الحميد
(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...
اللُّحوقُ: إِدْراكُ الشَّيْءِ، يُقال: لَحِقَ بِهِ، لَحْقاً ولَحاقاً والْتِحاقاً: إذا أَدْرَكَهُ، وكُلُّ شَيْءٍ أَدْرَكَ شَيْئاً فهو لاحِقٌ بِهِ، وتَلاحَقَ القَوْمُ: أَدْرَكَ بَعْضُهُم بَعْضاً، واسْتَلْحَقَ فُلانٌ فُلاناً: طَلَبَ إِلْحاقَهُ بِهِ. والاسْتِلْحاقُ: الادِّعاءُ. ويأْتي اللُّحُوقُ بِمعنى الاتِّباعِ، والإِلْحاقُ: الإِتْباعُ والضَّمُّ والجَمْعُ. ومِن مَعانِيه أيضاً: البُلُوغُ، والانْضِمامُ، واللُّزُومُ، واللُّصُوقُ.
يُطْلَق مُصْطلَح (لُحوق) في الفِقْهِ في مَواضِعَ، منها: كتاب الجَنائِزِ، باب: زِيارَة المَقابِرِ، وكتاب الزَّكاةِ، باب: زَكاة بَهِيمَةِ الأَنْعامِ عند الكلام على إِلْحاقِ صِغارِ السَّائِمَةِ في الزَّكاةِ، وفي كتاب البُيوعِ، باب: بَيْع الأُصُولِ والثِّمارِ عند الكلام على لُحوقِ تَوابِعِ المَبِيعِ بِه في البَيْعِ، وكتاب الذَّبائِحِ، باب: شُروط الذَّكاةِ عند الكلام على إِلْحاقِ جَنِينِ المُذَكَّاةِ بِأُمِّهِ في الحِلِّ،، وكتاب الجِهادِ، باب: أَحْكام الجِهادِ عند الكلام على التِحاقِ الذِّمِّيِّ والمُرْتَدِّ بِدارِ الحَرْبِ، وغَيْر ذلك. ويُطلَق أيضاً في عِلمِ أُصُولِ الفِقْهِ، ويُراد بِه: أَخْذُ الفَرْعِ حُكْمَ الأَصْلِ لِوُجودٍ وَصْفٍ جامِعٍ بَيْنَهُما.
لحق
ثُبُوتُ نَسَبِ الوَلَدِ وضَمُّهُ لِمَن يُمْكِنُ أن يَكونَ منه لِسَبَبٍ مِن أَسْبابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ، كالنِّكاحِ الصَّحِيحِ ونَحْوِهِ.
اللُّحُوقُ بِمعناه العامّ: هو انْضِمامُ الشَّيْءِ إلى شَيْءٍ آخَرَ؛ إمَّا حَقِيقَةً كانْضِمامِ الشَّخْصِ إلى مَجْموعَةٍ مِن النَّاسِ في بَلَدٍ ما، وإمَّا حُكْماً كانْضِمامِ الابْنِ إلى نَسَبِ أَبِيهِ وثُبوتِ نَسَبِهِ له لِسَبَبٍ مِن أَسْبابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ، كالزَّواجِ الصَّحِيحِ أو الفاسِدِ، أو الإقْرارِ، أو نحوِ ذلك.
اللُّحوقُ: إِدْراكُ الشَّيْءِ، وكُلُّ شَيْءٍ أَدْرَكَ شَيْئاً فهو لاحِقٌ بِهِ، ويأْتي اللُّحُوقُ أيضاً بِمعنى الاتِّباعِ.
* مقاييس اللغة : (5/238)
* النهاية في غريب الحديث والأثر : (4/238)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (4/210)
* شرح حدود ابن عرفة : (2/190)
* الـمغني لابن قدامة : (6/428)
* شرح مختصر الروضة : (3/219)
* لسان العرب : (10/327)
* تاج العروس : (26/351)
* حاشية ابن عابدين : (4/465)
* حاشية الدسوقي على الشرح الكبير : (2/460)
* روضة الطالبين : (8/357)
* الـمغني لابن قدامة : (7/427) -
التَّعْرِيفُ:
1 - اللُّحُوقُ فِي اللُّغَةِ: الإِْدْرَاكُ، مِنْ لَحِقَ بِهِ لَحْقًا وَلَحَاقًا: أَدْرَكَهُ، وَكُل شَيْءٍ أَدْرَكَ شَيْئًا فَهُوَ لاَحِقٌ بِهِ (1) .
أَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ فَيَخْتَلِفُ مَعْنَاهُ بِاخْتِلاَفِ الأَْبْوَابِ الَّتِي يُسْتَعْمَل فِيهَا، وَيَسْتَعْمِل الْفُقَهَاءُ مَادَّةَ لَحِقَ وَمُشْتَقَّاتِهَا فِي مَسَائِل ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَالْتِحَاقِ الذِّمِّيِّ وَالْمُرْتَدِّ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَإِلْحَاقِ جَنِينِ الْمُذَكَّاةِ بِأُمِّهِ فِي الْحِل، وَإِلْحَاقِ صِغَارِ السَّائِمَةِ فِي الزَّكَاةِ، وَلُحُوقِ تَوَابِعِ الْمَبِيعِ بِهِ فِي الْبَيْعِ، كَمَا اسْتَعْمَلَهُ الأُْصُولِيُّونَ بِمَعْنَى الْقِيَاسِ وَهُوَ إِلْحَاقُ الْفَرْعِ بِالأَْصْل فِي الْحُكْمِ لِعِلَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللُّحُوقِ:
تَتَعَلَّقُ بِاللُّحُوقِ أَحْكَامٌ مِنْهَا: اللُّحُوقُ فِي النَّسَبِ:
2 - اللُّحُوقُ فِي النَّسَبِ هُوَ ثُبُوتُ نَسَبِ الْوَلَدِ، وَانْتِسَابِهِ لِمَنْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، لِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَأَسْبَابُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي:
أَوَلاَ - الزَّوَاجُ الصَّحِيحُ:
3 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي تَأْتِي بِهِ الْمَرْأَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ زَوَاجًا صَحِيحًا يَلْحَقُ زَوْجَهَا، لِحَدِيثِ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ (2) ، وَالْمُرَادُ بِالْفِرَاشِ الزَّوْجَةُ وَمَا فِي حُكْمِهَا، وَذَلِكَ بِالشُّرُوطِ الآْتِيَةِ:
أ - أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْحَمْل عَادَةً، بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَأَنْ يَبْلُغَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً عِنْدَ بَعْضٍ، وَعَشْرَ سَنَوَاتٍ عِنْدَ آخَرِينَ، فَلاَ يَلْحَقُ بِالزَّوْجِ إِنْ كَانَ طِفْلاً دُونَ التَّاسِعَةِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، كَمَا لاَ يَلْحَقُ بِالْمَجْبُوبِ وَهُوَ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ (3) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (جَبٌّ ف 9) .
ب - أَنْ تَأْتِيَ بِهِ فِي مُدَّةِ الْحَمْل سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ الزَّوَاجِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَمِنْ وَقْتِ إِمْكَانِ الْوَطْءِ عِنْدَ آخَرِينَ، فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لأَِقَل مِنَ الْحَدِّ الأَْدْنَى لِمُدَّةِ الْحَمْل لاَ يَلْحَقُهُ، وَكَذَا إِنْ أَتَتْ بِهِ لأَِكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْل مِنْ تَارِيخِ الْفِرَاقِ وَهِيَ سَنَتَانِ عِنْدَ الأَْحْنَافِ وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَأَرْبَعٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ، وَخَمْسٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنَّ أَقْصَى الْحَمْل تِسْعَةُ أَشْهُرٍ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (حَمْلٌ ف 6، 7) .
ج - إِمْكَانُ تَلاَقِي الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ جَرَى الْعَقْدُ وَالزَّوْجَانِ مُتَبَاعِدَانِ: أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ، وَالآْخَرُ بِالْمَغْرِبِ لَمْ يَلْحَقْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ (4) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نَسَبٌ) .
ثَانِيًا - النِّكَاحُ الْفَاسِدُ:
4 - النِّكَاحُ الْفَاسِدُ كَالصَّحِيحِ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (5) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نَسَبٌ، نِكَاحٌ) .
ثَالِثًا - الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ:
5 - إِنْ وَطِئَ امْرَأَةً لاَ زَوْجَ لَهَا بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ لَحِقَ نَسَبُهُ بِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَقَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَعَزَاهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ - مِنْهُمْ -: أَنَّهُ لاَ يَلْحَقُ بِهِ، لأَِنَّ النَّسَبَ لاَ يَلْحَقُ إِلاَّ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، أَوْ فَاسِدٍ، أَوْ مِلْكٍ، أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ، وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلأَِنَّهُ وَطْءٌ لاَ يَسْتَنِدُ إِلَى عَقْدٍ، فَلَمْ يُلْحَقِ الْوَلَدُ فِيهِ كَالزِّنَا.
