البحث

عبارات مقترحة:

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

الخالق

كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

الْهَدِيَّةُ


من معجم المصطلحات الشرعية

ما يُعطى للغير دون مقابل إكْراماً له . ومن أمثلته مشروعية الهدية لقريب، أو صديق . ومن شواهده الحديث الشريف : "كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - يقبل الهدية، ويثيب عليها ." البخاري :2445.


انظر : أسنى المطالب للأنصاري، 2/478، الكافي لابن قدامة، 2/408، قواعد الفقه للبركتي، ص :551.

من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف

ما يُعطى للغير دون مقابل إكْراماً له.

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
أ - الْهَدِيَّةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الْمَال الَّذِي أُتْحِفَ وَأُهْدِيَ لأَِحَدٍ إِكْرَامًا لَهُ، يُقَال: أَهْدَيْتُ لِلرَّجُل كَذَا: بَعَثْتُ بِهِ إِلَيْهِ إِكْرَامًا، فَالْمَال هَدِيَّةٌ (1) .
وَاصْطِلاَحًا عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا: تَمْلِيكُ عَيْنٍ مَجَّانًا.
وَعَرَّفَهَا الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهَا: تَمْلِيكُ مَنْ لَهُ التَّبَرُّعُ ذَاتًا تُنْقَل شَرْعًا بِلاَ عِوَضٍ لأَِهْلٍ أَوْ مَا يَدُل عَلَى التَّمْلِيكِ.
وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهَا: تَمْلِيكُ عَيْنٍ بِلاَ عِوَضٍ مَعَ النَّقْل إِلَى مَكَانِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إِكْرَامًا.
وَعَرَّفَهَا الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهَا: تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ (2) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْهِبَةُ:
الْهِبَةُ فِي اللُّغَةِ: مِنَ الْفِعْل وَهَبَ، يُقَال: وَهَبْتُ لِزَيْدٍ مَالاً أَهَبُهُ لَهُ هِبَةً: أَعْطَيْتُهُ بِلاَ عِوَضٍ (3) .
وَهِيَ فِي الاِصْطِلاَحِ: تَمْلِيكُ عَيْنٍ بِلاَ عِوَضٍ (4) .
فَالْهِبَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالصَّدَقَةُ أَنْوَاعٌ مِنَ الْبِرِّ يَجْمَعُهَا تَمْلِيكُ الْعَيْنِ بِلاَ عِوَضٍ، فَإِنْ مَلَّكَ مُحْتَاجًا لِطَلَبِ ثَوَابِ الآْخِرَةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ، وَإِنْ نَقَلَهَا إِلَى مَكَانِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إِكْرَامًا لَهُ فَهَدِيَّةٌ، وَإِنْ مَلَّكَهُ بِدُونِ طَلَبِ الثَّوَابِ وَلَمْ يَنْقُل إِلَى مَكَانِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَهِبَةٌ مَحْضَةٌ.
وَالصِّلَةُ أَنَّ الْهِبَةَ أَعَمُّ مِنَ الْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ، فَكُلٌّ مِنَ الْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ هِبَةٌ وَلاَ عَكْسَ (5) . ب - الْوَصِيَّةُ:
3 - الْوَصِيَّةُ فِي اللُّغَةِ: الإِْيصَال: مِنْ وَصَّى الشَّيْءَ بِكَذَا: وَصَلَهُ بِهِ (6) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ مُضَافٍ إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ (7) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْهَدِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ: أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَبَرُّعٌ بِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِلاَ عِوَضٍ، إِلاَّ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تُضَافُ إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْهَدِيَّةَ تُنَفَّذُ حَالاً.

ج - الْوَقْفُ:
4 - الْوَقْفُ فِي اللُّغَةِ: الْحَبْسُ. يُقَال: وَقَفْتُ الدَّارَ وَقْفًا: حَبَسْتُهَا فِي سَبِيل اللَّهِ (8) .
وَاصْطِلاَحًا: هُوَ حَبْسُ مَالٍ يُمْكِنُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ بِقَطْعِ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ عَلَى مَصْرِفٍ مُبَاحٍ (9) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْهَدِيَّةِ وَالْوَقْفِ أَنَّ الْهَدِيَّةَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ، وَأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ. د - الْعَارِيَّةُ:
5 - الْعَارِيَّةُ فِي اللُّغَةِ: مِنَ التَّعَاوُرِ وَهُوَ التَّدَاوُل، وَتُطْلَقُ عَلَى الْفِعْل وَعَلَى الشَّيْءِ الْمُعَارِ (10) .
وَاصْطِلاَحًا: هِيَ إِبَاحَةُ الاِنْتِفَاعِ بِمَا يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ (11) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْهَدِيَّةِ وَالْعَارِيَّةِ: أَنَّ الْهَدِيَّةَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ بِلاَ عِوَضٍ، وَالْعَارِيَّةَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِلاَ عِوَضٍ.

