الْإِطْلاَق
من معجم المصطلحات الشرعية
ما دل على الحقيقة بلا قيد؛ فهو يتناول واحداً ما بدون تعيين . وأكثر وقوعه، النكرة في الإثبات . ومن أمثلته إطلاق الرقبة في كفارة الظهار في قوله تَعَالَى : ﱫ﴾ ﴿ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﱪالمجادلة :3، فهو لفظ منتشر يصدق على أي فرد
من موسوعة المصطلحات الإسلامية
التعريف اللغوي
التَّخْلِيَةُ، وَالمُطْلَقُ: الخَالِي مِنَ القَيْدِ، تَقُولُ: أَطْلَقْتُ الأَسِيرَ إِذَا خَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، وَأَصْلُ الإِطْلاَقِ: الإِرْسَالُ وَالتَّخْلِيَةُ، يُقَالُ: أَطْلَقَ الشَّيْءَ يُطْلِقُهُ إِطْلاقًا أَيْ أَرْسَلَهُ، وَالطَّالِقُ: النَّاقَةُ تُرْسَلُ تَرْعَى حَيْثُ شَاءَتْ، وَضِدُّ الإِطْلاَقِ: التَّقْيِيدُ، وَيَأْتِي الإِطْلاَقُ بِمَعْنَى: الحَلُّ وَالفَكُّ، وَمِنْهُ طَلاَقُ المَرْأَةِ وَهُوَ حَلُّ نِكَاحِهَا، وَمِنْ مَعَاِني الإِطْلَاقِ أَيْضًا: التَّحْرِيرُ والتَّرْكُ والإِرْخَاءُ والبَسْطُ.
إطلاقات المصطلح
يَرِدُ مُصْطَلَحُ (إِطْلاَقٍ) فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ مِنَ الفِقْهِ مِنْهَا: كِتابُ الطَّهارَةِ فِي بَابِ صِفَةِ التَّيَمُّمِ، وَكِتابِ الصَّلاَةِ فِي بَابِ النِّيَّةِ فِي الصَّلاَةِ، وَكِتابِ الصِّيامِ، وَكِتابِ النِّكاحِ، وَكِتابِ النُّذورِ، وَغَيْرِهَا. وَيَرِدُ مُصْطَلَحُ (الإِطْلاَقَاتِ) عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ وَيُرِيدونَ بِهِ: (نَوْعٌ مِنَ المُعَامَلاَتِ الخَاصَّةِ كَالوَكَالَةِ) وَيُقَابِلُهَا التَّقْيِيداتُ وَالشَّرِكَاتُ وَغَيْرُهَا. وَيُطْلَقُ عِنْدَ الأُصولِيِّينَ وَيُرَادُ بِهِ: (اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ حَقِيقَةً كَانَ أَوْ مَجَازًا). وَيَأْتِي أَيْضًا بِمَعْنَى النَّفَاذِ، كَقَوْلِ: إِطْلاَقُ التَّصَرُّفِ أَيْ نَفَاذُهُ.
جذر الكلمة
طلق
التعريف
ما دل على الحقيقة بلا قيد. فهو يتناول واحداً ما بدون تعيين. وأكثر وقوعه النكرة في الإثبات.
