الجبار
الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...
سكوت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وعدم إنكاره، أو موافقته، واستحسانه لما قِيل، أو فُعِل في حضرته، أو في زمانه . وهو أحد أنواع الحديث الْمَرْفُوْع، وينقسم إلى قسمين : التَّقْرِيْر الحُكْمِي، والتَّقْرِيْر الصَّرِيْح . ومثاله قول أُبي بن كعب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : "الصلاة في الثوب الواحد سنة، كنا نفعله مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ولا يعاب علينا ." أحمد :21276. وقول ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما : "ترك -يعني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - الضب تقذراً، وأُكِل على مائدة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، ولو كان حراماً ما أُكِل على مائدة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ." مسلم :1947.
التَّقْرِيرُ: التَّثْبِيتُ والتَّمْكِينُ، يُقال: قَرَّرَ الشَّيْءَ في المَكانِ، أيْ ثَبَّتَهُ. ويأْتي بِمعنى التَّوْضِيحِ والتَّحْقِيقِ، يُقال: قَرَّرَ المَسْأَلَةَ أو الرَّأْيَ، أيْ: وَضَّحَها وحَقَّقَها. ومِن مَعانِيهِ أيضاً: الرِّضا بِالشَّيْءِ والمُوافَقَةُ عليه.
يُطْلَق مُصْطلَح (تَقْرِير) في الفِقْهِ في عِدَّة مواطِن، منها: كِتاب النِّكاحِ، باب: الصَّداق، وفي كتاب البُيوعِ، باب: الشَّرِكة، وباب: الشُّفْعَة، وباب: الوَقْف، وباب: القِراض، وفي باب: إِحْياء المَواتِ، ويُراد به: تَثْبِيت الأَمْرِ المَوجودِ وإِبْقاؤه على حالِهِ. ويُطْلَق في عِلْمِ أُصولِ الفِقْهِ، باب: الأدلَّة الشَّرعيَّة، ويُراد به: سُكُوت النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم عن إِنْكارِ أَقْوالِ وأَفْعالِ الصَّحابَةِ رضي اللهُ عنهُم. ويُطْلَق في العَصْرِ الحاضِرِ، ويُراد بِه: بَيانٌ يَكْتُبُهُ المُوَظَّفُ المُخْتَصُّ حَوْلَ حالَةٍ مُعَيَّنَةٍ.
قرر
طَلَبُ الإِقْرارِ مِنَ الـمُتَّهَمِ.
التَّقْرِيرُ: هو أن يَطْلُبَ القاضِي مِن المُدَّعَى عليه الجَوابَ على دَعْوَى المُدَّعِي إمّا بِالإِقْرارِ والاعْتِرافِ، وإمّا بِالإِنْكارِ، ثم يجوزُ له حَمْلُهُ على الاِعْتِرافِ إذا وجدتْ قرينة على صحةِ التُّهمةِ، والإقْرارُ: هو الإِخْبارُ بِحَقِّ الغَيْرِ على النَّفْسِ.
التَّقْرِيرُ: التَّثْبِيتُ والتَّمْكِينُ، ويأْتي بِمعنى التَّوْضِيحِ والتَّحْقِيقِ والرِّضا بِالشَّيْءِ والمُوافَقَةُ عليه..
توضيح المسألة، وبيان الرأي فيها، وتحقيقها.
