الباطن
هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...
تصرف الحاكم في مال شخص على سبيل الإكراه بحَقٍّ، أو الْبَيْعُ عَلَيْهِ نِيَابَةً عَنْهُ، لإِيفَاءِ حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ، أو لِدَفْعِ ضَرَرٍ، أو تَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ . ومن أمثلته إجبار الحاكمِ المحتكرَ على بيع ماله بقيمة المثل دَفْعًا لِلضَّرَرِ عن الناس، للحديث الشريف : "لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ ". مسلم : 1605.
تصرف الحاكم في مال شخص على سبيل الإكراه بحَقٍّ، أو الْبَيْعُ عَلَيْهِ نِيَابَةً عَنْهُ، لإِيفَاءِ حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ، أو لِدَفْعِ ضَرَرٍ، أو تَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ.
تَعْرِيفُهُ:
1 - الْبَيْعُ الْجَبْرِيُّ مُرَكَّبٌ مِنْ لَفْظَيْنِ: " الْبَيْعُ " وَ " الْجَبْرِيُّ "
فَالْبَيْعُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ (1) . وَالْجَبْرِيُّ: مِنْ جَبَرَهُ عَلَى الأَْمْرِ جَبْرًا: حَمَلَهُ عَلَيْهِ قَهْرًا (2) .
فَالْبَيْعُ الْجَبْرِيُّ فِي اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ هُوَ: الْبَيْعُ الْحَاصِل مِنْ مُكْرَهٍ بِحَقٍّ، أَوِ الْبَيْعُ عَلَيْهِ نِيَابَةً عَنْهُ، لإِِيفَاءِ حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ، أَوْ لِدَفْعِ ضَرَرٍ، أَوْ تَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الإِْكْرَاهُ عَلَى الْبَيْعِ:
2 - الإِْكْرَاهُ فِي اللُّغَةِ: حَمْل الإِْنْسَانِ عَلَى أَمْرٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (4) . وَفِي الشَّرْعِ: فِعْلٌ يُوجِدُهُ الْمُكْرِهُ فَيَدْفَعُ الْمُكْرَهَ إِلَى مَا طَلَبَ مِنْهُ (5) .
فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الْجَبْرِيِّ: أَنَّ الْبَيْعَ الْجَبْرِيَّ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِحَقٍّ، أَمَّا الْبَيْعُ بِالإِْكْرَاهِ فَهُوَ فِي الأَْصْل أَعَمُّ، لَكِنَّ الْغَالِبَ إِطْلاَقُهُ عَلَى الإِْكْرَاهِ بِلاَ حَقٍّ.
ب - بَيْعُ التَّلْجِئَةِ:
3 - بَيْعُ التَّلْجِئَةِ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: أَنْ يُظْهِرَا عَقْدًا وَهُمَا لاَ يُرِيدَانِهِ، يَلْجَأُ إِلَيْهِ صَاحِبُ الْمَال خَوْفًا مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ (6) .
فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الْجَبْرِيِّ أَنَّ بَيْعَ التَّلْجِئَةِ فِيهِ صُورَةُ الْبَيْعِ لاَ حَقِيقَتُهُ.
حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْبَيْعِ الْجَبْرِيِّ بِاخْتِلاَفِ سَبَبِهِ، فَإِنْ كَانَ لإِِيفَاءِ حَقٍّ، كَبَيْعِ مَالِهِ لإِِيفَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ، وَبِطَلَبِ صَاحِبِ الْحَقِّ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَكَذَا إِذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، كَتَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ الَّذِي ضَاقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ، أَوِ الطَّرِيقِ الْعَامِّ (7) .
وَيَقُومُ الْبَيْعُ فِي الْفِقْهِ الإِْسْلاَمِيِّ - كَسَائِرِ الْعُقُودِ الْقَوْلِيَّةِ - عَلَى التَّرَاضِي الْحُرِّ عَلَى إِنْشَائِهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (8)
وَخَبَرِ: إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ (9) وَلاَ يُقِرُّ الْفُقَهَاءُ بَيْعًا لَمْ يَقُمْ عَلَى التَّرَاضِي مِنَ الْجَانِبَيْنِ: الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، إِلاَّ مَا تُوجِبُهُ الْمَصْلَحَةُ الْعَامَّةُ لإِِحْقَاقِ حَقٍّ، أَوْ تَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِهِمْ: الإِْكْرَاهُ الْمَشْرُوعُ، أَوِ الإِْكْرَاهُ بِحَقٍّ.
وَمِنْهَا: الْعُقُودُ الْجَبْرِيَّةُ الَّتِي يُجْرِيهَا الْحَاكِمُ، إِمَّا مُبَاشَرَةً نِيَابَةً عَمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ إِجْرَاؤُهَا، إِذَا امْتَنَعَ عَنْهَا، أَوْ يُجْبَرُ هُوَ عَلَى إِجْرَائِهَا.
وَيَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ أَمْثِلَةً لِلْجَبْرِ الْمَشْرُوعِ عَلَى الْبَيْعِ مِنْهَا:
إِجْبَارُ الْمَدِينِ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ:
5 - يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ لإِِيفَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ، إِذَا امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهِ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، فَيَجْبُرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ بِالتَّعْزِيرِ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ أَوِ الضَّرْبِ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الاِمْتِنَاعِ قَضَى الْحَاكِمُ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ جَبْرًا عَلَيْهِ، إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ.
هَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. أَمَّا إِذَا كَانَ مَالُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَالْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ، فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الإِْمَامَ يَبِيعُ مَالَهُ عَلَيْهِ جَبْرًا نِيَابَةً عَنْهُ (10) .
وَعِنْدَ الإِْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، لاَ يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَهُ عَلَيْهِ، بَل يَحْبِسُهُ حَتَّى يَقُومَ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ بِبَيْعِ مَالِهِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ وِلاَيَةَ الْحَاكِمِ - فِي نَظَرِ الإِْمَامِ - عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، لاَ عَلَى مَالِهِ، فَلَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلأَِنَّ الْبَيْعَ تِجَارَةٌ وَلاَ يَصِحُّ إِلاَّ بِتَرَاضٍ، وَفِيهِ أَيْضًا نَوْعٌ مِنَ الْحَجْرِ الَّذِي لاَ يُجِيزُهُ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَدْ خَالَفَهُ صَاحِبَاهُ فِي ذَلِكَ، فَأَجَازَا بَيْعَ الْحَاكِمِ مَالَهُ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ بَيْعًا جَبْرِيًّا، وَرَأْيُهُمَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ (11) .
بَيْعُ الْمَرْهُونِ:
6 - إِذَا رَهَنَ عَيْنًا بِدَيْنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ، وَحَل الأَْجَل، وَامْتَنَعَ الْمَدِينُ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِ الْمَرْهُونِ، أَوْ بَاعَ عَلَيْهِ نِيَابَةً عَنْهُ، لأَِنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ عَلَيْهِ، فَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهِ قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فِي أَدَائِهِ، كَالإِْيفَاءِ فِي جِنْسِ الدَّيْنِ. وَلِلتَّفْصِيل ر: (رَهْن) .
وَقَال الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ: لاَ يَبِيعُ عَرَضَهُ وَلاَ عَقَارَهُ، بَل يَحْبِسُهُ حَتَّى يَرْضَى بِبَيْعِ مَالِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ (12) .
جَبْرُ الْمُحْتَكِرِ:
7 - إِذَا كَانَ عِنْدَ إِنْسَانٍ طَعَامٌ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِ، يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ وَامْتَنَعَ عَنْ بَيْعِهِ لَهُمْ، أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ (13) . وَلِلتَّفْصِيل ر: (احْتِكَار)
الْجَبْرُ عَلَى الْبَيْعِ لِلنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ:
8 - إِذَا امْتَنَعَ الْمُكَلَّفُ عَنِ الإِْنْفَاقِ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ كَالزَّوْجَةِ وَالأَْوْلاَدِ وَالأَْبَوَيْنِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ نَقْدٌ ظَاهِرٌ بَاعَ الْحَاكِمُ عُرُوضَهُ أَوْ عَقَارَهُ لِلإِْنْفَاقِ عَلَيْهِمْ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي (النَّفَقَة) .
الأَْخْذُ بِالشُّفْعَةِ جَبْرًا:
9 - الشُّفْعَةُ حَقٌّ مَنَحَهُ الشَّرْعُ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ، أَوِ الْجَارِ الْمُلاَصِقِ، فَيَتَمَلَّكُ الشِّقْصَ الْمَبِيعَ عَنْ مُشْتَرِيهِ بِمَا قَامَ عَلَيْهِ مِنَ الثَّمَنِ وَالتَّكَالِيفِ جَبْرًا عَلَيْهِ.
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ (شُفْعَة) .
__________
(1) أسنى المطالب 2 / 2
(2) المصباح المنير مادة: " جبر "
(3) تعريف استخلصناه من أمثلة البيع الجبري، من كتب الفقه
(4) مختار الصحاح، والمصباح المنير مادة " كره "، وابن عابدين 5 / 80.
(5) حاشية ابن عابدين 5 / 80
(6) حاشية ابن عابدين 4 / 244
(7) الدسوقي 3 / 6 - 7
(8) سورة النساء / 29
(9) حديث: " إنما البيع عن تراض " أخرجه ابن ماجه (2 / 737 - ط الحلبي) . وقال البوصيري: إسناده صحيح ورجاله موثقون.
(10) روضة الطالبين 4 / 137، وبداية المجتهد 2 / 307 - 308، والدسوقي 3 / 269، والإنصاف 5 / 276، والمغني 4 / 484، والاختيار لتعليل المختار 2 / 98
(11) ابن عابدين 5 / 95، والاختيار 2 / 98
(12) روضة الطالبين 4 / 88، وحاشية الدسوقي 3 / 151، والمغني 4 / 447، وابن عابدين 5 / 325
(13) ابن عابدين 5 / 256، وقليوبي 2 / 156.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 70/ 9