وَقَال أَحْمَدُ: كُل مَنْ دَرَأْتَ عَنْهُ الْحَدَّ فِي وَطْءٍ أَلْحَقْتَ الْوَلَدَ بِهِ، وَلأَِنَّهُ وَطْءٌ اعْتَقَدَ الْوَاطِئُ حِلَّهُ، فَلَحِقَ بِهِ النَّسَبُ، وَإِنْ وَطِئَ ذَاتَ زَوْجٍ بِشُبْهَةٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ زَوْجُهَا، فَاعْتَزَلَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ حَتَّى أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ لَحِقَ الْوَاطِئَ (6) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نَسَبٌ، نِكَاحٌ) .
رَابِعًا - الإِْقْرَارُ أَوِ الاِسْتِلْحَاقُ:
6 - وَهُوَ مَعَ الصِّدْقِ وَاجِبٌ، وَمَعَ الْكَذِبِ: فِي إِلْحَاقِهِ أَوْ نَفْيِهِ حَرَامٌ، وَهُوَ نَوْعَانِ:
- إِقْرَارٌ عَلَى نَفْسِ الْمُقِرِّ.
- وَإِقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ.
وَالإِْقْرَارُ عَلَى نَفْسِ الْمُقِرِّ أَنْ يَقُول: هَذَا ابْنِي، أَوْ أَنَا أَبُوهُ، أَوْ هَذَا أَبِي، فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ اللُّحُوقِ بِهَذَا الإِْقْرَارِ: أ - أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا أَوْ قِنًّا أَوْ كَافِرًا. وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ الذُّكُورَةِ فِي الْمُقِرِّ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِقْرَارٌ ف 68) .
ب - أَنْ لاَ يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ، بِأَنْ كَانَ الْمُقِرُّ فِي سِنٍّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، فَإِنْ كَذَّبَهُ الْحِسُّ بِأَنْ يَكُونَ فِي سِنٍّ لاَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يُولَدَ لِمِثْلِهِ مِثْل الْمُسْتَلْحَقِ: بِأَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ مِنْهُ سِنًّا أَوْ يَكُونَ فِي سِنِّهِ، أَوْ طَرَأَ عَلَى الْمُسْتَلْحَقِ قَطْعُ ذَكَرِهِ وَأُنْثَيَيْهِ قَبْل إِمْكَانِ عُلُوقِ ذَلِكَ الْوَلَدِ لَمْ يَلْحَقْهُ (7) .
ج - أَلاَّ يُكَذِّبَهُ الشَّرْعُ، فَإِنْ كَذَّبَهُ: بِأَنْ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَلْحِقُ بِهِ، لأَِنَّ النَّسَبَ لاَ يَقْبَل النَّقْل.
د - وَأَنْ يُصَدِّقَ الْمُسْتَلْحِقَ إِنْ كَانَ أَهْلاً لِلتَّصْدِيقِ، فَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يَلْحَقْهُ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِيَمِينٍ، كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَإِنِ اسْتَلْحَقَ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا لَحِقَ بِهِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، مَا عَدَا التَّصْدِيقَ (8) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نَسَبٌ) . وَيَجُوزُ أَنَّ يَسْتَلْحِقَ مَيِّتًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا بِطَلَبِ الإِْرْثِ، أَوْ لِسُقُوطِ الْقَوَدِ (9) .
(ر: نَسَبٌ - إِقْرَارٌ ف 63) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ اسْتِلْحَاقُ مَنْفِيٍّ بِلِعَانِ وَلَدٍ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَال حَقِّ النَّافِي، إِذْ لِلْمُلاَعِنِ اسْتِلْحَاقُهُ بَعْدَ نَفْيِهِ، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لاَ يُؤَثِّرُ فِيهِ نَفْيُ قَائِفٍ وَلاَ انْتِسَابٌ يُخَالِفُ حُكْمَ الْفِرَاشِ (10) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (نَسَبٌ، لِعَانٌ ف 29 إِقْرَارٌ ف 63) .
