الرحيم
كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...
الدلالة على المعنى من طريق المفهوم، ومن غير ذكر له؛ لأن المعنى يفهم من عرض اللفظ وجانبه . ومن شواهده قوله تَعَالَى : ﱫﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﴾ ﴿ ﮂ ﮃﱪالأنبياء :63، فغرضه بقوله : ﱫ﴾ﱪالأنبياء :63 على سبيل الاستهزاء، وإقامة الحجة عليهم بما عرّض لهم به من عجز كبير الأصنام عن الفعل مستدلاً على ذلك بعدم إجابتهم إذا سُئلوا
التَّعْرِيضُ: خِلافُ التَّصْريحِ مِن القَوْلِ، يُقال: عَرَّضْتُ بِفُلانٍ أو لِفُلانٍ: إذا قُلْتَ قَوْلاً عامّاً غَيْرَ صَريحٍ ولكِنّكَ تَعْنِيهِ، وهو كَلامٌ له وَجْهانِ مِن صِدْقٍ وكَذِبٍ، أو ظاهِرٍ وباطِنٍ، أو يُقالُ: هو أن تَذْكُرَ شَيئاً تَدُلُّ بهِ على شَيءٍ لم تَذْكُرْهُ، كقولِكَ: ما أقْبَحَ البُخْلَ تُعَرِّضُ بِأنَّهُ بَخِيلٌ، والتَّعريضُ أيضاً قد يكونُ بِضَرْبِ المثَلِ وذِكْرِ الألغازِ.
يَرِد مُصْطلَح (تَعْرِيض) في الفقه في عِدَّةِ أَبْوابٍ، منها: كتاب النِّكاحِ، باب: عِدَّة الـمرْأةِ، وفي كتاب الحُدودِ، باب: حَدّ القَذْفِ، وفي كتاب الأَيْمانِ والنُّذورِ، باب: كَفّارَة اليَمِينِ. ويُطْلَقُ في كِتابِ القَضاءِ، باب: الإِقْرار، ويراد به: طَلَبُ الرُّجوعِ عن الإِقْرارِ دون تَصْريحٍ، كَأن يَقولَ لِلْـمُقِرِّ:" لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، لَعَلَّكَ لَمَسْتَ ".
عرض
كُلُّ لَفْظٍ يَحْتَمِلُ الخِطبَةَ وغَيْرَها.
التَّعْرِيضُ: هو التَّعْبيرُ عَن الشَّيْءِ بِلَفْظٍ غَيْرِ صَريحٍ، أو الإِتْيانُ بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِن معنى مع إِرادَةِ مَعْنًى مُعَيَّنٍ، ومِنه التَّعْرِيضُ في خِطْبَةِ النِّكاحِ، وهو أن يتكلَّمَ بِكلامٍ يُشْبهُ خِطبَتَها ولا يُصرِّحُ به، كقولِ الخاطب للمَرأةِ المُعتَدَّةِ عِدَّة الوَفاةِ: إنِّي أُريدُ الزَّواجَ، ووَدِدْتُ أن يُيَسَّرَ لي امْرأةٌ صالِحَةٌ، أو قَولِهِ: أنتِ جمِيلَةٌ، ومَن يجِد مِثلَك؟
التَّعْرِيضُ: ضِدُّ التَّصْريحِ مِنَ القَوْلِ، يُقالُ: عَرَّضْتُ بِفُلانٍ أو لِفُلانٍ: إذا قُلْتَ قَوْلاً عامّاً غَيْرَ صَريحٍ ولكِنّكَ تَعْنِيهِ.
الكلام الذي يفهم به السامع مراد المتكلم من غير تصريح.