المراجع
* مقاييس اللغة : 420/3 - مختار الصحاح : ص192 - لسان العرب : 227/10 - لسان العرب : 227/10 - كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم : 922/4 - النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب : 10/1 - الأشباه والنظائر : ص382 - فتح القدير لابن الهمام : 82/6 -
من الموسوعة الكويتية
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الإِْطْلاَقِ فِي اللُّغَةِ: التَّخْلِيَةُ، وَالْحَل وَالإِْرْسَال، وَعَدَمُ التَّقْيِيدِ. (1)
وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالأُْصُولِيِّينَ يُؤْخَذُ تَعْرِيفُ الإِْطْلاَقِ مِنْ بَيَانِ الْمُطْلَقِ، فَالْمُطْلَقُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَطْلَقَ، وَالْمُطْلَقُ: مَا دَل عَلَى فَرْدٍ شَائِعٍ، أَوْ هُوَ: مَا دَل عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلاَ قَيْدٍ. أَوْ هُوَ: مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِصِفَةٍ تَمْنَعُهُ أَنْ يَتَعَدَّاهَا إِلَى غَيْرِهَا. (2)
كَمَا يُرَادُ بِالإِْطْلاَقِ: اسْتِعْمَال اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ حَقِيقَةً كَانَ أَوْ مَجَازًا. (3) كَمَا يَأْتِي أَيْضًا بِمَعْنَى النَّفَاذِ، فَإِطْلاَقُ التَّصَرُّفِ نَفَاذُهُ. (4)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْعُمُومُ:
2 - تَظْهَرُ صِلَةُ الإِْطْلاَقِ بِالْعُمُومِ مِنْ بَيَانِ الْعَلاَقَةِ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْعَامِّ، فَالْمُطْلَقُ يُشَابِهُ الْعَامَّ مِنْ حَيْثُ الشُّيُوعُ حَتَّى ظُنَّ أَنَّهُ عَامٌّ. (5)
لَكِنْ هُنَاكَ فَرْقًا بَيْنَ الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ، فَالْعَامُّ عُمُومُهُ شُمُولِيٌّ، وَعُمُومُ الْمُطْلَقِ بَدَلِيٌّ. فَمَنْ أَطْلَقَ عَلَى الْمُطْلَقِ اسْمُ الْعُمُومِ فَهُوَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَوَارِدَهُ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ عُمُومَ الشُّمُولِيِّ كُلِّيٌّ يُحْكَمُ فِيهِ عَلَى كُل فَرْدٍ فَرْدٍ. وَعُمُومُ الْبَدَل كُلِّيٌّ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لاَ يَمْنَعُ نَفْسَ تَصَوُّرِ مَفْهُومِهِ مِنْ وُقُوعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ، وَلَكِنْ لاَ يُحْكَمُ فِيهِ عَلَى كُل فَرْدٍ، بَل عَلَى فَرْدٍ شَائِعٍ فِي أَفْرَادِهِ، يَتَنَاوَلُهَا عَلَى سَبِيل الْبَدَل، وَلاَ يَتَنَاوَل أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ دَفْعَةً.
وَفِي تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ نَقْلاً عَنِ الأُْنْبَابِيِّ: عُمُومُ الْعَامِّ شُمُولِيٌّ، بِخِلاَفِ عُمُومِ الْمُطْلَقِ، نَحْوُ رَجُلٍ وَأَسَدٍ وَإِنْسَانٍ، فَإِنَّهُ بَدَلِيٌّ، حَتَّى إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَدَاةُ النَّفْيِ أَوْ أَل الاِسْتِغْرَاقِيَّةِ صَارَ عَامًّا. (6)
ب - التَّنْكِيرُ:
3 - يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الإِْطْلاَقِ وَالتَّنْكِيرِ مِنْ بَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ، فَيَرَى بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ، أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ النَّكِرَةِ وَالْمُطْلَقِ، لأَِنَّ تَمْثِيل جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ الْمُطْلَقَ بِالنَّكِرَةِ فِي كُتُبِهِمْ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الْفَرْقِ. (7)
وَفِي تَيْسِيرِ التَّحْرِيرِ: الْمُطْلَقُ وَالنَّكِرَةُ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ، لِصِدْقِهِمَا فِي نَحْوِ: تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ، وَانْفِرَادِ النَّكِرَةِ عَنْهُ إِذَا كَانَتْ عَامَّةً، كَمَا إِذَا وَقَعَتْ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، وَانْفِرَادُ الْمُطْلَقِ عَنْهَا فِي نَحْوِ اشْتَرِ اللَّحْمَ. (8)
هَذَا عِنْدَ الإِْطْلاَقِ، فَإِنْ قُيِّدَتِ النَّكِرَةُ كَانَتْ مُبَايِنَةً لِلْمُطْلَقِ.
