البحث

عبارات مقترحة:

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الخلاق

كلمةُ (خَلَّاقٍ) في اللغة هي صيغةُ مبالغة من (الخَلْقِ)، وهو...

خَلْوَةٌ


من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - الْخَلْوَةُ فِي اللُّغَةِ: مِنْ خَلاَ الْمَكَانُ وَالشَّيْءُ يَخْلُو خُلُوًّا وَخَلاَءً، وَأَخْلَى الْمَكَانُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ وَلاَ شَيْءَ فِيهِ، وَخَلاَ الرَّجُل وَأَخْلَى وَقَعَ فِي مَكَان خَالٍ لاَ يُزَاحَمُ فِيهِ.
وَخَلاَ الرَّجُل بِصَاحِبِهِ وَإِلَيْهِ وَمَعَهُ خُلُوًّا وَخَلاَءً وَخَلْوَةً: انْفَرَدَ بِهِ وَاجْتَمَعَ مَعَهُ فِي خَلْوَةٍ، وَكَذَلِكَ خَلاَ بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةً.
وَالْخَلْوَةُ: الاِسْمُ، وَالْخِلْوُ: الْمُنْفَرِدُ، وَامْرَأَةٌ خَالِيَةٌ، وَنِسَاءٌ خَالِيَاتٌ: لاَ أَزْوَاجَ لَهُنَّ وَلاَ أَوْلاَدَ، وَالتَّخَلِّي: التَّفَرُّغُ، يُقَال: تَخَلَّى لِلْعِبَادَةِ، وَهُوَ تَفَعُّلٌ مِنَ الْخُلُوِّ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا الْمُصْطَلَحِ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (2) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ.

أ - الاِنْفِرَادُ:
2 - الاِنْفِرَادُ مَصْدَرُ انْفَرَدَ، يُقَال: انْفَرَدَ الرَّجُل بِنَفْسِهِ انْقَطَعَ وَتَنَحَّى، وَتَفَرَّدَ بِالشَّيْءِ انْفَرَدَ بِهِ، وَفَرَّدَ الرَّجُل إِذَا تَفَقَّهَ وَاعْتَزَل النَّاسَ، وَخَلاَ بِمُرَاعَاةِ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْعِبَادَةِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ: طُوبَى لِلْمُفْرِّدِينَ (3) . وَاسْتَفْرَدَ فُلاَنًا انْفَرَدَ بِهِ (4) .

ب - الْعُزْلَةُ:
3 - الْعُزْلَةُ اسْمُ مَصْدَرٍ، يُقَال عَزَلْتُ الشَّيْءَ عَنْ غَيْرِهِ عَزْلاً نَحَّيْتَهُ عَنْهُ، وَمِنْهُ عَزَلْتُ النَّائِبَ كَالْوَكِيل إِذَا أَخْرَجْتَهُ عَمَّا كَانَ لَهُ مِنَ الْحُكْمِ، وَانْعَزَل عَنِ النَّاسِ، إِذَا تَنَحَّى عَنْهُمْ جَانِبًا، وَفُلاَنٌ عَنِ الْحَقِّ بِمَعْزِلٍ، أَيْ مُجَانِبٌ لَهُ، وَتَعَزَّلْتُ الْبَيْتَ وَاعْتَزَلْتُهُ، وَالاِعْتِزَال تَجَنُّبُ الشَّيْءِ عِمَالَةً كَانَتْ أَوْ بَرَاءَةً، أَوْ غَيْرَهُمَا، بِالْبَدَنِ كَانَ ذَلِكَ أَوْ بِالْقَلْبِ. وَتَعَازَل الْقَوْمُ انْعَزَل بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَالْعُزْلَةُ: الاِنْعِزَال نَفْسُهُ، يُقَال: الْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ (5) . ج - السِّتْرُ:
4 - السِّتْرُ مَا يُسْتَرُ بِهِ، أَيْ يُغَطَّى بِهِ وَيُخْفَى، وَجَمْعُهُ سُتُورٌ، وَالسُّتْرَةُ مِثْلُهُ، قَال ابْنُ فَارِسٍ: السُّتْرَةُ مَا اسْتَتَرْتَ بِهِ كَائِنًا مَا كَانَ، وَالسِّتَارَةُ بِالْكَسْرِ، وَالسِّتَارُ بِحَذْفِ الْهَاءِ لُغَةً.
وَيُقَال لِمَا يَنْصِبُهُ الْمُصَلِّي قُدَّامَهُ عَلاَمَةً لِمُصَلاَّهُ مِنْ عَصًا، وَتَسْنِيمِ تُرَابٍ، وَغَيْرِهِ، سُتْرَةً، لأَِنَّهُ يَسْتُرُ الْمَارَّ مِنَ الْمُرُورِ أَيْ يَحْجُبُهُ. وَالاِسْتِتَارُ: الاِخْتِفَاءُ (6) .