* مقاييس اللغة : (5/7)
* الفروق اللغوية : (ص 64)
* الكليات : (ص 476)
* مختار الصحاح : (ص 250)
* لسان العرب : (5/82)
* التعريفات للجرجاني : (ص 89)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 198)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 140)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (13/140)
* البحر المحيط في أصول الفقه : (6/54)
* إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول : (ص 41) -
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّقْرِيرُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ قَرَّرَ، يُقَال قَرَّرَ الشَّيْءَ فِي الْمَكَانِ: ثَبَّتَهُ، وَقَرَّرَ الشَّيْءَ فِي مَحَلِّهِ: تَرَكَهُ قَارًّا، وَقَرَّرَ فُلاَنًا بِالذَّنْبِ: حَمَلَهُ عَلَى الاِعْتِرَافِ بِهِ، وَقَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ أَوِ الرَّأْيَ وَضَّحَهُ وَحَقَّقَهُ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لَهُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَهُوَ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ - كَمَا ذُكِرَ فِي أَقْسَامِ السُّنَّةِ: سُكُوتُ النَّبِيِّ ﷺ - عَنْ إنْكَارِ قَوْلٍ قِيل بَيْن يَدَيْهِ أَوْ فِي عَصْرِهِ وَعَمِل بِهِ، أَوْ سُكُوتُهُ عَنْ إنْكَارِ فِعْلٍ حِينَ فُعِل بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فِي عَصْرِهِ وَعَلِمَ بِهِ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الإِْقْرَارُ:
2 - الإِْقْرَارُ لُغَةً: الإِْذْعَانُ لِلْحَقِّ وَالاِعْتِرَافُ بِهِ. يُقَال: أَقَرَّ بِالْحَقِّ أَيِ اعْتَرَفَ بِهِ. وَاصْطِلاَحًا: إِخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ حَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ بِذَلِكَ قَدْ يَكُونُ أَثَرًا لِلتَّقْرِيرِ (3) .
ب - السُّكُوتُ:
3 - السُّكُوتُ: تَرْكُ الْكَلاَمِ وَالسُّكُوتُ عَنِ الأَْمْرِ عَدَمُ الإِْنْكَارِ، وَالصِّلَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّقْرِيرِ هِيَ أَنَّ السُّكُوتَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ قَدْ يَكُونُ تَقْرِيرًا وَقَدْ لاَ يَكُونُ.
وَمِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: لاَ يُنْسَبُ لِسَاكِتٍ قَوْلٌ، لَكِنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ اسْتُثْنِيَ بِهَا مَسَائِل عَدِيدَةٌ اعْتُبِرَ السُّكُوتُ فِيهَا تَقْرِيرًا وَمِنْ ذَلِكَ:
سُكُوتُ الْبِكْرِ عِنْدَ اسْتِئْذَانِهَا فِي النِّكَاحِ.
وَقَبُول التَّهْنِئَةِ بِالْمَوْلُودِ وَالسُّكُوتُ عَلَى ذَلِكَ يُعْتَبَرُ إِقْرَارًا بِالنَّسَبِ.
قَال الزَّرْكَشِيُّ: السُّكُوتُ بِمُجَرَّدِهِ يُنَزَّل مَنْزِلَةَ التَّصْرِيحِ بِالنُّطْقِ فِي حَقِّ مَنْ تَجِبُ لَهُ الْعِصْمَةُ، وَلِهَذَا كَانَ تَقْرِيرُهُ ﷺ مِنْ شَرْعِهِ، وَكَانَ الإِْجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ حُجَّةً عِنْدَ كَثِيرِينَ. أَمَّا غَيْرُ الْمَعْصُومِ فَالأَْصْل أَنَّهُ لاَ يُنَزَّل مَنْزِلَةَ نُطْقِهِ إِلاَّ إِذَا قَامَتْ قَرَائِنُ تَدُل عَلَى الرِّضَا فَيُنَزَّل مَنْزِلَةَ النُّطْقِ (4) . ج - الإِْجَازَةُ:
4 - مِنْ مَعَانِي الإِْجَازَةِ: الإِْنْفَاذُ، يُقَال: أَجَازَ الشَّيْءَ إِذَا أَنْفَذَهُ وَجَوَّزَ لَهُ مَا صَنَعَ وَأَجَازَ لَهُ: أَيْ سَوَّغَ لَهُ ذَلِكَ وَأَجَزْتُ الْعَقْدَ: جَعَلْتُهُ جَائِزًا نَافِذًا وَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى تَكُونُ كَالتَّقْرِيرِ لِلأَْمْرِ الَّذِي حَدَثَ، وَمِنْ ذَلِكَ إِجَازَةُ الْمَالِكِ لِتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (5) .
(الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ) :
أَوَّلاً - التَّقْرِيرُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:
5 - ذَكَرَ الأُْصُولِيُّونَ التَّقْرِيرَ بِاعْتِبَارِهِ قِسْمًا مِنْ أَقْسَامِ السُّنَّةِ، وَصُورَتُهُ: أَنْ يَسْكُتَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ إِنْكَارِ قَوْلٍ قِيل بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فِي عَصْرِهِ وَعَلِمَ بِهِ أَوْ سَكَتَ عَنْ إِنْكَارِ فِعْلٍ فُعِل بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فِي عَصْرِهِ وَعَلِمَ بِهِ. وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ: قَوْل الصَّحَابِيِّ: كُنَّا نَفْعَل كَذَا، وَكَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَا وَأَضَافَهُ إِلَى عَصْرِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَكَانَ مِمَّا لاَ يَخْفَى مِثْلُهُ عَلَيْهِ.
6 - وَالتَّقْرِيرُ حُجَّةٌ وَيَدُل عَلَى الْجَوَازِ وَرَفْعِ الْحَرَجِ، لَكِنْ ذَلِكَ لاَ بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مَعَ قُدْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى الإِْنْكَارِ، وَكَوْنِ الْمُقَرَّرِ مُنْقَادًا لِلشَّرْعِ، وَكَوْنِ الأَْمْرِ الْمُقَرَّرِ ثَابِتًا لَمْ يَسْبِقِ النَّهْيُ عَنْهُ.
لأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا لَمَا سَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ ﷺ وَلِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ (6) .
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ التَّقْرِيرَ لاَ يَدُل عَلَى الْجَوَازِ لأَِنَّ السُّكُوتَ وَعَدَمَ الإِْنْكَارِ يَحْتَمِل أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَكَتَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ التَّحْرِيمُ فَلاَ يَكُونُ الْفِعْل إِذْ ذَاكَ حَرَامًا، وَيُحْتَمَل أَنَّهُ سَكَتَ عَنْهُ لأَِنَّ الإِْنْكَارَ لَمْ يَنْجَحْ فِيهِ وَعَلِمَ أَنَّ إِنْكَارَهُ ثَانِيًا لاَ يُفِيدُ فَلَمْ يُعَاوِدْهُ، وَبِذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ التَّقْرِيرُ دَلِيلاً عَلَى الْجَوَازِ وَالنَّسْخِ (7) .
وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
ثَانِيًا - التَّقْرِيرُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
7 - يَأْتِي التَّقْرِيرُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِمَعَانٍ ثَلاَثَةٍ:
الأَْوَّل: بِمَعْنَى تَثْبِيتِ حَقِّ الْمُقَرَّرِ فِي شَيْءٍ وَتَأْكِيدِهِ:
أَوْرَدَ الْحَنَفِيَّةُ التَّقْرِيرَ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي مَسْأَلَةِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ، إِذْ أَنَّهُمْ يَقْسِمُونَ طَلَبَ الشُّفْعَةِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ، وَطَلَبُ التَّقْرِيرِ، وَطَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالْمِلْكِ، فَطَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ هُوَ طَلَبُ الشُّفْعَةِ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ بِهَا، لِبَيَانِ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْرِضٍ عَنِ الشُّفْعَةِ وَالإِْشْهَادُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهِ.
وَطَلَبُ التَّقْرِيرِ وَالإِْشْهَادِ هُوَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى طَلَبِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ إِنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ، أَوْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ سَلَّمَهُ الْمَبِيعَ أَوْ عِنْدَ الْعَقَارِ.
