الحفيظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...
إحداث اضطراب، وفزع في القلب . ومن ذلك تذكير المرء بمكروه يناله، أو محبوب يفوته في المستقبل، مظنوناً، أو متيقناً . وفي ذلك قوله تعالى : ﭽﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭﭼآل عمرن :175.
إحداث اضطراب، وفزع في القلب.
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّخْوِيفُ مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ التَّفْعِيل، وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: جَعْل الشَّخْصِ يَخَافُ، أَوْ جَعْلُهُ بِحَالَةٍ يَخَافُ النَّاسَ. يُقَال: خَوَّفَهُ تَخْوِيفًا: أَيْ جَعَلَهُ يَخَافُ، أَوْ صَيَّرَهُ بِحَالٍ يَخَافُهُ النَّاسُ. وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيزِ: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} (1) أَيْ يَجْعَلُكُمْ تَخَافُونَ أَوْلِيَاءَهُ، وَقَال ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ يُخَوِّفُكُمْ بِأَوْلِيَائِهِ. (2)
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الإِْنْذَارُ:
2 - الإِْنْذَارُ هُوَ: التَّخْوِيفُ مَعَ إِعْلاَمِ مَوْضِعِ الْمَخَافَةِ. فَإِذَا خَوَّفَ الإِْنْسَانُ غَيْرَهُ وَأَعْلَمَهُ حَال مَا يُخَوِّفُهُ بِهِ، فَقَدْ أَنْذَرَهُ.
فَالإِْنْذَارُ أَخَصُّ مِنَ التَّخْوِيفِ. الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
مَا يَكُونُ التَّخْوِيفُ بِهِ إِكْرَاهًا:
أ - التَّخْوِيفُ بِالْقَتْل وَالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ:
3 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - أَنَّ الإِْكْرَاهَ يَحْصُل بِتَخْوِيفٍ بِقَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ حَبْسٍ طَوِيلٍ. (3)
أَمَّا التَّخْوِيفُ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ الْيَسِيرَيْنِ فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ، فَالتَّخْوِيفُ بِضَرْبِ سَوْطٍ أَوْ حَبْسِ يَوْمٍ فِي حَقِّ مَنْ لاَ يُبَالِي لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ، إِلاَّ أَنَّ التَّخْوِيفَ بِهِمَا يُعْتَبَرُ إِكْرَاهًا فِي حَقِّ ذِي جَاهٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْتَضِرُّ بِهِمَا، كَمَا يَتَضَرَّرُ وَاحِدٌ مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ بِالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَذَلِكَ كَالْقَاضِي وَعَظِيمِ الْبَلَدِ، فَإِنَّ مُطْلَقَ الْقَيْدِ وَالْحَبْسِ إِكْرَاهٌ فِي حَقِّهِ. (4)
وَقَال الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - حَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ - أَنَّ الإِْكْرَاهَ يَحْصُل بِالتَّخْوِيفِ بِالْقَتْل فَقَطْ.
وَهُنَاكَ وَجْهٌ آخَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ التَّخْوِيفَ بِالْحَبْسِ لاَ يَكُونُ إِكْرَاهًا. (5)
ب - التَّخْوِيفُ بِأَخْذِ الْمَال وَإِتْلاَفِهِ:
4 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - حُصُول الإِْكْرَاهِ بِالتَّخْوِيفِ بِأَخْذِ الْمَال " إِذَا قَال مُتَغَلِّبٌ لِرَجُلٍ: إِمَّا أَنْ تَبِيعَنِي هَذِهِ الدَّارَ أَوْ أَدْفَعَهَا إِلَى خَصْمِكَ، فَبَاعَهَا مِنْهُ، فَهُوَ بَيْعُ مُكْرَهٍ.
