الملك
كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...
إِصْلاَحُ الشَّيْءِ إذا فسد، أو إدخال بعض التحسينات عليه . ومن أمثلته اشتراط المستأجر على المؤجِّر في عقد الإيجار ترميم المؤجَّر .
التَّرمِيمُ: الإصْلاحُ والتَّرْقِيعُ، مَأْخوذٌ مِنْ رَمَّ العَظْمَ: إذا جَرَى فِيهِ المُخُّ. والرَّمُّ: إِصْلاحُ الشَّيْءِ البالي الذي فَسَدَ بَعْضُهُ كَالـحَبْلِ، أو الجِدارِ.
يَرِد مُصْطلَح (تَرْمِيم) في كِتابِ الإجارَةِ، عند الكلام عن إصلاح الدّار الـمُستَأْجَرَةِ إذا أَصابَـها التَّلَفُ، وفي كتاب الرَّهْنِ، عند الحديث عن إِصْلاحِ الرَّهْنِ، وفي كتاب الجهاد، باب: أَحْكام عَقْدِ الجِزْيةِ.
رمم
إصْلاحُ ما فَسَدَ مِن الأَعْيانِ.
التَّرمِيمُ: هو إِصْلاحُ ما فَسَدَ مِن الأَشْياءِ، كالبُيوتِ والـمَساجِدِ ونحْوِها، وذلك بِإِصْلاحِ الـمَكْسُورِ منها، وإقامَةِ المائِلِ، وتَطْيِينِ الجُدرانِ، ونحْوِ ذلك مِمّا تَدْعُو الحاجَةُ إلَيْهِ؛ لتَحْصِيلِ الانتِفاعِ بها.
التَّرمِيمُ: الإصْلاحُ والتَّرْقِيعُ، والرَّمُّ: إِصْلاحُ الشَّيْءِ البالي الذي فَسَدَ بَعْضُهُ كَالـحَبْلِ، أو الجِدارِ.
إِصْلاَحُ الشَّيْءِ إذا فسد، أو إدخال بعض التحسينات عليه.
* المحكم والمحيط الأعظم : (10/244)
* المفردات في غريب القرآن : (ص 203)
* مشارق الأنوار : (1/129)
* مختار الصحاح : (ص 267)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (1/239)
* إعلام الساجد باحكام المساجد : (ص 403)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 163)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 128) -
التَّعْرِيفُ:
1 - لِلتَّرْمِيمِ فِي اللُّغَةِ مَعَانٍ. مِنْهَا: الإِْصْلاَحُ. يُقَال: رَمَّمْتُ الْحَائِطَ وَغَيْرَهُ تَرْمِيمًا: أَصْلَحْتُهُ.
وَرَمَّمْتُ الشَّيْءَ أَرُمُّهُ وَأَرِمُّهُ رَمًّا وَمَرَمَّةً: إِذَا أَصْلَحْتُهُ.
وَيُقَال: قَدْ رَمَّ شَأْنَهُ. وَاسْتَرَمَّ الْحَائِطَ: أَيْ حَانَ لَهُ أَنْ يُرَمَّ، وَذَلِكَ إِذَا بَعُدَ عَهْدُهُ بِالتَّطْيِينِ وَنَحْوِهِ.
وَالرَّمُّ: إِصْلاَحُ الشَّيْءِ الَّذِي فَسَدَ بَعْضُهُ مِنْ نَحْوِ حَبْلٍ يَبْلَى فَيَرُمُّهُ، أَوْ دَارٍ تُرَمُّ مَرَمَّةً. (1)
وَلاَ يَخْرُجُ فِي مَعْنَاهُ الاِصْطِلاَحِيِّ عَنْ هَذَا.