فَإِذَا فَعَل ذَلِكَ اسْتَقَرَّتْ شُفْعَتُهُ. وَهَذَا الطَّلَبُ يُسَمَّى طَلَبَ التَّقْرِيرِ أَوْ طَلَبَ الإِْشْهَادِ؛ لأَِنَّهُ بِذَلِكَ قَرَّرَ حَقَّهُ وَأَكَّدَهُ.
وَالشَّفِيعُ إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى طَلَبِ التَّقْرِيرِ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الإِْشْهَادُ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ. أَمَّا إِذَا اسْتَطَاعَ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ الإِْشْهَادَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي أَوِ الْعَقَارِ فَذَلِكَ يَكْفِيهِ وَيَقُومُ مَقَامَ الطَّلَبَيْنِ، وَالإِْشْهَادُ إِنَّمَا هُوَ لإِِثْبَاتِ الْحَقِّ عِنْدَ التَّجَاحُدِ (8) .
هَذَا وَبَقِيَّةُ الْمَذَاهِبِ تَذْكُرُ الإِْشْهَادَ دُونَ لَفْظِ التَّقْرِيرِ، وَفِي اعْتِبَارِ الإِْشْهَادِ شَرْطًا لاِسْتِقْرَارِ الشُّفْعَةِ أَوْ غَيْرَ شَرْطٍ. يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (إِشْهَادٌ، وَشُفْعَةٌ)
الثَّانِي: بِمَعْنَى اسْتِمْرَارِ الأَْمْرِ الْمَوْجُودِ وَإِبْقَائِهِ عَلَى حَالِهِ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ مَا يَأْتِي:
أ - فِي الشَّرِكَةِ:
8 - إِذَا مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالتَّرِكَةِ دَيْنٌ وَلاَ دِيَةٌ فَلِلْوَارِثِ الرَّشِيدِ الْخِيَارُ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَتَقْرِيرِ الشَّرِكَةِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ تَقْرِيرُ الشَّرِكَةِ إِلاَّ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ (9) . (ر: شَرِكَةٌ)
ب - فِي الْقِرَاضِ:
9 - إِذَا مَاتَ الْمَالِكُ وَأَرَادَ الْوَارِثُ الاِسْتِمْرَارَ عَلَى الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ الْمَال نَاضًّا فَلَهُمَا ذَلِكَ بِأَنْ يَسْتَأْنِفَا عَقْدًا بِشَرْطِهِ، قَال النَّوَوِيُّ: وَهَل يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ التَّرْكِ وَالتَّقْرِيرِ بِأَنْ يَقُول الْوَارِثُ: تَرَكْتُكَ أَوْ قَرَّرْتُكَ عَلَى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا نَعَمْ لِفَهْمِ الْمَعْنَى.
وَإِذَا مَاتَ عَامِل الْمُضَارَبَةِ وَأَرَادَ الْمَالِكُ تَقْرِيرَ وَارِثِ الْعَامِل مَكَانَهُ فَتَقْرِيرُهُ مُضَارَبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ لاَ تَجُوزُ إِلاَّ عَلَى نَقْدٍ مَضْرُوبٍ (10) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُضَارَبَةٍ (قِرَاضٌ) .