7 - أَمَّا إِذَا أُلْحِقَ النَّسَبُ بِغَيْرِهِ مِمَّا يَتَعَدَّى النَّسَبُ مِنْهُ إِلَى نَفْسِهِ بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الأَْبُ كَهَذَا أَخِي، أَوْ بِثِنْتَيْنِ كَالأَْبِ وَالْجَدِّ كَهَذَا عَمِّي، أَوْ بِثَلاَثَةٍ: كَهَذَا ابْنُ عَمِّي لَحِقَ نَسَبُهُ مِنَ الْمُلْحَقِ بِهِ، لأَِنَّ الْوَارِثَ يَخْلُفُ مُوَرِّثَهُ فِي حُقُوقِهِ وَالنَّسَبُ مِنْهَا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ فِيمَا إِذَا أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ.
وَيُشْتَرَطُ زِيَادَةً عَلَى الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ: كَوْنُ الْمُلْحَقِ بِهِ مَيِّتًا، فَيَمْتَنِعُ الإِْلْحَاقُ بِالْحَيِّ، وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا، لأَِنَّهُ قَدْ يَتَأَهَّل، فَلَوْ أَلْحَقَ حَيًّا، ثُمَّ صَدَّقَهُ لَحِقَهُ بِتَصْدِيقِهِ دُونَ الإِْلْحَاقِ. (ر: إِقْرَارٌ ف 63، نَسَبٌ) . وَلاَ يُقِرُّ الْحَنَفِيَّةُ لُحُوقَ النَّسَبِ بِالإِْقْرَارِ بِوَاسِطَةِ الْغَيْرِ سَوَاءٌ كَانَ بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَسَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْمَقَرُّ بِنَسَبِهِ أَوْ كَذَّبَهُ، لأَِنَّ إِقْرَارَ الإِْنْسَانِ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ لاَ عَلَى غَيْرِهِ، لأَِنَّهُ عَلَى غَيْرِهِ شَهَادَةٌ أَوْ دَعْوَى، وَالدَّعْوَى الْمُفْرَدَةُ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ، وَشَهَادَةُ الْفَرْدِ فِيمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَال - وَهُوَ مِنْ بَابِ حُقُوقِ الْعِبَادِ - غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَالإِْقْرَارُ الَّذِي فِيهِ حَمْل نَسَبِ الْغَيْرِ عَلَى غَيْرِهِ - لاَ عَلَى نَفْسِهِ - شَهَادَةً أَوْ دَعْوَى، وَذَلِكَ لاَ يُقْبَل إِلاَّ بِحُجَّةٍ (11) (ر: نَسَبٌ، إِقْرَارٌ ف 63) .
خَامِسًا - الْقِيَافَةُ:
8 - لَوِ اسْتَلْحَقَ اثْنَانِ صَغِيرًا مَجْهُول النَّسَبِ وَلَمْ يَكُنْ لأَِحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ عُرِضَ عَلَى الْقَافَةِ فَيُلْحَقُ بِمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ مِنْهُمَا.
انْظُرْ: (لَقِيطٌ، قِيَافَةٌ) .
وَإِنِ اسْتَلْحَقَا بَالِغًا عَاقِلاً، وَوُجِدَتِ الشُّرُوطُ لَحِقَ بِمِنْ يُصَدِّقُهُ الْمُسْتَلْحَقُ، فَإِنْ سَكَتَ، وَلَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَافَةِ فَيُلْحَقُ بِمَنْ تُلْحِقُهُ بِهِ الْقَافَةُ (12) .
(ر: نَسَبٌ، إِقْرَارٌ ف 63، قِيَافَةٌ) . سَادِسًا - الشَّهَادَةُ:
9 - يَلْحَقُ النَّسَبُ بِالشَّهَادَةِ بِشُرُوطِهَا. انْظُرْ: (شَهَادَةٌ ف 29، 37، وَنَسَبٌ، وَتَسَامُعٌ ف 7 وَمَا بَعْدَهَا) .
سَابِعًا - الاِسْتِفْرَاشُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ
10 - إِذَا عَاشَرَ مَمْلُوكَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُدَّةِ الْحَمْل مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ لَحِقَهُ، بِهَذَا قَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ: لاَ تَصِيرُ فِرَاشًا حَتَّى يُقِرَّ بِوَلَدِهَا، فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ صَارَتْ فِرَاشًا لَهُ وَلَحِقَهُ أَوْلاَدُهَا بَعْدَ ذَلِكَ (13) . (ر: تَسَرِّي ف 18) .
