخَاءُ أَعْصَابِ الدِّمَاغِ بِسَبَبِ الأَْبْخِرَةِ الصَّاعِدَةِ مِنَ الْمَعِدَةِ (4) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - النُّعَاسُ:
2 - النُّعَاسُ فِي اللُّغَةِ: مِنْ نَعَسَ نَعْسًا، وَنُعَاسًا: فَتَرَتْ حَوَاسُّهُ (5) ، وَهُوَ بِدَايَةُ النَّوْمِ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ قَلِيل نَوْمٍ لاَ يَشْتَبِهُ عَلَى صَاحِبِهِ أَكْثَرُ مَا يُقَال عِنْدَهُ، أَوْ هُوَ رِيحٌ لَطِيفَةٌ تَأْتِي مِنْ قِبَل الدِّمَاغِ فَتُغَطِّي الْعَيْنَ وَلاَ تَصِل إِلَى الْقَلْبِ، فَإِنْ وَصَلَتْ إِلَيْهِ كَانَ نَوْمًا (6) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ النُّعَاسِ وَالنَّوْمِ: أَنَّ النُّعَاسَ مَبْدَأُ النَّوْمِ.
ب - السِّنَةُ:
3 - السِّنَةُ لُغَةً: هِيَ مِنْ وَسِنَ يَوْسَنُ وَسَنًا وَسِنَةً: أَخَذَ فِي النُّعَاسِ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: فُتُورٌ يَعْتَرِي الإِْنْسَانَ وَلاَ يَفْقِدُ مَعَهُ عَقْلَهُ (7) . وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ السِّنَةِ وَالنَّوْمِ: أَنَّ السِّنَةَ مَبْدَأُ النَّوْمِ.
ج - الإِْغْمَاءُ:
4 - الإِْغْمَاءُ: هُوَ فَقْدُ الْحِسِّ وَالْحَرَكَةِ. كَالْغَشْيِ (8) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: آفَةٌ فِي الْقَلْبِ أَوِ الدِّمَاغِ تُعَطِّل الْقُوَى الْمُدْرِكَةَ وَالْمُحَرِّكَةَ عَنْ أَفْعَالِهَا مَعَ بَقَاءِ الْعَقْل مَغْلُوبًا (9) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ النَّوْمِ وَالإِْغْمَاءِ: أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعَطِّل الْقُوَى الْمُدْرِكَةَ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
5 - النَّوْمُ مِنَ الأُْمُورِ الْفِطْرِيَّةِ الضَّرُورِيَّةِ لِلأَْحْيَاءِ كَالأَْكْل وَالشُّرْبِ وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ، فَلَمْ يَرِدْ أَمْرٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ نَوْمٌ، اكْتِفَاءً بِدَوَاعِي الْفِطْرَةِ، فَهُوَ لِلإِْبَاحَةِ إِذًا، وَالإِْبَاحَةُ وَإِنْ كَانَتْ شَرْعِيَّةً عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فَلَيْسَتْ بِتَكْلِيفٍ عِنْد بَعْضِهِمْ؛ لأَِنَّ التَّكْلِيفَ إِنَّمَا يَكُونُ بِطَلَبِ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ.
وَلاَ طَلَبَ فِي الْمُبَاحِ وَلاَ كُلْفَةَ لِكَوْنِهِ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْفِعْل وَالتَّرْكِ (10) .
وَقَدْ تَعْتَرِي النَّوْمَ الأَْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ لأَِسْبَابٍ خَارِجِيَّةٍ تَتَّصِل بِهِ: فَيَكُونُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا، أَوْ حَرَامًا، أَوْ مَكْرُوهًا.