ج - فِي الْقَضَاءِ::
10 - الأَْصْل أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ نَقْضُ حُكْمٍ سَابِقٍ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ إِجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا. بَل كَانَ مُجْتَهَدًا فِيهِ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ. لَكِنْ هَل تَقْرِيرُ الْقَاضِي مَا رُفِعَ إِلَيْهِ يُعْتَبَرُ حُكْمًا لاَ يَجُوزُ نَقْضُهُ؟
عَقَدَ ابْنُ فَرْحُونَ فِي تَبْصِرَتِهِ فَصْلاً بِعِنْوَانِ " تَقْرِيرُ الْحَاكِمِ مَا رُفِعَ إِلَيْهِ. قَال: اخْتَلَفَ أَهْل الْمَذْهَبِ (يَعْنِي الْمَالِكِيَّةَ) هَل يَكُونُ تَقْرِيرُ الْحَاكِمِ عَلَى الْوَاقِعَةِ حُكْمًا بِالْوَاقِعِ فِيهَا أَمْ لاَ؟ كَمَا إِذَا زَوَّجَتِ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا وَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى قَاضٍ حَنَفِيٍّ فَأَقَرَّهُ وَأَجَازَهُ ثُمَّ عُزِل، قَال ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِغَيْرِهِ فَسْخُهُ وَإِقْرَارُهُ عَلَيْهِ كَالْحُكْمِ بِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ كَالْحُكْمِ فَلاَ يَعْتَرِضُهُ قَاضٍ آخَرُ، وَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ: لَيْسَ بِحُكْمٍ وَلِغَيْرِهِ فَسْخُهُ، وَهَذَا بِخِلاَفِ مَا لَوْ رُفِعَ لَهُ فَقَال: لاَ أُجِيزُ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْكُمَ بِفَسْخِهِ فَهَذِهِ فَتْوَى وَلِغَيْرِهِ الْحُكْمُ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ بِمَا يَرَاهُ (11) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (قَضَاءٌ) .
الثَّالِثُ - التَّقْرِيرُ بِمَعْنَى طَلَبِ الإِْقْرَارِ مِنَ الْمُتَّهَمِ وَحَمْلُهُ عَلَى الاِعْتِرَافِ
11 - لِلْقَاضِي تَقْرِيرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَطْلُبَ الْقَاضِي مِنْهُ الْجَوَابَ إِمَّا بِالإِْقْرَارِ أَوْ بِالإِْنْكَارِ.
وَإِقْرَارُ الْمُكْرَهِ لاَ يُعْمَل بِهِ فِي الْجُمْلَةِ. لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ جَعَلُوا مِنْ بَابِ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ مُرَاعَاةَ شَوَاهِدِ الْحَال وَأَوْصَافَ الْمُتَّهَمِ وَقُوَّةَ التُّهْمَةِ فَأَجَازُوا التَّوَصُّل إِلَى الإِْقْرَارِ بِالْحَقِّ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ اسْتِنَادًا إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} (12) وَقَدْ فَعَل ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمَّا بَعَثَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ هُوَ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي أَثَرِ الْمَرْأَةِ الَّتِي حَمَلَتْ خِطَابَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أَهْل مَكَّةَ، وَفِي الْكِتَابِ إِخْبَارٌ بِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ مِنَ الْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ، فَأَدْرَكَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ الْمَرْأَةَ وَاسْتَنْزَلاَهَا وَالْتَمَسَا فِي رَحْلِهَا الْكِتَابَ فَلَمْ يَجِدَا شَيْئًا فَقَال لَهَا عَلِيٌّ ﵁: أَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا كَذَبَ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَلاَ كَذَبْنَا، وَلْتُخْرِجِنَّ لَنَا هَذَا الْكِتَابَ أَوْ لَنَكْشِفَنَّكِ، فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ مِنْهُ اسْتَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْ قُرُونِ رَأْسِهَا (13) .
لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا هَل يَكُونُ ذَلِكَ لِلْقَاضِي أَوْ لِوَالِي الْمَظَالِمِ؟
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي وَلِلْوَالِي ضَرْبُ الْمُتَّهَمِ ضَرْبَ تَقْرِيرٍ لأَِنَّ الْقَاضِيَ نَائِبٌ عَنِ الإِْمَامِ فِي تَنْفِيذِ الأَْحْكَامِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ يَكُونُ ذَلِكَ لِوَالِي الْمَظَالِمِ وَلاَ يَكُونُ لِلْقَاضِي، وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْل أَنَّ الضَّرْبَ الْمَشْرُوعَ هُوَ ضَرْبُ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِ أَسْبَابِهَا وَتَحَقُّقِهَا (14) . 12 - قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: الدَّعَاوَى قِسْمَانِ: دَعْوَى تُهْمَةٍ وَدَعْوَى غَيْرِ تُهْمَةٍ.