الشَّيْءُ الْمُطْلَقُ وَمُطْلَقُ الشَّيْءِ:
4 - الشَّيْءُ الْمُطْلَقُ عِبَارَةٌ عَنِ الشَّيْءِ مِنْ حَيْثُ الإِْطْلاَقُ، وَهُوَ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّيْءِ بِلاَ قَيْدٍ لاَزِمٍ، وَمِنْهُ قَوْل الْفُقَهَاءِ: يُرْفَعُ الْحَدَثُ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ أَيْ غَيْرِ الْمُقَيَّدِ بِقَيْدٍ، فَخَرَجَ بِهِ مَاءُ الْوَرْدِ، وَمَاءُ الزَّعْفَرَانِ، وَالْمَاءُ الْمُعْتَصَرُ مِنْ شَجَرٍ أَوْ ثَمَرٍ، وَكَذَلِكَ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَل عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهَا مِيَاهٌ مُقَيَّدَةٌ بِقَيْدٍ لاَزِمٍ لاَ يُطْلَقُ الْمَاءُ عَلَيْهِ بِدُونِهِ، بِخِلاَفِ مَاءِ الْبَحْرِ وَمَاءِ الْبِئْرِ وَمَاءِ السَّمَاءِ وَنَحْوِهَا، لأَِنَّ الْقُيُودَ فِيهَا غَيْرُ لاَزِمَةٍ، وَتُسْتَعْمَل بِدُونِهَا، فَهِيَ مِيَاهٌ مُطْلَقَةٌ.
أَمَّا مُطْلَقُ الشَّيْءِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الشَّيْءِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلاَحَظَ مَعَهُ الإِْطْلاَقُ أَوِ التَّقْيِيدُ، فَيَصْدُقُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ مُطْلَقًا كَانَ أَوْ مُقَيَّدًا. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مُطْلَقُ الْمَاءِ، فَيَدْخُل فِيهِ الْمَاءُ الطَّاهِرُ وَالطَّهُورُ وَالنَّجِسُ وَغَيْرُهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمِيَاهِ الْمُقَيَّدَةِ (كَمَاءِ الْوَرْدِ وَالزَّعْفَرَانِ) وَالْمُطْلَقَةِ.
فَالشَّيْءُ الْمُطْلَقُ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الشَّيْءِ (الشَّامِل لِلْمُقَيَّدِ) .
وَمِثْل ذَلِكَ مَا يُقَال فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ، وَمُطْلَقِ الْبَيْعِ، وَالطَّهَارَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَمُطْلَقِ الطَّهَارَةِ وَأَمْثَالِهَا. (9)
مَوَاطِنُ الإِْطْلاَقِ:
5 - يَتَنَاوَل الأُْصُولِيُّونَ الإِْطْلاَقَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنْهَا: مَسْأَلَةُ حَمْل الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَمِنْهَا: مُقْتَضَى الأَْمْرِ هَل هُوَ لِلتَّكْرَارِ أَوْ لاَ؟ وَهَل هُوَ لِلْفَوْرِ أَوْ لاَ؟
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
مَوَاطِنُ الإِْطْلاَقِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
أَوَّلاً: إِطْلاَقُ النِّيَّةِ فِي الطَّهَارَةِ:
أ - الْوُضُوءُ وَالْغُسْل:
6 - لَوْ نَوَى الْمُتَوَضِّئُ مُطْلَقَ (الطَّهَارَةِ) أَوْ مُطْلَقَ (الْوُضُوءِ) ، لاَ لِرَفْعِ حَدَثٍ، وَلاَ لاِسْتِبَاحَةِ صَلاَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا، فَفِي ارْتِفَاعِ الْحَدَثِ وَعَدَمِهِ رَأْيَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لاَ يَرْتَفِعُ، لِعَدَمِ نِيَّتِهِ لَهُ. وَهَذَا أَحَدُ الرَّأْيَيْنِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَشْتَرِطُونَ النِّيَّةَ لِصِحَّةِ الطَّهَارَةِ. وَعَلَّلُوا لِذَلِكَ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ قِسْمَانِ: طَهَارَةُ حَدَثٍ، وَطَهَارَةُ نَجِسٍ، فَإِذَا قَصَدَ الطَّهَارَةَ الْمُطْلَقَةَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ. وَالرَّأْيُ الأَْصَحُّ لِلْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ، لأَِنَّ الطَّهَارَةَ وَالْوُضُوءَ إِنَّمَا يَنْصَرِفُ إِطْلاَقُهُمَا إِلَى الْمَشْرُوعِ، فَيَكُونُ نَاوِيًا لِوُضُوءٍ شَرْعِيٍّ. (10)
وَلاَ دَخْل لِمَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَالنِّيَّةُ سُنَّةٌ عِنْدَهُمْ وَلَيْسَتْ شَرْطًا فِي الْوُضُوءِ. (11)
ب - التَّيَمُّمُ