هـ - الرُّقْبَى: 6 - الرُّقْبَى فِي اللُّغَةِ: مِنَ الْمُرَاقَبَةِ يُقَال: رَقَبْتُهُ: انْتَظَرْتُهُ، وَالرُّقْبَى: أَنْ يَقُول الرَّجُل أَرَقَبْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ هِيَ لَكَ رُقْبَى مُدَّةَ حَيَاتِكَ (12) .
وَاصْطِلاَحًا: هِيَ جَعْل الْمَالِكِ شَيْئًا يَمْلِكُهُ لِشَخْصٍ آخَرَ مُدَّةَ حَيَاتِهِمَا بِشَرْطِ الاِسْتِرْدَادِ إِذَا مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْل الْوَاهِبِ (13) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْهَدِيَّةِ وَالرُّقْبَى أَنَّ الْهَدِيَّةَ تَمْلِيكٌ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَالرُّقْبَى تَمْلِيكٌ مُدَّةَ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا.

و الْعُمْرَى: 7 - الْعُمْرَى فِي اللُّغَةِ: مِنْ أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ: جَعَلْتُ لَهُ سُكْنَاهَا، وَمَا تَجْعَلُهُ لِلرَّجُل طُول عُمْرِكَ أَوْ عُمْرِهِ (14) .
وَاصْطِلاَحًا هِيَ: جَعْل شَخْصٍ دَارَهُ لِشَخْصٍ مُدَّةَ عُمْرِ ذَلِكَ الشَّخْصِ، بِشَرْطِ رُجُوعِ الدَّارِ إِلَى الْمُعْمِرِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ إِذَا مَاتَ الْمُعْمِرُ وَالشَّخْصُ الْمُعْمَرُ لَهُ (15) . وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْعُمْرَى وَالْهَدِيَّةِ أَنَّهُمَا تَمْلِيكُ شَيْءٍ بِلاَ عِوَضٍ لَكِنَّ الْهَدِيَّةَ غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ بِزَمَنٍ مَا، وَالْعُمْرَى تَتَوَقَّتُ بِحَيَاةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ.

مَشْرُوعِيَّةُ الْهَدِيَّةِ:
8 - لاَ خِلاَفَ بَيْنِ الْفُقَهَاءِ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْهَدِيَّةِ، بَل وَلاَ خِلاَفَ فِي اسْتِحْبَابِهَا فِي الأَْصْل إِلاَّ لِعَارِضٍ، وَدَلِيل مَشْرُوعِيَّتِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ وَإِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ.
فَمِنَ الْكِتَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (16) } ، وَقَوْلُهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {وَآتَى الْمَال عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى (17) } الآْيَةَ. وَمِنَ السُّنَّةِ الْقَوْلِيَّةِ قَوْلُهُ ﷺ: يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ، لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ (18) ، وَقَوْلُهُ ﷺ: لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لأََجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ (19) ، وَخَبَرُ: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقْبَل الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا (20) ، وَقَال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: تَهَادُوا تَحَابُّوا (21) .
وَمِنَ السُّنَّةِ الْعَمَلِيَّةِ: قَبُولُهُ ﷺ هَدِيَّةَ الْمُقَوْقِسِ الْكَافِرِ (22) ، وَقَبُولُهُ ﷺ هَدِيَّةَ النَّجَاشِيِّ الْمُسْلِمِ وَتَصَرُّفُهُ فِيهَا وَمُهَادَاتُهُ (23) .
وَأَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا وَاسْتِحْبَابِهَا. وَصَرْفُهَا إِلَى الْجِيرَانِ وَالأَْقَارِبِ أَفْضَل مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِمْ.
وَلاَ يَحْتَقِرُ الْمُهْدِي وَالْمُهْدَى إِلَيْهِ الْقَلِيل، فَيَمْتَنِعُ الأَْوَّل مِنْ إِهْدَائِهِ، وَالثَّانِي مِنْ قَبُولِهِ؟ لِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ (24) .

شُرُوطُ الْهَدِيَّةِ:
9 - الْهَدِيَّةُ إِحْدَى أَنْوَاعِ الْهِبَةِ فَتَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُهَا وَشُرُوطُهَا (25) ، وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (هِبَة) . 10 - وَلاَ يُشْتَرَطُ فِي الْهَدِيَّةِ: صِيغَةٌ بَل يَكْفِي الْبَعْثُ مِنَ الْمُهْدِي وَقَبْضُ الْمُهْدَى إِلَيْهِ، فَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول، كَمَا جَرَتْ أَعْرَافُ النَّاسِ فِي الأَْعْصَارِ وَالأَْزْمَانِ.
وَقَدْ أَهْدَى الْمُلُوكُ إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ الْكِسْوَةَ وَالدَّوَابَّ وَالْجَوَارِيَ، وَلَمْ يُنْقَل إِيجَابٌ وَلاَ قَبُولٌ (26) .
11 - وَلاَ يَمْلِكُ الْمُهْدَى إِلَيْهِ الْهَدِيَّةَ إِلاَّ بِالْقَبْضِ بِإِذْنِ الْمُهْدِي أَوْ وَارِثِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ قَبْل الْقَبْضِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (هِبَة ف 27 - 30) .

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْهَدِيَّةِ:
تَتَعَلَّقُ بِالْهَدِيَّةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:

أ - الرُّجُوعُ فِي الْهَدِيَّةِ:
12 - لِلْمُهْدِي الرُّجُوعُ فِي الْهَدِيَّةِ قَبْل الْقَبْضِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، أَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ (27) . يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (هِبَة ف 21) .