النَّوْمُ الْوَاجِبُ:
6 - النَّوْمُ الْوَاجِبُ: هُوَ مَا يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ بِهِ أَدَاءَ وَاجِبٍ دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ، فَمَا لاَ يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلاَّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
النَّوْمُ الْمُسْتَحَبُّ:
7 - النَّوْمُ الْمُسْتَحَبُّ: هُوَ نَوْمُ مَنْ نَعِسَ فِي صَلاَتِهِ أَوْ قِرَاءَتِهِ لِلْقُرْآنِ وَنَحْوِهِمَا، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنَامَ حَتَّى يَدْرِيَ مَا يَقُول أَوْ يَفْعَل. وَمِنَ النَّوْمِ الْمُسْتَحَبِّ الْقَيْلُولَةُ فِي وَسَطِ النَّهَارِ (11) .
النَّوْمُ الْحَرَامُ:
8 - النَّوْمُ الْحَرَامُ هُوَ النَّوْمُ بَعْدَ دُخُول وَقْتِ الصَّلاَةِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْتَغْرِقُ فِي النَّوْمِ الْوَقْتَ كُلَّهُ، أَوْ يَنَامُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ (12) .
النَّوْمُ الْمَكْرُوهُ:
9 - يَكُونُ النَّوْمُ مَكْرُوهًا فِي مُوَاطِنَ مِنْهَا: النَّوْمُ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ، وَالنَّوْمُ أَمَامَ الْمُصَلِّينَ، وَالصَّفِّ الأَْوَّل، أَوِ الْمِحْرَابِ، وَالنَّوْمُ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ لَهُ جِدَارٌ يَمْنَعُهُ مِنَ السُّقُوطِ، لِنَهْيهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَنْ ذَلِكَ (13) وَلِخَشْيَةِ أَنْ يَتَدَحْرَجَ فَيَسْقُطَ عَنْهُ.
وَمِنَ النَّوْمِ الْمَكْرُوهِ: نَوْمُ الرَّجُل مُنْبَطِحًا عَلَى وَجْهِهِ فَإِنَّهَا ضِجْعَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَالنَّوْمُ وَفِي يَدِهِ رِيحُ لَحْمٍ وَنَحْوِهِ، وَالنَّوْمُ بِعَرَفَاتٍ وَقْتَ الْوُقُوفِ لأَِنَّهُ وَقْتُ تَضَرُّعٍ، وَالنَّوْمُ بَعْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ لأَِنَّهُ وَقْتُ قِسْمَةِ الأَْرْزَاقِ، وَنَوْمُهُ تَحْتَ السَّمَاءِ مُتَجَرِّدًا مِنْ ثِيَابِهِ مَعَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَنَوْمُهُ بَيْنَ مُسْتَيْقِظِينَ لأَِنَّهُ خِلاَفُ الْمُرُوءَةِ، وَنَوْمُهُ وَحْدَهُ فِي بَيْتٍ خَالٍ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - ﵄ -: نُهِيَ عَنِ الْوَحْدَةِ: أَنْ يَبِيتَ الرَّجُل وَحْدَهُ أَوْ يُسَافِرَ وَحْدَهُ (14) ، وَمِنْهُ النَّوْمُ قَبْل صَلاَةِ الْعِشَاءِ بَعْدَ دُخُول وَقْتِهَا إِنْ ظَنَّ تَيَقُّظَهُ فِي الْوَقْتِ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْل صَلاَةِ الْعِشَاءِ بَعْدَ دُخُول وَقْتِهَا " لأَِنَّهُ ﷺ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ (15) "؛ لِخَوْفِ اسْتِمْرَارِ النَّوْمِ حَتَّى خُرُوجِ الْوَقْتِ. وَمَحِل ذَلِكَ إِذَا ظَنَّ تَيَقُّظَهُ فِي الْوَقْتِ وَإِلاَّ حَرُمَ النُّوْمُ. أَمَّا النَّوْمُ قَبْل دُخُول الْوَقْتِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُخَاطِبْ بِهَا.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ النَّوْمُ وَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ (16) .
مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّوْمِ مِنْ أَحْكَامٍ: -
يَتَعَلَّقُ بِالنَّوْمِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
أَوَّلاً: مَا يُسَنُّ عِنْدَ إِرَادَةِ النَّوْمِ:
10 - يُسَنُّ عِنْدَ إِرَادَةِ النَّوْمِ أُمُورٌ مِنْهَا: تَخْمِيرُ الإِْنَاءِ، وَلَوْ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ عُودًا. وَإِيكَاءُ السِّقَاءِ، وَإِغْلاَقُ الْبَابِ، وَإِطْفَاءُ الْمِصْبَاحِ، وَإِطْفَاءُ الْجَمْرِ مَعَ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ فِيهِنَّ، لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - ﵄ - قَال: " قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْل - أَوْ أَمْسَيْتُمْ - فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْل فَحُلُّوهُمْ، فَأَغْلِقُوا الأَْبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرِضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ (17) .
وَيُسَنُّ النَّظَرُ فِي وَصِيَّتِهِ، وَنَفْضُ فِرَاشِهِ، وَوَضْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الأَْيْمَنِ، وَأَنْ يَجْعَل وَجْهَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ (18) لِحَدِيثِ حَفْصَةَ - ﵂ - أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْقُدَ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ (19) . وَيُسَنُّ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّوْبَةُ عَنْ كُل مَعْصِيَةٍ عَلَى الْفَوْرِ مَطْلُوبَةٌ، وَلَكِنَّهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ آكَدُ، وَهُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهَا. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَْنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِل الأُْخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (20) } . وَأَنْ يَقُول الأَْوْرَادَ الْمَأْثُورَةَ (21) الَّتِي مِنْهَا: بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ. وَأَنْ يَتَوَضَّأَ عِنْدَ إِرَادَةِ النَّوْمِ، سَوَاءٌ كَانَ جُنُبًا أَمْ غَيْرَ جُنُبٍ. (ر: جَنَابَة ف 21، وَاسْتِصْبَاح ف 6) .
ثَانِيًا: عِنْدَ الاِسْتِيقَاظِ مِنَ النَّوْمِ:
11 - يُسْتَحَبُّ بَعْدَ الاِسْتِيقَاظِ مِنَ النَّوْمِ أُمُورٌ مِنْهَا:
تِلاَوَةُ الأَْذْكَارِ الْمَأْثُورَةِ (22) مِثْل: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي، وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي، وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ (23) ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّوْمَ وَالْيَقَظَةَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَعَثَنِي سَالِمًا سَوِيًّا، أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ (24) .
وَمِنْهَا غَسْل الْيَدَيْنِ ثَلاَثًا قَبْل إِدْخَالِهِمَا فِي الإِْنَاءِ (25) لِحَدِيثِ: إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِْنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاَثًا، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ (26) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ غَسْل الْيَدَيْنِ ثَلاَثًا وَاجِبٌ تَعَبُّدًا إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٍ لِلْوُضُوءِ (27) .
ثَالِثًا: السِّوَاكُ قَبْل النَّوْمِ وَبَعْدَهُ:
12 - يُسْتَحَبُّ الاِسْتِيَاكُ بَعْدَ النَّوْمِ وَقَبْلَهُ (28) اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ ﷺ لِحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْل يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ (29) ، وَحَدِيثِ عَائِشَةَ - ﵂ -: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ لاَ يَرْقُدُ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلاَّ تَسَوَّكَ قَبْل أَنْ يَتَوَضَّأَ (30) . (ر: اسْتِيَاك ف 10) .
رَابِعًا: وُجُودُ الْمَنِيِّ عِنْدَ الاِسْتِيقَاظِ مِنَ النَّوْمِ:
13 - لَوِ اسْتَيْقَظَ النَّائِمُ وَوَجَدَ الْمَنِيَّ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ احْتِلاَمًا، أَوْ إِذَا رَأَى فِي فِرَاشٍ يَنَامُ فِيهِ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُ أَنْ يُمْنِيَ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْغُسْل.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (احْتِلاَم ف 6، 7) .
