الله
أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...
المِثْلُ: الشِّبْهُ والنَّظِيرُ، ويُستَعمَلُ للتَّسوِيَةِ بين شَيئَيْنِ، يُقال: هذا مِثْلُهُ ومَثِيلُهُ، كما يُقال: شِبْهُهُ وشَبِيهُهُ. ويأتي بِمعنى نَفْسِ الشَّيْءِ وذاتِهِ. والجمع: أمْثالٌ.
يُطلَق مُصطلَح (مِثْل) في عِدَّةِ مواضِعَ من كُتُبِ الفِقهِ، منها: كتاب الطَّهارة، باب: التَّيمُّم عند الكلام عن ثَمَنِ المِثلِ في شِراء الماء، وفي كتاب البُيُوعِ، باب: الضَّمان عند الكلام عن قِيمَةِ المِثْلِ، وباب: الشَّرِكَة، وباب: المُساقاة، وباب: المُضارَبَة عند الكلام عن قِراضِ المِثْل. ويُطلَق في باب: الإجارَة، وفي كتاب الحجِّ، باب: الأجير عند الكلام عن أُجرَةِ المِثْلِ، وفي كتابِ الجنايات، باب: الغَصْب، عند الكلام عن عِوَضِ المِثْلِ. ويُطلق في عِلم العقيدة، باب: توحيد الأسماء والصِّفات عند الكلام عن نفي المِثْلِ عن الله تعالى في ذاتِه وأسمائه وصِفاتِه، ويُراد به: المُساوي والمُعادِل والمُكافِىء له مِن كلِّ وَجْهٍ.
مثل
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (36/105)
* العين : (8/228)
* تهذيب اللغة : (15/70)
* مقاييس اللغة : (5/296)
* المحكم والمحيط الأعظم : (10/159)
* مختار الصحاح : (ص 290)
* تاج العروس : (30/379)
* الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان : (ص 317)
* حاشية ابن عابدين : (4/281)
* الأشباه والنظائر : (ص 365)
* القوانين الفقهية : (ص 339)
* روضة الطالبين : (5/608)
* الـمغني لابن قدامة : (9/413)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (36/106)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 404) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمِثْل فِي اللُّغَةِ: الشِّبْهُ، يُقَال: هَذَا مِثْلُهُ وَمَثِيلُهُ، كَمَا يُقَال شَبِيهُهُ وَشِبْهُهُ، وَقَال فِي اللِّسَانِ: مِثْلٌ: كَلِمَةُ تَسْوِيَةٍ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْمُسَاوِي:
2 - الْمُسَاوِي: اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْمُسَاوَاةِ وَهِيَ لُغَةً مَصْدَرُ: سَاوَى، وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُمَاثَلَةِ فَقَالُوا: إِنَّ الْمُسَاوَاةَ تَكُونُ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي الْجِنْسِ وَالْمُتَّفِقَيْنِ، وَأَمَّا الْمُمَاثَلَةُ فَلاَ تَكُونُ إِلاَّ فِي الْمُتَّفِقَيْنِ (3) .
ب - الْقِيمَةُ:
3 - الْقِيمَةُ لُغَةً: الثَّمَنُ الَّذِي يُقَوَّمُ بِهِ الْمَتَاعُ (4) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: مَا قُوِّمَ بِهِ الشَّيْءُ بِمَنْزِلَةِ الْمِعْيَارِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلاَ نُقْصَانٍ (5) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمِثْل:
يَتَعَلَّقُ بِالْمِثْل أَحْكَامٌ مِنْهَا:
عِوَضُ الْمِثْل
4 - عِوَضُ الْمِثْل هُوَ: بَدَل مِثْل شَيْءٍ مَطْلُوبٌ بِالشَّرْعِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ فِيهِ، أَوْ بِالْعَقْدِ لَكِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ أَوْ ذُكِرَ لَكِنَّهُ فَسَدَ الْمُسَمَّى، أَوْ كَانَ بِسَبَبِ عَقْدٍ فَاسِدٍ (6) .
يَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ: عِوَضُ الْمِثْل كَثِيرُ الدَّوَرَانِ فِي كَلاَمِ الْعُلَمَاءِ مِثْل قَوْلِهِمْ: قِيمَةُ الْمِثْل، وَأُجْرَةُ الْمِثْل، وَمَهْرُ الْمِثْل، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَيُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِيمَا يُضْمَنُ بِالإِْتْلاَفِ مِنَ النُّفُوسِ وَالأَْمْوَال وَالأَْبْضَاعِ وَالْمَنَافِعِ.