ب - وِعَاءُ الْهَدِيَّةِ:
13 - قَال الْحَنَفِيَّةُ كَمَا جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: رَجُلٌ بُعِثَ إِلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ فِي إِنَاءٍ أَوْ ظَرْفٍ هَل يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا فِي ذَلِكَ الإِْنَاءِ إِنْ كَانَ ثَرِيدًا أَوْ نَحْوَهُ؟ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا فِي ذَلِكَ الإِْنَاءِ لأَِنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ دَلاَلَةً؛ لأَِنَّهُ إِذَا جَعَلَهُ فِي إِنَاءٍ آخَرَ ذَهَبَتْ لَذَّتُهُ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنَ الْفَوَاكِهِ أَوْ نَحْوِهَا إِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ يُبَاحُ لَهُ أَيْضًا وَإِلاَّ فَلاَ، وَيُقَال: إِذَا بُعِثَ إِلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ فِي ظَرْفٍ أَوْ إِنَاءٍ وَمِنَ الْعَادَةِ رَدُّ الظَّرْفِ وَالإِْنَاءِ لَمْ يَمْلِكِ الظَّرْفَ وَالإِْنَاءَ، وَذَلِكَ كَالْقِصَاعِ وَالْجِرَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعَادَةِ أَنْ لاَ يَرُدَّ الظَّرْفَ كَقَوَاصِرِ التَّمْرِ فَالظَّرْفُ هَدِيَّةٌ أَيْضًا لاَ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ.
ثُمَّ إِذَا لَمْ يَكُنِ الظَّرْفُ هَدِيَّةً كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُهْدَى إِلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي غَيْرِ الْهَدِيَّةِ وَلَهُ أَنْ يَأْكُل الْهَدِيَّةَ فِيهِ إِذَا لَمْ تَقْتَضِ الْعَادَةُ تَفْرِيغَهُ فَإِنِ اقْتَضَتْ تَفْرِيغَهُ وَتَحْوِيلَهُ عَنْهُ لَزِمَهُ تَفْرِيغُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ (28) .
وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَاتِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ وِعَاءَ الْهَدِيَّةِ يُرَدُّ إِلَى الْمُهْدِي (29) . وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِذَا بَعَثَ شَخْصٌ لآِخَرَ هَدِيَّةً فِي وِعَاءٍ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ كَقَوْصَرَةِ التَّمْرِ فَالْوِعَاءُ هَدِيَّةٌ أَيْضًا كَالَّذِي فِي الظَّرْفِ تَحْكِيمًا لِلْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ، وَإِنْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ أَوِ اضْطَرَبَتِ الْعَادَةُ فَلاَ يَكُونُ هَدِيَّةً، بَل أَمَانَةً فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ، وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ إِلاَّ فِي أَكْل الْهَدِيَّةِ مِنْهُ، إِنِ اقْتَضَتْهُ الْعَادَةُ عَمَلاً بِهَا وَتَكُونُ عَارِيَةً حِينَئِذٍ (30) .