وَالتَّرْمِيمُ قَدْ يَكُونُ بِقَصْدِ التَّقْوِيَةِ، إِذَا كَانَ الشَّيْءُ مُعَرَّضًا لِلتَّلَفِ، وَقَدْ يَكُونُ بِقَصْدِ التَّحْسِينِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
أَوَّلاً: تَرْمِيمُ الْوَقْفِ:
2 - إِذَا احْتَاجَتْ عَيْنُ الْوَقْفِ إِلَى تَرْمِيمٍ، فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِهِ مِنْ غَلَّتِهِ قَبْل الصَّرْفِ إِلَى الْمُسْتَحِقِّينَ؛ لأَِنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ صَرْفُ الْغَلَّةِ مُؤَبَّدًا، وَلاَ تَبْقَى دَائِمَةً إِلاَّ بِعِمَارَتِهِ، وَمَا بَقِيَ بَعْدَ الْعِمَارَةِ يُصْرَفُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ، هَذَا مَا عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ.
وَفِي هَذَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ، ثُمَّ الْفَاضِل لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِلْمُسْتَحِقِّينَ، لَزِمَ النَّاظِرَ إِمْسَاكُ قَدْرِ مَا تَحْتَاجُهُ الْعِمَارَةُ كُل سَنَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْهُ وَقْتَ الإِْمْسَاكِ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَحْدُثَ فِي الْوَقْفِ بَعْدَ التَّوْزِيعِ حَدَثٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَرْمِيمٍ وَلاَ يَجِدُ غَلَّةً يُرَمِّمُ بِهَا، بِخِلاَفِ مَا إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَعَدَمِهِ: أَنَّهُ مَعَ السُّكُوتِ تُقَدَّمُ الْعِمَارَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَلاَ يُدَّخَرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَمَعَ الاِشْتِرَاطِ تُقَدَّمُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَيُدَّخَرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا، ثُمَّ يُفَرَّقُ الْبَاقِي؛ لأَِنَّ الْوَاقِفَ إِنَّمَا جَعَل الْفَاضِل عَنْهَا لِلْفُقَرَاءِ.
وَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ دَارًا، فَعِمَارَتُهَا عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى، أَيْ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهَا مِنْ مَالِهِ لاَ مِنَ الْغَلَّةِ، إِذْ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ. وَمُفَادُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلسُّكْنَى غَيْرَ سَاكِنٍ فِيهَا يَلْزَمُهُ التَّعْمِيرُ مَعَ السَّاكِنِينَ؛ لأَِنَّ تَرْكَهُ لِحَقِّهِ لاَ يُسْقِطُ حَقَّ الْوَقْفِ، فَيُعَمِّرُ مَعَهُمْ، وَإِلاَّ تُؤَجَّرُ حِصَّتُهُ. وَلَوْ أَبَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى، أَوْ عَجَزَ لِفَقْرِهِ، آجَرَهَا الْحَاكِمُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَمَّرَهَا بِأُجْرَتِهَاكَعِمَارَةِ الْوَقْفِ، ثُمَّ يَرُدُّهَا بَعْدَ التَّعْمِيرِ إِلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ.
3 - فَإِذَا امْتَنَعَ عَنِ الْعِمَارَةِ مِنْ مَالِهِ يُؤَجِّرُهَا الْمُتَوَلِّي وَيُعَمِّرُهَا مِنْ غَلَّتِهَا؛ لأَِنَّهَا مَوْقُوفَةٌ لِلْغَلَّةِ.
وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ وَامْتَنَعَ مِنْ عِمَارَتِهَا يَنْصِبُ غَيْرَهُ لِيُعَمِّرَهَا، أَوْ يُعَمِّرُهَا الْحَاكِمُ. وَلَوْ احْتَاجَ الْخَانُ (2) الْمَوْقُوفُ إِلَى الْمَرَمَّةِ آجَرَ بَيْتًا أَوْ بَيْتَيْنِ مِنْهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ، أَوْ يُؤْذَنُ لِلنَّاسِ بِالنُّزُول فِيهِ سَنَةً، وَيُؤَجَّرُ سَنَةً أُخْرَى، وَيُرَمُّ مِنْ أُجْرَتِهِ. (3)
وَيَقُول الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ إِصْلاَحَ الْوَقْفِ مِنْ غَلَّتِهِ. فَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ إِصْلاَحَهُ يُلْغَى الشَّرْطُ، وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ، وَيُصْلَحُ مِنْ غَلَّتِهِ. فَإِنْ أَصْلَحَ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الإِْصْلاَحُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ لاَ بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا.
فَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ غَلَّتِهِ بِمَنَافِعِ أَهْلِهِ، وَيَتْرُكَ إِصْلاَحَ مَا تَهَدَّمَ مِنْهُ، أَوْ يَتْرُكَ الإِْنْفَاقَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ حَيَوَانًا بَطَل شَرْطُهُ، وَتَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِمَرَمَّتِهِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ. (4)
وَلَمَّا كَانَتْ رَقَبَةُ الْوَقْفِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لِلْوَاقِفِ وَالْغَلَّةُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إِذَا خَرِبَ الْوَقْفُ فَلِلْوَاقِفِ إِنْ كَانَ حَيًّا - وَلِوَارِثِهِ إِنْ مَاتَ - مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ إِصْلاَحَهُ إِذَا خَرِبَ أَوِ احْتَاجَ لِلإِْصْلاَحِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلأَِنَّ إِصْلاَحَ الْغَيْرِ مَظِنَّةٌ لِتَغْيِيرِ مَعَالِمِهِ، وَهَذَا إِذَا أَصْلَحَهُ الْوَاقِفُ أَوْ وَرَثَتُهُ، وَإِلاَّ فَلَيْسَ لَهُمُ الْمَنْعُ، بَل الأَْوْلَى لَهُمْ تَمْكِينُ مَنْ أَرَادَ بِنَاءَهُ إِذَا خَرِبَ؛ لأَِنَّهُ مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى الْخَيْرِ.
وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ، وَأَمَّا هِيَ فَقَدِ ارْتَفَعَ مِلْكُهُ عَنْهَا قَطْعًا. (5)
وَيَقُول الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ خَرِبَتِ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ، وَلَمْ يُعَمِّرْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لِلْوَقْفِ مَالٌ كَانَتْ عِمَارَتُهُ فِي مَال الْوَقْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُوجِرَ وَعُمِّرَ مِنْ أُجْرَتِهِ. فَإِذَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُ الْوَقْفِ وَكَانَ حَيَوَانًا كَخَيْل الْجِهَادِ، فَالنَّفَقَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَال.
أَمَّا عِمَارَةُ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ فَلاَ تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ كَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِخِلاَفِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ تَجِبُ لِصِيَانَةِ رُوحِهِ. وَرَيْعُ الأَْعْيَانِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ إِذَا انْهَدَمَ وَتُوُقِّعَ عَوْدُهُ حُفِظَ لَهُ، وَإِلاَّ فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ صُرِفَ إِلَيْهِ، وَإِلاَّ فَمُنْقَطِعُ الآْخِرِ فَيُصْرَفُ لأَِقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صُرِفَ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
4 - أَمَّا غَيْرُ الْمُنْهَدِمِ فَمَا فَضَل مِنْ غَلَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَى مَصَالِحِهِ يُشْتَرَى بِهَا عَقَارٌ وَيُوقَفُ عَلَيْهِ، بِخِلاَفِ الْمَوْقُوفِ عَلَى عِمَارَتِهِ يَجِبُ ادِّخَارُهُ لأَِجْلِهَا، وَإِلاَّ لَمْ يَعُدْ مِنْهُ شَيْءٌ لأَِجْلِهَا؛ لأَِنَّهُ يُعَرَّضُ لِلضَّيَاعِ أَوْ لِظَالِمٍ يَأْخُذُ.