خَامِسًا: النَّوْمُ فِي الْمَسْجِدِ:
14 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ: فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ بِقُيُودٍ. وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مَسْجِد ف 21) .
سَادِسًا: النَّوْمُ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ:
15 - النَّوْمُ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ فِي الْجُمْلَةِ فِي قَوْل عَامَّةِ أَهْل الْعِلْمِ إِلاَّ مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ - ﵁ - وَأَبِي مِجْلَزٍ وَحُمَيْدٍ الأَْعْرَجِ: أَنَّهُ لاَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ مِرَارًا مُضْطَجِعًا يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ ثُمَّ يُصَلِّي وَلاَ يُعِيدُ الصَّلاَةَ.
وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ: الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ (31) ، وَخَبَرِ: إِنَّ الْعَيْنَيْنِ وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنَانِ اسْتَطْلَقَ الْوِكَاءُ (32) .
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ التَّفَاصِيل (33) .
(ر: وُضُوء) . أَثَرُ النَّوْمِ فِي تَصَرُّفَاتِ الإِْنْسَانِ الْقَوْلِيَّةِ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ:
16 - النَّوْمُ عَارِضٌ طَبْعِيٌّ يَطْرَأُ عَلَى الإِْنْسَانِ بِالضَّرُورَةِ فَيُعَطِّل الْعَقْل عَنِ الإِْدْرَاكِ، وَيَعْجِزُ عَنِ الْفَهْمِ فِي حَال النَّوْمِ. فَإِنِ اسْتَيْقَظَ مِنْهُ أَمْكَنَهُ الْفَهْمُ فَيَقْضِي مَا فَاتَهُ فِي أَثْنَاءِ النَّوْمِ مِنَ الصَّلَوَاتِ.
وَالْمُبَادَرَةُ بِالْقَضَاءِ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ سَوَاءٌ تَعَدَّى أَوْ لَمْ يَتَعَدَّ بِالنَّوْمِ، وَنَدْبًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ، وَوُجُوبًا إِنْ تَعَدَّى بِهِ (34) .
(ر: قَضَاءُ الْفَوَائِتِ ف 19) .
أَمَّا أَثْنَاءَ النَّوْمِ فَجَمِيعُ عِبَارَاتِ النَّائِمِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّة لَغْوٌ، فَلاَ يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ صَلاَةٍ، وَلاَ نُطْقُهُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ، وَلاَ يَصِحُّ نَذْرُهُ وَلاَ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، وَلاَ يَقَعُ طَلاَقُهُ، وَلاَ يُقْبَل إِقْرَارُهُ بِحَقٍّ لِلَّهِ أَوْ لآِدَمِيٍّ، وَلاَ يَصِحُّ إِيجَابُهُ بِعَقْدٍ وَلاَ قَبُولُهُ.
وَكَذَا كُل تَصَرُّفٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الأَْدَاءِ وَالتَّكْلِيفِ لأَِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي التَّكْلِيفِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمُكَلَّفِ: فَهْمُهُ لِمَا كُلِّفَ بِهِ، أَيْ تَصَوُّرُ ذَلِكَ الأَْمْرِ وَالْفَهْمُ مِنْ خِطَابِ اللَّهِ جَل جَلاَلُهُ بِقَدْرٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الاِمْتِثَال؛ لأَِنَّ التَّكْلِيفَ اسْتِدْعَاءُ حُصُول الْفِعْل عَلَى قَصْدِ الاِمْتِثَال، وَهُوَ مُحَالٌ عَادَةً وَشَرْعًا مِمَّنْ لاَ شُعُورَ لَهُ بِالأَْمْرِ كَالنَّائِمِ وَنَحْوِهِ، فَلاَ يُنَاسِبُ تَوْجِيهَ الْخِطَابِ إِلَيْهِ.
وَلِحَدِيثِ: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ (35) . وَمَعْنَى رَفْعِ الْقَلَمِ عَنِ الثَّلاَثَةِ: عَدَمُ اعْتِبَارِ عِبَارَاتِهِمْ.