ج - هَدَايَا الْخِتَانِ وَالزِّفَافِ:
14 - إِذَا عَمِل أَحَدٌ دَعْوَةً لِخِتَانِ وَلَدِهِ فَأَهْدَى الْمَدْعُوُّونَ هَدَايَا وَوَضَعُوهَا بَيْنَ يَدَيْهِ: قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ مِمَّا يَصْلُحُ لِلصِّبْيَانِ مِثْل ثِيَابِ الصِّبْيَانِ، أَوْ شَيْئًا يَسْتَعْمِلُهُ الصِّبْيَانُ فَهِيَ لِلصَّبِيِّ؛ لأَِنَّ مِثْلَهُ يَكُونُ هَدِيَّةً لِلصَّبِيِّ عَادَةً، وَإِنْ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَى الْمُهْدِي، فَإِنْ قَال: هِيَ لِلصَّغِيرِ كَانَتْ لِلصَّغِيرِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ: يُنْظَرُ إِنْ كَانَ الْمُهْدِي مِنْ أَقَارِبِ الأَْبِ أَوْ مَعَارِفِهِ فَهِيَ لِلأَْبِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الأُْمِّ أَوْ مَعَارِفِهَا فَهِيَ لِلأُْمِّ (31) .
15 - وَكَذَلِكَ إِنِ اتَّخَذَ الْوَلِيمَةَ لِزِفَافِ بِنْتِهِ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا فَأَهْدَى النَّاسَ هَدَايَا فَهِيَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَرَابَةِ الأَْبِ أَوْ مِنْ قَرَابَةِ الأُْمِّ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ كَانَ الْمُهْدِي مِنْ مَعَارِفِ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ أَقَارِبِهِ أَوْ مِنْ مَعَارِفِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْ أَقَارِبِهَا، إِلاَّ إِذَا بَيَّنَ الْمُهْدِي وَقَال: أَهْدَيْتُ لِهَذَا أَوْ لِهَذَا فَيَكُونُ الْقَوْل قَوْلَهُ.
وَقَال بَعْضُهُمْ: فِي الأَْحْوَال كُلِّهَا تَكُونُ الْهَدِيَّةُ لِلْوَالِدِ؛ لأَِنَّهُ هُوَ الَّذِي اتَّخَذَ الْوَلِيمَةَ (32) .
وَقَال بَعْضُهُمْ: تَكُونُ لِلْوَلَدِ لأَِنَّ الْوَالِدَ اتَّخَذَ الْوَلِيمَةَ لأَِجْل الْوَلَدِ، وَلاَ يُعْتَبَرُ قَوْل الْمُهْدِي عِنْدَ الإِْهْدَاءِ: أَهْدَيْتُ لِلْوَالِدِ؛ لأَِنَّ الْوَالِدَ أَوْ صَاحِبَ الْوَلِيمَةِ إِذَا كَانَ رَجُلاً عَظِيمًا مُحْتَرَمًا يَقُول الْمُهْدِي عَادَةً: هَذَا لِخِدْمَتِكُمْ.
قَال النَّابُلُسِيُّ: وَالاِعْتِمَادُ عَلَى مَا قُلْنَا أَوَّلاً. وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ إِنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَجَاءَ بِالتُّحَفِ إِلَى مَنْ نَزَل عِنْدَهُ وَقَال: اقْسِمْ هَذَا بَيْنَ أَوْلاَدِكَ وَامْرَأَتِكَ وَنَفْسِكَ، فَإِنْ أَمْكَنَ الرُّجُوعُ إِلَى بَيَانِ الْمُهْدِي فَالْقَوْل قَوْلُهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ فَمَا يَصْلُحُ لِلرِّجَال فَلَهُ وَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلزَّوْجَةِ وَمَا يَصْلُحُ لِلصِّغَارِ مِنَ الإِْنَاثِ فَهُوَ لَهُنَّ وَمَا يَصْلُحُ لِلصِّغَارِ مِنَ الذُّكُورِ فَهُوَ لَهُمْ، وَمَا يَصْلُحُ لِكِلَيْهِمَا يُنْظَرُ إِلَى الْمُهْدِي: فَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الرَّجُل أَوْ مَعَارِفِهِ فَلَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْ مَعَارِفِهَا فَلَهَا، فَإِذَنِ التَّعْوِيل عَلَى الْعَادَةِ تَحْقِيقُ الْقَضِيَّةِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ لِعَبْدِ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيِّ ص 114 - 116، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ 4 / 383.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْهَدَايَا الْمَحْمُولَةُ عِنْدَ الْخِتَانِ مِلْكٌ لِلأَْبِ. وَقَال جَمْعٌ: هِيَ لِلاِبْنِ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْل يَقْبَل لَهُ الأَْبُ وُجُوبًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَبُولِهِ مَحْذُورٌ، وَمِنَ الْمَحْذُورِ أَنْ يَقْصِدَ الْمُهْدِي التَّقَرُّبَ لِلأَْبِ وَهُوَ قَاضٍ وَنَحْوُهُ مِنْ أَرْبَابِ الْوِلاَيَاتِ وَالْعُمَّال فَحِينَئِذٍ لاَ يَجُوزُ لَهُ الْقَبُول لِنَفْسِهِ وَلاَ لِلاِبْنِ، وَمَحَل الْخِلاَفِ إِذَا أَطْلَقَ الْمُهْدِي فَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا فَإِنْ عَيَّنَهُ فَهِيَ لِمَنْ قَصَدَهُ اتِّفَاقًا (33) .