5 - وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيَرْجِعُ عِنْدَهُمْ إِلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي الإِْنْفَاقِ عَلَى الْوَقْفِ وَفِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ، لأَِنَّهُ ثَبَتَ بِوَقْفِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يُتْبَعَ فِيهِ شَرْطُهُ. فَإِنْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ الإِْنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا عَمِل بِهِ رُجُوعًا إِلَى شَرْطِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ - وَكَانَ الْمَوْقُوفُ ذَا رُوحٍ كَالْخَيْل - فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ يَقْتَضِي تَحْبِيسَ الأَْصْل وَتَسْبِيل مَنْفَعَتِهِ، وَلاَ يَحْصُل ذَلِكَ إِلاَّ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَتِهِ
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْقُوفِ غَلَّةٌ لِضَعْفٍ بِهِ وَنَحْوِهِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ عِنْدَهُمْ يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ إِلَى مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ آدَمِيًّا مُعَيَّنًا، مَعَ مَنْعِهِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ الإِْنْفَاقُ مِنَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ وَنَحْوِهِمَا بِيعَ الْوَقْفُ، وَصُرِفَ ثَمَنُهُ فِي عَيْنٍ أُخْرَى تَكُونُ وَقْفًا لِمَحَل الضَّرُورَةِ.
وَلَوِ احْتَاجَ خَانٌ مُسَبَّلٌ إِلَى مَرَمَّةٍ، أَوِ احْتَاجَتْ دَارٌ مَوْقُوفَةٌ لِسُكْنَى الْحَاجِّ أَوِ الْغُزَاةِ أَوْ أَبْنَاءِ السَّبِيل وَنَحْوِهِمْ إِلَى مَرَمَّةٍ، يُؤَجَّرُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي مَرَمَّتِهِ.
6 - وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ وَنَحْوِهِمْ كَالْفُقَهَاءِ فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَال؛ لاِنْتِفَاءِ الْمَالِكِ الْمُعَيَّنِ فِيهِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْبَيْتِ الْمَال بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ فِي عَيْنٍ أُخْرَى تَكُونُ وَقْفًا. (6)
وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مِمَّا لاَ رُوحَ فِيهِ كَالْعَقَارِ وَنَحْوِهِ مِنْ سِلاَحٍ وَمَتَاعٍ وَكُتُبٍ، لَمْ تَجِبْ عِمَارَتُهُ عَلَى أَحَدٍ إِلاَّ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ. فَإِنْ شَرَطَ عِمَارَتَهُ عُمِل بِشَرْطِهِ، سَوَاءٌ شَرَطَ الْبُدَاءَةَ بِالْعِمَارَةِ أَوْ تَأْخِيرَهَا، فَيُعْمَل بِمَا شُرِطَ. لَكِنْ إِنْ شَرَطَ تَقْدِيمَ الْجِهَةِ عُمِل بِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَى التَّعْطِيل، فَإِذَا أَدَّى إِلَيْهِ قُدِّمَتِ الْعِمَارَةُ حِفْظًا لأَِصْل الْوَقْفِ. فَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْبُدَاءَةَ بِالْعِمَارَةِ أَوْ تَأْخِيرَهَا، فَتُقَدَّمُ عَلَى أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ، مَا لَمْ يُفْضِ ذَلِكَ إِلَى تَعْطِيل مَصَالِحِهِ، فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا حَسَبَ الإِْمْكَانِ.
وَيَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهِ لإِِصْلاَحِ بَاقِيهِ؛ لأَِنَّهُ إِذَا جَازَ بَيْعُ الْكُل عِنْدَ الْحَاجَةِ فَبَيْعُ الْبَعْضِ مَعَ بَقَاءِ الْبَعْضِ أَوْلَى، إِنِ اتَّحَدَ الْوَاقِفُ. (7) وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ: (وَقْفٍ) .