7 - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلاَةِ، وَأَطْلَقَ وَلَمْ يُقَيِّدْ تِلْكَ الصَّلاَةَ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ، صَلَّى النَّافِلَةَ مَعَ هَذَا الإِْطْلاَقِ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ لاَ يَسْتَبِيحُ بِهِ النَّفَل. (12) وَلِلْفُقَهَاءِ فِي صَلاَةِ الْفَرْضِ بِهَذَا التَّيَمُّمِ رَأْيَانِ:
أَحَدُهُمَا: صِحَّةُ صَلاَةِ الْفَرْضِ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ اخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ، لأَِنَّهَا طَهَارَةٌ يَصِحُّ بِهَا النَّفَل، فَصَحَّ بِهَا الْفَرْضُ كَطَهَارَةِ الْمَاءِ، (13) وَلأَِنَّ الصَّلاَةَ اسْمُ جِنْسٍ تَتَنَاوَل الْفَرْضَ وَالنَّفَل. الثَّانِي: أَنَّهُ لاَ يَسْتَبِيحُ بِهِ الْفَرْضَ، وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيَّةِ. (14)
إِطْلاَقُ النِّيَّةِ فِي الصَّلاَةِ:
أ - صَلاَةُ الْفَرْضِ:
8 - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي نِيَّةِ الْفَرْضِ وَأَنَّ الإِْطْلاَقَ لاَ يَكْفِي. قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَكَذَا الْوَاجِبُ مِنْ وِتْرٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ سُجُودِ تِلاَوَةٍ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي نِيَّةِ سَجْدَةِ الشُّكْرِ، بِخِلاَفِ سُجُودِ السَّهْوِ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي نِيَّةِ صَلاَةِ الْفَرْضِ. (15)
ب - النَّفَل الْمُطْلَقُ:
9 - يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الإِْطْلاَقَ يَكْفِي فِي نِيَّةِ صَلاَةِ النَّفْل الْمُطْلَقِ، وَأَلْحَقَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِالنَّفْل الْمُطْلَقِ (16) تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، وَرَكْعَتَيِ الْوُضُوءِ، وَرَكْعَتَيِ الإِْحْرَامِ، وَرَكْعَتَيِ الطَّوَافِ، وَصَلاَةَ الْحَاجَةِ، وَصَلاَةَ الْغَفْلَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَالصَّلاَةَ فِي بَيْتِهِ إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلسَّفَرِ، وَالْمُسَافِرُ إِذَا نَزَل مَنْزِلاً وَأَرَادَ مُفَارَقَتَهُ. (17)
ج - السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ، وَالْمُؤَقَّتَةُ:
10 - لِلْفُقَهَاءِ فِي إِطْلاَقِ النِّيَّةِ فِي صَلاَةِ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ، وَالْمُؤَقَّتَةِ رَأْيَانِ:
الأَْوَّل: أَنَّهُ لاَ يَكْفِي الإِْطْلاَقُ لِحُصُول تِلْكَ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ. وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ بِاسْتِثْنَاءِ النَّوَافِل الَّتِي أُلْحِقَتْ بِالنَّفْل الْمُطْلَقِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَاَلَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا. (18)
وَهُوَ قَوْل جَمَاعَةٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، قَالُوا: لأَِنَّ السُّنَّةَ وَصْفٌ زَائِدٌ عَلَى أَصْل الصَّلاَةِ، كَوَصْفِ الْفَرْضِيَّةِ، فَلاَ تَحْصُل بِمُطْلَقِ نِيَّةِ الصَّلاَةِ. (19)
الثَّانِي: صِحَّةُ النِّيَّةِ مَعَ الإِْطْلاَقِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ لِلْحَنَفِيَّةِ مُصَحَّحَيْنِ، وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ. وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ قَوْل عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، وَرَجَّحَهُ فِي الْفَتْحِ، وَنَسَبَهُ إِلَى الْمُحَقِّقِينَ. (20)
إِطْلاَقُ النِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ:
11 - لِلْفُقَهَاءِ فِي إِطْلاَقِ نِيَّةِ الصَّوْمِ رَأْيَانِ:
الأَْوَّل: عَدَمُ الصِّحَّةِ مَعَ الإِْطْلاَقِ، وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِأَنَّهُ صَوْمٌ وَاجِبٌ فَوَجَبَ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لَهُ.