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
5 - الْخَلْوَةُ بِمَعْنَى الاِنْفِرَادِ بِالنَّفْسِ فِي مَكَان خَالٍ، الأَْصْل فِيهَا الْجَوَازُ، بَل قَدْ تَكُونُ مُسْتَحَبَّةً، إِذَا كَانَتْ لِلذِّكْرِ وَالْعِبَادَةِ، وَلَقَدْ حُبِّبَ الْخَلاَءُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ قَبْل الْبَعْثَةِ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ (7) ، قَال النَّوَوِيُّ: الْخَلْوَةُ شَأْنُ الصَّالِحِينَ وَعِبَادِ اللَّهِ الْعَارِفِينَ (8) .
وَالْخَلْوَةُ بِمَعْنَى الاِنْفِرَادِ بِالْغَيْرِ تَكُونُ مُبَاحَةً بَيْنَ الرَّجُل وَالرَّجُل، وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا لَمْ يَحْدُثْ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ شَرْعًا، كَالْخَلْوَةِ لاِرْتِكَابِ مَعْصِيَةٍ، وَكَذَلِكَ هِيَ مُبَاحَةٌ بَيْنَ الرَّجُل وَمَحَارِمِهِ مِنَ النِّسَاءِ، وَبَيْنَ الرَّجُل وَزَوْجَتِهِ. وَمِنَ الْمُبَاحِ أَيْضًا الْخَلْوَةُ بِمَعْنَى انْفِرَادِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ فِي وُجُودِ النَّاسِ، بِحَيْثُ لاَ تَحْتَجِبُ أَشْخَاصُهُمَا عَنْهُمْ، بَل بِحَيْثُ لاَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَهُمَا.
فَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَْنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَخَلاَ بِهَا (9) وَعَنْوَنَ ابْنُ حَجَرٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِبَابِ مَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُل بِالْمَرْأَةِ عِنْدَ النَّاسِ، وَعَقَّبَ بِقَوْلِهِ: لاَ يَخْلُو بِهَا بِحَيْثُ تَحْتَجِبُ أَشْخَاصُهُمَا عَنْهُمْ، بَل بِحَيْثُ لاَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَهُمَا إِذَا كَانَ بِمَا يُخَافِتُ بِهِ كَالشَّيْءِ الَّذِي تَسْتَحِي الْمَرْأَةُ مِنْ ذِكْرِهِ بَيْنَ النَّاسِ (10) .
وَتَكُونُ الْخَلْوَةُ حَرَامًا كَالْخَلْوَةِ بِالأَْجْنَبِيَّةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ.
وَقَدْ تَكُونُ الْخَلْوَةُ بِالأَْجْنَبِيَّةِ وَاجِبَةً فِي حَال الضَّرُورَةِ، كَمَنْ وَجَدَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً مُنْقَطِعَةً فِي بَرِيَّةٍ، وَيَخَافُ عَلَيْهَا الْهَلاَكَ لَوْ تُرِكَتْ (11) .

الْخَلْوَةُ بِالأَْجْنَبِيَّةِ:
6 - الأَْجْنَبِيَّةُ: هِيَ مَنْ لَيْسَتْ زَوْجَةً وَلاَ مَحْرَمًا، وَالْمَحْرَمُ مَنْ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ، إِمَّا بِالْقَرَابَةِ، أَوِ الرَّضَاعَةِ، أَوِ الْمُصَاهَرَةِ (12) ، وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل الْخَلْوَةُ بِهَا، وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ، قَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ (13) .
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْخَلْوَةَ بِالأَْجْنَبِيَّةِ مُحَرَّمَةٌ.
وَقَالُوا: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ مِنْهُ بِمَحْرَمٍ، وَلاَ زَوْجَةٍ، بَل أَجْنَبِيَّةٌ؛ لأَِنَّ الشَّيْطَانَ يُوَسْوِسُ لَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ بِفِعْل مَا لاَ يَحِل، قَال ﷺ: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ (14) .
وَقَالُوا: إِنْ أَمَّ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَخَلاَ بِهَا، حَرُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الْخَلْوَةُ بِالأَْجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ إِلاَّ لِمُلاَزَمَةِ مَدْيُونَةٍ هَرَبَتْ، وَدَخَلَتْ خَرِبَةً (15) . الْخَلْوَةُ بِالأَْجْنَبِيَّةِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا مَعَهَا:
7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ خَلْوَةِ الرَّجُل بِالأَْجْنَبِيَّةِ مَعَ وُجُودِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَكَذَا خَلْوَةُ عَدَدٍ مِنَ الرِّجَال بِامْرَأَةٍ، فَفَصَّل الشَّافِعِيَّةُ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ، فَقَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل أَنْ يَخْلُوَ بِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْلُوَ بِنِسْوَةٍ، وَلَوْ خَلاَ رَجُلٌ بِنِسْوَةٍ، وَهُوَ مَحْرَمُ إِحْدَاهُنَّ جَازَ، وَكَذَلِكَ إِذَا خَلَتِ امْرَأَةٌ بِرِجَالٍ، وَأَحَدُهُمْ مَحْرَمٌ لَهَا جَازَ، وَلَوْ خَلاَ عِشْرُونَ رَجُلاً بِعِشْرِينَ امْرَأَةً، وَإِحْدَاهُنَّ مَحْرَمٌ لأَِحَدِهِمْ جَازَ، قَال: وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلرَّجُل أَنْ يُصَلِّيَ بِنِسَاءٍ مُنْفَرِدَاتٍ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ إِحْدَاهُنَّ مَحْرَمًا لَهُ.
وَحَكَى صَاحِبُ الْعِدَّةِ عَنِ الْقَفَّال مِثْل الَّذِي ذَكَرَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَحَكَى فِيهِ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي تَحْرِيمِ خَلْوَةِ الرَّجُل بِنِسْوَةٍ مُنْفَرِدًا بِهِنَّ.
وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ بَعْدَ إِيرَادِ الأَْقْوَال السَّابِقَةِ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُ خَلْوَةِ رَجُلٍ بِنِسْوَةٍ لاَ مَحْرَمَ لَهُ فِيهِنَّ؛ لِعَدَمِ الْمَفْسَدَةِ غَالِبًا؛ لأَِنَّ النِّسَاءَ يَسْتَحْيِينَ مِنْ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا فِي ذَلِكَ (16) .
وَفِي حَاشِيَةِ الْجَمَل: يَجُوزُ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ ثِقَتَيْنِ يَحْتَشِمُهُمَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. أَمَّا خَلْوَةُ رِجَالٍ بِامْرَأَةٍ، فَإِنْ حَالَتِ الْعَادَةُ دُونَ تَوَاطُئِهِمْ عَلَى وُقُوعِ فَاحِشَةٍ بِهَا، كَانَتْ خَلْوَةً جَائِزَةً، وَإِلاَّ فَلاَ (17) . وَفِي الْمَجْمُوعِ: إِنْ خَلاَ رَجُلاَنِ أَوْ رِجَالٌ بِامْرَأَةٍ فَالْمَشْهُورُ تَحْرِيمُهُ؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَقَعُ اتِّفَاقُ رِجَالٍ عَلَى فَاحِشَةٍ بِامْرَأَةٍ، وَقِيل: إِنْ كَانُوا مِمَّنْ تَبْعُدُ مُوَاطَأَتُهُمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ جَازَ (18) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَتَنْتَفِي عِنْدَهُمْ حُرْمَةُ الْخَلْوَةِ بِوُجُودِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ، وَهَذَا يُفِيدُ جَوَازَ الْخَلْوَةِ بِأَكْثَرَ مِنَ امْرَأَةٍ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ، أَنَّ الْخَلْوَةَ الْمُحَرَّمَةَ بِالأَْجْنَبِيَّةِ تَنْتَفِي بِالْحَائِل، وَبِوُجُودِ مَحْرَمٍ لِلرَّجُل مَعَهُمَا، أَوِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ قَادِرَةٍ (19) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تُكْرَهُ صَلاَةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ أَيْ بَيْنَ صُفُوفِ النِّسَاءِ، وَكَذَا مُحَاذَاتُهُ لَهُنَّ بِأَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ عَنْ يَمِينِهِ وَأُخْرَى عَنْ يَسَارِهِ، وَيُقَال مِثْل ذَلِكَ فِي امْرَأَةٍ بَيْنَ رِجَالٍ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كُنَّ مَحَارِمَ (20) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ تَحْرُمُ خَلْوَةُ الرَّجُل مَعَ عَدَدٍ مِنَ النِّسَاءِ أَوِ الْعَكْسِ كَأَنْ يَخْلُوَ عَدَدٌ مِنَ الرِّجَال بِامْرَأَةٍ (21) .

