القدير
كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...
مَا يُحْكَمُ بِهِ الأَمْرُ ويُثَبَّتُ مِنْ خِطَابٍ وَنَحْوِهِ، وَالجَمْعُ: وَثائِقٌ، وَالتَّوْثِيقُ: تَقْوَيَةُ الشَّيْءِ وَتَثْبِيتُهُ وَحِفْظُهُ، تَقُولُ: وَثَّقْتُ وَاسْتَوْثَقْتُ الشَّيْءَ إِذَا قَوَّيْتَهُ وَثَبَّتْتَهُ، وَتُطْلَقُ الوَثِيقَةُ بِمَعْنَى: العَهْدُ، وَيُقَالُ أَيْضًا: المَوْثِقُ وَالمِيثَاقُ، وَالمُوَاثَقَةُ: المُعَاهَدَةُ، وَأَصْلُ التَّوْثِيقِ: الإِحْكَامُ وَالإِتْقَانُ، يُقَالُ: وَثَّقْتُ الشَّيْءَ أُوَثِّقُهُ تَوْثِيقًا وَوَثَاقَةً أَيْ أَحْكَمْتَهُ وَأَتْقَنْتَهُ، وَالثِّقَةُ: المُحْكَمُ وَالمُتْقَنُ، وَجَمْعُ ثقةٍ: ثِقَاتٌ، وَيَأْتِي التَّوْثِيقُ أَيْضًا بِمَعْنَى: التَّأْمِينُ وَالتَّصْدِيقُ، تَقُولُ: وَثِقَ بِهِ يَثِقُ وَثَاقَةً وثِقَةً أَيْ ائْتَمَنَهُ وَصَدَّقَهُ، فَهُوَ وَاثِقٌ بِهِ، وَمِنْ مَعَانِي الوَثِيقَةِ أَيْضًا: العَقْدُ والاتِّفَاقُ.
يُطْلَقُ مُصْطَلَحُ (الوَثِيقَةِ) في الفِقْهِ في كِتابِ النِّكاحِ فِي بَابِ شُروطِ النِّكَاحِ وَكِتابِ القَرْضِ والضَّمانِ وَالكَفَالَةِ والبينات وغَيْرِ ذلك مِنَ الأبْوابِ.
وثق
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : (ص140)
* القاموس المحيط : (927/1)
* تاج العروس : (450/26)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (375/2)
* حاشية ابن عابدين : (308/4)
* القاموس المحيط : (ص927)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص247)
* البحر الرائق شرح كنز الدقائق : (299/6)
* الـمغني لابن قدامة : (131/10)
* مختار الصحاح : (ص332) -
التَّعْرِيفُ:
أ - الْوَثِيقَةُ فِي اللُّغَةِ: الإِْحْكَامُ فِي الأَْمْرِ، يُقَال: أَخَذَ بِالْوَثِيقَةِ فِي أَمْرِهِ أَيْ بِالثِّقَةِ، وَتَوَثَّقَ فِي أَمْرِهِ مِثْلَهُ، وَالْجَمْعُ وَثَائِقُ.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ: " وَاخْلَعْ وَثَائِقَ أَفْئِدَتِهِمْ (1) " مِنْ وَثُقَ الشَّيْءُ وَثَاقَةً: قَوِيَ وَثَبُتَ فَهُوَ وَثِيقٌ ثَابِتٌ مُحْكَمٌ، وَالأُْنْثَى وَثِيقَةٌ (2) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: مَا يُتَّخَذُ لِتَأْمِينِ الْحُقُوقِ عَنِ الْفَوَاتِ عَلَى أَصْحَابِهَا بِجَحْدٍ، أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ إِفْلاَسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَخَاطِرِ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْحُجَّةُ:
2 - الْحُجَّةُ - بِضَمِّ الْحَاءِ - لُغَةً الدَّلِيل وَالْبُرْهَانُ، وَالْجَمْعُ حُجَجٌ (4) .
وَاصْطِلاَحًا: مَا دَل بِهِ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى كَالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَوِ الإِْقْرَارِ (5) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْحُجَّةِ وَالْوَثِيقَةِ: هِيَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ.
مَشْرُوعِيَّةُ الْوَثِيقَةِ:
3 - الأَْصْل فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ (6) } ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ (7) } ، وَقَال عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ (8) } .
وَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: الزَّعِيمُ غَارِمٌ (9) . أَنْوَاعُ الْوَثَائِقِ:
4 - الْوَثَائِقُ بِالْحُقُوقِ الْمَنْصُوصَةِ فِي الآْيَتَيْنِ ثَلاَثَةٌ:
- شَهَادَةٌ، وَرَهْنٌ، وَكِتَابَةٌ.
وَالضَّمَانُ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ.
فَالشَّهَادَةُ لِخَوْفِ الْجَحْدِ، وَالضَّمَانُ وَالرَّهْنُ لِخَوْفِ الإِْفْلاَسِ، وَالْكِتَابَةُ لِخَوْفِ النِّسْيَانِ.
مَا تَدْخُلُهُ الْوَثَائِقُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ:
5 - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ مِنَ الْعُقُودِ مَا يَدْخُلُهُ الرَّهْنُ وَالضَّمَانُ وَالشَّهَادَةُ، كَالْبَيْعِ، وَالسَّلَمِ، وَالْقَرْضِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ الْمُسْتَقِرَّةِ.
وَمِنْهُ مَا يُسْتَوْثَقُ مِنْهُ بِالشَّهَادَةِ لاَ بِالرَّهْنِ: وَهُوَ الْمُسَاقَاةُ، لأَِنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ. وَنُجُومُ الْكِتَابَةِ لاَ رَهْنَ فِيهَا وَلاَ ضَمِينَ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَقِرٍّ، وَكَذَا الْجَعَالَةُ، وَحَكَى ابْنُ الْقَطَّانِ وَجْهًا أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُهَا الضَّمِينُ.
وَمِنْهُ الْمُسَابَقَةُ إِذَا اسْتَحَقَّ رَهْنُهَا جَازَ الرَّهْنُ وَالضَّمِينُ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلاَفِ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ أَوْ لاَزِمٌ.
وَمِنْهُ مَا يَدْخُلُهُ الضَّمِينُ دُونَ الرَّهْنِ، وَهُوَضَمَانُ الدَّرْكِ.
وَقَدِ اسْتَدْرَكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى حَصْرِ الْوَثَائِقِ فِيمَا سَبَقَ بِأُمُورٍ مِنْهَا:
الْحَبْسُ عَلَى الْحُقُوقِ إِلَى الْوَفَاءِ أَوْ حُضُورِ الْغَائِبِ، وَإِفَاقَةِ الْمَجَانِينِ، وَبُلُوغِ الصِّبْيَانِ.
وَمِنْهَا حَبْسُ الْمَبِيعِ، حَتَّى يُقْبَضَ الثَّمَنُ، وَمِنْهَا: امْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ عَنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا، حَتَّى تَقْبِضَ الْمَهْرَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ (10) .
حُكْمُ الْوَثَائِقِ:
الشَّهَادَةُ:
6 - الشَّهَادَةُ مِنْ أَهَمِّ الْوَثَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ الإِْشْهَادِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي عُقُودِ النِّكَاحِ أَمْ فِي عُقُودِ الْمُعَامَلاَتِ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (شَهَادَة ف 30، تَوْثِيق ف 7)
ب - الْكِتَابَةُ:
7 - كِتَابَةُ الْمُعَامَلاَتِ الَّتِي تُجْرَى بَيْنَ النَّاسِ وَسِيلَةٌ لِتَوْثِيقِهَا، وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الأَْمْرُ بِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْكِتَابَةِ: فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الأَْمْرَ بِالْكِتَابَةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ. وَقَالُوا: إِنَّنَا نَرَى جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ دِيَارِ الإِْسْلاَمِ يَبِيعُونَ بِالأَْثْمَانِ الْمُؤَجَّلَةِ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ وَلاَ إِشْهَادٍ، وَذَلِكَ إِجْمَاعٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا، وَالأَْمْرُ نَدْبٌ إِلَى حِفْظِ الأَْمْوَال وَإِزَالَةِ الرَّيْبِ (11) .
وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ كَتْبَ الدُّيُونِ وَاجِبٌ عَلَى أَرْبَابِهَا فَرْضٌ بِهَذِهِ الآْيَةِ بَيْعًا كَانَ أَوْ قَرْضًا لِئَلاَّ يَقَعَ جَحْدٌ أَوْ نِسْيَانٌ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ (12) .
(ر: تَوْثِيقٌ ف 12) .