وَالثَّانِي: صِحَّةُ الصَّوْمِ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَوَجْهٌ شَاذٌّ لِلشَّافِعِيَّةِ حَكَاهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ عَنِ الْحَلِيمِيِّ، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِأَنَّهُ فَرْضٌ مُسْتَحَقٌّ فِي زَمَنٍ بِعَيْنِهِ، فَلاَ يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لَهُ. (21)
إِطْلاَقُ نِيَّةِ الإِْحْرَامِ:
12 - إِذَا نَوَى مُرِيدُ النُّسُكِ نَفْسَ الإِْحْرَامِ، وَأَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدِ الْقِرَانَ، وَلاَ التَّمَتُّعَ وَلاَ الإِْفْرَادَ جَازَ بِلاَ خِلاَفٍ، لأَِنَّ الإِْحْرَامَ يَصِحُّ مَعَ الإِْبْهَامِ فَيَصِحُّ مَعَ الإِْطْلاَقِ. وَلَهُ صَرْفُهُ إِلَى أَيِّ نَوْعٍ شَاءَ مِنْ أَنْوَاعِ الإِْحْرَامِ الثَّلاَثَةِ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْل الشُّرُوعِ فِي أَعْمَال الإِْحْرَامِ، وَكَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، (22) غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ قَالُوا: الأَْوْلَى الصَّرْفُ إِلَى الْعُمْرَةِ، لأَِنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَل.
وَمَا عَمِلَهُ قَبْل التَّعْيِينِ فَلَغْوٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، (23) وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، يُعْتَدُّ بِمَا أَتَى بِهِ مِنَ الشَّعَائِرِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيمَا تُصْرَفُ النِّيَّةُ لَهُ، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تُصْرَفُ إِلَى الْعُمْرَةِ إِنْ لَمْ يُعَيِّنْ، وَقَدْ طَافَ، لَكِنْ فِي اللُّبَابِ وَشَرْحِهِ لَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْل الطَّوَافِ تَعَيَّنَ إِحْرَامُهُ لِلْحَجِّ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدِ الْحَجَّ فِي وُقُوفِهِ. (24) وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجِبُ صَرْفُهُ إِلَى الْحَجِّ إِنْ وَقَعَ الصَّرْفُ بَعْدَ طَوَافِ قُدُومٍ. (25)
13 - وَإِنْ كَانَ الإِْحْرَامُ بِنُسُكٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ وَذَلِكَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ - عَلَى كَرَاهَتِهِ أَوِ امْتِنَاعِهِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - فَالْحُكْمُ لاَ يَخْتَلِفُ عِنْدَهُمْ فِي أَنَّ الأَْوْلَى صَرْفُ النِّيَّةِ إِلَى الْعُمْرَةِ. (26)
وَكَذَا لاَ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ عَنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ إِنْ كَانَ طَافَ قَبْل التَّعْيِينِ - يَجِبُ صَرْفُ النِّيَّةِ لِلْحَجِّ - وَيُؤَخِّرُ سَعْيَهُ لإِِفَاضَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ طَافَ كُرِهَ صَرْفُ النِّيَّةِ إِلَى الْحَجِّ، لأَِنَّهُ أَحْرَمَ بِهِ قَبْل وَقْتِهِ. (27)
وَفَصَّل الشَّافِعِيَّةُ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا: إِنْ أَحْرَمَ قَبْل الأَْشْهُرِ، فَإِنْ صَرَفَهُ إِلَى الْعُمْرَةِ صَحَّ، وَإِنْ صَرَفَهُ إِلَى الْحَجِّ بَعْدَ دُخُول الأَْشْهُرِ فَوَجْهَانِ، الصَّحِيحُ: لاَ يَجُوزُ بَل انْعَقَدَ إِحْرَامُهُ، (أَيْ عَمْرَةً) .