(ر: تَكْلِيف ف 4) .
17 - وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ مِنْ ذَلِكَ: مَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فَإِنْ أُحْضِرَ الْمَوْقِفَ وَهُوَ نَائِمٌ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ وَلَوْ لَحْظَةً حَتَّى غَادَرَهَا يُجْزِئُ وُقُوفُهُ؛ لأَِنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ، وَهُوَ أَهْلٌ لِلْعِبَادَةِ عُمُومًا فَيَصِحُّ الْوُقُوفُ مَعَ النَّوْمِ (36) .
18 - وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ الْحَنَفِيُّ مَسَائِل قَال: إِنَّ النَّائِمَ فِيهَا كَالْمُسْتَيْقِظِ، وَعَزَاهَا إِلَى فَتَاوَى الْوَلْوَالَجِيِّ أَوْصَلَهَا إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً:
الأُْولَى: إِذَا نَامَ الصَّائِمُ عَلَى قَفَاهُ وَفُوهُ مَفْتُوحٌ، فَقَطَرَ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ فِي فِيهِ: فَسَدَ صَوْمُهُ، وَكَذَا إِنْ قَطَرَ غَيْرُهُ قَطْرَةً مِنَ الْمَاءِ فِي فِيهِ وَبَلَغَ ذَلِكَ جَوْفَهُ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا جَامَعَ الْمَرْأَةَ زَوْجُهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ فَسَدَ صَوْمُهَا.
الثَّالِثَةُ: لَوْ كَانَتْ مُحْرِمَةً فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ.
الرَّابِعَةُ: الْمُحْرِمُ إِذَا نَامَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَحَلَقَ رَأَسَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ.
الْخَامِسَةُ: الْمُحْرِمُ إِذَا نَامَ وَانْقَلَبَ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ.
السَّادِسَةُ: إِذَا نَامَ الْمُحْرِمُ عَلَى بَعِيرٍ فَدَخَل فِي عَرَفَاتٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ.
السَّابِعَةُ: الصَّيْدُ الْمَرْمِيُّ إِلَيْهِ بِسَهْمٍ إِذَا وَقَعَ عِنْدَ نَائِمٍ فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الرَّمْيَةِ يَكُونُ حَرَامًا، كَمَا إِذَا وَقَعَ عِنْدَ يَقْظَانٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَكَاتِهِ.
الثَّامِنَةُ: إِذَا انْقَلَبَ نَائِمٌ عَلَى مَتَاعٍ وَكَسَرَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ.
التَّاسِعَةُ: إِذَا نَامَ الأَْبُ تَحْتَ جِدَارٍ فَوَقَعَالاِبْنُ عَلَيْهِ مِنْ سَطْحٍ وَهُوَ نَائِمٌ فَمَاتَ الاِبْنُ يُحْرَمُ الأَْبُ مِنَ الْمِيرَاثِ. قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: عَلَى قَوْل الْبَعْضِ، وَهُوَ صَحِيحٌ.
الْعَاشِرَةُ: مَنْ رَفَعَ النَّائِمَ وَوَضَعَهُ تَحْتَ جِدَارٍ، فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْجِدَارُ وَمَاتَ، لاَ يَلْزَمُ ضَمَانٌ عَلَى الْوَاضِعِ تَحْتَ الْجِدَارِ.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: رَجُلٌ خَلاَ بِامْرَأَةٍ وَثَمَّةَ أَجْنَبِيٌّ نَائِمٌ لاَ تَصِحُّ الْخَلْوَةُ.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: رَجُلٌ نَامَ فِي بَيْتٍ فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ وَهُوَ نَائِمٌ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً صَحَّتِ الْخَلْوَةُ.
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ نَائِمَةً فِي بَيْتٍ وَدَخَل عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَمَكَثَ عِنْدَهَا سَاعَةً صَحَّتِ الْخَلْوَةُ.