وَيَشْتَرِطُ الْقُهُسْتَانِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لِحُصُول الإِْكْرَاهِ - كَمَا يُفْهَمُ مِنْ سِيَاقِ عِبَارَةِ رَدِّ الْمُحْتَارِ - كَوْنُ التَّخْوِيفِ بِإِتْلاَفِ كُل الْمَال. (6)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ - وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - إِنَّ الإِْكْرَاهَ يَحْصُل بِأَخْذِ الْمَال الْكَثِيرِ وِإِتْلاَفِهِ. وَهُنَاكَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - وَهُوَ أَحَدُ الأَْقْوَال الثَّلاَثَةِ لِلْمَالِكِيَّةِ - أَنَّ التَّخْوِيفَ بِأَخْذِ الْمَال لَيْسَ إِكْرَاهًا. (7)
وَلِلْفُقَهَاءِ تَفَاصِيل فِي مَعْنَى الإِْكْرَاهِ وَأَنْوَاعِهِ وَشُرُوطِهِ وَأَثَرِهِ وَمَا يَكُونُ التَّخْوِيفُ بِهِ إِكْرَاهًا تُنْظَرُ فِي مَوَاطِنِهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَفِي مُصْطَلَحِ (إِكْرَاهٌ) .
الْقَتْل تَخْوِيفًا:
5 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي إِمْكَانِ حُصُول الْقَتْل بِالتَّخْوِيفِ. كَمَنْ شَهَرَ سَيْفًا فِي وَجْهِ إِنْسَانٍ، أَوْ دَلاَّهُ مِنْ مَكَانٍ شَاهِقٍ فَمَاتَ مِنْ رَوْعَتِهِ، وَكَمَنْ صَاحَ فِي وَجْهِ إِنْسَانٍ فَجْأَةً فَمَاتَ مِنْهَا، وَكَمَنْ رَمَى عَلَى شَخْصٍ حَيَّةً فَمَاتَ رُعْبًا وَمَا إِلَى ذَلِكَ. (8)
وَتُنْظَرُ التَّفَاصِيل الْمُتَعَلِّقَةُ بِأَنْوَاعِ الْقَتْل، وَصِفَةِ كُل نَوْعٍ، وَحُكْمِ الْقَتْل بِالتَّخْوِيفِ فِي مُخْتَلَفِ صُوَرِهِ فِي مُصْطَلَحِ (قَتْلٌ) .
الإِْجْهَاضُ بِسَبَبِ التَّخْوِيفِ:
6 - يَرَى الْفُقَهَاءُ وُجُوبَ الضَّمَانِ عَلَى مَنْ خَوَّفَ امْرَأَةً فَأَجْهَضَتْ بِسَبَبِ التَّخْوِيفِ، عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ فِي الإِْجْهَاضِ الْمُعَاقَبِ عَلَيْهِ، (9) وَعُقُوبَةُ الإِْجْهَاضِ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (إِجْهَاضٌ) .
__________
(1) سورة آل عمران / 175
(2) محيط المحيط، والقاموس المحيط، ولسان العرب مادة: " خوف "
(3) نهاية المحتاج 6 / 436 - 437 ط مصطفى الحلبي، والبناية شرح الهداية 8 / 173، وجواهر الإكليل 1 / 340، والمغني مع الشرح الكبير 8 / 260، و 261، والإنصاف 8 / 439 - 440 ط دار إحياء التراث العربي
(4) نهاية المحتاج 6 / 437، وروضة الطالبين 8 / 59، والبناية شرح الهداية 8 / 175، وحاشية ابن عابدين 5 / 81، والمغني مع الشرح الكبير 8 / 261، 262، والإنصاف 8 / 440، وجواهر الإكليل 1 / 340، وبلغة السالك 2 / 169 ط عيسى الحلبي
(5) نهاية المحتاج 6 / 437، وروضة الطالبين 8 / 59 - 60، والإنصاف 8 / 440
(6) حاشية ابن عابدين 5 / 80 ط بولاق، وبلغة السالك 2 / 169 ط عيسى الحلبي
(7) بلغة السالك 2 / 169، ونهاية المحتاج 6 / 437، وروضة الطالبين 8 / 59 - 60، والإنصاف 8 / 439 - 440
(8) المغني مع الشرح الكبير 9 / 578، وحاشية ابن عابدين 5 / 377 ط بولاق، وبدائع الصنائع 7 / 235 ط الجمالية، والشرح الصغير للدردير 4 / 342، ونهاية المحتاج 7 / 329، 330، وقليوبي وعميرة 4 / 145
(9) قليوبي وعميرة 4 / 159، والشرح الصغير للدردير 4 / 377، وحاشية ابن عابدين 5 / 377 ط بولاق، وكشاف القناع 6 / 16 ط عالم الكتب
الموسوعة الفقهية الكويتية: 65/ 11