وَالثَّانِي: يَنْعَقِدُ مُبْهَمًا، وَلَهُ صَرْفُهُ بَعْدَ دُخُول أَشْهُرِ الْحَجِّ إِلَى حَجٍّ أَوْ قِرَانٍ، فَإِنْ صَرَفَهُ إِلَى الْحَجِّ قَبْل الأَْشْهُرِ كَانَ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْل الأَْشْهُرِ. (28)
14 - وَهَل الإِْطْلاَقُ أَفْضَل أَمِ التَّعْيِينُ؟ رَأْيَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّعْيِينَ أَفْضَل، وَهُوَ قَوْل الْحَنَابِلَةِ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِاسْتِحْبَابِ التَّعْيِينِ، وَبِهِ قَال مَالِكٌ، وَهُوَ قَوْل بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
ثَانِيهِمَا: الإِْطْلاَقُ أَفْضَل، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (29) مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
15 - بِالإِْضَافَةِ إِلَى مَا تَقَدَّمَ يَتَكَلَّمُ الْفُقَهَاءُ وَالأُْصُولِيُّونَ عَنِ الإِْطْلاَقِ فِي الْمَوَاطِنِ الآْتِيَةِ: - الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ، وَالْمِلْكُ الْمُقَيَّدُ. (30)
- الْعُقُودُ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى اسْمٍ مُطْلَقٍ، هَل تَصِحُّ أَمْ لاَ (31) ؟ - فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ - اخْتِلاَفُ الْعَامِل، وَالْمَالِكِ وَالْوَكِيل، وَالْمُوَكِّل، فِي الإِْطْلاَقِ، وَالتَّقْيِيدِ. (32)
- الإِْقْرَارُ الْمُطْلَقُ. (33)
- الْوَقْفُ الْمُطْلَقُ. (34)
- وَفِي الظِّهَارِ وَالطَّلاَقِ. (35)
- الإِْطْلاَقُ فِي الإِْجَارَةِ. (36)
- الإِْطْلاَقُ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ. (37)
- الْقَضَاءُ - فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ، وَهَل هُوَ إِنْشَاءُ إِلْزَامٍ أَمْ إِطْلاَقٌ؟
- الإِْطْلاَقُ فِي التَّصَرُّفَاتِ عَنِ الْغَيْرِ. (38)
- تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ بِالْعُرْفِ، وَقَدْ أَفْرَدَ السُّيُوطِيُّ الْمَبْحَثَ الْخَامِسَ مِنْ كِتَابِ الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي كُل مَا جَاءَ بِهِ الشَّرْعُ مُطْلَقًا، وَلاَ ضَابِطَ لَهُ فِيهِ وَلاَ فِي اللُّغَةِ. (39) - حَمْل الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ (1) .
- تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ بِمَا يُخَصَّصُ بِهِ الْعَامُّ (2) .
- النَّذْرُ الْمُطْلَقُ وَالتَّحَلُّل مِنْهُ. (3) وَتَفْصِيل كُل مَسْأَلَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِل فِي بَابِهَا.
__________
(1) المصباح المنير، والمغرب مادة (طلق) .
(2) حاشية الشهاب الخفاجي على البيضاوي 1 / 262، وكشاف اصطلاحات الفنون 4 / 922، وجمع الجوامع 2 / 44، ومسلم الثبوت 1 / 360، والنظم المستعذب لابن بطال الركبي 1 / 10 - 11 نشر دار المعرفة بهامش المهذب، والقليوبي 4 / 350 ط مصطفى الحلبي، وحاشية السعد على العضد 2 / 117 ط ليبيا.
(3) كشاف اصطلاحات الفنون 4 / 922.
(4) المحلي على المنهج بحاشيتي قليوبي وعميرة 2 / 341، والفروق للقرافي 1 / 127.