الْخَلْوَةُ بِالْمَخْطُوبَةِ:
8 - الْمَخْطُوبَةُ تُعْتَبَرُ أَجْنَبِيَّةً مِنْ خَاطِبِهَا، فَتَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِهَا كَغَيْرِهَا مِنَ الأَْجْنَبِيَّاتِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ (22) .

الْخَلْوَةُ بِالأَْجْنَبِيَّةِ لِلْعِلاَجِ:
9 - تَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَلَوْ لِضَرُورَةِ عِلاَجٍ إِلاَّ مَعَ حُضُورِ مَحْرَمٍ لَهَا، أَوْ زَوْجٍ، أَوِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لأَِنَّ الْخَلْوَةَ بِهَا مَعَ وُجُودِ هَؤُلاَءِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمَحْظُورِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (23) . انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (ضَرُورَةٌ) .

إِجَابَةُ الْوَلِيمَةِ مَعَ الْخَلْوَةِ:
10 - تَجِبُ إِجَابَةُ الدَّعْوَةِ إِلَى الْوَلِيمَةِ، أَوْ تُسَنُّ، إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الإِْجَابَةِ خَلْوَةٌ مُحَرَّمَةٌ، وَإِلاَّ حَرُمَتْ، كَمَا جَاءَ عَنِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ (24) .
(ر: وَلِيمَةٌ) .

الْخَلْوَةُ بِالأَْمْرَدِ:
11 - تَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِالأَْمْرَدِ إِنْ كَانَ صَبِيحًا، وَخِيفَتِ الْفِتْنَةُ، حَتَّى رَأَى الشَّافِعِيَّةُ حُرْمَةَ خَلْوَةِ الأَْمْرَدِ بِالأَْمْرَدِ وَإِنْ تَعَدَّدَ، أَوْ خَلْوَةِ الرَّجُل بِالأَْمْرَدِ وَإِنْ تَعَدَّدَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ رِيبَةٌ فَلاَ تَحْرُمُ، كَشَارِعٍ وَمَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ. انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (أَمْرَدُ) (25) .

الْخَلْوَةُ بِالْمَحَارِمِ:
12 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ خَلْوَةُ الرَّجُل بِالْمَحَارِمِ مِنَ النِّسَاءِ. وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا، وَيَخْلُوَ بِهَا - يَعْنِي بِمَحَارِمِهِ - إِذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَشْتَهِيهَا أَوْ تَشْتَهِيهِ إِنْ سَافَرَ بِهَا أَوْ خَلاَ بِهَا، أَوْ كَانَ أَكْبَرَ رَأْيِهِ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فَلاَ يُبَاحُ (26) .
وَمِمَّا يَدْخُل فِي حُكْمِ الْخَلْوَةِ بِالْمَحَارِمِ الْخَلْوَةُ بِالْمُطَلَّقَةِ طَلاَقًا رَجْعِيًّا، مَعَ اخْتِلاَفِ الْفُقَهَاءِ فِي اعْتِبَارِ هَذِهِ الْخَلْوَةِ رَجْعَةً أَمْ لاَ، عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ طَلاَقًا بَائِنًا فَهِيَ كَالأَْجْنَبِيَّةِ فِي الْحُكْمِ.