د - الْهَدَايَا أَثْنَاءَ الْخِطْبَةِ:
16 - إِذَا أَهْدَى الْخَاطِبُ إِلَى مَخْطُوبَتِهِ أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ لَمْ يَتِمَّ الزَّوَاجُ، فَفِي الرُّجُوعِ بِالْهَدِيَّةِ وَالنَّفَقَةِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (خُطْبَة ف 39) . هـ - أَقْسَامُ الْهَدِيَّةِ:
17 - الْهَدِيَّةُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ كَمَا جَاءَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَقْلاً عَنْ أَقْضِيَةِ مُحَمَّدٍ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ:
أ - حَلاَلٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ كَالإِْهْدَاءِ لِلتَّوَدُّدِ.
ب - وَحَرَامٌ مِنْهُمَا كَالإِْهْدَاءِ لِيُعِينَهُ عَلَى ظُلْمٍ.
ج - وَحَرَامٌ عَلَى الآْخِذِ فَقَطْ وَهِيَ أَنْ يُهْدِيَهُ لِيَكُفَّ عَنْهُ الظُّلْمَ.
د - أَنْ يَدْفَعَهُ لِدَفْعِ الْخَوْفِ مِنَ الْمُهْدِي إِلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عِيَالِهِ أَوْ عِرْضِهِ، فَهَذِهِ حَلاَلٌ لِلدَّافِعِ حَرَامٌ عَلَى الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ، فَإِنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنِ الْمُسْلِمِ وَاجِبٌ وَلاَ يَجُوزُ أَخْذُ الْمَال لِيَفْعَل الْوَاجِبَ (34) .
18 - وَمِنَ الْهَدَايَا الْمُحَرَّمَةِ: هَدَايَا الْعُمَّال وَأَرْبَابِ الْوِلاَيَاتِ مِنْ قَاضٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ وَظَائِفَ عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً أَمْ تَمَّتْ فِي صُورَةِ مُحَابَاةٍ.
وَلاَ يَجُوزُ لِلْقَاضِي وَنَحْوِهِ قَبُول هَدِيَّةٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا، وَإِنْ تَأَذَّى الْمُهْدِي بِالرَّدِّ يُعْطَى قِيمَتَهَا. وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا لِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ بُعْدِ مَكَانِهِ وُضِعَ فِي بَيْتِ الْمَال (35) إِلَى أَنْ يَحْضُرَ صَاحِبُهَا فَيُدْفَعَ إِلَيْهِ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ، هَذَا إِذَا أَهْدَاهُ مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ، أَوْ مَنْ لاَ خُصُومَةَ لَهُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُهْدَى إِلَيْهِ قَبْل الْوِلاَيَةِ؛ لأَِنَّهُ فِي حَالَةِ وُجُودِ الْخُصُومَةِ تَدْعُو إِلَى الْمَيْل، وَفِي حَالَةِ عَدَمِهَا فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ سَبَبَ الإِْهْدَاءِ الْعَمَل (36) . (ر: قَضَاء ف 35) .
وَيَجُوزُ لَهُ قَبُول الْهَدِيَّةِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ صَدِيقٍ كَانَ يُهْدَى لَهُ قَبْل الْوِلاَيَةِ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ خُصُومَةٌ حَاضِرَةٌ أَوْ مُرْتَقَبَةٌ، وَكَانَتِ الْهَدِيَّةُ بِالْقَدْرِ الَّذِي كَانَ يُهْدِيهِ قَبْل الْوِلاَيَةِ أَوِ التَّرْشِيحِ، لاِنْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ، بِخِلاَفِهَا بَعْدَ التَّرْشِيحِ أَوْ مَعَ الزِّيَادَةِ، فَيَحْرُمُ الْكُل إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ بِالْوَصْفِ، كَأَنْ كَانَ يُهْدَى أَثْوَابًا مِنَ الْكَتَّانِ، فَأُهْدِيَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْوِلاَيَةِ الْحَرِيرُ.
وَسَائِرُ الْعُمَّال مِمَّنْ يَتَوَلَّوْنَ وِلاَيَةً عَامَّةً كَالْقَاضِي فِي حُرْمَةِ الْهَدِيَّةِ وَنَحْوِهَا عَلَيْهِمْ وَمِنْهُمْ مَشَائِخُ الأَْسْوَاقِ وَالْبُلْدَانِ وَالْقُرَى وَمُبَاشِرُو الأَْوْقَافِ وَكُل مَنْ يَعْمَل لِلْمُسْلِمِينَ عَمَلاً حُكْمُهُ فِي الْهَدِيَّةِ حُكْمُ الْقَاضِي (37) .
وَالأَْصْل فِي حُرْمَةِ قَبُول هَؤُلاَءِ الْهَدَايَا قَوْلُهُ ﷺ: هَدَايَا الْعُمَّال غُلُولٌ (38) ، وَفِي لَفْظٍ: هَدَايَا السُّلْطَانِ سُحْتٌ (39) ، وَوَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ " اسْتَعْمَل رَجُلاً مِنَ الأَْسْدِ يُقَال لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَال: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي أُهْدِيَ لِي. فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ: فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَال: " مَا بَال عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُول: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي؟ أَفَلاَ قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لاَ؟ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَنَال أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عَفْرَتَيْ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ قَال: اللَّهُمَّ هَل بَلَّغْتُ؟ مَرَّتَيْنِ (40) .

و خِلَعُ الْمُلُوكِ عَلَى مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الْهَدِيَّةُ:
19 - بَحَثَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ أَنَّ خِلَعَ الْمُلُوكِ الَّتِي مِنْ أَمْوَالِهِمْ لَيْسَتْ كَالْهَدِيَّةِ، فَيَجُوزُ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ قَبُول الْهَدِيَّةِ أَنْ يَقْبَلَهَا بِشَرْطِ اعْتِيَادِهَا لِمْثِلِهِ، وَأَنْ لاَ يَتَغَيَّرَ قَلْبُهُ عَنِ التَّصْمِيمِ عَلَى الْحَقِّ (41) .
وَجَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ: إِنَّ الْقَاضِيَ لاَ يَقْبَل الْهَدِيَّةَ إِلاَّ مِنْ أَرْبَعٍ: السُّلْطَانِ، وَالْبَاشَا وَهُوَ حَاكِمُ بَلَدِهِ، وَقَرِيبِهِ ذِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ، وَمَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِذَلِكَ بِقَدْرِ عَادَتِهِ وَلاَ خُصُومَةَ لَهُمَا (42) . وَسَائِرُ الْعُمَّال فِي ذَلِكَ كَالْقَاضِي (43) .

