السبوح
كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...
أن يَكونَ القِياسُ على غَيْرِ الهَيْئَةِ الصَّالِحَةِ لأَخْذِ الحُكْمِ مِنْهُ.
فَسادُ الوَضْعِ مِن الاعتِراضات التي يُمكِن استِعمالُها على الاسْتِدلالِ بالقِياسِ، ومَعناه: أن يُبَيِّنَ المُعْتَرِضُ أنَّ القِياسَ لم يَكُن على الهَيْئَةِ الصَّالِحَةِ لاِعْتِبارِهِ في تَرْتِيبِ الحُكْمِ، أي: إِثْباتُ أنّ ما جَعَلَهُ المُسْتَدِلُّ عِلَّةً لِلْحُكْمِ يَدُلُّ على نَقيضِ الحُكْمِ المُرَتَّبِ عليه. ويَنْقَسِمُ قادِحُ فَسادِ الوَضْعِ إلى قِسْمَيْنِ: 1- أن يَكونَ الوَصْفُ الجامِعُ في القِياسِ قد ثَبَتَ اعْتِبارُهُ في نَقيضِ الحُكْمِ بِنَصٍّ أو إِجْماعٍ. مِثالُه: إذا قال المُسْتَدِلُ: مَسْحُ الرَّأْسِ مَسْحٌ فَاسْتُحِبَّ تَكْرارُهُ؛ قِياسًا على الاِسْتِجْمارِ بِالحَجَرِ، فيَقولُ المُعْتَرِضُ: قِياسُكَ هذا فاسِدُ الوَضْعِ؛ لأنَّهُ قد دَلَّ الدَّلِيلُ على ضِدِّ هذا الحُكْمِ بِنَفْسِ العِلَّةِ، وذلك في مَسْحِ الخُفِّ، حيث لا يُسْتَحَبُّ فيه التَّكْرارُ إِجْماعًا مع أنَّهُ مَسْحٌ. 2- أن يُرَتِّبَ المُسْتَدِلُّ على العِلَّةِ حُكْمًا هو ضِدُّ ما يَقْتَضِيهِ ذلك المَعْنَى. مِثالُهُ: قَوْلُ المُسْتَدِلِّ: مَن أَفْطَرَ في نَهارِ رَمَضانَ عامِداً فلا كَفّارَةَ عليه؛ قياساً على مَن أَفْطَرَ في السَّفَرِ، فَيقولُ المُعْتَرِضُ: قِياسُكَ هذا فاسِدُ الوَضْعِ؛ لأنَّ المُناسِبَ تَغْلِيظُ العُوبَةِ لا تَخْفِيفُها.
* الإحكام في أصول الأحكام : (4/76)
* البحر المحيط في أصول الفقه : (4/280)
* شرح الكوكب المنير : (2/201)
* التعريفات للجرجاني : (ص 214)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 260)
* إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول : (2/159)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 345)
* مسلم الثبوت : (2/346)
* حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع : (2/365) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْفَسَادُ فِي اللُّغَةِ: نَقِيضُ الصَّلاَحِ (1) ، وَالْوَضْعُ فِي اللُّغَةِ: ضِدُّ الرَّفْعِ (2) ، وَفِي الاِصْطِلاَحِ: عَرَّفَهُ الأُْصُولِيُّونَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنْ لاَ يَكُونَ الدَّلِيل عَلَى الْهَيْئَةِ الصَّالِحَةِ لاِعْتِبَارِهِ فِي تَرْتِيبِ الْحُكْمِ، كَتَرْتِيبِ الْحُكْمِ مِنْ وَضْعٍ يَقْتَضِي ضِدَّهُ، كَالضِّيقِ مِنَ التَّوَسُّعِ، وَالتَّخْفِيفِ مِنَ التَّغْلِيظِ، وَالإِْثْبَاتِ مِنَ النَّفْيِ
قَال ابْنُ السُّبْكِيِّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَمِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ كَوْنُ الْجَامِعِ ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ (3) ، فَفَسَادُ الْوَضْعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قِسْمَانِ: تَلَقِّي الشَّيْءِ مِنْ ضِدِّهِ أَوْ نَقِيضِهِ، وَكَوْنُ الْجَامِعِ ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ (4) . وَعَرَّفَ الأُْصُولِيُّونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ فَسَادَ الْوَضْعِ بِأَنَّهُ: ثُبُوتُ اعْتِبَارِ الْوَصْفِ الْجَامِعِ فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ (5) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - النَّقْضُ:
2 - النَّقْصُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ إِفْسَادُ مَا أَبْرَمْتَ مِنْ عَقْدٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ عَهْدٍ (6) . وَاصْطِلاَحًا: هُوَ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنِ الْعِلَّةِ، أَيْ ثُبُوتُ الْوَصْفِ فِي صُورَةٍ مَعَ عَدَمِ الْحُكْمِ فِيهَا (7) .
وَقَدْ صَرَّحَ الأُْصُولِيُّونَ بِوُجُودِ شَبَهٍ بَيْنَ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - وَهُوَ كَوْنُ الْجَامِعِ ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ وَالَّذِي هُوَ بِعَيْنِهِ تَعْرِيفُ الْحَنَفِيَّةِ - وَبَيْنَ النَّقْضِ.