* مشارق الأنوار : (2/74)
* المفردات في غريب القرآن : (ص 331)
* الفائق في غريب الحديث والأثر : (3/419)
* مختار الصحاح : (ص 467)
* لسان العرب : (7/165)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/402)
* التعريفات للجرجاني : (ص 85)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 185)
* أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء : (ص 55)
* شرح حدود ابن عرفة : (1/338)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 135)
* نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : (6/203)
* حاشية الدسوقي على الشرح الكبير : (2/119)
* مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : (3/417)
* الـمغني لابن قدامة : (6/608)
* نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار : (6/123) -
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّعْرِيضُ: لُغَةً ضِدُّ التَّصْرِيحِ، يُقَال: عَرَّضَ لِفُلاَنٍ وَبِفُلاَنٍ: إِِذَا قَال قَوْلاً عَامًّا، وَهُوَ يَعْنِي فُلاَنًا، وَمِنْهُ: الْمَعَارِيضُ فِي الْكَلاَمِ، كَقَوْلِهِمْ: إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَذِبِ. (1)
وَهُوَ فِي الاِصْطِلاَحِ: مَا يَفْهَمُ بِهِ السَّامِعُ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ. (2)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْكِنَايَةُ
2 - الْكِنَايَةُ: وَهِيَ ذِكْرُ اللاَّزِمِ، وَإِِرَادَةُ الْمَلْزُومِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ: أَنَّ التَّعْرِيضَ هُوَ تَضْمِينُ الْكَلاَمِ دَلاَلَةً لَيْسَ فِيهَا ذِكْرٌ، كَقَوْل الْمُحْتَاجِ: جِئْتُكَ لأُِسَلِّمَ عَلَيْكَ، فَيَقْصِدَ مِنَ اللَّفْظِ السَّلاَمَ، وَمِنَ السِّيَاقِ طَلَبَ الْحَاجَةِ. (3)
ب - التَّوْرِيَةُ:
3 - التَّوْرِيَةُ: وَهِيَ أَنْ تُطْلِقَ لَفْظًا ظَاهِرًا (قَرِيبًا) فِي مَعْنًى، تُرِيدُ بِهِ مَعْنًى آخَرَ (بَعِيدًا) يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ، لَكِنَّهُ خِلاَفُ ظَاهِرِهِ. (4) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّعْرِيضِ: أَنَّ فَائِدَةَ التَّوْرِيَةِ تُرَادُ مِنَ اللَّفْظِ، فَهِيَ أَخَصُّ مِنَ التَّعْرِيضِ، الَّذِي قَدْ يُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ مِنَ السِّيَاقِ وَالْقَرَائِنِ، أَوِ اللَّفْظِ، فَهُوَ أَعَمُّ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّعْرِيضِ بِحَسَبِ مَوْضُوعِهِ كَمَا يَلِي:
أَوَّلاً: التَّعْرِيضُ فِي الْخِطْبَةِ:
4 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي حُرْمَةِ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ لِمَنْكُوحَةِ الْغَيْرِ، وَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلاَقٍ رَجْعِيٍّ، لأَِنَّهَا فِي حُكْمِ الْمَنْكُوحَةِ، كَمَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ التَّعْرِيضِ لِمَخْطُوبَةِ مَنْ صُرِّحَ بِإِِجَابَتِهِ وَعُلِمَتْ خِطْبَتُهُ، وَلَمْ يَأْذَنِ الْخَاطِبُ وَلَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا. (5) لِخَبَرِ: لاَ يَخْطِبُ الرَّجُل عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ (6) ر: مُصْطَلَحَ: (خِطْبَةٌ) . ثَانِيًا: التَّعْرِيضُ بِخُطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ غَيْرِ الرَّجْعِيَّةِ:
5 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِِلَى جَوَازِ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ لِلْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ، وَلَمْ نَقِفْ عَلَى خِلاَفٍ بَيْنَهُمْ فِيهَا، إِلاَّ قَوْلاً لِلشَّافِعِيَّةِ، مُؤَدَّاهُ: إِنْ كَانَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ بِالْحَمْل لَمْ يُعَرِّضْ لَهَا، خَوْفًا مِنْ تَكَلُّفِ إِلْقَاءِ الْجَنِينِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ. (7) وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} . (8) لأَِنَّهَا وَرَدَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، كَمَا قَال جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ.