ز - قَبُول الإِْمَامِ الْهَدِيَّةَ:
20 - لَيْسَ لِلإِْمَامِ قَبُول الْهَدِيَّةِ لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ: وَمِنْهَا خَبَرُ: هَدَايَا السُّلْطَانِ سُحْتٌ (44) ؛ وَلأَِنَّ قَبُول الْهَدِيَّةِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ النَّبِيِّ ﷺ فَإِنْ أُجِيزَ لِلإِْمَامِ لَمْ تَكُنْ خُصُوصِيَّتَهُ (45) .
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (الإِْمَامَة الْكُبْرَى ف 28، وَرِشْوَة ف 9) .

ح - هَدِيَّةُ الْمُفْتِي وَالْوَاعِظِ وَمُعَلِّمِ الْقُرَآنِ وَالْعِلْمِ:
21 - ذَهَبَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَحْرُمُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْوَاعِظِ وَمُعَلِّمِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ الْهَدِيَّةُ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَهْلِيَّةُ الإِْلْزَامِ؛ وَلَكِنَّ الأَْوْلَى فِي حَقِّهِمْ إِنْ كَانَ سَبَبُ الْهَدِيَّةِ مُقَابِل مَا يَحْصُل مِنْهُمْ مِنَ الإِْفْتَاءِ، وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ عَدَمُ الْقَبُول لِيَكُونَ عَمَلُهُمْ خَالِصًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَإِنْ أُهْدِيَ إِلَيْهِمْ تَحَبُّبًا وَتَوَدُّدًا لِعِلْمِهِمْ وَصَلاَحِهِمْ فَالأَْوْلَى الْقَبُول.
أَمَّا إِذَا أَخَذَ الْمُفْتِي الْهَدِيَّةَ لِيُرَخِّصَ فِي الْفَتْوَى، فَإِنْ كَانَ بَاطِلاً فَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ يُبَدِّل أَحْكَامَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَشْتَرِي بِهَا ثَمَنًا قَلِيلاً، وَإِنْ كَانَ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً (46) . انْظُرْ مُصْطَلَحَ (فَتْوَى ف 35) .

ط - هَدَايَا الرَّعَايَا بَعْضِهِمْ بَعْضًا:
22 - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْهَدَايَا بَيْنَ الرَّعَايَا بَعْضِهِمْ بَعْضًا إِنْ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ لِطَلَبٍ آجِلٍ أَوْ عَاجِلٍ هُوَ مَالٌ أَوْ مَوَدَّةٌ فَهُوَ جَائِزٌ، وَفِي بَعْضِ الصُّوَرِ مُسْتَحَبٌّ، وَإِنْ كَانَتْ لأَِجْل شَفَاعَةٍ فَإِنْ كَانَتِ الشَّفَاعَةُ فِي مَحْظُورٍ لِطَلَبِ الْمَحْظُورِ، أَوْ إِسْقَاطِ حَقٍّ، أَوْ مَعُونَةٍ عَلَى ظُلْمٍ فَقَبُولُهَا حَرَامٌ.
وَإِنْ كَانَتْ فِي مُبَاحٍ لاَ يَلْزَمُهُ، فَإِنْ شَرَطَا هَدِيَّةً عَلَى الْمَشْفُوعِ لَهُ فَقَبُولُهَا مَحْظُورٌ، وَكَذَلِكَ إِنْ قَال الْمُهْدِي: هَذِهِ الْهَدِيَّةُ جَزَاءُ شَفَاعَتِكَ فَقَبُولُهَا مَحْظُورٌ أَيْضًا. وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا الشَّافِعُ وَأَمْسَكَ الْمُهْدِي عَنْ ذِكْرِ الْجَزَاءِ فَإِنْ كَانَ مُهْدِيًا لَهُ قَبْل الشَّفَاعَةِ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ الْقَبُول، وَإِلاَّ كُرِهَ لَهُ الْقَبُول إِنْ لَمْ يُكَافِئْهُ، وَإِنْ كَافَأَهُ لَمْ يُكْرَهْ (47) .

ي - الْهَدِيَّةُ بِاسْمِ النَّيْرُوزِ:
23 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الإِْهْدَاءُ بِاسْمِ النَّيْرُوزِ كَأَنْ يَقُول عِنْدَ الإِْهْدَاءِ: هَذَا هَدِيَّةُ النَّيْرُوزِ وَالْمَهْرَجَانِ، وَمِثْل الْقَوْل النِّيَّةُ، وَالنَّيْرُوزُ أَوَّل الرَّبِيعِ وَالْمَهْرَجَانُ أَوَّل الْخَرِيفِ، وَهُمَا يَوْمَانِ يُعَظِّمُهُمَا بَعْضُ الْكُفَّارِ وَيَتَهَادُونَ فِيهِمَا.
وَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَهُمَا كَمَا يُعَظِّمُهُمَا الْكَفَرَةُ كَفَرَ (48) .

ك - قَبُول الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ:
24 - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَحْرُمُ قَبُول الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ إِلاَّ مَا عَلِمَ حُرْمَتَهُ بِعَيْنِهِ (49) . ل - هَدَايَا الْكُفَّارِ لِلْمُسْلِمِينَ: 25 - إِنْ أَهْدَى الْكُفَّارُ لِمُسْلِمٍ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَتْ فِي أَثْنَاءِ الْحَرْبِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ، أَمَّا مَا أَهْدَوْهُ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِفَيْءٍ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ، بَل هُوَ لِمَنْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ (50) .