(5) كشف الأسرار 2 / 371.
(6) حاشية السعد على العضد 2 / 101، والمدخل إلى مذهب الإمام أحمد ص 111، وتهذيب الفروق 1 / 172 نشر دار المعرفة.
(7) البدخشي على منهاج الوصول في علم الأصول 2 / 60 ط صبيح، وحاشية الرهاوي على ابن ملك ص 558 ط دار السعادة، وحاشية الشهاب الخفاجي 1 / 263.
(8) تيسير التحرير 1 / 329 ط مصطفى الحلبي.
(9) كشاف اصطلاحات الفنون مادة (طلق) ، والأشباه للسيوطي ص 382، وكشاف القناع 1 / 24 - 26، وابن عابدين 1 / 120، وجواهر الإكليل 1 / 5، والقليوبي 1 / 18.
(10) الحطاب 1 / 236 ط ليبيا، والخرشي 1 / 130 ط دار صادر، والشبراملسي على النهاية 1 / 145 ط الحلبي، والمغني 1 / 112 ط الرياض، والقليوبي 1 / 46، والزرقاني على خليل 1 / 63 ط دار الفكر، والمجموع 1 / 328.
(11) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 37 نشر دار مكتبة الهلال، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 56 ط دار الإيمان، والصاوي على الدردير 1 / 166 ط دار المعارف، والمجموع 1 / 328، كشاف القناع 1 / 89.
(12) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 60، 61، والصاوي على الدردير 1 / 194، والدسوقي على الدردير 1 / 154، والمجموع 2 / 222، والمغني 1 / 252.
(13) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 60، 61، والمغني 1 / 252، والمجموع 2 / 222
(14) المغني 1 / 252، والدسوقي 1 / 154، والقواعد والفوائد الأصولية ص 199 ط السنة المحمدية، وكشاف القناع 1 / 174، والمجموع 2 / 222.
(15) ابن عابدين 1 / 279 ط أولى، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق مع حاشية الشلبي عليه 1 / 99 نشر دار المعرفة، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 32 نشر دار مكتبة الهلال، والزرقاني على خليل مع حاشية البناني 1 / 195 ط دار الفكر، وحواشي الرملي على شرح الروض 1 / 143 ط الميمنية، والإنصاف 2 / 20 ط الأولى.
(16) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 1 / 99، والدسوقي 1 / 154، والزرقاني على خليل 1 / 195، والإنصاف 2 / 19، ومطالب أولي النهى 1 / 400.
(17) الجمل على المنهج 1 / 332.
(18) الزرقاني على خليل مع حاشية البناني 1 / 195، وشرح منتهى الإرادات 1 / 167 ط دار الفكر، والمغني 1 / 466، ومطالب أولي النهى 1 / 400، وشرح الروض 1 / 142، والجمل على المنهج 1 / 332.
(19) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 1 / 99.
(20) ابن عابدين 1 / 279، 280، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 1 / 99.
(21) المغني 3 / 95، والروض 2 / 350، والاشباه والنظائر لابن نجيم ص 36، والحطاب 2 / 419.
(22) ابن عابدين 2 / 158، 161، والزرقاني على خليل 2 / 256، والحطاب 3 / 20، والخرشي 2 / 307، والروضة 3 / 60، والمغني 3 / 285، ومنتهى الإرادات 1 / 247.
(23) منتهى الإرادات 1 / 247، والروضة 3 / 60.
(24) ابن عابدين 2 / 161.
(25) الزرقاني على خليل 2 / 256.
(26) المغني 3 / 285.
(27) الزرقاني على خليل 2 / 256.
(28) الروضة 3 / 60.
(29) الروضة 3 / 60، والمغني 3 / 284.
(30) ابن عابدين 4 / 381.
(31) قواعد ابن رجب ص 281.
(32) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 193.
(33) قواعد ابن رجب ص 183.
(34) ابن عابدين 3 / 381، 5 / 446.
(35) القواعد الفقهية الكبرى 4 / 143.
(36) الخرشي 2 / 290.
(37) ابن عابدين 5 / 446.
(38) قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 1 / 179.
(39) تيسير التحرير 1 / 317، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 88 وما بعدها.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 162/ 5