فَدَعْوَى التُّهْمَةِ أَنْ يَدَّعِيَ فِعْل مُحَرَّمٍ عَلَى الْمَطْلُوبِ يُوجِبُ عُقُوبَتَهُ مِثْل قَتْلٍ أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعُدْوَانِ الَّذِي يَتَعَذَّرُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فِي غَالِبِ الأَْحْوَال.
وَدَعْوَى غَيْرِ التُّهْمَةِ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَقْدًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ ضَمَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَكُلٌّ مِنَ الْقِسْمَيْنِ قَدْ يَكُونُ حَدًّا مَحْضًا كَالشُّرْبِ وَالزِّنَى، وَقَدْ يَكُونُ حَقًّا مَحْضًا لآِدَمِيٍّ كَالأَْمْوَال، وَقَدْ يَكُونُ مُتَضَمِّنًا لِلأَْمْرَيْنِ كَالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ. فَهَذَا الْقِسْمُ (أَيْ دَعْوَى غَيْرِ التُّهْمَةِ) إِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي حُجَّةً شَرْعِيَّةً وَإِلاَّ فَالْقَوْل قَوْل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لاَدَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (15) .
13 - أَمَّا الْقِسْمُ الأَْوَّل مِنَ الدَّعَاوَى: وَهُوَ دَعَاوَى التُّهَمِ وَهِيَ دَعْوَى الْجِنَايَةِ وَالأَْفْعَال الْمُحَرَّمَةِ كَدَعْوَى الْقَتْل وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ وَالْعُدْوَانِ فَهَذَا يَنْقَسِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ فَإِنَّ الْمُتَّهَمَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَرِيئًا لَيْسَ مِنْ أَهْل تِلْكَ التُّهْمَةِ، أَوْ فَاجِرًا مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ مَجْهُول الْحَال لاَ يَعْرِفُ الْوَالِي وَالْحَاكِمُ. فَإِنْ كَانَ بَرِيئًا لَمْ تَجُزْ عُقُوبَتُهُ اتِّفَاقًا.
وَاخْتَلَفُوا فِي عُقُوبَةِ الْمُتَّهَمِ لَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يُعَاقَبُ صِيَانَةً لِتَسَلُّطِ أَهْل الشَّرِّ وَالْعُدْوَانِ عَلَى أَعْرَاضِ الْبُرَآءِ.
قَال مَالِكٌ وَأَشْهَبُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: لا أَدَبَ عَلَى الْمُدَّعِي إِلاَّ أَنْ يَقْصِدَ أَذِيَّةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَيْبَهُ وَشَتْمَهُ فَيُؤَدَّبُ. وَقَال أَصْبَغُ: يُؤَدَّبُ قَصَدَ أَذِيَّتَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ.