الْخَلْوَةُ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهَا:
13 - لِلْخَلْوَةِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهَا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَثَرٌ فِي تَقَرُّرِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، إِلاَّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَخْتَلِفُونَ فِي تَحْدِيدِ الْخَلْوَةِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ الأَْثَرُ. الْخَلْوَةُ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَثَرٌ:
14 - الْخَلْوَةُ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَثَرٌ هِيَ الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ، أَوْ خَلْوَةُ الاِهْتِدَاءِ كَمَا يُطْلِقُ عَلَيْهَا الْمَالِكِيَّةُ.
وَهِيَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الَّتِي لاَ يَكُونُ مَعَهَا مَانِعٌ مِنَ الْوَطْءِ، لاَ حَقِيقِيٌّ وَلاَ شَرْعِيٌّ وَلاَ طَبَعِيٌّ.
أَمَّا الْمَانِعُ الْحَقِيقِيُّ: فَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَرِيضًا مَرَضًا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ، أَوْ صَغِيرًا لاَ يُجَامِعُ مِثْلُهُ، أَوْ صَغِيرَةً لاَ يُجَامَعُ مِثْلُهَا، أَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ، لأَِنَّ الرَّتْقَ وَالْقَرَنَ يَمْنَعَانِ مِنَ الْوَطْءِ.
وَتَصِحُّ خَلْوَةُ الزَّوْجِ الْعِنِّينِ أَوِ الْخَصِيِّ؛ لأَِنَّ الْعُنَّةَ وَالْخِصَاءَ لاَ يَمْنَعَانِ مِنَ الْوَطْءِ، فَكَانَتْ خَلْوَتُهُمَا كَخَلْوَةِ غَيْرِهِمَا.
وَتَصِحُّ خَلْوَةُ الْمَجْبُوبِ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ لأَِنَّهُ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ السَّحْقُ وَالإِْيلاَدُ بِهَذَا الطَّرِيقِ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لاَ تَصِحُّ خَلْوَةُ الْمَجْبُوبِ لأَِنَّ الْجَبَّ يَمْنَعُ مِنَ الْوَطْءِ فَيَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ كَالْقَرَنِ وَالرَّتْقِ.
وَأَمَّا الْمَانِعُ الشَّرْعِيُّ: فَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا صَائِمًا صَوْمَ رَمَضَانَ أَوْ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ، أَوْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ؛ لأَِنَّ كُل ذَلِكَ مُحَرِّمٌ لِلْوَطْءِ، فَكَانَ مَانِعًا مِنَ الْوَطْءِ شَرْعًا، وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ يَمْنَعَانِ مِنْهُ طَبْعًا أَيْضًا لأَِنَّهُمَا أَذًى، وَالطَّبْعُ السَّلِيمُ يَنْفِرُ مِنَ اسْتِعْمَال الأَْذَى.وَأَمَّا فِي غَيْرِ صَوْمِ رَمَضَانَ فَقَدْ ذَكَرَ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ صَوْمَ التَّطَوُّعِ وَقَضَاءَ رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ لاَ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ. وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ نَفْل الصَّوْمِ كَفَرْضِهِ، فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الأَْخِيرَةِ أَنَّ صَوْمَ التَّطَوُّعِ يُحَرِّمُ الْفِطْرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَصَارَ كَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَذَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ.
وَفِي رِوَايَةِ بِشْرٍ أَنَّ صَوْمَ غَيْرِ رَمَضَانَ مَضْمُونٌ بِالْقَضَاءِ لاَ غَيْرُ فَلَمْ يَكُنْ قَوِيًّا فِي مَعْنَى الْمَنْعِ بِخِلاَفِ صَوْمِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ.
وَأَمَّا الْمَانِعُ الطَّبَعِيُّ: فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ؛ لأَِنَّ الإِْنْسَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ بِحَضْرَةِ ثَالِثٍ، وَيَسْتَحِي فَيَنْقَبِضُ عَنِ الْوَطْءِ بِمَشْهَدٍ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الثَّالِثُ بَصِيرًا أَمْ أَعْمَى، يَقْظَانَ أَمْ نَائِمًا، بَالِغًا أَمْ صَبِيًّا بَعْدُ، إِنْ كَانَ عَاقِلاً، رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً، أَجْنَبِيَّةً أَوْ مَنْكُوحَتَهُ؛ لأَِنَّ الأَْعْمَى إِنْ كَانَ لاَ يُبْصِرُ فَهُوَ يُحِسُّ، وَالنَّائِمُ يَحْتَمِل أَنْ يَسْتَيْقِظَ سَاعَةً فَسَاعَةً، فَيَنْقَبِضُ الإِْنْسَانُ عَنِ الْوَطْءِ، مَعَ حُضُورِهِ. وَالصَّبِيُّ الْعَاقِل بِمَنْزِلَةِ الرَّجُل يَحْتَشِمُ الإِْنْسَانُ مِنْهُ كَمَا يَحْتَشِمُ مِنَ الرَّجُل. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَاقِلاً فَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْبَهَائِمِ، لاَ يَمْتَنِعُ الإِْنْسَانُ عَنِ الْوَطْءِ لِمَكَانِهِ، وَلاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، وَالإِْنْسَانُ يَحْتَشِمُ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ، وَيَسْتَحْيِي، وَكَذَا لاَ يَحِل لَهَا النَّظَرُ إِلَيْهِمَا فَيَنْقَبِضَانِ لِمَكَانِهَا.وَلاَ تَصِحُّ الْخَلْوَةُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالطَّرِيقِ، وَالصَّحْرَاءِ، وَعَلَى سَطْحٍ لاَ حِجَابَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْمَسْجِدَ يَجْمَعُ النَّاسَ لِلصَّلاَةِ، وَلاَ يُؤْمَنُ مِنَ الدُّخُول عَلَيْهِ سَاعَةً فَسَاعَةً، وَكَذَا الْوَطْءُ فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ، قَال ﷿: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (27) .