حِكْمَةُ الْكِتَابَةِ وَالشَّهَادَةِ:
8 - أَمَرَ اللَّهُ فِي آيَةِ الْمُدَايَنَةِ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْكِتَابَةُ بِقَوْلِهِ (فَاكْتُبُوهُ) ، وَالثَّانِي: الاِسْتِشْهَادُ، بِقَوْلِهِ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} وَفَائِدَةُ الْكِتَابَةِ وَالإِْشْهَادِ أَنَّ مَا يَدْخُل فِيهِ الأَْجَل وَتَتَأَخَّرُ فِيهِ الْمُطَالَبَةُ يَتَخَلَّلُهُ النِّسْيَانُ، وَيَدْخُلُهُ الْجَحْدُ، فَصَارَتِ الْكِتَابَةُ كَالسَّبَبِ لِحِفْظِ الْمَال مِنَ الْجَانِبَيْنِ، لأَِنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ حَقَّهُ قَدْ قُيِّدَ بِالْكِتَابَةِ وَالإِْشْهَادِ عَلَيْهَا تَحَرَّزَ عَنْ طَلَبِ الزِّيَادَةِ وَمِنْ تَقْدِيمِ الْمُطَالَبَةِ عَلَى حُلُول الأَْجَل، وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إِذَا عَرَفَ ذَلِكَ تَحَرَّزَ مِنَ الْجُحُودِ، وَأَخَذَ قَبْل حُلُول الأَْجَل فِي تَحْصِيل الْمَال لِيَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهِ وَقْتَ حُلُول الأَْجَل، فَلَمَّا حَصَل فِي الْكِتَابَةِ وَالإِْشْهَادِ هَذِهِ الْفَوَائِدُ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ (13) .
ج - الرَّهْنُ:
9 - الرَّهْنُ هُوَ الْمَال الَّذِي يُجْعَل وَثِيقَةً بِالدَّيْنِ لِيُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ إِنْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ (14) .
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (رَهْن ف 4، تَوْثِيق ف 14)
د - الضَّمَانُ:
10 - الضَّمَانُ: هُوَ مِنْ وَسَائِل التَّوْثِيقِ، وَهُوَ ضَمُّ ذِمَّةِ الضَّامِنِ إِلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فِي الاِلْتِزَامِ بِالْحَقِّ فَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِمَا جَمِيعًا.
وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَلاَ جَرَمَ أَنَّ هَذَا يَزِيدُ الثِّقَةَ (15) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (ضَمَان ف 28، تَوْثِيق ف 15)
__________
(1) حَدِيث: " اخْلَعْ وَثَائِق أَفْئِدَتهمْ " أَوْرَدَهُ ابْن الأَْثِيرِ فِي " النِّهَايَةِ " (5 / 151 - ط الْحَلَبِيّ) ، وَلَمْ نَهْتَدِ إِلَى أَيِّ مَصْدَرِ حَدِيثِي أَخْرَجَهُ.
(2) لِسَان الْعَرَبِ، والمصباح الْمُنِير.
(3) الْبَحْر الرَّائِق 6 / 299، وكشاف الْقِنَاع 6 / 376، ودرر الْحُكَّام " 2 / 52، والمبسوط 21 / 69، والبجيرمي عَلَى الْخَطِيبِ 3 / 58.
(4) الْمِصْبَاح الْمُنِير، والتعريفات للجرجاني، وقواعد الْفِقْه لِلْبَرَكَتِي.
(5) التَّعْرِيفَات للجرجاني، وقواعد الْفِقْه لِلْبَرَكَتِي.
(6) سُورَة الْبَقَرَة / 282.
(7) سُورَة الْبَقَرَة / 282.
(8) سُورَة الْبَقَرَة / 283.
(9) حَدِيث: " الزَّعِيم غَارِم " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ (4 / 433 - ط الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، وَحُسْنه.
(10) الْمَنْثُور 3 / 327.
(11) حَاشِيَة الشَّيْخِ زَادَهُ 1 / 591، والجامع لأَِحْكَامِ الْقُرْآنِ 3 / 384.
(12) الْجَامِع لأَِحْكَامِ الْقُرْآنِ 3 / 382، وتفسير الطَّبَرَيْ 3 / 79.
(13) حَاشِيَة الشَّيْخِ زَادَهُ 1 / 591.
(14) الْمُغْنِي 4 / 361، والجامع لأَِحْكَامِ الْقُرْآنِ 3 / 388.
(15) الْمُغْنِي 4 / 590.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 360/ 42