م - الْهَدِيَّةُ لِخَوْفٍ أَوْ حَيَاءٍ:
26 - يَحْرُمُ قَبُول الْهَدِيَّةِ إِذَا كَانَتْ لِخَوْفٍ أَوْ حَيَاءٍ؛ لأَِنَّهَا فِي حُكْمِ الْغَصْبِ (51) .
__________
(1) الْمِصْبَاح الْمُنِير.
(2) قَوَاعِد الْفِقْهِ لِلْبَرَكَتِي، وحاشية ابْن عَابِدِينَ 5 / 687 ط الْحَلَبِيّ، والشرح الصَّغِير 4 / 139، 140، وحاشية إِعَانَة الطَّالِبِينَ 3 / 145، ومغني الْمُحْتَاج 2 / 396، 397، وروض الطَّالِب 2 / 477، وَالْمَحَلِّيّ 3 / 111، والمغني 5 / 649.
(3) الْمِصْبَاح الْمُنِير.
(4) مُغْنِي الْمُحْتَاج 2 / 396 - 397، والمحلي 3 / 111، ورد الْمُحْتَار 4 / 508، والشرح الصَّغِير 4 / 139 - 140، والمغني 5 / 651.
(5) مُغْنِي الْمُحْتَاج 2 / 396، 397، والمحلي 3 / 111.
(6) الْمِصْبَاح الْمُنِير.
(7) فَتْح الْمُعِين 3 / 198، وحاشية الْقَلْيُوبِيّ 3 / 156.
(8) الْمِصْبَاح الْمُنِير.
(9) مُغْنِي الْمُحْتَاج 2 / 376.
(10) تَاج الْعَرُوسِ.
(11) رَوَّضَ الطَّالِبُ 2 / 324.
(12) الْمِصْبَاح المنير ومختار الصِّحَاح.
(13) التَّعْرِيفَات، وقواعد الْفِقْه لِلْبَرَكَتِي.
(14) لِسَان الْعَرَبِ، ومختار الصِّحَاح، والمغرِب فِي تَرْتِيبِ الْمُعْرِبِ.
(15) لِسَان الْعَرَبِ، ومختار الصِّحَاح، والمغرب فِي تَرْتِيبِ الْمُعْرِبِ، والمغني 5 / 686.
(16) سُورَة النِّسَاء / 4.
(17) سُورَةُ الْبَقَرَةِ 177.
(18) حَدِيث: " يَا نِسَاء الْمُسْلِمَاتِ لاَ تُحَقِّرْنَ جَارَّة لِجَارَتِهَا. . . ". أَخْرَجَهُ البخاري (فَتْح الْبَارِي 5 / 197 ط السَّلَفِيَّة) ، ومسلم (2 / 714 ط الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(19) حَدِيث: " لَوْ دُعِيَتْ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كَرَاعٍ لأََجَبْت. . . ". أَخْرَجَهُ البخاري (فَتْح الْبَارِي 5 / 199 ط السَّلَفِيَّة) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(20) حَدِيث: " كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقْبَل الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا " أَخْرَجَهُ البخاري (فَتْح الْبَارِي 5 / 210 ط السَّلَفِيَّة) مِنْ حَدِيثِ عَائِشَة.
(21) حَدِيث: " تَهَادَوْا تُحَابُوا " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي الأَْدَبِ الْمُفْرِدِ (ص 208) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وحسن إِسْنَاده ابْن حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ (3 / 163 ط دَار الْكُتُبِ الْعِلْمِيَّةِ) .
(22) حَدِيث: قَبُولُهُ ﷺ هَدِيَّة الْمُقَوْقِسُ الْكَافِرُ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلاَئِل النُّبُوَّةِ (4 / 395 - 396 ط دَار الْكُتُبِ الْعِلْمِيَّةِ) .
(23) حَدِيث: قَبُولُهُ ﷺ هَدِيَّة النَّجَاشِيّ. أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ الأَْصْبَهَانِيّ فِي كِتَاب أَخْلاَقِ النَّبِيِّ ﷺ (162 ط الْهِلاَلِيّ) مِنْ حَدِيثِ ابْن عَبَّاسٍ.
(24) رَوَّضَ الطَّالِبُ 2 / 478، ومغني الْمُحْتَاج 2 / 396، وابن عَابِدِينَ 4 / 508.
(25) مُغْنِي الْمُحْتَاج 2 / 398، والمحلي عَلَى الْمِنْهَاجِ 3 / 111، والمغني 5 / 654، وابن عَابِدِينَ 4 / 508 - 509، والشرح الصَّغِير 4 / 141.
(26) الْمُغْنِي 5 / 651، وفتح الْمُعِين 3 / 145، ومغني الْمُحْتَاج 2 / 398، والمحلي شَرْح الْمِنْهَاج 3 / 111.
(27) فَتْح الْمُعِين 3 / 145، ومغني الْمُحْتَاج 2 / 400 - 401، والمحلي عَلَى الْمِنْهَاجِ 3 / 111، والمغني 5 / 651.
(28) الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 4 / 383.
(29) الْحَطَّاب 6 / 67.