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّعْرِيضِ لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلاَقٍ بَائِنٍ أَوْ فَسْخٍ فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ: إِِلَى أَنَّهُ يَحِل التَّعْرِيضُ لِبَائِنٍ مُعْتَدَّةٍ بِالأَْقْرَاءِ أَوِ الأَْشْهُرِ، وَذَلِكَ لِعُمُومِ الآْيَةِ، وَلاِنْقِطَاعِ سُلْطَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بَائِنًا بَيْنُونَةً صُغْرَى أَوْ كُبْرَى، أَوْ بِفَسْخٍ، أَوْ فُرْقَةٍ بِلِعَانٍ، أَوْ رَضَاعٍ، فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ. (9) وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ. (10)
وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ أَحْمَدَ: لاَ يَحِل التَّعْرِيضُ لِلْبَائِنِ بِطَلاَقٍ رَجْعِيٍّ، لأَِنَّ لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ الْمُنْتَهِيَةِ أَنْ يَنْكِحَهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، فَأَشْبَهَتِ الرَّجْعِيَّةَ. (11)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِِلَى أَنَّهُ لاَ يَحِل التَّعْرِيضُ لِمُعْتَدَّةٍ مِنْ طَلاَقٍ بِنَوْعَيْهِ، لإِِِفْضَائِهِ إِِلَى عَدَاوَةِ الْمُطَلِّقِ. وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْفَتْحِ " الإِِْجْمَاعَ " بَيْنَ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى حُرْمَةِ التَّعْرِيضِ لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلاَقٍ مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ التَّعْرِيضُ عِنْدَهُمْ لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَوَطْءِ شُبْهَةٍ. (12)
وَجَوَازُ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ لِلْمُعْتَدَّةِ مُرْتَبِطٌ بِجَوَازِ خُرُوجِ الْمُعْتَدَّةِ، فَمَنْ يُجَوِّزُ لَهَا الْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِ الْعِدَّةِ، يُجَوِّزُ التَّعْرِيضَ بِالْخِطْبَةِ لَهَا، وَمَنْ لاَ يُجَوِّزُ لَهَا الْخُرُوجَ لاَ يُجَوِّزُ التَّعْرِيضَ لَهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. (13)
أَلْفَاظُ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ:
6 - التَّعْرِيضُ: هُوَ كُل لَفْظٍ يَحْتَمِل الْخِطْبَةَ وَغَيْرَهَا، وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ يَذْكُرُونَ أَلْفَاظًا لِلتَّمْثِيل لَهُ: كَأَنْتِ جَمِيلَةٌ، وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَكَ؟ وَأَنَّ اللَّهَ سَاقَ لَكَ خَيْرًا، رُبَّ رَاغِبٍ فِيكِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. (14) ثَالِثًا: التَّعْرِيضُ بِالْقَذْفِ:
7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ، فَذَهَبَ مَالِكٌ: إِِلَى أَنَّهُ إِِذَا عَرَّضَ بِالْقَذْفِ غَيْرُ أَبٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ - إِنْ فُهِمَ الْقَذْفُ بِتَعْرِيضِهِ بِالْقَرَائِنِ، كَخِصَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ النَّظْمِ وَالنَّثْرِ، أَمَّا الأَْبُ إِِذَا عَرَّضَ لِوَلَدِهِ فَإِِنَّهُ لاَ يُحَدُّ لِبُعْدِهِ عَنِ التُّهْمَةِ. (15)
وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ لِلإِِْمَامِ أَحْمَدَ، لأَِنَّ عُمَرَ ﵁ اسْتَشَارَ بَعْضَ الصَّحَابَةِ فِي رَجُلٍ قَال لآِخَرَ: مَا أَنَا بِزَانٍ وَلاَ أُمِّي بِزَانِيَةٍ؟ فَقَالُوا: إِنَّهُ قَدْ مَدَحَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَقَال عُمَرُ: قَدْ عَرَّضَ لِصَاحِبِهِ، فَجَلَدَهُ الْحَدَّ. (16)
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالْقَذْفِ، قَذْفٌ. كَقَوْلِهِ: مَا أَنَا بِزَانٍ، وَأُمِّي لَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ، وَلَكِنَّهُ لاَ يُحَدُّ، لأَِنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ لِلشُّبْهَةِ، وَيُعَاقَبُ بِالتَّعْزِيرِ، لأَِنَّ الْمَعْنَى: بَل أَنْتَ زَانٍ. (17)
وَالتَّعْرِيضُ بِالْقَذْفِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، كَقَوْلِهِ: يَا ابْنَ الْحَلاَل، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ بِزَانٍ، وَأُمِّي لَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ، فَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِقَذْفٍ وَإِِنْ نَوَاهُ، لأَِنَّ النِّيَّةَ إِنَّمَا تُؤَثِّرُ، إِِذَا احْتَمَل اللَّفْظَ الْمَنْوِيَّ، وَلاَ دَلاَلَةَ هُنَا فِي اللَّفْظِ وَلاَ احْتِمَال، وَمَا يُفْهَمُ مِنْهُ مُسْتَنَدُهُ قَرَائِنُ الأَْحْوَال. هَذَا هُوَ الأَْصَحُّ. وَقِيل: هُوَ كِنَايَةٌ، أَيْ عَنِ الْقَذْفِ، لِحُصُول الْفَهْمِ وَالإِِْيذَاءِ. فَإِِنْ أَرَادَ النِّسْبَةَ إِِلَى الزِّنَى فَقَذْفٌ، وَإِِلاَّ فَلاَ.
وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ حَالَةُ الْغَضَبِ وَغَيْرِهَا. (18)
وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الإِِْمَامِ أَحْمَدَ.