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: امْرَأَةٌ نَامَتْ فَجَاءَ رَضِيعٌ فَارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ.
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: الْمُتَيَمِّمُ إِذَا مَرَّتْ دَابَّتُهُ عَلَى مَاءٍ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ وَهُوَ عَلَيْهَا نَائِمٌ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ.
السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: الْمُصَلِّي إِذَا نَامَ وَتَكَلَّمَ فِي حَالَةِ النَّوْمِ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ.
السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: الْمُصَلِّي إِذَا نَامَ وَقَرَأَ فِيقِيَامِهِ تُعْتَبَرُ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ فِي رِوَايَةٍ (عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ) .
الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: إِذَا تَلاَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي نَوْمِهِ فَسَمِعَهَا رَجُلٌ تَلْزَمُهُ السَّجْدَةُ كَمَا لَوْ سَمِعَ مِنَ الْيَقْظَانِ.
التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: إِذَا اسْتَيْقَظَ هَذَا النَّائِمُ فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهُ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي نَوْمِهِ، كَانَ شَمْسُ الأَْئِمَّةِ يُفْتِي بِأَنَّهُ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلاَوَةِ، وَتَجِبُ فِي أَقْوَالٍ، فَعَلَى هَذَا لَوْ قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ نَائِمٍ فَانْتَبَهَ فَأَخْبَرَهُ فَهُوَ عَلَى هَذَا: أَيْ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلاَوَةِ.
الْعِشْرُونَ: إِذَا حَلَفَ رَجُلٌ أَنْ لاَ يُكَلِّمَ فُلاَنًا فَجَاءَ الْحَالِفُ إِلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ، وَقَال لَهُ: قُمْ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظِ النَّائِمُ. قَال بَعْضُهُمْ: لاَ يَحْنَثُ، وَالأَْصَحُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ. الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلاَقًا رَجْعِيًّا، فَجَاءَ الرَّجُل وَمَسَّهَا بِشَهْوَةٍ وَهِيَ نَائِمَةٌ صَارَ مُرَاجِعًا.
الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: لَوْ كَانَ الزَّوْجُ نَائِمًا فَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ وَقَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ، يَصِيرُ مُرَاجِعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلاَفًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ -.
الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: الرَّجُل إِذَا نَامَ وَجَاءَتِ امْرَأَةٌ وَأَدْخَلَتْ فَرْجَهَا فِي فَرْجِهِ وَعَلِمَ الرَّجُلبِفِعْلِهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ.
الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: إِذَا جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى نَائِمٍ وَقَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِشَهْوَةٍ تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ.
الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: الْمُصَلِّي إِذَا نَامَ فِي صَلاَتِهِ وَاحْتَلَمَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْل وَلاَ يُمْكِنُهُ الْبِنَاءُ.
وَكَذَلِكَ: إِذَا بَقِيَ نَائِمًا يَوْمًا وَلَيْلَةً، أَوْ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ صَارَتِ الصَّلاَةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ (37) .
19 - وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ مَسَائِل يَنْفَرِدُ بِهَا النَّوْمُ عَنِ الْجُنُونِ وَالإِْغْمَاءِ وَهِيَ:
الأُْولَى: يَجِبُ عَلَى النَّائِمِ قَضَاءُ الصَّلاَةِ إِذَا اسْتَغْرَقَ النَّوْمُ وَقْتَهَا.
الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ صَوْمُ النَّائِمِ الَّذِي اسْتَغْرَقَ نَوْمُهُ النَّهَارَ كُلَّهُ إِذَا كَانَ قَدْ نَوَى مِنَ اللَّيْل. وَفِي وَجْهٍ أَنَّهُ يَضُرُّ كَالإِْغْمَاءِ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا نَامَ الْمُعْتَكِفُ حُسِبَ زَمَنُ النَّوْمِ مِنَ الاِعْتِكَافِ قَطْعًا لأَِنَّهُ كَالْمُسْتَيْقِظِ (38) .