(30) مُغْنِي الْمُحْتَاج 2 / 405، وفتح الْمُعِين 3 / 145، والإنصاف 7 / 164.
(31) الدَّرّ الْمُخْتَار وَحَاشِيَته لاِبْنِ عَابِدِينَ 4 / 513.
(32) تَحْقِيق الْقَضِيَّةِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ لِلنَّابْلُسِيِّ ص 114 - 116، والفتاوى الْهِنْدِيَّة 4 / 4383، وابن عَابِدِينَ عَلَى الدَّرِّ الْمُخْتَارِ 4 / 513.
(33) تُحْفَة الْمُحْتَاج بِهَامِش حَاشِيَتِي الشرواني وَابْن الْقَاسِم 6 / 316 ط دَارَ صَادِر، وروض الطَّالِب 2 / 479.
(34) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 4 / 303.
(35) ابْن عَابِدِينَ 4 / 310 - 311، وروض الطَّالِب 4 / 300، والمحلي 4 / 303، وكشاف الْقِنَاع 6 / 316.
(36) ابْن عَابِدِينَ 4 / 310 - 311، وروض الطَّالِب 4 / 300، وتحفة الْمُحْتَاج 10 / 137، والمحلي وَحَاشِيَته الْقَلْيُوبِيّ 4 / 302 - 303، وكشاف الْقِنَاع 6 / 316 - 317، والشرح الصَّغِير 4 / 192، وتبيين الْحَقَائِق 4 / 178.
(37) ابْن عَابِدِينَ 4 / 310، وروض الطَّالِب 4 / 300، وتحفة الْمُحْتَاج 10 / 137، والمحلي وَحَاشِيَته الْقَلْيُوبِيّ 4 / 302 - 303، وكشاف الْقِنَاع 6 / 316 - 317، والشرح الصَّغِير 4 / 192، وتبيين الْحَقَائِق 4 / 178.
(38) حَدِيث: " هَدَايَا الْعُمَّال غُلُول " أَخْرَجَهُ أَحْمَد (5 / 424 ط الْمَيْمَنَة) . وأورده الهيثمي فِي الْمَجْمَعِ (4 / 151 ط مَكْتَبَة الْقُدْسِيّ) ، وَقَال: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِيرِ وَأَحْمَد مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش عَنْ أَهْل الْحِجَازِ وَهِيَ ضَعِيفَة.
(39) حَدِيث: " هَدَايَا السُّلْطَان سُحْت " أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي تَلْخِيصِ الْمُتَشَابِهِ (1 / 331، ط طلاس) مِنْ حَدِيثِ أَنَس.
(40) حَدِيث: " أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ اسْتَعْمَل رَجُلاً مِنَ الأَْسَدِ. . " أَخْرَجَهُ البخاري (الْفَتْح 13 / 189 ط السَّلَفِيَّة) ومسلم (3 / 1463 ط الْحَلَبِيّ) ، وَاللَّفْظ لِمُسْلِم
(41) تُحْفَة الْمُحْتَاج 10 / 137، والمحلي عَلَى الْمِنْهَاجِ 4 / 302 - 303، وروض الطَّالِب 4 / 300 - 301، ورد الْمُحْتَار 4 / 310 - 311، وكشاف الْقِنَاع 6 / 317
(42) الدَّرّ الْمُخْتَار وَحَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 4 / 310 - 311، والبحر الرَّائِق 6 / 305.
(43) رَدّ الْمُحْتَارِ 4 / 311، والبحر الرَّائِق 6 / 305، والعقد الْمُنَظِّم لِلْحُكَّامِ فِيمَا يَجْرِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْعُقُودِ وَالأَْحْكَام لاِبْنِ سَلَمُون 2 / 193، وتحفة المحتاج10 / 137.
(44) حَدِيث: " هَدَايَا السُّلْطَان. . . ". سَبَقَ تَخْرِيجه ف 18.
(45) رَدّ الْمُحْتَارِ 4 / 311، والبحر الرَّائِق 6 / 305، والعقد الْمُنَظِّم لِلْحُكَّامِ فِيمَا يَجْرِي بَيْنَ الْعُقُودِ وَالأَْحْكَام لاِبْنِ سَلَمُون 2 / 193
(46) الْعَقْد الْمُنَظِّم لِلْحُكَّامِ 2 / 194، وحاشيتا الشرواني وَابْن قَاسِم عَلَى تُحْفَة الْمُحْتَاج 10 / 138، وكشاف الْقِنَاع 6 / 301، وحاشية ابْن عَابِدِينَ 4 / 311.
(47) حَاشِيَة أَحْمَد الرَّمْلِيّ الْكَبِيرِ عَلَى رَوَّضَ الطَّالِبُ 4 / 300
(48) الدَّرّ الْمُخْتَار وَحَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 5 / 481
(49) حَاشِيَة الْقَلْيُوبِيّ 4 / 262
(50) مُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 93، ونهاية الْمُحْتَاج 6 / 133 - 134، وتحفة الْمُحْتَاج 7 / 130، وحاشية ابْن عَابِدِينَ 3 / 228
(51) حَاشِيَة الْقَلْيُوبِيّ 3 / 296

الموسوعة الفقهية الكويتية: 252/ 42