14 - (الْقِسْمُ الثَّانِي) : أَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ مَجْهُول الْحَال لاَ يُعْرَفُ بِبِرٍّ وَلاَ فُجُورٍ فَهَذَا يُحْبَسُ حَتَّى يَنْكَشِفَ حَالُهُ عِنْدَ عَامَّةِ عُلَمَاءِ الإِْسْلاَمِ. وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الأَْئِمَّةِ أَنَّهُ يَحْبِسُهُ الْقَاضِي وَالْوَالِي. هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ مَنْصُوصُ الإِْمَامِ أَحْمَدَ وَمُحَقِّقِي أَصْحَابِهِ وَذَكَرَهُ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ <: قَدْ حَبَسَ النَّبِيُّ ﷺ فِي تُهْمَةٍ > قَال أَحْمَدُ: وَذَلِكَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لِلْحَاكِمِ أَمْرُهُ. ثُمَّ الْحَاكِمُ قَدْ يَكُونُ مَشْغُولاً عَنْ تَعْجِيل الْفَصْل وَقَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ حُكُومَاتٌ سَابِقَةٌ فَيَكُونُ الْمَطْلُوبُ مَحْبُوسًا مُعَوَّقًا مِنْ حِينِ يُطْلَبُ إِلَى أَنْ يُفْصَل بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ وَهَذَا حَبْسٌ بِدُونِ التُّهْمَةِ فَفِي التُّهْمَةِ أَوْلَى.وَمِنْهُمْ مَنْ قَال: الْحَبْسُ فِي التُّهَمِ إنَّمَا هُوَ لِوَالِي الْحَرْبِ دُونَ الْقَاضِي، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ فِي أَدَبِ الْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْحَبْسِ فِي التُّهْمَةِ هَل هُوَ مُقَدَّرٌ أَوْ مَرْجِعُهُ إِلَى اجْتِهَادِ الْوَالِي وَالْحَاكِمِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُمَا فَقَال الزُّبَيْرِيُّ: هُوَ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ: غَيْرُ مُقَدَّرٍ (16) .
15 - (الْقِسْمُ الثَّالِثُ) : أَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ كَالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْقَتْل وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَيَسُوغُ ضَرْبُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْمُتَّهَمِينَ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ الزُّبَيْرَ بِتَعْذِيبِ الْمُتَّهَمِ الَّذِي غَيَّبَ مَالَهُ حَتَّى أَقَرَّ بِهِ فِي قِصَّةِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ (17)
قَال شَيْخُنَا: وَاخْتَلَفُوا فِيهِ هَل الَّذِي يَضْرِبُهُ الْوَالِي دُونَ الْقَاضِي أَوْ كِلاَهُمَا أَوْ لاَ يَسُوغُ ضَرْبُهُ؟ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَضْرِبُهُ الْوَالِي أَوِ الْقَاضِي هَذَا قَوْل طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ مِنْهُمْ أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَاضِي مِصْرَ فَإِنَّهُ قَال: يُمْتَحَنُ بِالْحَبْسِ وَالضَّرْبِ وَيُضْرَبُ بِالسَّوْطِ مُجَرَّدًا.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ يَضْرِبُهُ الْوَالِي دُونَ الْقَاضِي وَهَذَا قَوْل بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ حَكَاهُ الْقَاضِيَانِ (أَبُو يَعْلَى وَالْمَاوَرْدِيُّ) وَوَجْهُ هَذَا أَنَّ الضَّرْبَ الْمَشْرُوعَ هُوَ ضَرْبُ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ إِثْبَاتِ أَسْبَابِهَا وَتَحَقُّقِهَا.
وَالْقَوْل الثَّالِثُ: أَنَّهُ لاَ يُضْرَبُ (18) . وَهَذَا قَوْل أَصْبَغَ وَكَثِيرٍ مِنَ الطَّوَائِفِ الثَّلاَثَةِ بَل قَوْل أَكْثَرِهِمْ لَكِنَّ حَبْسَ الْمُتَّهَمِ عِنْدَهُمْ أَبْلَغُ مِنْ حَبْسِ الْمَجْهُول.
ثُمَّ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ وَنَصَّ عَلَيْهِ الإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُبْتَدِعِ الَّذِي لَمْ يَنْتَهِ عَنْ بِدْعَتِهِ أَنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ، وَقَال مَالِكٌ: لاَ يُحْبَسُ إِلَى الْمَوْتِ.