أَثَرُ النَّوْمِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ:
20 - اعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ جِنَايَةَ النَّائِمِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ خَطَأً أَوْ جَارِيًا مَجْرَى الْخَطَأِ، فَتُجْرَى فِي فِعْلِهِ فِي كِلاَ التَّعْبِيرَيْنِ أَحْكَامُ الْخَطَأِ، فَإِذَا انْقَلَبَ نَائِمٌ عَلَى إِنْسَانٍ بِجَنْبِهِ فَقَتْلَهُ فَهُوَ خَطَأٌ أَوْ كَالْخَطَأِ فِي الْحُكْمِ؛ لأَِنَّ النَّائِمَ لاَ قَصْدَ لَهُ، فَلاَ يُوصَفُ فِعْلُهُ بِعَمْدٍ وَلاَ خَطَأٍ عِنْد بَعْضِهِمْ، إِلاَّ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْخَطَأِ لِحُصُول الْمَوْتِ بِفِعْلِهِ كَالْخَاطِئِ، فَتَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الْخَطَأِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُخْطِئِ وَلَكِنَّهُ دُونَ الْخَطَأِ حَقِيقَةً؛ لأَِنَّ النَّائِمَ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْقَصْدِ أَصْلاً.
وَإِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى النَّائِمِ لِتَرْكِ التَّحَرُّزِ عِنْدَ النَّوْمِ فِي مَوْضِعٍ يُتَوَهَّمُ أَنْ يَكُونَ قَاتِلاً. وَالْكَفَّارَةُ فِي الْقَتْل الْخَطَأِ إِنَّمَا وَجَبَتْ لِتَرْكِ التَّحَرُّزِ أَيْضًا. وَحِرْمَانُ الْمِيرَاثِ: لِمُبَاشَرَةِ الْقَتْل وَتَوَهُّمِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَائِمًا وَإِنَّمَا كَانَ مُتَنَاوِمًا لِقَصْدِ اسْتِعْجَال الإِْرْثِ (39) .
أَثَرُ النَّوْمِ فِي إِتْلاَفِ الْمَال:
21 - النَّائِمُ فِي إِتْلاَفِ مَال الْغَيْرِ كَالْمُسْتَيْقِظِ تَمَامًا فَيَضْمَنُ. فَإِنَّ ضَمَانَ الْمَال لاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ، بَل يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مِنْ أَهْل الْوُجُوبِ، فَالْمُكَلَّفُ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ فِيهَا سَوَاءٌ.
(ر: ضَمَان ف 16) .
__________
(1) الصحاح، ولسان العرب لابن منظور، والقاموس المحيط
(2) حاشية ابن عابدين 1 / 95
(3) التعريفات للجرجاني
(4) الشرقاوي على التحرير 1 / 70، والإقناع للخطيب 1 / 72
(5) المعجم الوسيط
(6) حاشية الشرقاوي 1 / 71، وحاشية ابن عابدين 1 / 97
(7) المعجم الوسيط، والقرطبي 3 / 272
(8) المعجم الوسيط
(9) حاشية ابن عابدين 1 / 97
(10) البحر المحيط 1 / 278، والمستصفى 1 / 74، والإحكام في أصول الأحكام 1 / 126، والشرح الصغير 1 / 233
(11) نهاية المحتاج 2 / 128، وحاشية الشرواني على تحفة المحتاج 2 / 245، 246، وشرح الزرقاني 1 / 148، والشرح الصغير 1 / 233، وكشاف القناع 1 / 79
(12) الشرح الصغير 1 / 233
(13) حديث: " نهيه ﷺ أن ينام الرجل على سطح ليس بمحجور عليه ". أخرجه الترمذي (5 / 141 - ط الحلبي) ثم قال: هذا حديث غريب. ثم ذكر أن في إسناده راويا يضعف
(14) حديث: ابن عمر: " نهي عن الوحدة: أن يبيت الرجل لوحده. . . ". أخرجه أحمد (2 / 91 - ط الميمنية) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8 / 104 ط القدسي) : رجاله رجال الصحيح
(15) حديث: " أن رسول الله ﷺ كان يكره النوم قبل صلاة العشاء ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 73 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 447 - ط الحلبي) من حديث أبي برزة الأسلمي