ثَانِيًا: التَّرْمِيمُ فِي الإِْجَارَةِ:
7 - إِذَا احْتَاجَتِ الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِلتَّرْمِيمِ. فَإِنَّ عِمَارَتَهَا وَإِصْلاَحَ مَا تَلِفَ مِنْهَا وَكُل مَا يُخِل بِالسُّكْنَى عَلَى الْمُؤَجِّرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَيَقُول الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ أَبَى صَاحِبُهَا أَنْ يَفْعَل كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرَهَا وَهِيَ كَذَلِكَ وَقَدْ رَآهَا لِرِضَاهُ بِالْعَيْبِ، وَأَنَّهُ لاَ يُجْبَرُ الْمُؤَجِّرُ عَلَى إِصْلاَحِ بِئْرِ الْمَاءِ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ إِنْ أَبَى إِصْلاَحَ ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُجْبَرُ عَلَى إِصْلاَحِ مِلْكِهِ، فَإِنْ فَعَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ، وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ إِنْ أَبَى الْمُؤَجِّرُ.
وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إِصْلاَحُ مَا تَلِفَ مِنَ الْعَيْنِ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِهِ.
وَيَقُول الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ بَادَرَ الْمُؤَجِّرُ إِلَى إِصْلاَحِ مَا تَلِفَ فَلاَ خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي، وَإِلاَّ فَلَهُ الْخِيَارُ لِتَضَرُّرِهِ بِنَقْصِ الْمَنْفَعَةِ.
وَالْحَنَابِلَةُ كَالشَّافِعِيَّةِ فِي هَذَا، إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْمُكْتَرِي النَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ لِعِمَارَةِ الْمَأْجُورِ لَمْ يَصِحَّ؛ لأَِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى جَهَالَةِ الإِْجَارَةِ، فَلَوْ عَمَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بِهَذَا الشَّرْطِ أَوْ عَمَّرَ بِإِذْنِ الْمُؤَجِّرِ رَجَعَ عَلَيْهِ. وَإِنْ أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ؛ لأَِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، لَكِنْ لَهُ أَخْذُ أَعْيَانِ آلاَتِهِ.
وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ شَرْطَ الْمَرَمَّةِ لِلدَّارِ وَتَطْيِينَهَا إِنِ احْتَاجَتْ عَلَى الْمُكْتَرِي، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ عَلَى الْمُكْتَرِي، إِمَّا فِي مُقَابَلَةِ سُكْنَى مَضَتْ، أَوْ بِاشْتِرَاطِ تَعْجِيل الْكِرَاءِ، أَوْ يَجْرِي الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ، لاَ إِنْ لَمْ يَجِبْ فَلاَ يَجُوزُ. أَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى أَنَّ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الدَّارُ مِنَ الْمَرَمَّةِوَالتَّطْيِينِ مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي، فَلاَ يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ. (8)
تَرْمِيمُ الْمُسْتَأْجَرِ مِنْ شَرِيكَيْنِ:
8 - إِذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ مَا دَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلاً مِنْ صَاحِبَيْهَا، ثُمَّ احْتَاجَتْ إِلَى مَرَمَّةٍ، فَاسْتَأْذَنَ فِيهَا وَاحِدًا مِنْهُمَا فَحَسْبُ، فَأَذِنَ لَهُ دُونَ رُجُوعٍ إِلَى شَرِيكِهِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الشَّرِيكِ الآْخَرِ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي الْمَرَمَّةِ.
فَإِنْ كَانَ لِلآْذِنِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى شَرِيكِهِ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الرُّجُوعُ عَلَى آذِنِهِ بِالنَّفَقَةِ كُلًّا، ثُمَّ يَرْجِعُ هَذَا عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنَ النَّفَقَةِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ فَإِذْنُهُ لَغْوٌ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إِلاَّ الرُّجُوعُ عَلَى الآْذِنِ وَحْدَهُ بِنِسْبَةِ حِصَّتِهِ (9) .