وَاَلَّذِينَ جَعَلُوا عُقُوبَتَهُ لِلْوَالِي دُونَ الْقَاضِي قَالُوا: وِلاَيَةُ أَمِيرِ الْحَرْبِ مُعْتَمَدُهَا الْمَنْعُ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَْرْضِ وَقَمْعُ أَهْل الشَّرِّ وَالْعُدْوَانِ وَذَلِكَ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ بِالْعُقُوبَةِ لِلْمُتَّهَمِينَ الْمَعْرُوفِينَ بِالإِْجْرَامِ بِخِلاَفِ وِلاَيَةِ الْحُكْمِ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا إِيصَال الْحُقُوقِ إِلَى أَرْبَابِهَا قَال شَيْخُنَا: وَهَذَا الْقَوْل هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قَوْلٌ بِجَوَازِ ذَلِكَ فِي الشَّرِيعَةِ لَكِنَّ كُل وَلِيِّ أَمْرٍ يَفْعَل مَا فُوِّضَ إِلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ وَلِيَّ الصَّدَقَاتِ يَمْلِكُ مِنَ الْقَبْضِ وَالصَّرْفِ مَا لاَ يَمْلِكُهُ وَالِي الْخَرَاجِ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ وَالِي الْحَرْبِ وَوَالِي الْحُكْمِ يَفْعَل كُلٌّ مِنْهُمَا مَا اقْتَضَتْهُ وِلاَيَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ مَعَ رِعَايَةِ الْعَدْل وَالتَّقَيُّدِ بِالشَّرِيعَةِ (19) .
__________
(1) لسان العرب والصحاح للجوهري، ومشارق الأنوار والمعجم الوسيط، والقاموس المحيط مادة: " قرر ".
(2) إرشاد الفحول ص 41.
(3) لسان العرب، المصباح المنير، والكليات للكفوي مادة: " قرر "، والهداية 1 / 180.
(4) لسان العرب، والمصباح المنير، والنهاية لابن الأثير مادة: " سكت "، والمنثور في القواعد 2 / 205، وحاشية ابن عابدين 2 / 591.
(5) لسان العرب، والمصباح المنير، والصحاح للجوهري مادة: " جوز "، والهداية 3 / 68، وراجع مصطلح إجازة (1 / 303، ما بعدها و (9 / 115، وما بعدها) من الموسوعة الفقهية.
(6) إرشاد الفحول ص 41، 61، والأحكام للآمدي 1 / 189، 2 / 38، 99، والبزدوي 3 / 148، المستصفى 2 / 25.
(7) المراجع السابقة.
(8) البدائع 5 / 18، ابن عابدين 5 / 135 إلى 143، وفتح القدير 8 / 308، ومجلة الأحكام العدلية المواد 1028، 1029، 1030، 1031 وشرحها للأتاسي 3 / 602.
(9) روضة الطالبين 4 / 283، 284، والمغني 5 / 22.
(10) روضة الطالبين 5 / 143، وجواهر الإكليل 2 / 177، ومنتهى الإرادات 2 / 336.
(11) التبصرة بهامش العلي المالك 1 / 89، وشرح منتهى الإرادات 3 / 474.
(12) سورة يوسف / 27.
(13) حديث: " بعث علي والزبير في أثر المرأة التي حملت خطاب حاطب ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 143ط السلفية) ، ومسلم (4 / 1941 ـ 1942 ط الحلبي) .
(14) ابن عابدين 3 / 148، 188، 195، والتبصرة 2 / 139، 143، 147، والأحكام السلطانية للماوردي 90 - 91، ومعين الحكام ص 211، 212، والطرق الحكمية من 101 إلى 104.
(15) حديث: " لو يعطى الناس بداعوهم لا دعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه ". أخرجه مسلم 3 / 1336 ط الحلبي) .
(16) الطرق الحكمية ص 93، 100 ـ 103.
(17) حديث: " أمر النبي ﷺ الزبير بتعذيب المتهم الذي غيب ماله حتى أقر به في قصة ابن أبي الحقيق ". أوردها ابن القيم في الطرق الحكمية ولم نعثر عليها في كتب الحديث التي بين أيدينا.
(18) في الأصل (يضرب) بدون (لا) وهو خطأ مطبعي.
(19) الطرق الحكمية لابن القيم ص 103 إلى 105.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 140/ 13