فَفَسَادُ الْوَضْعِ يُشْبِهُ النَّقْضَ مِنْ حَيْثُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنِ الْوَصْفِ، إِلاَّ أَنَّ فِيهِ زِيَادَةً، وَهُوَ أَنَّ الْوَصْفَ هُوَ الَّذِي يُثْبِتُ النَّقِيضَ، وَفِي النَّقْضِ لاَ يُتَعَرَّضُ لِذَلِكَ، بَل يُكْتَفَى فِيهِ بِثُبُوتِ نَقِيضِ الْحُكْمِ مَعَ الْوَصْفِ، فَلَوْ قُصِدَ بِهِ ذَلِكَ لَكَانَ هُوَ النَّقْضَ (8) . ب - الْقَلْبُ:
3 - الْقَلْبُ فِي اللُّغَةِ: تَحْوِيل الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ، وَالْفُؤَادُ (9) .
وَالْقَلْبُ اصْطِلاَحًا: هُوَ دَعْوَى أَنَّ مَا اسْتُدِل بِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ عَلَيْهِ لاَ لَهُ إِنْ صَحَّ (10) .
وَيُشْبِهُ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْقَلْبَ، مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ إِثْبَاتُ نَقِيضِ الْحُكْمِ بِعِلَّةِ الْمُسْتَدِل، إِلاَّ أَنَّهُ يُفَارِقُهُ بِشَيْءٍ، وَهُوَ أَنَّ فِي الْقَلْبِ يَثْبُتُ نَقِيضُ الْحُكْمِ بِأَصْل الْمُسْتَدِل، وَهَذَا يَثْبُتُ بِأَصْلٍ آخَرَ، فَلَوْ ذَكَرَهُ بِأَصْلِهِ لَكَانَ هُوَ الْقَلْبَ (11) .
ج - الْقَدْحُ فِي الْمُنَاسَبَةِ:
4 - الْقَدْحُ فِي الْمُنَاسَبَةِ هُوَ إِبْدَاءُ مَفْسَدَةٍ رَاجِحَةٍ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا قُضِيَ عَلَى الْوَصْفِ بِالْمُنَاسَبَةِ أَوْ مُسَاوِيَةٍ لَهَا (12) .
وَيُشْبِهُ فَسَادُ الْوَضْعِ الْقَدْحَ فِي الْمُنَاسَبَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَنْفِي مُنَاسَبَةَ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ لِمُنَاسَبَتِهِ لِنَقِيضِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يُقْصَدُ هَاهُنَا بَيَانُ عَدَمِ مُنَاسَبَةِ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ، بَل بِنَاءُ نَقِيضِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فِي أَصْلٍ آخَرَ، فَلَوْ بَيَّنَ مُنَاسَبَتَهُ لِنَقِيضِ الْحُكْمِ بِلاَ أَصْلٍ كَانَ قَدْحًا فِي الْمُنَاسَبَةِ (13) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
5 - فَسَادُ الْوَضْعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الاِعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْعِلَل الْمُؤَثِّرَةِ (14) . وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ مِنَ الاِعْتِرَاضَاتِ الَّتِي تَرِدُ عَلَى الأَْدِلَّةِ عُمُومًا وَلاَ يَخْتَصُّ بِالْقِيَاسِ (15) ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ كَوْنُ الدَّلِيل لَيْسَ عَلَى الْهَيْئَةِ الصَّالِحَةِ لاِعْتِبَارِهِ فِي تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، بَل يَكُونُ صَالِحًا لِضِدِّ ذَلِكَ الْحُكْمِ أَوْ نَقِيضِهِ، وَذَلِكَ كَتَلَقِّي التَّخْفِيفِ مِنَ التَّغْلِيظِ، وَالتَّوْسِيعِ مِنَ التَّضْيِيقِ، وَالإِْثْبَاتِ مِنَ النَّفْيِ، وَالنَّفْيِ مِنَ الإِْثْبَاتِ.
وَالتَّفْصِيل فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير.
(2) لسان العرب.
(3) حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 365، 366، والبحر المحيط 5 / 319.
(4) حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 367.
(5) مسلم الثبوت 2 / 346، وكشف الأسرار 4 / 43.
(6) لسان العرب.
(7) حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 340، وحاشية التفتازاني على شرح العضد 2 / 268.
(8) حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 367، وحاشية التفتازاني على شرح العضد 1 / 261، ط الأميرية 1316 هـ، والتقرير والتحبير 3 / 268 ط الأميرية 1317هـ.
(9) لسان العرب.
(10) حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 356، والبحر المحيط 5 / 289.
(11) التقرير والتحبير 3 / 268.
(12) المرجع السابق 3 / 262.
(13) حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 367، وحاشية التفتازاني على شرح العضد 2 / 261، والتقرير والتحبير 3 / 268.
(14) التلويح على التوضيح 2 / 85.
(15) حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 365.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 129/ 32
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".