رَابِعًا: التَّعْرِيضُ لِلْمُسْلِمِ بِقَتْل طَالِبِهِ مِنَ الْكُفَّارِ:
8 - يَجُوزُ التَّعْرِيضُ لِلْمُسْلِمِ لِقَتْل مَنْ جَاءَ يَطْلُبُهُ لِيَرُدَّهُ إِِلَى دَارِ الْكُفْرِ، (19) لأَِنَّ عُمَرَ ﵁ قَال لأَِبِي جَنْدَلٍ ﵁ حِينَ رُدَّ لأَِبِيهِ: اصْبِرْ أَبَا جَنْدَلٍ فَإِِنَّمَا هُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَإِِنَّمَا دَمُ أَحَدِهِمْ دَمُ كَلْبٍ (20) يُعَرِّضُ لَهُ بِقَتْل أَبِيهِ.
خَامِسًا - التَّعْرِيضُ لِلْمُقِرِّ بِحَدٍّ خَالِصٍ بِالرُّجُوعِ:
9 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ: إِِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِالرُّجُوعِ، كَأَنْ يَقُول لَهُ فِي السَّرِقَةِ: لَعَلَّكَ أَخَذْتَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، وَفِي الزِّنَى: لَعَلَّكَ فَاخَذْتَ أَوْ لَمَسْتَ، وَفِي الشُّرْبِ: لَعَلَّك لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ مَا شَرِبْتَ مُسْكِرٌ (21) لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال لِمَنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالسَّرِقَةِ مَا أَخَالُكَ سَرَقْتَ (22) فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، وَقَال لِمَاعِزٍ: لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ، أَوْ نَظَرْتَ. (23)
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَهُمْ: لاَ يُعَرَّضُ لَهُ بِالرُّجُوعِ، كَمَا لاَ يُصَرَّحُ.
وَفِي قَوْلٍ: يُعَرَّضُ لَهُ، إِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ، فَإِِنْ عُلِمَ فَلاَ يُعَرَّضُ لَهُ. (24) وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالإِِْمَامُ أَحْمَدُ: إِِلَى أَنَّ التَّعْرِيضَ مَنْدُوبٌ، لِحَدِيثِ مَاعِزٍ وَتَفْصِيلُهُ فِي الْحُدُودِ. (25)
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
10 - يَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ التَّعْرِيضَ فِي الأَْبْوَابِ الآْتِيَةِ: فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَالْعِدَّةِ، وَفِي الْحُدُودِ: فِي الْقَذْفِ، وَالرُّجُوعِ عَنِ الإِِْقْرَارِ. وَفِي الْهُدْنَةِ: وَفِي الأَْيْمَانِ فِي الْقَضَاءِ فَقَطْ.
__________
(1) مختار الصحاح مادة: " عرض ".
(2) تعريفات الجرجاني.
(3) حاشية الطحطاوي 2 / 229، وشرح الزرقاني 3 / 167، والمغرب مادة: " عرض ".
(4) المصباح المنير.
(5) حاشية ابن عابدين 2 / 619، وروضة الطالبين 7 / 30 - 31، والمغني 1 / 658، وحاشية الدسوقي 2 / 219، وشرح روض الطالب 3 / 115، شرح الزرقاني 3 / 167.
(6) حديث: " لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 198 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1029 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر ﵄، واللفظ للبخاري.
(7) المصادر السابقة.
(8) سورة البقرة / 235.
(9) نهاية المحتاج 6 / 203، وقليوبي 3 / 213 - 214، وروضة الطالبين 7 / 30.
(10) المغني 6 / 608، وحاشية الدسوقي 2 / 219.
(11) المغني 6 / 618، وروضة الطالبين 7 / 30 - 31.
(12) حاشية ابن عابدين 2 / 219.
(13) المصدر السابق.
(14) نهاية المحتاج 6 / 203، وحاشية الدسوقي 2 / 119، والمغني 6 / 608.
(15) شرح الزرقاني 8 / 87.
(16) المغني 8 / 222.
(17) حاشية ابن عابدين 3 / 191.
(18) روضة الطالبين 8 / 312.
(19) مغني المحتاج 4 / 264، والمغني 8 / 465 - 466.
(20) قول عمر: اصبر أبا جندل. . . أخرجه أحمد (2 / 325 - ط الميمنية) والبيهقي في سننه (9 / 227 - ط دار المعارف العثمانية) من حديث المسور بن مخرمة الزهري، ومروان بن الحكم، وإسناده حسن.
(21) مغني المحتاج 4 / 176.
(22) حديث: " ما أخالك سرقت " أخرجه أبو داود (4 / 543 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي أمية المخزومي، وفي إسناده جهالة. (التلخيص لابن حجر 4 / 66 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(23) حديث: " لعلك قبلت. . . " أخرجه البخاري (الفتح 12 / 135 - ط السلفية) من حديث ابن عباس ﵄.
(24) مغني المحتاج 4 / 176.
(25) المغني 8 / 212، وحاشية ابن عابدين 3 / 145.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 248/ 12