وَيَشْمَل عِوَضُ الْمِثْل مَا يَأْتِي:
أ - إِذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ مَهْرٌ أَوْ ذُكِرَ وَلَكِنَّهُ لاَ يَعْتَدُّ بِهِ الشَّرْعُ مِثْل كَوْنِ الْمُسَمَّى مُحَرَّمًا أَوْ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمِ، وَهَذَا يُسَمَّى: مَهْرَ الْمِثْل. ب - إِذَا كَانَ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ اتِّفَاقٌ وَلَكِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْمُسَمَّى، أَوْ أَصْبَحَ الْمُسَمَّى مَعْدُومًا، أَوْ فَاسِدًا، أَوْ أَصْبَحَ الْعَقْدُ فَاسِدًا، أَوْ مَنْسُوخًا وَلَكِنَّهُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَنَّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ كَانَ قَدْ نَفَّذَ مِنَ الْعَقْدِ شَيْئًا، أَوْ أَهْلَكَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ الْعَقْدُ قَرْضًا وَوَجَبَ فِيهِ رَدُّ الْقِيمَةِ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَهَذَا النَّوْعُ يَدْخُل فِيهِ أَجْرُ الْمِثْل فِي الإِْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، أَوِ الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَكَذَلِكَ يَدْخُل فِيهِ ثَمَنُ الْمِثْل.
ج - مَا كَانَ نَتِيجَةَ إِتْلاَفٍ لَكِنَّهُ لَمْ يَنُصَّ الشَّرْعُ عَلَى تَحْدِيدِ مِقْدَارِ الضَّمَانِ فِيهِ، وَهَذَا مَا يُسَمَّى بِضَمَانِ الْمِثْل (7) .
ضَابِطُ عِوَضِ الْمِثْل
5 - ضَابِطُ عِوَضِ الْمِثْل مَا تَتَحَقَّقُ بِهِ الْعَدَالَةُ، يَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ: عِوَضُ الْمِثْل.
أَمْرٌ لاَ بُدَّ مِنْهُ فِي الْعَدْل الَّذِي بِهِ تَتِمُّ مَصْلَحَةُ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ.
وَمَدَارُهُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالاِعْتِبَارِ لِلشَّيْءِ بِمِثْلِهِ، وَهُوَ نَفْسُ الْعَدْل، وَنَفْسُ الْعُرْفِ الدَّاخِل فِي قَوْله تَعَالَى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} وَقَوْلِهِ: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} وَهُوَ مَعْنَى الْقِسْطِ الَّذِي أَرْسَل اللَّهُ لَهُ الرُّسُل وَأَنْزَل لَهُ الْكُتُبَ (8) .
وَلِذَلِكَ يَدْخُل فِي اعْتِبَارِهِ كُل الظُّرُوفِ وَالْمُلاَبَسَاتِ الَّتِي تُحِيطُ بِهِ، وَيُرَاعَى فِيهِ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَالْعُرْفُ السَّائِدُ، وَرَغَبَاتُ النَّاسِ، وَلِذَلِكَ يُقَال: قِيمَةُ الْمِثْل: مَا يُسَاوِي الشَّيْءَ فِي نُفُوسِ ذَوِي الرَّغَبَاتِ، مَعَ مُلاَحَظَةِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْعَرْضِ وَالطَّلَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (9) .
النَّقْدُ الْمُعْتَبَرُ فِي التَّقْوِيمِ فِي عِوَضِ الْمِثْل
6 - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ التَّقْوِيمَ فِي الْمَغْصُوبِ يُعْتَبَرُ بِغَالِبِ النُّقُودِ لاَ بِأَدْنَاهَا، وَفِي السَّرِقَةِ قَال الْمَاوَرْدِيُّ: إِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ مِنَ الذَّهَبِ، وَأَحَدُهُمَا أَعْلَى قِيمَةً اعْتُبِرَتِ الْقِيمَةُ بِالأَْقَل فِي زَمَانِ السَّرِقَةِ (10) .
ضَمَانُ الْقِيمَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمِثْل
7 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَا وَجَبَ فِيهِ الضَّمَانُ إِنْ كَانَ مِمَّا لاَ مِثْل لَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، لأَِنَّهُ تَعَذَّرَ إِيجَابُ الْمِثْل صُورَةً وَمَعْنًى فَيَجِبُ الْمِثْل مَعْنًى وَهُوَ الْقِيمَةُ لأَِنَّهَا الْمِثْل الْمُمْكِنُ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (قِيمَةٌ ف 7) .
مَتَى يُضْمَنُ بِالْمِثْل وَالْقِيمَةِ مَعًا
8 - مِنَ الْمَضْمُونَاتِ مَا تَجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَالْمِثْل مَعًا، وَذَلِكَ فِي الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ إِذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ قَتَلَهُ الْحُلاَّل فِي الْحَرَمِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (قِيمَةٌ ف 11) .