وَالطَّرِيقُ مَمَرُّ النَّاسِ لاَ تَخْلُو عَنْهُمْ عَادَةً، وَذَلِكَ يُوجِبُ الاِنْقِبَاضَ فَيَمْنَعُ الْوَطْءَ، وَكَذَا الصَّحْرَاءُ وَالسَّطْحُ مِنْ غَيْرِ حِجَابٍ، لأَِنَّ الإِْنْسَانَ يَنْقَبِضُ عَنِ الْوَطْءِ فِي مِثْلِهِ لاِحْتِمَال أَنْ يَحْصُل هُنَاكَ ثَالِثٌ، أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ أَحَدٌ.
وَلَوْ خَلاَ بِهَا فِي حَجَلَةٍ أَوْ قُبَّةٍ فَأَرْخَى السِّتْرَ عَلَيْهِ فَهِيَ خَلْوَةٌ صَحِيحَةٌ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْبَيْتِ.
وَلاَ خَلْوَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لأَِنَّ الْوَطْءَ فِيهِ حَرَامٌ فَكَانَ الْمَانِعُ الشَّرْعِيُّ قَائِمًا (28) .
15 - وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ، وَهِيَ خَلْوَةُ الاِهْتِدَاءِ، مِنَ الْهُدُوءِ وَالسُّكُونِ؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ سَكَنٌ لِلآْخَرِ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ، وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَهُمْ بِإِرْخَاءِ السُّتُورِ، كَانَ هُنَاكَ إِرْخَاءُ سُتُورٍ، أَوْ غَلْقُ بَابٍ، أَوْ غَيْرِهِ. وَمِنَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ عِنْدَهُمْ أَيْضًا، خَلْوَةُ الزِّيَارَةِ، أَيْ زِيَارَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ. وَتَكُونُ بِخَلْوَةِ بَالِغٍ - وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا - حَيْثُ كَانَ مُطِيقًا، وَلَوْ كَانَتِ - الزَّوْجَةُ الَّتِي يَخْلُو بِهَا - حَائِضًا، أَوْ نُفَسَاءَ، أَوْ صَائِمَةً، وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَجْبُوبٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلاَفًا لِلْقَرَافِيِّ، وَأَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ شَغْلُهَا بِالْوَطْءِ، فَلاَ يَكُونُ مَعَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ نِسَاءٌ مُتَّصِفَاتٌ بِالْعِفَّةِ وَالْعَدَالَةِ، أَوْ وَاحِدَةٌ كَذَلِكَ، وَبِحَيْثُ لاَ تَقْصُرُ مُدَّةُ الْخَلْوَةِ فَلاَ تَتَّسِعُ لِلْوَطْءِ، أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهَا نِسَاءٌ مِنْ شِرَارِ النِّسَاءِ، فَالْخَلْوَةُ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَثَرٌ؛ لأَِنَّهَا قَدْ تُمَكِّنُ مِنْ نَفْسِهَا بِحَضْرَتِهِنَّ، دُونَ الْمُتَّصِفَاتِ بِالْعِفَّةِ وَالْعَدَالَةِ فَإِنَّهُنَّ يَمْنَعْنَهَا (29) .
وَجَاءَ فِي بُلْغَةُ السَّالِكِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ: أَنَّ الْخَلْوَةَ - سَوَاءٌ أَكَانَتْ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَمْ خَلْوَةَ زِيَارَةٍ - هِيَ اخْتِلاَءُ الْبَالِغِ غَيْرِ الْمَجْبُوبِ بِمُطِيقَةٍ، خَلْوَةً يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ عَادَةً، فَلاَ تَكُونُ لَحْظَةً تَقْصُرُ عَنْ زَمَنِ الْوَطْءِ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ (30) .
وَلاَ يَمْنَعُ مِنْ خَلْوَةِ الاِهْتِدَاءِ عِنْدَهُمْ وُجُودُ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ، كَحَيْضٍ، وَصَوْمٍ، وَإِحْرَامٍ؛ لأَِنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الرَّجُل إِذَا خَلاَ بِزَوْجَتِهِ أَوَّل خَلْوَةٍ لاَ يُفَارِقُهَا قَبْل وُصُولِهِ إِلَيْهَا (31) .
16 - وَالْخَلْوَةُ لاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الأَْثَرُ السَّابِقُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْجَدِيدِ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (32) الآْيَةَ وَالْمُرَادُ بِالْمَسِّ الْجِمَاعُ (33) .
17 - وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْخَلْوَةُ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَثَرٌ هِيَ الْخَلْوَةُ الَّتِي تَكُونُ بَعِيدًا عَنْ مُمَيِّزٍ، وَبَالِغٍ مُطْلَقًا، مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا، عَاقِلاً أَوْ مَجْنُونًا، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا عِنْدَهُ، وَلَمْ تَمْنَعْهُ مِنَ الْوَطْءِ إِنْ كَانَ الزَّوْجُ يَطَأُ مِثْلُهُ كَابْنِ عَشْرٍ فَأَكْثَرَ، وَكَانَتِ الزَّوْجَةُ يُوطَأُ مِثْلُهَا كَبِنْتِ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا دُونَ ذَلِكَ لَمْ يَتَقَرَّرْ بِالْخَلْوَةِ شَيْءٌ، وَلَمْ يُرَتَّبْ لَهَا أَثَرٌ.
وَلاَ يَمْنَعُ أَثَرُ الْخَلْوَةِ نَوْمَ الزَّوْجِ، وَلاَ كَوْنُهُ أَعْمَى، وَلاَ وُجُودُ مَانِعٍ حِسِّيٍّ بِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ كَجَبٍّ وَرَتْقٍ، وَلاَ وُجُودُ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ بِهِمَا، أَوْ بِأَحَدِهِمَا كَحَيْضٍ وَإِحْرَامٍ وَصَوْمٍ وَاجِبٍ.
وَمُجَرَّدُ الْخَلْوَةِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا آثَارُهَا، وَقَدْ قَال الْفَرَّاءُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (34) أَنَّهُ قَال: الإِْفْضَاءُ، الْخَلْوَةُ، دَخَل بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل؛ لأَِنَّ الإِْفْضَاءَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْفَضَاءِ، وَهُوَ الْخَالِي، فَكَأَنَّهُ قَال: وَقَدْ خَلاَ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ (35) . آثَارُ الْخَلْوَةِ:

أَوَّلاً: أَثَرُهَا فِي الْمَهْرِ:
18 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مِمَّا يَتَأَكَّدُ بِهِ الْمَهْرُ الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي اسْتَوْفَتْ شَرَائِطَهَا. فَلَوْ خَلاَ الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةً صَحِيحَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْل الدُّخُول بِهَا فِي نِكَاحٍ فِيهِ تَسْمِيَةٌ لِلْمَهْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي النِّكَاحِ تَسْمِيَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَال مَهْرِ الْمِثْل لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَال زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (36) .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: مَنْ كَشَفَ خِمَارَ امْرَأَتِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهَا وَجَبَ الصَّدَاقُ، دَخَل بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل (37) وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ.
وَرُوِيَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ قَال: قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَنَّهُ إِذَا أَرْخَى السُّتُورَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلاً، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، دَخَل بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل، حَكَى الطَّحَاوِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَغَيْرِهِمْ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ إِلَى أَنَّهُ لاَ اعْتِبَارَ بِالْخَلْوَةِ فِي تَقَرُّرِ الْمَهْرِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} (38) وَالْمُرَادُ بِالْمَسِّ الْجِمَاعُ (39) .

ثَانِيًا: أَثَرُهَا فِي الْعِدَّةِ:
19 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ بِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ، فَلاَ تَجِبُ فِي الْفَاسِدِ إِلاَّ بِالدُّخُول، أَمَّا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَتَجِبُ بِالْخَلْوَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (40) وَلأَِنَّ وُجُوبَهَا بِطَرِيقِ اسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ، وَالْحَاجَةُ إِلَى الاِسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الدُّخُول لاَ قَبْلَهُ، إِلاَّ أَنَّ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ أُقِيمَتْ مُقَامَ الدُّخُول فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ الَّتِي فِيهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى يُحْتَاطُ فِي إِيجَابِهِ؛ وَلأَِنَّ التَّسْلِيمَ بِالْوَاجِبِ بِالنِّكَاحِ قَدْ حَصَل بِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ فَتَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ كَمَا تَجِبُ بِالدُّخُول؛ لأَِنَّ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ إِنَّمَا أُقِيمَتْ مُقَامَ الدُّخُول فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِدُخُولٍ حَقِيقَةً لِكَوْنِهَا سَبَبًا مُفْضِيًا إِلَيْهِ، فَأُقِيمَتْ مُقَامَهُ احْتِيَاطًا إِقَامَةً لِلسَّبَبِ مُقَامَ الْمُسَبَّبِ فِيمَا يُحْتَاطُ فِيهِ. وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ حَتَّى وَلَوْ نَفَى الزَّوْجَانِ الْوَطْءَ فِيهَا؛ لأَِنَّ الْعِدَّةَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلاَ تَسْقُطُ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى نَفْيِ الْوَطْءِ.
وَظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ لاَ فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ بَيْنَ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا مَعَ الْمَانِعِ مِنَ الْوَطْءِ أَوْ مَعَ عَدَمِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَانِعُ حَقِيقِيًّا كَالْجَبِّ، وَالْعُنَّةِ، وَالْفَتْقِ، وَالرَّتْقِ، أَوْ شَرْعِيًّا كَالصَّوْمِ، وَالإِْحْرَامِ، وَالْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ، وَالظِّهَارِ؛ لأَِنَّ الْحُكْمَ عُلِّقَ هَاهُنَا عَلَى الْخَلْوَةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ الإِْصَابَةِ دُونَ حَقِيقَتِهَا.
وَفِي الْجَدِيدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ تَجِبُ الْعِدَّةُ بِالْخَلْوَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنِ الْوَطْءِ (41) لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (42) ثَالِثًا: أَثَرُ الْخَلْوَةِ فِي الرَّجْعَةِ:
20 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْخَلْوَةَ لَيْسَتْ بِرَجْعَةٍ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَدُل عَلَى الرَّجْعَةِ لاَ قَوْلاً وَلاَ فِعْلاً (43) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الاِرْتِجَاعِ عِلْمُ الدُّخُول وَعَدَمُ إِنْكَارِ الْوَطْءِ، فَإِنْ أَنْكَرَتْهُ لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ اخْتَلَى بِهَا فِي زِيَارَةٍ أَوْ خَلْوَةِ اهْتِدَاءٍ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ. الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ فِي خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ، أَمَّا خَلْوَةُ الاِهْتِدَاءِ فَلاَ عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهَا وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ، وَلاَ إِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ فِي زِيَارَةٍ بِخِلاَفِ الْبِنَاءِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا إِنْ كَانَتِ الزَّائِرَةُ صُدِّقَ فِي دَعْوَاهُ الْوَطْءَ فَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ كَخَلْوَةِ الْبِنَاءِ، وَقَال الصَّاوِيُّ تَعْلِيقًا عَلَى قَوْلِهِ (وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ) بِقَوْلِهِ: ذُكِرَ فِي الشَّامِل أَنَّ الْقَوْل بِعَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخَلْوَتَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ (44) .
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: الْخَلْوَةُ كَالإِْصَابَةِ فِي إِثْبَاتِ الرَّجْعَةِ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي خَلاَ بِهَا فِي ظَاهِرِ قَوْل الْخِرَقِيِّ لِقَوْلِهِ: حُكْمُهَا حُكْمُ الدُّخُول فِي جَمِيعِ أُمُورِهَا.
وَقَال أَبُو بَكْرٍ: لاَ رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إِلاَّ أَنْ يُصِيبَهَا (45) .
وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (رَجْعَةٌ) . رَابِعًا: أَثَرُ الْخَلْوَةِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ:
21 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْخَلْوَةِ وَلَوْ مِنَ الْمَجْبُوبِ، وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ رَاوِيًا عَنِ ابْنِ الشِّحْنَةِ فِي عَقْدِ الْفَرَائِدِ: إِنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَبْل الدُّخُول لَوْ وَلَدَتْ لأَِقَل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الطَّلاَقِ ثَبَتَ نَسَبُهُ لِلتَّيَقُّنِ بِأَنَّ الْعُلُوقَ كَانَ قَبْل الطَّلاَقِ، وَأَنَّ الطَّلاَقَ بَعْدَ الدُّخُول، وَلَوْ وَلَدَتْهُ لأَِكْثَرَ لاَ يَثْبُتُ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ، وَلَوِ اخْتَلَى بِهَا فَطَلَّقَهَا يَثْبُتُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لأَِكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، قَال: فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ الْخُصُوصِيَّةُ لِلْخَلْوَةِ (46) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ تَكُونُ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ بِهَا حَتَّى إِذَا وَلَدَتْ لِلإِْمْكَانِ مِنَ الْخَلْوَةِ بِهَا لَحِقَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْوَطْءِ؛ لأَِنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الاِسْتِمْتَاعُ وَالْوَلَدُ، فَاكْتَفَى فِيهِ بِالإِْمْكَانِ مِنَ الْخَلْوَةِ (47) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْخَلْوَةَ يَثْبُتُ بِهَا النَّسَبُ (48) .
انْظُرْ: (نَسَبٌ) .