ثَالِثًا: تَرْمِيمُ الرَّهْنِ:
9 - كُل مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِبَقَاءِ الرَّهْنِ وَمَصْلَحَتِهِ فَهُوَ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لأَِنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، وَذَلِكَ مُؤْنَةُ الْمِلْكِ.
وَكُل مَا كَانَ لِحِفْظِهِ فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لأَِنَّ حَبْسَهُ لَهُ، فَلَوْ شُرِطَ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى الرَّاهِنِ لاَ يَلْزَمُهُ (10) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ (11) وَاَلَّذِي يَرْكَبُ هُوَ الرَّاهِنُ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ؛ وَلأَِنَّ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ عَلَى مِلْكِهِ، فَكَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ. (12)
وَيَقُول الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ مُؤْنَةَ الرَّهْنِ عَلَى رَاهِنِهِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ (13) وَلأَِنَّهُ مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ فَكَانَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ.
فَإِنِ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ بَذْل مَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَل أَخَذَ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ وَفَعَلَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُ ذَلِكَ مِنَ الرَّهْنِ بِيعَ مِنْهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ فِعْلُهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ؛ لأَِنَّ حِفْظَ الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ إِضَاعَةِ الْكُل، فَإِنْ خِيفَ اسْتِغْرَاقُ الْبَيْعِ لِلرَّهْنِ فِي الإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ بِيعَ كُلُّهُ وَجُعِل ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ لأَِنَّهُ أَحَظُّ لَهُمَا. (1)
وَإِنْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ بِلاَ إِذْنِ الرَّاهِنِ، مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِئْذَانِهِ، فَمُتَبَرِّعٌ حُكْمًا لِتَصَدُّقِهِ بِهِ، فَلاَ يَرْجِعُ بِعِوَضِهِ وَلَوْ نَوَى الرُّجُوعَ، كَالصَّدَقَةِ عَلَى مِسْكِينٍ؛ وَلِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الاِسْتِئْذَانِ. وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ وَأَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ رَجَعَ وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنِ الْحَاكِمَ؛ لاِحْتِيَاجِهِ لِحِرَاسَةِ حَقِّهِ. (2)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي (رَهْنٍ) .
__________
(1) المصباح المنير، والصحاح للمرعشلي، ولسان العرب، ومختار الصحاح مادة: " رمم ".
(2) مكان عام لنزول المسافرين وإيواء دوابهم وبضائعهم.
(3) ابن عابدين 3 / 376 - 382.
(4) الشرح الكبير 4 / 89 - 92، وجواهر الإكليل 2 / 209.
(5) الشرح الكبير 4 / 47.
(6) نهاية المحتاج 5 / 386، 392 - 393، 397.
(7) كشاف القناع 4 / 265 - 268 م النصر الحديثة.
(8) ابن عابدين 5 / 49، والفتاوى الهندية 4 / 470، ومنهاج الطالبين 3 / 78، وكشاف القناع 4 / 21 ط مطبعة النصر الحديثة، والشرح الكبير 4 / 47.
(9) ابن عابدين 3 / 367 - 368. وتفصيل ذلك يرجع إليه في بحث: (شركة) .
(10) الاختيار شرح المختار 1 / 237 مصطفى الحلبي 1355 هـ، وابن عابدين 5 / 314، وجواهر الإكليل 2 / 84، والشرح الكبير 3 / 251 - 252، والخرشي على مختصر خليل 5 / 253، والتاج والإكليل بهامش مواهب الجليل لشرح مختصر خليل 5 / 25.
(11) حديث: " الظهر يركب بنفقته. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 143 ط السلفية) من حديث أبي هريرة.
(12) المهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 321، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 2 / 169 نشر المكتبة الإسلامية.
(13) حديث: " لا يغلق الرهن من صاحبه. . . " أخرجه البيهقي (6 / 39 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث سعيد بن المسيب مرسلا، وأعله بالإرسال.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 227/ 11