(16) شرح الزرقاني 1 / 148، والشرح الصغير 1 / 233، وكشاف القناع 1 / 79، والدسوقي 1 / 184، ومغني المحتاج 1 / 125
(17) حديث: " إذا كان جنح الليل. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 88 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1595 - ط الحلبي)
(18) الأذكار للنووي ص 169
(19) حديث: " أن رسول الله ﷺ كان إذا أراد أن يرقد. . . " أخرجه أبو داود (5 / 298 - ط حمص) ، وحسنه ابن حجر كما في الفتوحات لابن علان (3 / 148 - ط المنيرية)
(20) سورة الزمر / 42
(21) كشاف القناع 1 / 78، الأذكار للنووي ص 82
(22) الأذكار للنووي ص 20 - 21
(23) حديث: ورد ذلك من حديث أبي هريرة أخرجه الترمذي (5 / 473 - ط الحلبي)
(24) ورد ذلك من حديث أبي هريرة أخرجه ابن السني (عمل اليوم والليلة ص 10 - ط دار البيان - دمشق) ، وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (1 / 115 - ط مكتبة المثنى - بغداد) : حديث غريب
(25) مغني المحتاج 1 / 57، وشرح الزرقاني 1 / 67، ورد المحتار 1 / 75
(26) حديث: " إذا استيقظ أحدكم من نومه. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 263 - ط السلفية) ومسلم (1 / 233 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، واللفظ لمسلم
(27) كشاف القناع 1 / 92
(28) المحلى شرح المنهاج 1 / 51، مغني المحتاج 1 / 56، وكشاف القناع 1 / 7372.
(29) حديث: " أن النبي ﷺ كان إذا قام في الليل يشوص فاه بالسواك " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 356 - ط السلفية) ومسلم (1 / 220 - ط الحلبي) من حديث حذيفة بن اليمان - ﵁ -.
(30) حديث: " أن النبي ﷺ كان لا يرقد في ليل أو نهار. . . " أخرجه أبو داود (1 / 47 - ط حمص) ، وذكر ابن حجر في التلخيص (1 / 234 - ط العلمية) تضعيف أحد رواته.
(31) حديث: " العين وكاء السه، فمن نام فليتوضأ ". أخرجه ابن ماجه (1 / 161 - ط الحلبي) من حديث علي بن أبي طالب - ﵁ -، ونقل ابن أبي حاتم في علل الحديث (1 / 47 - ط السلفية) عن أبيه أنه قال عن الحديث: ليس بالقوي، كما نقل عن أبي زرعة أنه أعل إسناده بالانقطاع.
(32) حديث: " إن العينين وكاء السه، فإذا نامت العينان. . . " أخرجه أحمد (4 / 97 - ط الميمنية) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1 / 247 - ط القدسي) : فيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف لاختلاطه.
(33) المغني 1 / 173.
(34) الشرح الصغير 1 / 364 - 365، وتحفة المحتاج 1 / 139، ومغني المحتاج 1 / 127.
(35) حديث: " رفع القلم عن ثلاثة. . . " أخرجه أبو داود (2 / 558 - ط حمص) والحاكم (2 / 59 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عائشة - ﵁ -، واللفظ للحاكم وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم.
(36) حاشية ابن عابدين 2 / 188، والشرح الصغير 2 / 53، وجواهر الإكليل 1 / 176، ومغني المحتاج 1 / 498، وكشاف القناع 2 / 495.
(37) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 319 - 321.
(38) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 212 - 214.
(39) الاختيار 5 / 26، حاشية ابن عابدين 5 / 342، وروض الطالب 4 / 12، والمغني 7 / 637، ومواهب الجليل 6 / 232.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 15/ 42