لُحُوقُ الذِّمِّيِّ بِدَارِ الْحَرْبِ
11 - يُنْتَقَضُ عَهْدُ الذِّمَّةِ بِلُحُوقِ الذِّمِّيِّ بِدَارِ الْحَرْبِ، لأَِنَّهُ صَارَ بِلُحُوقِهِ دَارَ الْحَرْبِ حَرْبًا عَلَيْنَا، فَيَخْلُو عَقْدُ الذِّمَّةِ عَنِ الْفَائِدَةِ، وَهُوَ دَفْعُ شَرِّهِ عَنَّا.
(ر: أَهْل الذِّمَّةِ ف 42) .
لُحُوقُ الْمُرْتَدِّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَأَثَرُهُ فِي تَصَرُّفَاتِهِ
12 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ صَارَ الْبَيْعُ لاَزِمًا (14) ، وَإِنِ ارْتَدَّ فِي الْمُضَارَبَةِ رَبُّ الْمَال وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتِ الْمُضَارَبَةُ، لأَِنَّ اللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ هُوَ الْمُرْتَدَّ اللاَّحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَالْمُضَارَبَةُ عَلَى حَالِهَا، لأَِنَّ لَهُ عِبَارَةٌ صَحِيحَةٌ وَلاَ يُوقَفُ مِلْكُ رَبِّ الْمَال فَبَقِيَتِ الْمُضَارَبَةُ (15) .
وَإِنِ ارْتَدَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتِ الشَّرِكَةُ، لأَِنَّ الشَّرِكَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ، وَلاَ بُدَّ مِنْهَا لَتَحَقُّقِ الشَّرِكَةِ، وَاللُّحُوقُ بِدَارِ الْحَرْبِ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ (16) .
وَتَبْطُل الْوَكَالَةُ بِلُحُوقِ الْوَكِيل بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا لأَِنَّ الْوَكَالَةَ تَصَرُّفٌ غَيْرُ لاَزِمٍ فَيَكُونُ لِدَوَامِهِ حُكْمُ ابْتِدَائِهِ، فَلاَ بُدَّ مِنْ بَقَاءِ الأَْمْرِ فَبَطَل بِعَارِضِ الرِّدَّةِ، لأَِنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفَةٌ، فَكَذَا وَكَالَتُهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ، وَإِنْ قُتِل أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ: تَصَرُّفَاتُهُ نَافِذَةٌ فَلاَ تَبْطُل وَكَالَتُهُ إِلاَّ أَنْ يُقْتَل بِالرِّدَّةِ أَوْ يُحْكَمَ بِلَحَاقِهِ (17) . (ر: وَكَالَةٌ) .
__________
(1) لسان العرب، ومتن اللغة، ومختار الصحاح، والمعجم الوسيط.
(2) حديث: " الولد للفراش ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 292) ومسلم (2 / 1080) من حديث عائشة.
(3) حاشية ابن عابدين 4 / 465، وحاشية الدسوقي 2 / 460، وروضة الطالبين 8 / 357، والمغني 7 / 427.
(4) مغني المحتاج 3 / 396، والمغني 7 / 430، وحاشية الدسوقي 2 / 460.
(5) روضة الطالبين 8 / 320، 358، والمغني 7 / 427، وحاشية ابن عابدين 2 / 607، وحاشية الدسوقي 2 / 257.
(6) المغني 7 / 431 - 432، وابن عابدين 2 / 607، والقليوبي 4 / 350.
(7) نهاية المحتاج 5 / 109 - 110، وتحفة المحتاج 5 / 401، والمغني 5 / 199 - 200، 7 / 394 - 395، وحاشية الدسوقي 2 / 406، ورد المحتار 4 / 464 - 465، وبدائع الصنائع 6 / 252، 7 / 228.
(8) نهاية المحتاج 5 / 107 وما بعده، وتحفة المحتاج 5 / 400، وابن عابدين 4 / 465، والمغني 5 / 199 - 200.
(9) المصادر السابقة.
(10) نهاية المحتاج 5 / 107 وما بعده، وتحفة المحتاج 5 / 401.
(11) بدائع الصنائع 7 / 228.
(12) تحفة المحتاج 5 / 403، ونهاية المحتاج 5 / 110 - 463، والمغني 5 / 766.
(13) المغني لابن قدامة 7 / 398، المحلي على المنهاج 3 / 243.
(14) تحفة الفقهاء 2 / 92 ط. دار الفكر - دمشق.
(15) الهداية 3 / 208.
(16) الهداية 3 / 12، وبدائع الصنائع 6 / 78.
(17) فتح القدير 6 / 126، والهداية 3 / 153، وبدائع الصنائع 6 / 38 - 39.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 217/ 35