خَامِسًا: أَثَرُ الْخَلْوَةِ بِالنِّسْبَةِ لاِنْتِشَارِ الْحُرْمَةِ:
22 - مِنَ الآْثَارِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ انْتِشَارُ الْحُرْمَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ تُفِيدُ حُرْمَةَ نِكَاحِ الأُْخْتِ وَأَرْبَعٍ سِوَى الزَّوْجَةِ فِي عِدَّتِهَا (49) .
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِتَحْرِيمِ بِنْتِ الزَّوْجَةِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، فَرَوَى ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ أَنَّ الْخَلْوَةَ بِالزَّوْجِ لاَ تَقُومُ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي تَحْرِيمِ بِنْتِهَا. وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ فِي نَوَادِرِ أَبِي يُوسُفَ: إِذَا خَلاَ بِهَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ، أَوْ حَال إِحْرَامِهِ لَمْ يَحِل لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَهَا، وَقَال مُحَمَّدٌ: يَحِل، فَإِنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُجْعَل وَاطِئًا، حَتَّى كَانَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ.
ثُمَّ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلاَفَ فِي الْخَلْوَةِ الْفَاسِدَةِ، أَمَّا الصَّحِيحَةُ فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهَا تُحَرِّمُ الْبِنْتَ (50) .
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: الدُّخُول بِالأُْمِّ يُحَرِّمُ الْبِنْتَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (51) .
وَهَذَا نَصٌّ وَالْمُرَادُ بِالدُّخُول فِي الآْيَةِ الْوَطْءُ كَنَّى عَنْهُ بِالدُّخُول، فَإِنْ خَلاَ بِهَا وَلَمْ يَطَأْهَا لَمْ تَحْرُمِ ابْنَتُهَا، لأَِنَّ الأُْمَّ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا، وَظَاهِرُ قَوْل الْخِرَقِيِّ تَحْرِيمُهَا لِقَوْلِهِ: فَإِنْ خَلاَ بِهَا، وَقَال لَمْ أَطَأْهَا، وَصَدَّقَتْهُ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى قَوْلِهَا، وَكَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الدُّخُول (52) .
وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ خِلاَفًا فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ فَقَال: وَأَمَّا تَحْرِيمُ الرَّبِيبَةِ فَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَحْصُل بِالْخَلْوَةِ، وَقَال الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: لاَ تَحْرُمُ، وَحَمَل الْقَاضِي كَلاَمَ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُ حَصَل مَعَ الْخَلْوَةِ نَظَرٌ أَوْ مُبَاشَرَةٌ، فَيُخَرَّجُ كَلاَمُهُ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي أَنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لاَ يَحْرُمُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} وَالدُّخُول كِنَايَةٌ عَنِ الْوَطْءِ وَالنَّصُّ صَرِيحٌ فِي إِبَاحَتِهَا بِدُونِهِ، فَلاَ يَجُوزُ خِلاَفُهُ (53) .
(ر: نِكَاحٌ - صِهْرٌ - مُحَرَّمَاتٌ) .
__________
(1) لسان العرب، المصباح المنير، الكليات، المفردات للراغب.
(2) البدائع 2 / 293، الصاوي على الشرح الصغير 1 / 313 ط الحلبي، المجموع 4 / 155 وما بعدها، شرح منتهى الإرادات 3 / 7، شرح صحيح مسلم للنووي 2 / 198.
(3) حديث: " طوبى للمفردين ". أورده ابن الأثير في النهاية (3 / 425 - ط الحلبي) دون عزوه لأحد، وقد ورد بلفظ: " سبق المفردون "، أخرجه مسلم (4 / 2062 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(4) لسان العرب، المصباح المنير مادة: " فرد ".
(5) لسان العرب، المصباح المنير، المفردات للراغب مادة: " عزل ".
(6) اللسان، المصباح المنير، مفردات الراغب مادة: " ستر ".
(7) حديث: " كان يخلو بغار حراء يتحنث فيه ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 23 - ط السلفية) من حديث عائشة.
(8) شرح صحيح مسلم 2 / 198.
(9) حديث: " جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي ﷺ. . " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 333 - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.
(10) فتح الباري 9 / 333.
(11) البدائع 5 / 125، ابن عابدين 5 / 235، 236، الحطاب 3 / 410، المجموع 4 / 157، تحقيق المطيعي، المغني 6 / 553، منتهى الإرادات 3 / 7.
(12) البدائع 2 / 124.
(13) حديث: " لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 331 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن عباس.
(14) حديث: " لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ". أخرجه الترمذي (4 / 466 - ط الحلبي) من حديث عمر بن الخطاب، وقال: " حسن صحيح ".
(15) الأشباه والنظائر لابن نجيم / 288، والفواكه الدواني 2 / 409، 410، والمجموع 4 / 155، ومطالب أولي النهى 5 / 18، وشرح منتهى الإرادات 3 / 7.
(16) المجموع 7 / 61، 62.
(17) حاشية الجمل 4 / 466.
(18) المجموع 4 / 156.
(19) ابن عابدين 5 / 236.
(20) بلغة السالك والشرح الصغير 1 / 158، 159.
(21) شرح منتهى الإرادات 3 / 7.
(22) ابن عابدين 5 / 237، البناية في شرح الهداية 3 / 442، شرح البهجة 4 / 93، 94، الفواكه الدواني 2 / 410، مطالب أولي النهى 5 / 12.
(23) الفواكه الدواني 2 / 410، مغني المحتاج 3 / 133، مطالب أولي النهى 5 / 12.
(24) منح الجليل 2 / 167، 168، حاشية الجمل على المنهاج 4 / 272، مطالب أولي النهى 5 / 234.
(25) الموسوعة الفقهية 3 / 252.
(26) الفتاوى الخانية بهامش الفتاوى الهندية 3 / 407.
(27) سورة البقرة / 187.
(28) البدائع 2 / 292 - 293.
(29) حاشية الدسوقي والشرح الكبير 2 / 468.
(30) بلغة السالك والشرح الصغير 1 / 497، 498.
(31) الشرح الصغير 1 / 413، 498، جواهر الإكليل 1 / 308.
(32) سورة البقرة / 237.
(33) مغني المحتاج 3 / 225.
(34) سورة النساء / 21.
(35) شرح منتهى الإرادات 3 / 76، 83، المغني 6 / 724.
(36) سورة النساء / 20، 21.
(37) حديث: " من كشف خمار امرأة ونظر إليها. . " أخرجه الدارقطني (3 / 307 - ط دار المحاسن) من حديث محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مرسلاً، وفي إسناده ضعف كذلك، فقد علقه عنه البيهقي في السنن (7 / 256 - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال: " وهذا منقطع، وبعض رواه غير محتج
(38) سورة البقرة / 237.
(39) البدائع 2 / 294، الشرح الصغير 1 / 413 ط الحلبي، والزرقاني 3 / 10، ومغني المحتاج 3 / 225، المغني 6 / 724.
(40) سورة الأحزاب / 49.
(41) البدائع 3 / 191، الزرقاني 4 / 199، مغني المحتاج 3 / 384، المغني 7 / 451.
(42) سورة الأحزاب / 49.
(43) الاختيار 3 / 147.
(44) الشرح الصغير 1 / 474.
(45) الشرح الصغير 1 / 474، المغني 7 / 290، 291.
(46) ابن عابدين 2 / 341.
(47) شرح المنهاج للجلال المحلي 4 / 61.
(48) منتهى الإرادات 3 / 213.
(49) ابن عابدين 2 / 341 نشر دار إحياء التراث.
(50) ابن عابدين 22 / 278، الطبعة السابقة، الفتاوى البزازية بهامش الفتاوى الهندية 4 / 141.
(51) سورة النساء / 23.
(52) المغني 6 / 725.
(53) المغني 6 / 570.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 265/ 19