مَهْرُ الْمِثْل
9 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْل فِي أَحْوَالٍ مِنْهَا: إِذَا دَخَل بِهَا الزَّوْجُ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا فَإِنَّهُ يَتَقَرَّرُ لَهَا بِالدُّخُول مَهْرُ الْمِثْل (11) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مَهْرٌ) .
ثَمَنُ الْمِثْل
10 - قَال السُّيُوطِيُّ: ثَمَنُ الْمِثْل ذُكِرَ فِي مَوَاضِعَ:
فِي شِرَاءِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ، وَشِرَاءِ الزَّادِ وَنَحْوِهِ فِي الْحَجِّ، وَفِي بَيْعِ مَال الْمَحْجُورِ وَالْمُفْلِسِ وَنَحْوِهِمَا، وَمِثْل الْمَغْصُوبِ، وَإِبِل الدِّيَةِ وَغَيْرِهَا، وَيُلْحَقُ بِهَا كُل مَوْضِعٍ اعْتُبِرَتْ فِيهِ الْقِيمَةُ فَإِنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْل.
وَقَال: وَحَقِيقَتُهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْمَوَاضِعِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الاِخْتِلاَفِ فِي وَقْتِ اعْتِبَارِهِ أَوْ مَكَانِهِ (12) . أُجْرَةُ الْمِثْل
11 - لأُِجْرَةِ الْمِثْل تَطْبِيقَاتٌ كَثِيرَةٌ وَلاَ سِيَّمَا فِي أَبْوَابِ الإِْجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُسَاقَاةِ، وَالْمُضَارَبَةِ، وَالْجَعَالَةِ إِذَا أَصْبَحَتْ فَاسِدَةً وَكَانَ الأَْجِيرُ أَوِ الْعَامِل قَدْ قَامَ بِعَمَلٍ، وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الْحَجِّ لاَ يُطَالَبُ أَنْ يُعْطَى الأَْجِيرُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْل، وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الْغَصْبِ إِذَا فَاتَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ الْمَنَافِعُ (عِنْدَ الْجُمْهُورِ) وَكَذَلِكَ النَّاظِرُ عَلَى الْوَقْفِ إِذَا لَمْ يُحَدِّدْ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْل، وَكَذَلِكَ الْعَامِل عَلَى الزَّكَاةِ، وَالْقَسَّامُ، وَالْقَاضِي، وَالدَّلاَّل وَنَحْوُهُمْ إِذَا لَمْ يُحَدَّدْ لَهُمْ أَجْرٌ مُعَيَّنٌ (13) .
قِرَاضُ الْمِثْل
12 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ لِلْعَامِل فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ أَجْرُ مِثْلِهِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعَامِل فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ قَدْ يَكُونُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِ الْمَال، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَقِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ. وَقَالُوا: إِنَّ أُجْرَةَ الْمِثْل تَثْبُتُ لِلْعَامِل فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَال، وَأَمَّا قِرَاضُ الْمِثْل فَيَكُونُ مِنْ رِبْحِ مَال الْمُضَارَبَةِ إِنْ رَبِحَ، فَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ فَلاَ شَيْءَ لِلْعَامِل.
وَالضَّابِطُ عِنْدَهُمْ: أَنَّ كُل مَسْأَلَةٍ خَرَجَتْ عَنْ حَقِيقَةِ الْقِرَاضِ مِنْ أَصْلِهَا فَفِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْل، وَأَمَّا إِنْ شَمِلَهَا الْقِرَاضُ لَكِنِ اخْتَل مِنْهَا شَرْطٌ فَفِيهَا قِرَاضُ الْمِثْل (1) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مُضَارَبَةٌ) .
__________
(1) لسان العرب.
(2) مغني المحتاج 3 / 223، والمغني لابن قدامة 6 / 722.
(3) لسان العرب.
(4) المصباح المنير.
(5) حاشية ابن عابدين 4 / 51 - 52.
(6) الأشباه والنظائر للسيوطي ص367، وإعلام الموقعين 1 / 131، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص362، والقواعد لابن رجب ص / 141.
(7) المصادر السابقة ومجموع فتاوى ابن تيمية 29 / 520.
(8) مجموع فتاوى ابن تيمية 29 / 520.
(9) مجموع فتاوى ابن تيمية 29 / 522 - 525.
(10) المنثور في القواعد للزركشي 1 / 399.
(11) الفتاوى الهندية 1 / 303، ومغني المحتاج 3 / 229.
(12) الأشباه والنظائر للسيوطي ص340.
(13) موجبات الأحكام لابن قطلوبغا الحنفي، ص231، ط. الإرشاد، وحاشية ابن عابدين 5 / 39، والأشباه لابن نجيم ص362 - 365، وبداية المجتهد 2 / 250، والقوانين الفقهية ص241، والأشباه والنظائر للسيوطي ص352 - 380، والقواعد لابن رجب ص141، ط. الكليات الأزهرية.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 104/ 36
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".